ماذا بعد مجلس الأمن؟
يقينى أن
المنظمات الدولية لم تنتصر يوما للحق، وأن العالم مازال لا يعترف سوى بمنطق القوة،
وأن ما دار فى أروقة مجلس الأمن لن يمنع مصر والسودان من الخروج عن
الموقف الدولى الهزلى، وانتزاع حقوقهما انتزاعا، بعد أن اتستنفدتا كل الطرق
الشرعية، وبدأ الأضرار بأمنيهما واضحا وعلنيا ومتعمدا.
فلا يستطيع أحد أن ينكر ما أصاب المصريين من تشويش عقب جلسة مجلس الأمن التى عقدت الخميس الماضى، خاصة بعدما بدا واضحا وجود توجه داخل المجلس بالامتناع عن إصدار قرار حازم يمتنع إثيوبيا من استكمال عملية الملء الثانى للسد منفردة، دون التوقيع على اتفاق قانوني ملزم، يضمن عدم الإضرار بدولتى المصب.
إلا أن المتابع لتوجهات أغلب الدول الدائمة العضوية قبل وأثناء وبعد جلسة مجلس الأمن، يستطيع أن يتيقن أنه لا يجب علينا أن نعول كثيرا فى الحصول على قرار حازم من المنظمة الدولية يردع إثيوبيا خاصة بعد الاتجاه الواضح الذى تبنته كل من روسيا والصين والولايات المتحدة لازاحة القضية خارج ملعب المنظمة الدولية لأهداف سياسية خبيثة، ولا تتفق مع التهديد الكارثى الذى ينتظر منطقة حوض النيل.
وهو ما سيجعل الحصول على الأصوات ال 9 المطلوبة لتمرير مشروع القرار الذى تقدمت به تونس الشقيقة، أمرا صعبا للغاية، على الرغم من توازن وعدالة المشروع، الذى يطالب بوقف أي إجراءات أحادية، والحفاظ على حقوق إثيوبيا فى توليد الكهرباء، والزام الدول الثلاث بالتفاوض وإبرام اتفاق ملزم حول آلية تشغيل السد وإدارته خلال 6 أشهر.
معارضة روسية صينية
إلا أن ماظهر جليا للأسف، وجود معارضة روسية - صينية صريحة للقرار، من منطلق الحفاظ على مصالحهما، حيث تبنت روسيا وجهة النظر الإثيوبية فى مفاجأة كانت بمثابة الصدمة للمصريين والسودانيين، فى حين سارت الصين على ذات النهج، وأبلغت الوفد المصرى صراحة قبل الجلسة بيومين معارضتها للقرار، لا لشيئ سوى أنهما دولتى مصب لأنهار، ولديهما نزاعات مشابهة مع دول مجاورة، وأن تبنى المجلس للقرار التونسى سيكون بمثابة سابقة قد تتبعها الدول التى تشاركهما نزاعات حول الأنهار فى تفجيرها أمام المجلس الدولى.
أما الولايات المتحدة الأمريكية التى دعا رئيسها السابق ترامب مصر قبل شهور قليلة صراحة إلى ضرب السد، وصرحت وزارة خارجيتها فى بيان علنى منذ أيام، انها لن تقبل بتعرض 100 مليون مصريا للعطش، وعادت قبل جلسة مجلس الأمن بيوم واحد، وحذرت من أن قيام إثيوبيا بملء خزان سد النهضة، إلا أنها على عكس تلك التصريحات عادت وفضلت الإمساك بالعصا من المنتصف، مكتفية بالدعوة لاستمرار المفاوضات مع توسيع نطاق المشاركة لتشمل شركاء دوليين.
ولعل ما يدعونى إلى عدم التعويل كثيراً على مجلس الأمن فى تلك القضية، انه على الرغم من إدراك الجميع لخطورة التوقيت بالنسبة لدولتي المصب، خاصة بعد أن بدأت إثيوبيا فعليا عملية الملء الثاني السد، إلا أن المجلس غض الطرف عن مطالبة إثيوبيا بالتوقف الفوري عن الملء بشكل منفرد، وترك الأمر لحين التوافق على قرار دولى، على الرغم من تحذير أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، قبل جلسة مجلس الأمن، عبر متحدثه الرسمى، من أن القيام بأي عمل أحادي سوف يقوض من البحث عن حلول.
مراوغة إثيوبية
ولعل ما يدعوني إلى عدم التفاؤل من موقف مجلس الأمن أيضا، أنه لم يلق بالا لإعلان الحكومة الإثيوبية قبل انعقاد الجلسة بيوم واحد، عن عدم اختصاص مجلس الأمن بمناقشة القضية، وأن القرار الدولى لن يمنعها من وقف عملية الملء الثاني، واعقبت ذلك بكلمة متخمة بالاكاذيب خلال جلسة المنظمة الدولية -لم يعقب أحد على مضمونها- لدرجة أن حجم التضليل فيها وصل إلى حد الادعاء بأن حجم سد النهضة يقل عن السد العالى بنحو مرتين ونصف.
الواقع يقول، أن مواقف الدول ال 15 الأعضاء بمجلس الأمن بدت أغلبها مائعة، باستثناء الموقف المحترم لكل من تونس، وفرنسا، والنرويج، والمكسيك، والهند فى حين أعلنتها إثيوبيا صراحة، أنه لا يوجد دوليا ما يمنعها من وقف عملية الملء الثاني، وستستمر، ولن تلتزم بالتوقيع على اتفاق ملزم يقيد حريتها فى بناء سدود جديدة.
