حكاية المعلم البدرشيني
كنت طفلًا
صغيرًا عندما سمعت حركة غير اعتيادية في الشارع.. هرج ومرج ينذر بكارثة.. وأصوات
تتعالى أوضحت أن المعلم محمد البدرشيني يتخانق.. خرجت إلى البلكونة لأشاهد المعلم
البدرشيني، صاحب المقهى، يقف وسط الشارع بينما تتطاير الكراسي وزجاجات المياه
الغازية من يده لتصيب مجموعة من الشباب الذين قاموا بمعاكسة فتاة.. انتهت الخناقة
بأن الشباب تم تعليقهم على باب المقهى بالحبال ليكونوا عبرة لمن يفكر في التعدي على بنات الشارع.
ربما مر عقدان أو أكثر على هذه الواقعة لكن المعلم البدرشيني لا يزال يحتفظ بهيبة أضافت عليها تجاعيد الوجه حدة ووقار. لا أعرف تحديدًا تاريخ ميلاده لكنني أدرك إنه عاش لفترة طويلة كافية لتجعله حكيمًا وماكرًا أما أصوله فهي تعود للبدرشين وتحديدًا ميت رهينة حيث عاصمة مصر القديمة "منف".
مرت سنوات لكنني أبدًا لم أنسى خناقات المعلم البدرشيني الذي يردد دائمًا بأن الحال المايل لا يعجبه لذلك تعجبت من تكرار ظهور هذا الشاب المنفلت في شارعنا.. شاب أسمر البشرة بلحية خفيفة وعقل أخف يجعله يرغب في الخناق مع الجميع.. يسب أهالي الشارع ويتعدى على الجميع.. بينما ننظر إلى المعلم البدرشيني في انتظار تدخله وإيقافه للشاب الأهوج عند حده لكنه صامت يكتفي بجلوسه على مقعده المفضل في المقهى حيث يكشف حركة الشارع ويتأملها.
حكمة المعلم البدرشيني
يبدو أن صمته قد أغرى الشاب الأهوج الذي انتقل من إهانة سكان الشارع إلى التجرؤ على المعلم البدرشيني نفسه.. توقعنا أن تتطاير كراسي المقهى وزجاجات المياه الغازية وأن ينتهي مصير الشاب الأهوج المتهور معلقًا بالحبال على باب المقهى لكن المعلم البدرشيني أصابنا بالدهشة حينما رد الإهانة بإبتسامة هادئة قائلًا (روح يا ابني.. ربنا يسامحك ويهديك).. أغرى سكوت المعلم البدرشيني الشاب الذي أعتاد أن يمر راكبًا دراجته النارية أمام المقهى ليبصق في اتجاه المعلم البدرشيني أو يسبه علنًا أمام الجميع لكن المعلم هادئ لا يرد.. ينظر صبيانه وأصدقائه إليه وعيونهم ترغب في الثأر له لكنه لا يتكلم..
الجميع يتعجب صمته إلا أنا فقد فهمته.. كانت الأيام قد علمته الحكمة والصبر وطولة البال.. فكر مليًا في قراره نفسه.. إذا قام بضرب الشاب الأهوج قد يتهمه البعض بالتعدي أو إنه يفتري بقوته على الصغار.. لذلك حسم أمره وذهب لمقابله شيوخ الشارع وكباره وأخبرهم بأن صبره قد نفذ وتسامح كثيرًا لكن الشاب المتهور يعاند ويستمر في بلطجته وإساءته للجميع.. وأخبرهم إما أن "تعقلوه" وتنصحونه أو سأضطر أن "أعلقه" على باب القهوة وأربطه بالحبال كما اعتدت مع المشاغبين والمعتدين والخارجين عن القانون وكل من حاول المساس بشارعنا طوال سنوات وعندها لا يمكن أن تلقوا باللوم تجاهي فقد صبرت وجئت محذرًا..
ما أعجبني في المعلم البدرشيني هو الدهاء فهو قبل ذهابه للتحدث مع كبار الشارع كان قد جهز بالفعل كراسي المقهي وزجاجات المياه الغازية وأيضًا الحبال التي سيقوم بتعليق الشاب الأهوج عليها إذا لم يستمع إلى نصائح الكبار ويتوقف عن ممارسة البلطجة.
