كيف ردت مصر على التصعيد الإثيوبي والإصرار على الملء الثاني لسد النهضة؟
فى تطور خطير يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي وقبل انعقاد جلسة الأمن المحدد لها يوم الخميس القادم بشأن سد النهضة، تلقى الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، خطاباً رسمياً من نظيره الإثيوبي سيليشي بيكيلي، يفيد ببدء عملية الملء الثاني لخزان سد النهضة؛ مما يؤكد استمرار التعنت الإثيوبي غير المبرر فى التعامل مع ملف سد النهضة، وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية للتوصل لحل لا يضر دولتي المصب "مصر والسودان".
رد سريع
وردت مصر على الخطوة الإثيوبية بخطاب رسمي من الوزير عبد العاطى إلى الإثيوبي، حيث أبلغه رفض القاهرة القاطع لهذا الإجراء الأحادي، الذي يعد "خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع في 2015 بين الدول الثلاث".
وقال بيان لوزارة الري اطلعت "فيتو" على نسخه منه: إن مصر ترى أن هذا الإجراء يعد انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الإضرار بها.
وأعلنت وزارة الخارجية كذلك إرسال الخطاب الإثيوبي إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإحاطة المجلس، الذي سيعقد جلسة حول قضية سد النهضة الخميس المقبل "بهذا التطور الخطير".
تهديد الأمن وسلم
وأشارت القاهرة إلى أن هذا التطور الجديد يكشف مجدداً عن "سوء نية إثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية لفرض الأمر الواقع وملء وتشغيل السد دون اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحد من أضرار هذا السد على دولتي المصب".
وأضاف البيان المصري: "هذا الأمر سيزيد من حالة التأزم والتوتر في المنطقة، وسيؤدي إلى خلق وضع يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي".
لقاء عاجل
كما استغل سامح شكري، وزير الخارجية، تواجده فى نيويورك عقب التصعيد الأثيوبى والتقى مع الدكتورة مريم صادق المهدي وزيرة خارجية جمهورية السودان الشقيقة، وذلك استمرارًا للتنسيق والتشاور القائم بين البلدين حول مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي، وفي إطار الإعداد لجلسة مجلس الأمن بالأمم المتحدة المقرر أن تعقد الخميس المقبل ٨ يوليو ٢٠٢١ بناءً على طلب من مصر والسودان.
اتصالات ومشاورات
واتفق الوزيران على ضرورة الاستمرار في إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحثهم على دعم موقف مصر والسودان وتأييد دعوتهما بضرورة التوصل لاتفاق ملزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق دولتي المصب من أضرار هذا المشروع على مصر والسودان.
رفض قاطع
كما أعرب الوزيران عن رفضهما القاطع إعلان إثيوبيا عن البدء في عملية الملء للعام الثاني؛ لما يمثله ذلك من مخالفة صريحة لأحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث في سنة ٢٠١٥، وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية الحاكمة لاستغلال موارد الأنهار العابرة للحدود، فضلا عما تمثله هذه الخطوة من تصعيد خطير يكشف عن سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب وعدم اكتراثها بالآثار السلبية والأضرار التي قد تتعرض لها مصالحها بسبب الملء الأحادي لسد النهضة.
لقاءات تنسيقية
كما عقد وزير الخارجية سامح شكري، اليوم ٥ يوليو الجاري، سلسلة من اللقاءات على مدار اليوم خلال زيارته الحالية إلى نيويورك مع كل من سفراء اللجنة العربية المعنية بمتابعة تطورات ملف سد النهضة والتنسيق بشأنه مع مجلس الأمن، والمندوبين الدائمين لمجموعة الدول الأفريقية بمجلس الأمن، وكذا مع المندوبين الدائمين وممثلي كل من استونيا وأيرلندا والمكسيك والنرويج، وهي دول ذات عضوية حالية غير دائمة بمجلس الأمن.
وصرح المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ، بأن شكري استعرض خلال هذه اللقاءات الموقف المصري الثابت تجاه قضية سد النهضة والقائم على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر المائية.
وأضاف المُتحدث الرسمي أن تلك اللقاءات المُكثفة تأتي في إطار التحضير للجلسة المرتقبة لمجلس الأمن حول قضية سد النهضة، والتي ستُعقد بطلب من مصر والسودان بهدف قيام المجلس بمناقشة هذه القضية والدفع قدماً بحلحلة الموقف المتعثر حالياً عبر دعم التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث.
تعاون عربى
التقى وزير الخارجية سامح شكري، أمس الاثنين ٥ يوليو ٢٠٢١، بالسفير طارق الأدب، المندوب التونسي الدائم لدى الأمم المتحدة، وذلك بمقر بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة في مستهل زيارته الحالية إلى نيويورك من أجل المشاركة في الجلسة المقررة لمجلس الأمن حول سد النهضة الإثيوبي.
وصرح السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن شكري أكد خلال اللقاء على حرص مصر على التنسيق الوثيق مع جمهورية تونس الشقيقة في هذا الملف في ضوء العلاقات الثنائية الممتازة التي تجمع البلدين الشقيقين، وأخذاً بعين الاعتبار كون تونس العضو العربي الحالي بمجلس الأمن.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الوزير ثمّن في هذا السياق الدعم الكبير الذي تقدمه تونس للموقف المصري في هذا الملف.