فى حين أن الواقع يقول أيضا، إن مصر والسودان لم يخسرا من طرح القضية أمام مجلس الأمن، ويكفيهما ما تحقق من مكاسب بإحاطة العالم علما بحقيقة موقفهما العادل، ومدى التعنت والمراوغة الإثيوبية، وهو ما يعطيهما الحق فى جعل كل الخيارات مفتوحة من السد الإثيوبى.. وكفى.
فلا يستطيع أحد أن ينكر ما أصاب المصريين من تشويش عقب جلسة مجلس الأمن التى عقدت الخميس الماضى، خاصة بعدما بدا واضحا وجود توجه داخل المجلس بالامتناع عن إصدار قرار حازم يمتنع إثيوبيا من استكمال عملية الملء الثانى للسد منفردة، دون التوقيع على اتفاق قانوني ملزم، يضمن عدم الإضرار بدولتى المصب.
إلا أن المتابع لتوجهات أغلب الدول الدائمة العضوية قبل وأثناء وبعد جلسة مجلس الأمن، يستطيع أن يتيقن أنه لا يجب علينا أن نعول كثيرا فى الحصول على قرار حازم من المنظمة الدولية يردع إثيوبيا خاصة بعد الاتجاه الواضح الذى تبنته كل من روسيا والصين والولايات المتحدة لازاحة القضية خارج ملعب المنظمة الدولية لأهداف سياسية خبيثة، ولا تتفق مع التهديد الكارثى الذى ينتظر منطقة حوض النيل.
وهو ما سيجعل الحصول على الأصوات ال 9 المطلوبة لتمرير مشروع القرار الذى تقدمت به تونس الشقيقة، أمرا صعبا للغاية، على الرغم من توازن وعدالة المشروع، الذى يطالب بوقف أي إجراءات أحادية، والحفاظ على حقوق إثيوبيا فى توليد الكهرباء، والزام الدول الثلاث بالتفاوض وإبرام اتفاق ملزم حول آلية تشغيل السد وإدارته خلال 6 أشهر.
معارضة روسية صينية
إلا أن ماظهر جليا للأسف، وجود معارضة روسية - صينية صريحة للقرار، من منطلق الحفاظ على مصالحهما، حيث تبنت روسيا وجهة النظر الإثيوبية فى مفاجأة كانت بمثابة الصدمة للمصريين والسودانيين، فى حين سارت الصين على ذات النهج، وأبلغت الوفد المصرى صراحة قبل الجلسة بيومين معارضتها للقرار، لا لشيئ سوى أنهما دولتى مصب لأنهار، ولديهما نزاعات مشابهة مع دول مجاورة، وأن تبنى المجلس للقرار التونسى سيكون بمثابة سابقة قد تتبعها الدول التى تشاركهما نزاعات حول الأنهار فى تفجيرها أمام المجلس الدولى.
أما الولايات المتحدة الأمريكية التى دعا رئيسها السابق ترامب مصر قبل شهور قليلة صراحة إلى ضرب السد، وصرحت وزارة خارجيتها فى بيان علنى منذ أيام، انها لن تقبل بتعرض 100 مليون مصريا للعطش، وعادت قبل جلسة مجلس الأمن بيوم واحد، وحذرت من أن قيام إثيوبيا بملء خزان سد النهضة، إلا أنها على عكس تلك التصريحات عادت وفضلت الإمساك بالعصا من المنتصف، مكتفية بالدعوة لاستمرار المفاوضات مع توسيع نطاق المشاركة لتشمل شركاء دوليين.
ولعل ما يدعونى إلى عدم التعويل كثيراً على مجلس الأمن فى تلك القضية، انه على الرغم من إدراك الجميع لخطورة التوقيت بالنسبة لدولتي المصب، خاصة بعد أن بدأت إثيوبيا فعليا عملية الملء الثاني السد، إلا أن المجلس غض الطرف عن مطالبة إثيوبيا بالتوقف الفوري عن الملء بشكل منفرد، وترك الأمر لحين التوافق على قرار دولى، على الرغم من تحذير أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، قبل جلسة مجلس الأمن، عبر متحدثه الرسمى، من أن القيام بأي عمل أحادي سوف يقوض من البحث عن حلول.
مراوغة إثيوبية
ولعل ما يدعوني إلى عدم التفاؤل من موقف مجلس الأمن أيضا، أنه لم يلق بالا لإعلان الحكومة الإثيوبية قبل انعقاد الجلسة بيوم واحد، عن عدم اختصاص مجلس الأمن بمناقشة القضية، وأن القرار الدولى لن يمنعها من وقف عملية الملء الثاني، واعقبت ذلك بكلمة متخمة بالاكاذيب خلال جلسة المنظمة الدولية -لم يعقب أحد على مضمونها- لدرجة أن حجم التضليل فيها وصل إلى حد الادعاء بأن حجم سد النهضة يقل عن السد العالى بنحو مرتين ونصف.
الواقع يقول، أن مواقف الدول ال 15 الأعضاء بمجلس الأمن بدت أغلبها مائعة، باستثناء الموقف المحترم لكل من تونس، وفرنسا، والنرويج، والمكسيك، والهند فى حين أعلنتها إثيوبيا صراحة، أنه لا يوجد دوليا ما يمنعها من وقف عملية الملء الثاني، وستستمر، ولن تلتزم بالتوقيع على اتفاق ملزم يقيد حريتها فى بناء سدود جديدة.
فى حين أن الواقع يقول أيضا، إن مصر والسودان لم يخسرا من طرح القضية أمام مجلس الأمن، ويكفيهما ما تحقق من مكاسب بإحاطة العالم علما بحقيقة موقفهما العادل، ومدى التعنت والمراوغة الإثيوبية، وهو ما يعطيهما الحق فى جعل كل الخيارات مفتوحة من السد الإثيوبى.. وكفى.