الخروج الآمن لمنظومة الفساد (2)
ما زلنا في تساؤلاتنا حول أسباب استمرار كبار الفاسدين، وكيفية خروجهم الآمن رغم اكتشاف فسادهم، بعد أن أوضحنا من قبل اتجاه الأدب والفن لإلقاء الضوء على تلك الحقيقة المؤلمة، وأن صانع الفساد الذي رمزنا له بـ"أبو الشرف" له صفات مميزة، فضلًا عن أسلوبه في اختيار وتكوين شبكة الفساد.
ويظهر على مسرح الفساد أعوان السوء، وقد أفردنا لهم من قبل عدة مقالات، وتتنوع مهامهم، فنجد بعضهم متميز ويباشر عدة مهام، مثل التطبيل وتلفيق الاتهامات للمحترمين العاملين بالمؤسسة، ولا بأس من عقد "مجلس المؤامرات" الذي يسمونه أحيانًا "لجنة الفحص"، أو تلك اللجنة المعنية بالمكائد والمؤامرات، ولا تتجاوز أربعة من هؤلاء الأعوان، يتبارون في إظهار الولاء للمدير وإظهار الخسة، والوضاعة ضد المحترمين.
ومن أهم مهام أعوان السوء "التجسس" على زملائهم، وترى هذا الناضورجي يسهر الليل ليتلصص على صفحات التواصل الاجتماعي "فيس بوك" للعاملين بالمؤسسسة ليأتي للمدير في الصباح بالخبر اليقين، ويرتفع ضغط المدير، فينعقد مجلس المؤامرات، ويصبح المدير الخلوق عصبيًا للغاية، وفي هذا الشأن يقول الأديب العراب أحمد خالد توفيق: لا يليق بالعلاقات المسمومة إلا البتر، ومُجاملة الأفاعي جريمة.
صفحات التواصل الاجتماعي
وقد يكون المدير محترمًا جدًا، ولا يحب المكافآت بلا جهد أو مشقة، ولكن "أبو الشرف" يعرف جيدًا كيف يُشبع رغباته وأمنياته المشروعة بشأن الافتتاحات وما شابه للنهوض بالمؤسسة، وهي ذات الفكرة التي يروجها "أبو الشرف" للمدير أو المديرة المحتملين أيضًا، فهو من يمسك "محبس الأموال" للصرف، والإنفاق على المشروعات التنموية بوصفه المسيطر على القطاع المالي وقد لا يعبأ المدير المحتمل أو المديرة بتحصيل المكافأت لأنه مشغول بأعباء العمل الجاد فقط.
وهنا يأتي دور فئتين، الأولى تختص بـ"التطبيل" ليغتر المدير بقراراته، حتى ولو كان القرار هو فتح الشباك أو غلقه، وتختص الفئة الثانية بإظهار المساويء في العاملين بالهيئة، والادعاءات الكاذبة على المحترمين، يجعلون من الحبة قبة، حتى يضيق صدر المدير، وتضيق معه الأرض بما رحبت، فتنقطع صلته بالهيئة ولا يرى سوى "أبو الشرف" الذي أحاط به كما يحيط السوار بالمعصم، وهنا تكتمل منظومة الفساد، خاصة وأن سجل الموردين أو المقاولين قد اُعِد بمعرفة "ابو الشرف" وأن هؤلاء المتعاقدين هم في الحقيقة شخص واحد يقدم العطاءات بأسعار متفاوتة، بينما لا يُخطر باقي الموردين المحترمين.
