رئيس التحرير
عصام كامل

موضة أفلام الفانتازيا والخيال العلمي.. السوشيال ميديا ضمن الأسباب.. ومنتجون ونقاد: نعيش فوضى فنية.. والإعلانات وراء هذه الموجة

مشهد من مسلسل الخيال
مشهد من مسلسل الخيال العلمي "النهاية"
رغم ما تشهده الساحة الفنية مؤخرًا من حالة من الرواج الفني والتنوع والألوان الجديدة سواء تلك التي تصدر لأول مرة للجمهور أو التي يعاد عرضها بصورة جديدة تتناسب في الحياة العصرية، إلا أن آفة تصيب الأعمال الفنية على المستويين السينمائي والدرامي، وهي غياب الطابع الاجتماعي وتصدر الأعمال على أنها أعمال أكشن من الألف للياء أو أنها فانتازيا وخيال علمي.


وقد أصبحت تلك الظاهرة متصدرة في الأونة الأخيرة، حتى أن الكثير من القائمين على الأعمال الفنية يجدون فيها الطريق السهل لاستقطاب الشريحة الأكبر من الجمهور من منطلق الرائج والمنتشر.

الفانتازيا والخيال العلمي
المنتج عصام شعبان يرى أن الحياة الفنية سواء الدرامية أو السينمائية لا تشهد غيابًا للأعمال ذات الطابع الاجتماعي كما يصور البعض ولكن هذه النوعية الفنية المتصدرة ترجع لتغيرات الحياة العصرية السرعية، فلم يعد مشاهد العصر الحالي من جمهور المسلسلات الاجتماعية كتلك التي قدمت في التسعينيات وما قبلها مثل: الوتد وليالي الحلمية بأجزائه، فقد كانت مسلسلات اجتماعية يغلب عليها الطابع الأسري.

ولكن نظرًا لسيطرة السوشيال ميديا وأسلوب الحياة السريعة لم تعد ملائمة لمثل هذه الأعمال، ولكن هذا بالقطع أن الدراما الفنية قدمت مؤخرًا أشكالا فنية متنوعة فرأينا في السباق الدرامي لمسلسلات رمضان الماضي، مسلسل نجيب زاهي زركش، حيث كان من المسلسلات الاجتماعية ولكنه يتناول قضية معينة.

كذلك لعبة نيوتن، علاوة إلى الزخم الفني في الأعمال التوثيقية مثال مسلسل الاختيار بجزئيه الأول والثاني ومسلسل هجمة مرتدة، وهذا التنوع قد يعيد أشكال جديدة أخرى أكثر ملائمة للطابع الأسري ولكن هذه الفترة أصفها بأنها مرحلة ترتيب أوراق.

الجمهور
بدوره.. يقول السيناريست والناقد الفني محمد رشاد العربي، هناك ظاهرة أصبحت بالفعل منتشرة إلى حد الانزعاج وهي تصدير أن العمل الفني ذي اللون أو الطابع الواحد، فهذا العمل كوميدي، دراما، أكشن، تراجيدي، أو خيال علمي ورعب، دون أن يعي القائم على صناعة هذا العمل أن طبائع المشاهدين الفكرية مختلفة وميولهم وأذواقهم الفنية والثقافية متنوعة.

فيجب أن نقدم وجبة متكاملة من العمل الفني، حتى لو كان هذا العمل مصنف على أنه أكشن (وهذا تصنيف خاطئ)، فيجب أن يكون به ما يكفيه من الجرعة الإنسانية والرومانسية والاجتماعية ما ترضي الجمهور وتشعره بأنه يشاهد أشخاص من لحم ودم حتى ولو كان هذا العمل يتحدث عن الآلهة.

وتابع الناقد الفني: التساؤل الأبرز لو وجدنا الإجابة عنه لفسرنا تلك الظاهرة، وهي هل القائمون على كتابة ما يعرض خلال الفترة الأخيرة من أعمال رعب وفانتازيا مؤهلون للكتابة في هذا اللون ومن أين استقى معلوماته التي صاغها على الورق لتحويلها لسيناريو فني؟.

