احتل أديس أبابا وتعرض للخيانة.. قصة جنرال عبقري كسر غرور آبي أحمد
هزائم متلاحقة تسببت فيها جبهة تحرير تيجراي للقوات الإثيوبية، لم يكن يتوقع أحد حدوثها على أيدي قوات محدودة القدرات عسكريًا في مواجهة جيش نظامي متعدد العتاد.
لم يكن لانتصارات تيجراي المتواصلة، والتي أجبرت أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي على الانسحاب من الإقليم، أن تتم لولا وجود جنرال عسكري محنك، وصفه خبراء الأمن الدولي، بأنه من أفضل الاستراتيجيين العسكريين بين أبناء جيله في إفريقيا.. هو تسادكان جبريتنساي.
بداية انضمامه للجبهة
تخلى الرجل البالغ من العمر 68 عاماً، عن شهادته العلمية في علم الأحياء التي حصل عليها في جامعة أديس أبابا عام 1976، للانضمام إلى جبهة تحرير شعب تيجراي التي كانت وقتذاك، عبارة عن مجموعة مكونة من بضع مئات من مقاتلي حرب العصابات ( الكوريلا) وكانوا ينتشرون في جبال نائية تقاتل نظام منغستو هيلا مريام، الماركسي.
وبفضل مهاراته التحليلية والتنظيمية وقدرته على كسب ثقة المقاتلين، أصبح أحد أكثر قادة العمليات الذين حظوا بالاحترام بحلول أواخر الثمانينيات.
تشكيل جيش ضخم
وبحلول عام 1991، تحولت جبهة تحرير شعب تيجراي، إلى جيش ضخم يزيد قوامه عن أكثر من 100 ألف مقاتل، وشملت فرقاً خاصة تمتلك آليات ومعدات عسكرية.
السيطرة على أديس أبابا
وفي مايو من العام نفسه، قاد الجنرال تسادكان، الهجوم إلى جانب القوات الإريترية التي كانت متحالفة مع جبهة تحرير تيجراي آنذاك، على العاصمة وانتهى بسيطرة الجبهة على العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، والإطاحة بنظام منجستو.
ومع تقدم مقاتلي الجبهة في المدينة اتخذ الجنرال من منزل قرب فندق هيلتون مقراً مؤقتاً له، فكانت تلك هي المرة الأولى التي ينام فيها تسادكان على سرير نوم منذ 15 عاماً.
وسرعان ما أعاد المتمردون تحت قيادته، النظام إلى العاصمة ودخلوا المدينة في 28 مايو ، ودُفعت رواتب المتقاعدين والموظفين بعد مرور ثلاثة أيام فقط.
بناء الجيش الإثيوبي
وعلى مدى السنوات السبع التالية، قاد الجنرال عملية إعادة بناء الجيش الإثيوبي، ومُنح رتبة جنرال ومنصب رئيس الأركان.
وخلال السنوات العشرة التي قضاها تسادكان كرئيس لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، شكل القادة السابقون في جبهة تحرير تيجراي، نواة الجيش، الأمر الذي أدى إلى بروز أصوات معارضة قالت أن الجيش لم يكن متوازناً عرقياً، لأن أبناء تيجراي يشكلون حوالي 6٪ فقط من السكان بينما يمثلون غالبية القوات المسلحة.
عاد الجنرال تسادكان إلى الدراسة في الجامعة للحصول على ماجستير إدارة الأعمال عن طريق المراسلة في الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة.
هادئ وخجول
ويتذكر البروفيسور جرايم سلامان تلميذه السابق بقوله: "كان هادئاً بعيداً كل البعد عن صفات ضابط الجيش النمطي، كان مولعاً بالتأمل ومستمعاً جيداً منفتح الذهن وخجولاً ولكن بالطبع كان بداخله قلب من حديد".
ربما كانت الحرب الأهلية قد انتهت ولكن القرن الأفريقي كان لا يزال في حالة اضطراب.
دعم البشير
وأرسل الجنرال قواته لمداهمة قاعدة خاصة بتنظيم القاعدة في الصومال عام 1996 كما أرسل سراً قوات عبر الحدود إلى السودان لدعم مناهضي حكم الرئيس عمر البشير.
الطرد من الجيش
لم يلتفت ميليس زيناوي، رئيس الوزراء آنذاك، والذي كان زميلاً لتسادكان، إلى تحذيرات الأخير من أن الزعيم الإريتري أسياس أفورقي كان يمثل تهديداً لإثيوبيا.