لجان المناقصات والمزايدات
ويكفي مدير أو مديرة المؤسسة كي يكون سلبيًا أن يُبقي على "أبو الشرف" وهو يعلم أن لجان المناقصات والمزايدات تشمل حفنة من اللصوص، ويكفيه أن يعرف أن "أبو الشرف" أحاطت به الشبهات ونطقت بها تقارير الجهات الرقابية، ونجد أعوانه من أعضاء مجلس المؤامرات يقولون "لم يثبت عليه شيء"، ماذا ينتظر المدير؟ أن تقتحم الشرطة مكتب "أبو الشرف" للقبض عليه متلبسًا؟
وتحسبًا لذلك، فقد رتب "أبو الشرف" الرد القانوني المُفحِم، أن توقيعه، هو توقيع إعتماد، والمسئولية على من عرض، ثم تشيع المسئوليات بين اللجان، ويحصل الجميع على البراءة، بعد أن اقتسموا المفاجآت، وحصل "ابو الشرف" على عمولته، وحصل صغار الفاسدين على الفتات، قبل أن يذهبوا للتحقيقات وقد حفظ كل منهم دفاعه، هذا إذا اكتشفت الواقعة، فقد أتقن ابو الشرف إخفاء السجلات والمستندات أو سرقتها.
فكرة الخروج الآمن
نحن اليوم لا نُعدد أساليب "أبو الشرف" وعصابته، ولا "مجلس المؤامرات" المنعقد بشكل دائم، وإنما نتحدث عن إجابة السؤال الذي تحدثنا عنه في البداية، إنها ببساطة فكرة "الخروج الآمن" لشبكة الفساد، وهنا يأتي دور المحترمين من مكافحي الفساد داخل كل مؤسسة، فلا بد لهم من قول الحق أمام كل مُرشح أو مرشحة لوظيفة قيادية، وأن يحذروهم من تلك الشبكة القذرة قبل أن ينزلق فيها، لأنها تذهب بالسمعة المحترمة التي أختيرت من اجلها تلك القيادة، وتجلب لها ولذويها العار اينما ذهبوا
وأرى الآن كل "أبو الشرف" في كل مؤسسة يضحك وهو يقرأ هذه العبارات، لأنه يعرف طبيعة المعركة، ولكني أقول له: لعلك تستعد لترمي شباكك القذرة على القيادة القادمة، ولكن هيهات، فقد تعاهد المحترمون على كشف جرائمكم ومحاسبة "مجلس المؤامرات" والمخبرين وصغار الفاسدين، حتى يختفي اللص والكلاب، والعرضحالجي، ولا تنسَّ "إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ".. وللحديث بقية
ويظهر على مسرح الفساد أعوان السوء، وقد أفردنا لهم من قبل عدة مقالات، وتتنوع مهامهم، فنجد بعضهم متميز ويباشر عدة مهام، مثل التطبيل وتلفيق الاتهامات للمحترمين العاملين بالمؤسسة، ولا بأس من عقد "مجلس المؤامرات" الذي يسمونه أحيانًا "لجنة الفحص"، أو تلك اللجنة المعنية بالمكائد والمؤامرات، ولا تتجاوز أربعة من هؤلاء الأعوان، يتبارون في إظهار الولاء للمدير وإظهار الخسة، والوضاعة ضد المحترمين.
ومن أهم مهام أعوان السوء "التجسس" على زملائهم، وترى هذا الناضورجي يسهر الليل ليتلصص على صفحات التواصل الاجتماعي "فيس بوك" للعاملين بالمؤسسسة ليأتي للمدير في الصباح بالخبر اليقين، ويرتفع ضغط المدير، فينعقد مجلس المؤامرات، ويصبح المدير الخلوق عصبيًا للغاية، وفي هذا الشأن يقول الأديب العراب أحمد خالد توفيق: لا يليق بالعلاقات المسمومة إلا البتر، ومُجاملة الأفاعي جريمة.
صفحات التواصل الاجتماعي
وقد يكون المدير محترمًا جدًا، ولا يحب المكافآت بلا جهد أو مشقة، ولكن "أبو الشرف" يعرف جيدًا كيف يُشبع رغباته وأمنياته المشروعة بشأن الافتتاحات وما شابه للنهوض بالمؤسسة، وهي ذات الفكرة التي يروجها "أبو الشرف" للمدير أو المديرة المحتملين أيضًا، فهو من يمسك "محبس الأموال" للصرف، والإنفاق على المشروعات التنموية بوصفه المسيطر على القطاع المالي وقد لا يعبأ المدير المحتمل أو المديرة بتحصيل المكافأت لأنه مشغول بأعباء العمل الجاد فقط.
