الداخل هو الأهم!
كان الابن الصغير
في غاية الشغف لأن يذهب مع أبيه الصياد ذات يوم في رحلة صيد إلى وسط البحر، وكان كل
أمله ورجائه أن يكون على متن القارب حينما يعود من رحلته اليومية قبل الغروب، بعدما
ظل سنوات عمره السابقة ينتظر فقط مجيئه إلى الشاطئ. وجاءت اللحظة التي
زف فيها الأب لابنه البشارة، وخرج القارب بعد شروق الشمس متجهًا إلى وسط البحر، وبداخله
جلس الفتى مع أبيه مشتاقًا ومتأهبًا لصنع تاريخه الخاص كصياد محترف.
وسارت الأمور في البداية طبيعية قبل أن تهب عاصفة شديدة أحالت السماء الصافية إلى كتلة من الغيوم والبرق والأمطار.. كان الأب يعمل بدأب ومهارة وشجاعة من أجل امتلاك زمام القارب والسيطرة عليه، لم يبد عليه أي جزع ولا خوف، لأن خبرته بأمور البحر ومروره بمواقف مشابهة سابقة وربما أكثر خطرًا، جعلته يتعامل مع الأمر بهدوء وجدية وحكمة.
إلا أن الابن الذي لم يتعود أن يكون في وسط العاصفة كان مضطربًا خائفًا حتى إنه لم يستطع أن يمنع نفسه من الذهاب إلى أبيه، وأن يبثه خوفه وذعره مرتعدًا: "المياه يا أبى توشك أن تغرقنا، إنها النهاية بلا شك"، فما كان من الأب إلا أن أمسك بكتف صغيره بقوة ونظر في عينيه وقال له: "تأكد يا بنى أن ماء البحر جميعه لن يستطيع إغراق قاربك، ما دام لم يصل إلى داخله".
قناعتنا الداخلية
نعم يا صديقى، فالداخل هو الأهم، حيث الجوهر والمنبع وأصل كل كيان. وفى الحياة كما في البحر تمامًا، تهب العاصفات وتزمجر بشدة، حتى نظنها جميعًا أنها ستقلب قارب حياتنا رأسًا على عقب، ولكن فقط الذي يحافظ على داخله صلبًا وقويًا وسليمًا هو الذي سينتصر ويستمر، بينما الخوف واستحضار الظنون والمخاوف والشك والأوهام، سيزلزلنا ويغرقنا قبل أن تغرقنا هموم الحياة وتحدياتها.
يتعجب الرافعى في رائعته الأدبية "وحى القلم" ممن يهتم بكل ما يتعلق بترتيبات المظهر الخارجى، ولكنه يترك الفوضى في قلبه ولا يضىء كشاف الضمير ويفتش في داخله فينظم ويرتب ويصلح ما يحتاج إلى ترتيب، وتنظيم، وإصلاح.. إن سلوكنا تجاه ما نلاقيه من الحياة يكون دافعه الرئيسى قناعتنا الداخلية، فما بالك إذا كانت هذه القناعات رثة ومهترئة وفارغة ومنهزمة؟!
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" متفق عليه. وتقول الحكمة الخالدة: لا يمتطى المجد.. من لم يركب الخطر، ومن يتهيب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفر.
حافظ دائمًا على داخلك صلبًا، متفائلًا، نقيًا، نظيفًا، ودع الحياة تأتيك بأقسى ما لديها، وحتمًا ستنتصر بإذن الله.
وسارت الأمور في البداية طبيعية قبل أن تهب عاصفة شديدة أحالت السماء الصافية إلى كتلة من الغيوم والبرق والأمطار.. كان الأب يعمل بدأب ومهارة وشجاعة من أجل امتلاك زمام القارب والسيطرة عليه، لم يبد عليه أي جزع ولا خوف، لأن خبرته بأمور البحر ومروره بمواقف مشابهة سابقة وربما أكثر خطرًا، جعلته يتعامل مع الأمر بهدوء وجدية وحكمة.
إلا أن الابن الذي لم يتعود أن يكون في وسط العاصفة كان مضطربًا خائفًا حتى إنه لم يستطع أن يمنع نفسه من الذهاب إلى أبيه، وأن يبثه خوفه وذعره مرتعدًا: "المياه يا أبى توشك أن تغرقنا، إنها النهاية بلا شك"، فما كان من الأب إلا أن أمسك بكتف صغيره بقوة ونظر في عينيه وقال له: "تأكد يا بنى أن ماء البحر جميعه لن يستطيع إغراق قاربك، ما دام لم يصل إلى داخله".
قناعتنا الداخلية
نعم يا صديقى، فالداخل هو الأهم، حيث الجوهر والمنبع وأصل كل كيان. وفى الحياة كما في البحر تمامًا، تهب العاصفات وتزمجر بشدة، حتى نظنها جميعًا أنها ستقلب قارب حياتنا رأسًا على عقب، ولكن فقط الذي يحافظ على داخله صلبًا وقويًا وسليمًا هو الذي سينتصر ويستمر، بينما الخوف واستحضار الظنون والمخاوف والشك والأوهام، سيزلزلنا ويغرقنا قبل أن تغرقنا هموم الحياة وتحدياتها.
يتعجب الرافعى في رائعته الأدبية "وحى القلم" ممن يهتم بكل ما يتعلق بترتيبات المظهر الخارجى، ولكنه يترك الفوضى في قلبه ولا يضىء كشاف الضمير ويفتش في داخله فينظم ويرتب ويصلح ما يحتاج إلى ترتيب، وتنظيم، وإصلاح.. إن سلوكنا تجاه ما نلاقيه من الحياة يكون دافعه الرئيسى قناعتنا الداخلية، فما بالك إذا كانت هذه القناعات رثة ومهترئة وفارغة ومنهزمة؟!
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" متفق عليه. وتقول الحكمة الخالدة: لا يمتطى المجد.. من لم يركب الخطر، ومن يتهيب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفر.
حافظ دائمًا على داخلك صلبًا، متفائلًا، نقيًا، نظيفًا، ودع الحياة تأتيك بأقسى ما لديها، وحتمًا ستنتصر بإذن الله.