ولكن أثناء الحرب التي اندلعت ضد إريتريا في عام 1998 كان الجنرال تسادكان هو المخطط العسكري الإثيوبي. لقد كان صراعاً دامياً أودى بحياة ما يقرب من 80 ألف شخص من كلا الجانبين.
اقتحام إريتريا
وفي يونيو من عام 2000 ، حطم هجوم إثيوبي الدفاعات الإريترية واندفعت القوات الإثيوبية عبر الحدود.
وكان الجنرال تسادكان، عازماً على التقدم نحو العاصمة الإريترية أسمرة، لولا دعوة رئيس الوزراء زيناوي إلى التوقف، قائلاً إن أهداف الحرب الإثيوبية قد تحققت وإن إريتريا هُزمت.
التعرض للخيانة من زميله
وبعد الحرب، شهدت جبهة تحرير شعب تيجراي انشقاقات عنيفة بسبب الخلافات حول أهداف الحرب ضد أريتريا والتوجه السياسي للحزب، وأقال زيناوي زميله تسادكان من منصب رئيس للأركان.
وبعد عزله بشكل مفاجئ من منصبه وإبعاده عن العمل العسكري الذي كان محور حياته، نأى قادة الجبهة بأنفسهم عنه وبات يخضع للمراقبة الأمنية اللصيقة.
واجه الجنرال تسادكان مصاعب جمة في التكيف مع وضعه الجديد كمواطن عادي.
وكتب تقريراً عن كيفية سيطرة الجيوش على مرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز)، وكلفته وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة بتقديم المشورة لحكومة جنوب السودان حول إصلاح الأجهزة الأمنية ومؤسسة الجيش وهو مشروع فشل في إضفاء الطابع المهني على جيش جنوب السودان.
وشرع الجنرال تسادكان في إقامة مصنع للجعة في مسقط رأسه في بلدة رايا في جنوبي منطقة تيجراي وأقام مشروعاً تجارياً للزراعة المحمية.
مشاعر العداء للتيجرايين
تعرض تسادكان لانتقادات من قبل زملائه السابقين في جبهة تحرير شعب تيدراي عندما رحب بتعيين آبي أحمد رئيساً للوزراء في البلاد عام 2018، معلناً أنه مستعد للعمل معه، وفي عام 2019 ، انضم إلى مجموعة غير رسمية كانت تحاول التوسط بين آبي أحمد وقادة الجبهة لكنه انسحب قبل عام، قائلاً إن آبي أحمد ليس جاداً، ومع تصاعد المشاعر المناهضة للتيجرايين في العاصمة أديس أبابا، عاد أدراجه إلى ميكيلي عاصمة تيجراي.
وعندما اندلعت الحرب في تيجراي في نوفمبر 2020، انضم إلى المقاومة المسلحة، ونحى جانباً خلافاته مع قادة الجبهة الآخرين، كما توافد الشباب للانضمام، مذعورين من الفظائع التي ارتكبت بحق شعبهم كما عاد قدامى المحاربين إلى حمل السلاح، بما في ذلك العديد ممن انشقوا عن الجبهة منذ سنوات.
ومن جانبها، أصدرت الحكومة الإثيوبية مذكرة توقيف بحق الجنرال تسادكان وغيره من قادة تيجراي واتهمتهم بالخيانة قائلة إنهم بدأوا الحرب بتنظيم هجوم على قواعد عسكرية فيدرالية في تيجراي.
إنجاز عسكري مذهل
وتم تنظيم المقاومة تحت راية قوات دفاع تيجراي (TDF) وتضم أعضاء جبهة تحرير شعب تيجراي وغيرهم، وجرت ترقية الجنرال تسادكان إلى منصب القيادة المركزية وتولى المسؤولية عن الشؤون العسكرية.
وفي يناير قال الجنرال: "كنا على وشك مواجهة الهزيمة الماحقة"، كنا فارين ومحاصرين بين تضاريس جبلية في جنوب تيجراي، وكان الكثير من مقاتلينا اليافعين يسيرون حفاة ولم يكن لديهم من الأسلحة سوى تلك التي تُحمل في اليد".
لكنهم تمكنوا من كسر الحصار، و فاجأوا القوات الإثيوبية والإريترية بهجوم مضاد شرس. ولم يذكر الجنرال تسادكان عدد مقاتلي الجبهة الذين قتلوا أو أصيبوا بجراح في القتال.
ولمدة أربعة أشهر متتالية، كانوا يتدربون وينظمون ويقاتلون في نفس الوقت، وبحلول مايو، رأى الجنرال تسادكان والقادة الآخرون أنهم حققوا التكافؤ مع خصومهم.
لم يكن لانتصارات تيجراي المتواصلة، والتي أجبرت أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي على الانسحاب من الإقليم، أن تتم لولا وجود جنرال عسكري محنك، وصفه خبراء الأمن الدولي، بأنه من أفضل الاستراتيجيين العسكريين بين أبناء جيله في إفريقيا.. هو تسادكان جبريتنساي.
بداية انضمامه للجبهة
تخلى الرجل البالغ من العمر 68 عاماً، عن شهادته العلمية في علم الأحياء التي حصل عليها في جامعة أديس أبابا عام 1976، للانضمام إلى جبهة تحرير شعب تيجراي التي كانت وقتذاك، عبارة عن مجموعة مكونة من بضع مئات من مقاتلي حرب العصابات ( الكوريلا) وكانوا ينتشرون في جبال نائية تقاتل نظام منغستو هيلا مريام، الماركسي.
وبفضل مهاراته التحليلية والتنظيمية وقدرته على كسب ثقة المقاتلين، أصبح أحد أكثر قادة العمليات الذين حظوا بالاحترام بحلول أواخر الثمانينيات.
تشكيل جيش ضخم
وبحلول عام 1991، تحولت جبهة تحرير شعب تيجراي، إلى جيش ضخم يزيد قوامه عن أكثر من 100 ألف مقاتل، وشملت فرقاً خاصة تمتلك آليات ومعدات عسكرية.
السيطرة على أديس أبابا
وفي مايو من العام نفسه، قاد الجنرال تسادكان، الهجوم إلى جانب القوات الإريترية التي كانت متحالفة مع جبهة تحرير تيجراي آنذاك، على العاصمة وانتهى بسيطرة الجبهة على العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، والإطاحة بنظام منجستو.
ومع تقدم مقاتلي الجبهة في المدينة اتخذ الجنرال من منزل قرب فندق هيلتون مقراً مؤقتاً له، فكانت تلك هي المرة الأولى التي ينام فيها تسادكان على سرير نوم منذ 15 عاماً.
وسرعان ما أعاد المتمردون تحت قيادته، النظام إلى العاصمة ودخلوا المدينة في 28 مايو ، ودُفعت رواتب المتقاعدين والموظفين بعد مرور ثلاثة أيام فقط.
بناء الجيش الإثيوبي
وعلى مدى السنوات السبع التالية، قاد الجنرال عملية إعادة بناء الجيش الإثيوبي، ومُنح رتبة جنرال ومنصب رئيس الأركان.
وخلال السنوات العشرة التي قضاها تسادكان كرئيس لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، شكل القادة السابقون في جبهة تحرير تيجراي، نواة الجيش، الأمر الذي أدى إلى بروز أصوات معارضة قالت أن الجيش لم يكن متوازناً عرقياً، لأن أبناء تيجراي يشكلون حوالي 6٪ فقط من السكان بينما يمثلون غالبية القوات المسلحة.
عاد الجنرال تسادكان إلى الدراسة في الجامعة للحصول على ماجستير إدارة الأعمال عن طريق المراسلة في الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة.
هادئ وخجول
ويتذكر البروفيسور جرايم سلامان تلميذه السابق بقوله: "كان هادئاً بعيداً كل البعد عن صفات ضابط الجيش النمطي، كان مولعاً بالتأمل ومستمعاً جيداً منفتح الذهن وخجولاً ولكن بالطبع كان بداخله قلب من حديد".
ربما كانت الحرب الأهلية قد انتهت ولكن القرن الأفريقي كان لا يزال في حالة اضطراب.
دعم البشير
وأرسل الجنرال قواته لمداهمة قاعدة خاصة بتنظيم القاعدة في الصومال عام 1996 كما أرسل سراً قوات عبر الحدود إلى السودان لدعم مناهضي حكم الرئيس عمر البشير.
الطرد من الجيش
لم يلتفت ميليس زيناوي، رئيس الوزراء آنذاك، والذي كان زميلاً لتسادكان، إلى تحذيرات الأخير من أن الزعيم الإريتري أسياس أفورقي كان يمثل تهديداً لإثيوبيا.
ولكن أثناء الحرب التي اندلعت ضد إريتريا في عام 1998 كان الجنرال تسادكان هو المخطط العسكري الإثيوبي. لقد كان صراعاً دامياً أودى بحياة ما يقرب من 80 ألف شخص من كلا الجانبين.
اقتحام إريتريا
وفي يونيو من عام 2000 ، حطم هجوم إثيوبي الدفاعات الإريترية واندفعت القوات الإثيوبية عبر الحدود.
وكان الجنرال تسادكان، عازماً على التقدم نحو العاصمة الإريترية أسمرة، لولا دعوة رئيس الوزراء زيناوي إلى التوقف، قائلاً إن أهداف الحرب الإثيوبية قد تحققت وإن إريتريا هُزمت.
التعرض للخيانة من زميله
وبعد الحرب، شهدت جبهة تحرير شعب تيجراي انشقاقات عنيفة بسبب الخلافات حول أهداف الحرب ضد أريتريا والتوجه السياسي للحزب، وأقال زيناوي زميله تسادكان من منصب رئيس للأركان.
وبعد عزله بشكل مفاجئ من منصبه وإبعاده عن العمل العسكري الذي كان محور حياته، نأى قادة الجبهة بأنفسهم عنه وبات يخضع للمراقبة الأمنية اللصيقة.
واجه الجنرال تسادكان مصاعب جمة في التكيف مع وضعه الجديد كمواطن عادي.
وكتب تقريراً عن كيفية سيطرة الجيوش على مرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز)، وكلفته وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة بتقديم المشورة لحكومة جنوب السودان حول إصلاح الأجهزة الأمنية ومؤسسة الجيش وهو مشروع فشل في إضفاء الطابع المهني على جيش جنوب السودان.
وشرع الجنرال تسادكان في إقامة مصنع للجعة في مسقط رأسه في بلدة رايا في جنوبي منطقة تيجراي وأقام مشروعاً تجارياً للزراعة المحمية.
مشاعر العداء للتيجرايين
تعرض تسادكان لانتقادات من قبل زملائه السابقين في جبهة تحرير شعب تيدراي عندما رحب بتعيين آبي أحمد رئيساً للوزراء في البلاد عام 2018، معلناً أنه مستعد للعمل معه، وفي عام 2019 ، انضم إلى مجموعة غير رسمية كانت تحاول التوسط بين آبي أحمد وقادة الجبهة لكنه انسحب قبل عام، قائلاً إن آبي أحمد ليس جاداً، ومع تصاعد المشاعر المناهضة للتيجرايين في العاصمة أديس أبابا، عاد أدراجه إلى ميكيلي عاصمة تيجراي.
وعندما اندلعت الحرب في تيجراي في نوفمبر 2020، انضم إلى المقاومة المسلحة، ونحى جانباً خلافاته مع قادة الجبهة الآخرين، كما توافد الشباب للانضمام، مذعورين من الفظائع التي ارتكبت بحق شعبهم كما عاد قدامى المحاربين إلى حمل السلاح، بما في ذلك العديد ممن انشقوا عن الجبهة منذ سنوات.
ومن جانبها، أصدرت الحكومة الإثيوبية مذكرة توقيف بحق الجنرال تسادكان وغيره من قادة تيجراي واتهمتهم بالخيانة قائلة إنهم بدأوا الحرب بتنظيم هجوم على قواعد عسكرية فيدرالية في تيجراي.
إنجاز عسكري مذهل
وتم تنظيم المقاومة تحت راية قوات دفاع تيجراي (TDF) وتضم أعضاء جبهة تحرير شعب تيجراي وغيرهم، وجرت ترقية الجنرال تسادكان إلى منصب القيادة المركزية وتولى المسؤولية عن الشؤون العسكرية.
وفي يناير قال الجنرال: "كنا على وشك مواجهة الهزيمة الماحقة"، كنا فارين ومحاصرين بين تضاريس جبلية في جنوب تيجراي، وكان الكثير من مقاتلينا اليافعين يسيرون حفاة ولم يكن لديهم من الأسلحة سوى تلك التي تُحمل في اليد".
لكنهم تمكنوا من كسر الحصار، و فاجأوا القوات الإثيوبية والإريترية بهجوم مضاد شرس. ولم يذكر الجنرال تسادكان عدد مقاتلي الجبهة الذين قتلوا أو أصيبوا بجراح في القتال.
ولمدة أربعة أشهر متتالية، كانوا يتدربون وينظمون ويقاتلون في نفس الوقت، وبحلول مايو، رأى الجنرال تسادكان والقادة الآخرون أنهم حققوا التكافؤ مع خصومهم.