رئيس التحرير
عصام كامل

في قضية مقتل ابن علي باشا فهمي.. قصة القاضي الشجاع الذي تحدى الملك فؤاد

الملك فؤاد
الملك فؤاد
فى مجلة الهلال يوليو عام 1982 كتب المفكر فتحى رضوان مقالًا تحت عنوان (شجاعة قاض) قال فيه: القضية هى جناية وقعت ليلة العاشر من يوليو 1923 بفندق سافوى بلندن، والقتيل هو ابن الثرى المصرى على باشا فهمى الذى كان يمتلك الأموال والأفدنة الزراعية بمحافظة المنيا.


رحل الأب وترك ثروته الواسعة لابنه على كامل فهمى الذى بدد أغلب ثروة أبيه على الخمر والنساء حيث تعرف على الفرنسية الشابة الجميلة مرجريت آن، فهام بها ودعاها وهو فى الثانية والعشرين من عمره إلى زيارة مصر، فرأت بعينيها آثار غناه والترف الذى يعيش فيه مما كان مدعاة لقبول زواجه.

قتل من أجل الميراث
وما لبث أن تنافر الزوجان لاختلاف العادات والتقاليد، وانتهت حياتهما برصاصة أطلقتها الزوجة على زوجها الشاب فأردته قتيلًا، ثم قدمت إلى المحاكمة وترافع عنها المحامى الإنجليزى الشهير مارشال هول، وحصل لها على البراءة من محكمة إنجليزية فى لندن عرفت بانحيازها ضد الشرقيين بعد أن صور للمحكمة الزوج القتيل بأنه وحش آدمي أذاق زوجته التى تكبره الويلات.

بريطانيا تبرئ القاتلة 
وجاءت الزوجة إلى مصر ومعها حكم من محكمة جنايات لندن ببراءتها، ورفعت دعوى ميراث لأنها تعلم أن الشريعة الإسلامية لا تورث القاتل، طلبت فيها الحكم لها بربع تركة زوجها لأنها برئت من تهمة القتل، وأنها لم تقتل لأنه دفاع عن النفس.

عرضت القضية على المحكمة العليا الشرعية برئاسة الشيخ طه حبيب والد القاضى أنور حبيب (عُيِّن فيما بعد فى منصب المدعى العام الاشتراكى فى عهد السادات).

القاضى الشجاع 
أبى الشيخ طه حبيب أن يقضى ببراءة قاتلة زوجها لأن محكمة لندن برأتها ـ وهى التى ضُبطت بآلة القتل فى يدها ـ لا لأن الدليل ضدها ضعيف ولكن لأنها أوروبية والقتيل مصرى فلم تمتثل المحكمة المصرية للحكم، ورفضت طلب الزوجة الأجنبية القاتلة.

كان الملك فؤاد يريد أن يحكم لها بربع التركة وعمل كل ما في وسعه من أجل ذلك فى محاولة لترضية الأجانب والمندوب السامى البريطانى فطلب صراحة من الشيخ طه حبيب أن يقبل براءتها فرفض القاضى الشجاع طلب الملك، وأصر على موقفه فكان أن عزله الملك من القضاء.

هذه القضية أخذها الفنان يوسف وهبى وصنع من أحداثها فيلم أولاد الذوات الذى أنتجه وأخرجه، وكان فى نفس الوقت متزوجًا من عائشة هانم فهمى شقيقة القتيل فغضبت ومنه، وصارت المشاكل حتى تم الطلاق بينهما، وورثت عائشة قصر شقيقها القتيل الذى تحول الآن إلى مركز للفنون باسم قصر عائشة فهمى بالزمالك.
الجريدة الرسمية