تذكرت حكاية المعلم البدرشيني، كبير شارعنا، وأنا أتابع كلمة مصر في مجلس الأمن عن سد أثيوبيا.. مصر تفاوضت بصدق، وصبرت بحكمة، والآن تحذر الجميع، فإذا لم يتراجع رئيس وزراء أثيوبيا فسيكون مصيره معلقًا على باب المقهى مثل جميع المعتدين الذين حاولوا المساس بمقدراتنا عبر التاريخ.
ربما مر عقدان أو أكثر على هذه الواقعة لكن المعلم البدرشيني لا يزال يحتفظ بهيبة أضافت عليها تجاعيد الوجه حدة ووقار. لا أعرف تحديدًا تاريخ ميلاده لكنني أدرك إنه عاش لفترة طويلة كافية لتجعله حكيمًا وماكرًا أما أصوله فهي تعود للبدرشين وتحديدًا ميت رهينة حيث عاصمة مصر القديمة "منف".
مرت سنوات لكنني أبدًا لم أنسى خناقات المعلم البدرشيني الذي يردد دائمًا بأن الحال المايل لا يعجبه لذلك تعجبت من تكرار ظهور هذا الشاب المنفلت في شارعنا.. شاب أسمر البشرة بلحية خفيفة وعقل أخف يجعله يرغب في الخناق مع الجميع.. يسب أهالي الشارع ويتعدى على الجميع.. بينما ننظر إلى المعلم البدرشيني في انتظار تدخله وإيقافه للشاب الأهوج عند حده لكنه صامت يكتفي بجلوسه على مقعده المفضل في المقهى حيث يكشف حركة الشارع ويتأملها.
حكمة المعلم البدرشيني
يبدو أن صمته قد أغرى الشاب الأهوج الذي انتقل من إهانة سكان الشارع إلى التجرؤ على المعلم البدرشيني نفسه.. توقعنا أن تتطاير كراسي المقهى وزجاجات المياه الغازية وأن ينتهي مصير الشاب الأهوج المتهور معلقًا بالحبال على باب المقهى لكن المعلم البدرشيني أصابنا بالدهشة حينما رد الإهانة بإبتسامة هادئة قائلًا (روح يا ابني.. ربنا يسامحك ويهديك).. أغرى سكوت المعلم البدرشيني الشاب الذي أعتاد أن يمر راكبًا دراجته النارية أمام المقهى ليبصق في اتجاه المعلم البدرشيني أو يسبه علنًا أمام الجميع لكن المعلم هادئ لا يرد.. ينظر صبيانه وأصدقائه إليه وعيونهم ترغب في الثأر له لكنه لا يتكلم..
الجميع يتعجب صمته إلا أنا فقد فهمته.. كانت الأيام قد علمته الحكمة والصبر وطولة البال.. فكر مليًا في قراره نفسه.. إذا قام بضرب الشاب الأهوج قد يتهمه البعض بالتعدي أو إنه يفتري بقوته على الصغار.. لذلك حسم أمره وذهب لمقابله شيوخ الشارع وكباره وأخبرهم بأن صبره قد نفذ وتسامح كثيرًا لكن الشاب المتهور يعاند ويستمر في بلطجته وإساءته للجميع.. وأخبرهم إما أن "تعقلوه" وتنصحونه أو سأضطر أن "أعلقه" على باب القهوة وأربطه بالحبال كما اعتدت مع المشاغبين والمعتدين والخارجين عن القانون وكل من حاول المساس بشارعنا طوال سنوات وعندها لا يمكن أن تلقوا باللوم تجاهي فقد صبرت وجئت محذرًا..
ما أعجبني في المعلم البدرشيني هو الدهاء فهو قبل ذهابه للتحدث مع كبار الشارع كان قد جهز بالفعل كراسي المقهي وزجاجات المياه الغازية وأيضًا الحبال التي سيقوم بتعليق الشاب الأهوج عليها إذا لم يستمع إلى نصائح الكبار ويتوقف عن ممارسة البلطجة.
تذكرت حكاية المعلم البدرشيني، كبير شارعنا، وأنا أتابع كلمة مصر في مجلس الأمن عن سد أثيوبيا.. مصر تفاوضت بصدق، وصبرت بحكمة، والآن تحذر الجميع، فإذا لم يتراجع رئيس وزراء أثيوبيا فسيكون مصيره معلقًا على باب المقهى مثل جميع المعتدين الذين حاولوا المساس بمقدراتنا عبر التاريخ.