بالطبع تجد أن الأكثرية غير مؤهلين لذلك فبعضهم وان لم يكن معظمهم أورد أراء ومعلومات شخصية من المحيطين به دون التطرق والتوغل داخل هذا العالم الذي يريد أن يصدره للمشاهد في صورة عمل فني، فلو تحدثنا على عمل فني يتناول قصة الرعب والدجل والشعوذة هل قام القائم بالكتابة والتأليف بحضور إحدى جلسات التحضير.

بالطبع لا.. ببساطة يورد في كتابة بعض العبارات والأكثرية منها مغلوطة على أنها تعاويذ وطلاسم، فلا نطالب بان تورد التعاويذ الصحيحة والحقيقية ولكن على الأقل لا نضلل المشاهد ونفتح باب الخطر أمام من يدفعهم الفضول لدخول هذه العوالم.

وردًا عما يثار حول أن تصدر بعض الأسماء في الكتابة لعدم وجود كتاب، قال السيناريست محمد العربي: بالطبع هذا أمر خاطئ بالحياة الفنية والثقافية زاخرة بكتاب من العيار الثقيل، ولكن للأسف محدثي الكتابة ومدعي الثقافة يحجرون عليهم، قائلًا: "ارفعوا أيديكم عن الكتابة حتى يرى المبدعون النور"، وليس شرطا أن يكون الكاتب والمؤلف الحقيقي من يردد عبارات وحكم من الأدب الإنجليزي والروسي في كل كلماته، ولكن الأديب الحقيقي من يعكس الصورة الحقيقية في شكل عمل فني ويقدم تصور لها.

تقليد
وعن تصدر أعمال الخيال والعلمي والفانتازيا، أكد أن غالبية الأعمال المعروضة وأن لم يكن جميعها ما هي إلا تقليد لأعمال غربية، وبعضهم يلجأ لخلط أكثر من عمل فني في واحد جديد ويقدمه أنه من بنات أفكاره، ولكي نفهم ذلك علينا أن نعي جيدًا أن العمل الفني ما هو إلا تصور للحقيقة، فإذا أخذنا عمل قديم وأعدنا إنتاج فكرته مرة أخرى فما سيكون إلا تقليد المقلد أو تصور التصور.

وبالتالي سيكون بعيد كل البعد عن واقع المشاهد الذي يريد أن يرى في العمل الفني حياته الطبيعية وليس خيال علمي غربي ولكن ناطق باللغة العربية.

وأشار العربي إلى نجاح الفن الغربي لأنه يعي بشكل جيد طبيعة المشاهد فيقدم له المنتج الفني سواء كان أكشن أو حتى كوميدي ولكنه مشبع بكافة الألوان الفنية الأخرى التي تشعر الجمهور بأنه يرى نفسه في العمل، لذلك نرى أن الأعمال الفنية الغربية كثيرا منها محفورة في أذهان الجمهور على عكس كثير من الأعمال العربية المنتجة مؤخرًا التي ينساها المشاهد بمجرد مشاهدة آخر.

مرحلة العك
ووصف الناقد الفني أن ما وصلت إليه الحالة الفنية حاليا بمرحلة "العك"، أو "خلطبيطة بالصلصة"، معلقا رغم أن فيلم خلطبيطة بالصلصة كان أحد أهم وأروع الأعمال الفنية ولكن اسمه واصف كاشف للحالة الفنية الحالية.

وعلى الجانب الآخر يرى الكاتب والناقد الفني محمد سليم، إن أحد أسباب عذوف نجوم الصف الأول عن تصدر الأعمال الاجتماعية هي تخوفهم من عدم الإقبال الجماهيري على أعمالهم، وذلك يعيدنا للصورة النمطية التي يقوم صناع العمل على تصنيفه بها للجمهور فهذا عمل اجتماعي فلن ينجح وهذا أكشن سيحصد إقبال جماهيري كبير، واخر كوميدي وهكذا، وهذه تصنيفات خاطئة تضر بالصناعة وتضربها في مقتل.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية