رئيس التحرير
عصام كامل

الحقيقة الغائبة في تكفير نصر أبو زيد.. الرغبة في الحصول على الأستاذية بداية الأزمة.. وعبد الصبور شاهين: نفحص بحثا لا باحثا

عبدالصبور شاهين ونصر
عبدالصبور شاهين ونصر أبو زيد
تعتبر المعركة الفكرية بين عبد الصبور شاهين ونصر حامد أبو زيد، هي الأكثر إثارة للجدل على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، وحتى بعد مرور ما يقرب من 26 عاما.


الحكاية بدأت عندما كان نصر حامد أبوزيد يسعى لنيل درجة الأستاذية من جامعة القاهرة عام 1995، وقدم وقتها أطروحته التي حملت عنوان "نقد الخطاب الديني" والتي ناقشتها لجنة من أساتذة جامعة القاهرة برئاسة الدكتور عبدالصبور شاهين.

الدكتور عبدالصبور شاهين حين بدأ فى فحص أول أعمال نصر حامد أبوزيد لتقييمها ظن أن الأبحاث جاءته على سبيل الخطأ وأنها أبحاث أستاذ متقدم للترقية فى قسم الفلسفة، فأخذ يبحث فى الأبحاث الأخرى التى لم يكن تصفحها فوجدها كلها أقرب إلى ميدان الفلسفة منها إلى الميدان الذى تقدم بها صاحبها للترقية فيه، وهو «اللغة العربية وآدابها»، وهكذا فإن عبدالصبور اتصل ليتأكد من أن الأوراق لم تأت إليه من باب الخطأ الذى يحدث عند تبديل المظاريف بالمصادفة، فلما تأكد أن الأمر يخلو من الخطأ الإدارى بدأ يفحص.

وبعد الانتهاء كتب تقريرا اتهم فيه أفكار أبو زيد بالكفر، الذي أرفق اتهامه بالردة تقريرًا تضمن "العداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة والدعوة لرفضهما والهجوم على الصحابة، وإنكار المصدر الإلهي للقرآن الكريم، والدفاع عن الماركسية والعلمانية وعن سلمان رشدي وروايته "آيات شيطانية".

كان ذلك سببا في اندلاع معركة فكرية كبيرة بين أنصار أبوزيد وبين من اتفقت أفكارهم مع تقرير شاهين؛ وطالبت لجنة مكونة من ٢٠ عالمًا من الأزهر أبوزيد بإعلان توبته عن بعض الأفكار التي وردت في كتابه "مفهوم النص" والتي رأوا أنها مخالفة لأحكام الدين الإسلامي.

وبعد هذه الأزمة بأعوام طويلة، عقب الدكتور عبدالصبور شاهين عليها ونفى بشكل قاطع قيامه بتكفير أبوزيد، وفي حوار صحفي أجري معه عام ٢٠١٠ قال: "لا يمكن أن أورط نفسي في هذا الاتهام البشع، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، ولفت إلى أن ما كتبه في التقرير الذي أقرته اللجنة العلمية وأقره مجلس الجامعة في ذلك الوقت كان تقييمًا علميًا موضوعيًا لأعمال الباحث وليس للباحث نفسه، "فنحن نفحص بحثًا لا باحثًا، ولم أتعرض في تقريري لعقيدة الباحث أو دينه، فهذا أمره إلى الله سبحانه وتعالى ولا شأن لي به".

وروى شاهين أن أبوزيد تقدم آنذاك بإنتاجه العلمي للترقية إلى درجة أستاذ، ومن الطبيعي أن يقوم أعضاء اللجنة العلمية بفحص إنتاج الباحث وتقييمه، ويقرأ الأساتذة الفاحصون الإنتاج ثم يحكمون عليه.

وأضاف: "وقد قدمت تقريري عندما اجتمعت اللجنة، ثم أرسل هذا التقرير إلى الكلية ثم إلى مجلس الجامعة الذي اعتمد التقرير الجماعي، وكان ملخص التقرير أن الأعمال التي تقدم بها الدكتور نصر حامد أبوزيد تحتاج إلى إعادة نظر، والإنتاج المقدم لا يرقى إلى درجة أستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة"، لافتا إلى أن رسوب طالب ترقية هو شيء طبيعي يحدث كثيرا في كل الجامعات ومختلف التخصصات، لم يكن الأمر في تلك اللحظات يعتبر أزمة "فقد يحالفه في جولة أخرى حين يجتهد ويتلافى أخطاءه التي أخطأها في المرة الأولى".

وأكد شاهين في حواره الذي يعود إلى عشرة أعوام مضت أن دوره في المشكلة ودور الجامعة قد انتهى عند تقييم التقرير، وأن اللحظات الحرجة التي تفاقمت لصناعة الأزمة بدأت عندما قرأ الراحل المستشار صميدة عبد الصمد أبحاث أبوزيد، واقتنع بأخطائه التي سجلها التقرير العلمي، وتوجه إلى القضاء ورفع دعوى الحسبة طالبًا إدانته بتهمة الردة، وكان الهدف الأساسي من وراء التقدم بدعوى الحسبة إبعاد أبوزيد عن الجامعة ومنعه من التدريس فيها.

وصدر حكم المحكمة باعتبار نصر حامد أبوزيد مرتدًا، وأن عليه أن يطلق امرأته، وأيدت محكمتا الاستئناف والنقض الحكم نفسه بعد أن اقتنعت هيئة القضاء بأسباب رفض الدكتور عبدالصبور شاهين لأبحاث أبوزيد.
الجريدة الرسمية