وقت مراجعة كل الخطاب المتطرف
كانت شهادة محمد حسين
يعقوب كاشفة للفوضى العقلية والتنطع والتجرؤ على امتطاء المنابر بغير علم ومدى غياب
المؤسسة الدينية في التصدي لهذا الإفك وهو ما ترك فراغا وصمتا بدا وكأن الجميع ارتضوا
بهذا الجهل مما منح هؤلاء الدعاة شرعية التواجد ثم ما لبث أن قام بالرد عليهم خطاب علماني
أكثر جهلا واستفزازا لا تخلو من جهل أو انتهازية أو تصفية حسابات وثارات سياسية وأيديولوجية
لا تخفى على أحد وهو ما جلب تعاطف العامة لهم..
بمعنى أن هؤلاء العلمانيين أرادوا تكحيلها فأعموها خاصة بعد أن أصبح الطرفان نجوما في الفضائيات وتفرغ كل منهما للآخر لكي يشيعوا خبل إرضاع الكبير ونكاح الرضيعة والصغيرة دون سن البلوغ ونكاح الجهاد ومضاجعة الوداع. وسنوا تشريعات القتل التي تستند إلى فهمهم القاصر للنصوص.. والمشكلة الأخطر هي تصور يسود اليمين من أقصاه إلى أقصاه بجماعاته أنه هو الحامي للدين والمدافع عنه..
وجاء ذلك كرد فعل لما تطرحه الأطراف الأخرى من إنكار لتأثير الدين، بل نادى بعضهم برمي التراث كله في البحر. ولم تكن المشكلة في "النص/ التراث" ولكن في "فهم هؤلاء غير المتخصصين" للتراث فيظل معنى النص كما وضعه المؤلف في زمانه ومكانه "حيا" تتناقله الأجيال المتعاقبة، فإذا سئلنا عما يقصده النص التراثي، نردد بتلقائية ذات المعنى الذي كتبه مؤلفه منذ عشرات القرون.
الخطاب العلماني
ومن هنا خرج الجهاديون المسلحون والدواعش والخطاب الديني المعادي للحضارة والإنسان والعالم. فالتراث "مجني عليه".. وعلى التوازي كان هناك خطاب علماني متعالي وأكثر راح يخلط ثوابت العقيدة والمحكمات بالمتشابهات بدون علم أو تمحيص، وراح الطرفان يتهمان بعضهما البعض بالكفر والإلحاد والعمالة خاصة وأن خطاب البعض اعتمد علي كتابات المستشرقين القدامي الذين تم الرد عليهم..
حدث تشويه كبير لرموز فكرية وثقافية لكل من سعى للتصحيح وقام هذا التشويه في أغلبه، على السماع والتلقين وتناقل التشويه دون تمحيص أو قراءة وبدا أن كل تلك المعارك هي إعادة إنتاج لمعارك قديمة في المحتوي وإن اختلفت الأدوات والأوزان النسبية للمتعاركين، ومن يقرأ بتؤدة وتمهل قاسم أمين وطه حسين، على سبيل المثال، غاية ما سيجده من ملاحظات، تقع في دائرة الاختلاف، لا دائرة الضلال والاتهام بالعلمنة والزندقة. كما كانوا يزعمون وغابت المناظرات الفكرية الرصينة مثل تلك التي جرت بين محمود شاكر وأستاذه في الجامعة طه حسين عندما واجه الأول الأخير وأثبت له أن كتابه "الشعر الجاهلي" كان عملية سطو من المستشرق الإنجليزي "مرجليوث".
وعندما وصلت المسألة للتحقيق أجرى التحقيق وكيل النيابة محمد بك نور.. وكان المحضر "تحفة أدبية جمالية" يفترض تدريسها لطلاب كليات الآداب.. واجه فيها وكيل النيابة طه حسين وأثبت له بالأدلة "تزويره" في النصوص التي استند إليها بما فيها المصادر الفرنسية. وأقر طه حسين بذلك.. ثم أمر محمد نور بصرفه من سرايا النيابة "انتصارا لحرية الرأي" كان هذا في الماضي..