وهنا يأتي دور فئتين، الأولى تختص بـ"التطبيل" ليغتر المدير بقراراته، حتى ولو كان القرار هو فتح الشباك أو غلقه، وتختص الفئة الثانية بإظهار المساويء في العاملين بالهيئة، والادعاءات الكاذبة على المحترمين، يجعلون من الحبة قبة، حتى يضيق صدر المدير، وتضيق معه الأرض بما رحبت، فتنقطع صلته بالهيئة ولا يرى سوى "أبو الشرف" الذي أحاط به كما يحيط السوار بالمعصم، وهنا تكتمل منظومة الفساد، خاصة وأن سجل الموردين أو المقاولين قد اُعِد بمعرفة "ابو الشرف" وأن هؤلاء المتعاقدين هم في الحقيقة شخص واحد يقدم العطاءات بأسعار متفاوتة، بينما لا يُخطر باقي الموردين المحترمين.
لجان المناقصات والمزايدات
ويكفي مدير أو مديرة المؤسسة كي يكون سلبيًا أن يُبقي على "أبو الشرف" وهو يعلم أن لجان المناقصات والمزايدات تشمل حفنة من اللصوص، ويكفيه أن يعرف أن "أبو الشرف" أحاطت به الشبهات ونطقت بها تقارير الجهات الرقابية، ونجد أعوانه من أعضاء مجلس المؤامرات يقولون "لم يثبت عليه شيء"، ماذا ينتظر المدير؟ أن تقتحم الشرطة مكتب "أبو الشرف" للقبض عليه متلبسًا؟
وتحسبًا لذلك، فقد رتب "أبو الشرف" الرد القانوني المُفحِم، أن توقيعه، هو توقيع إعتماد، والمسئولية على من عرض، ثم تشيع المسئوليات بين اللجان، ويحصل الجميع على البراءة، بعد أن اقتسموا المفاجآت، وحصل "ابو الشرف" على عمولته، وحصل صغار الفاسدين على الفتات، قبل أن يذهبوا للتحقيقات وقد حفظ كل منهم دفاعه، هذا إذا اكتشفت الواقعة، فقد أتقن ابو الشرف إخفاء السجلات والمستندات أو سرقتها.
فكرة الخروج الآمن
نحن اليوم لا نُعدد أساليب "أبو الشرف" وعصابته، ولا "مجلس المؤامرات" المنعقد بشكل دائم، وإنما نتحدث عن إجابة السؤال الذي تحدثنا عنه في البداية، إنها ببساطة فكرة "الخروج الآمن" لشبكة الفساد، وهنا يأتي دور المحترمين من مكافحي الفساد داخل كل مؤسسة، فلا بد لهم من قول الحق أمام كل مُرشح أو مرشحة لوظيفة قيادية، وأن يحذروهم من تلك الشبكة القذرة قبل أن ينزلق فيها، لأنها تذهب بالسمعة المحترمة التي أختيرت من اجلها تلك القيادة، وتجلب لها ولذويها العار اينما ذهبوا
وأرى الآن كل "أبو الشرف" في كل مؤسسة يضحك وهو يقرأ هذه العبارات، لأنه يعرف طبيعة المعركة، ولكني أقول له: لعلك تستعد لترمي شباكك القذرة على القيادة القادمة، ولكن هيهات، فقد تعاهد المحترمون على كشف جرائمكم ومحاسبة "مجلس المؤامرات" والمخبرين وصغار الفاسدين، حتى يختفي اللص والكلاب، والعرضحالجي، ولا تنسَّ "إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ".. وللحديث بقية