خطاب ديني متنوع
وهناك تفسيرات متعددة تحاول أن تحدد سبب ظهور هؤلاء الدعاة ربما يكون أحدها أن النظام السياسي وقتها كان بحاجة لطرح نمط جديد من الدعاة الجماهيريين يسحبون البساط من تحت أقدام الجماعات الراديكالية العنيفة وهناك أيضًا التفسير الذي يقول إن الأثرياء الجدد كانوا بحاجة إلى رجل دين يحلل الثروة ويؤكد لهم أنهم يمكنهم أن ينالوا الدنيا والآخرة إذا اتبعوا خطوات معينة، بغض النظر عن طرق جمع ثروتهم.
وهناك من يرى إنه بعد كارثة ٦٧ وهزيمة المشروع الناصري باتت الطبقةً الوسطي بلا مشروع ثقافي أو سياسي وباتت في فراغ وحيرة، وكان البديل هو الخطاب الديني المتنوع من الشيخ كشك إلي ياسين رشدي وانتهاء بعمرو خالد، وكان معظم هؤلاء الدعاة قد تلقى التعليم الديني خارج المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر)، والاعتماد على التعليم المباشر والتثقيف الذاتي أو على تلقي العلم من أحد الشيوخ في حلقات العلم.
أكبر هؤلاء تأثيرا هو أبو إسحق الحويني وقد منحه المفتونون به لقب أعلم علماء الدنيا في الحديث ومحدث العصر والدنيا وقد تخرج من كلية الألسن بتفوق من قسم اللغة الإسبانية ولزم محمد ناصر الدين الألباني الساعاتي حيث كان يعمل بتصليح الساعات شهرا كما قال ومن بعدها أصبح متخصصا في علم الحديث، والرمز الثاني الذي شكل العقل السلفي الدعوى هو محمد حسان وهو خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة ولم يتلق هو الآخر تعليما نظاميا في أحد مدارس العلم الديني، والثالث هو مصطفى العدوى مهندس ميكانيكا تخرج عام ١٩٧٧ وتلقى تعليمه الديني على يد مقبل بن هادي الوادعي اليمني الذي انتسب لجماعة جهيمان إبان تلقيه العلم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وفجأة اجتمع كل هولاء بفضل الفضائيات وراحوا يقدمون سطحيات لا تبني عقائد أو مجتمعات، ولا تستمر زمنا.
وفي ظني أنهم في طريق الانقراض لأن ما يبقي في الأرض هو ما ينفع الناس فقط. وهي فرصة لمراجعة كل الخطاب المتطرف من كل القبائل الفكرية خاصة في المساجد والكنائس والإعلام والسوشيال ميديا بمعنى أن كل فرد حر فيما يعتنقً ولكنه ليس حرا في استخدام المنصات العامة ليهرف بما يخرف.
بمعنى أن هؤلاء العلمانيين أرادوا تكحيلها فأعموها خاصة بعد أن أصبح الطرفان نجوما في الفضائيات وتفرغ كل منهما للآخر لكي يشيعوا خبل إرضاع الكبير ونكاح الرضيعة والصغيرة دون سن البلوغ ونكاح الجهاد ومضاجعة الوداع. وسنوا تشريعات القتل التي تستند إلى فهمهم القاصر للنصوص.. والمشكلة الأخطر هي تصور يسود اليمين من أقصاه إلى أقصاه بجماعاته أنه هو الحامي للدين والمدافع عنه..
وجاء ذلك كرد فعل لما تطرحه الأطراف الأخرى من إنكار لتأثير الدين، بل نادى بعضهم برمي التراث كله في البحر. ولم تكن المشكلة في "النص/ التراث" ولكن في "فهم هؤلاء غير المتخصصين" للتراث فيظل معنى النص كما وضعه المؤلف في زمانه ومكانه "حيا" تتناقله الأجيال المتعاقبة، فإذا سئلنا عما يقصده النص التراثي، نردد بتلقائية ذات المعنى الذي كتبه مؤلفه منذ عشرات القرون.
الخطاب العلماني
ومن هنا خرج الجهاديون المسلحون والدواعش والخطاب الديني المعادي للحضارة والإنسان والعالم. فالتراث "مجني عليه".. وعلى التوازي كان هناك خطاب علماني متعالي وأكثر راح يخلط ثوابت العقيدة والمحكمات بالمتشابهات بدون علم أو تمحيص، وراح الطرفان يتهمان بعضهما البعض بالكفر والإلحاد والعمالة خاصة وأن خطاب البعض اعتمد علي كتابات المستشرقين القدامي الذين تم الرد عليهم..
حدث تشويه كبير لرموز فكرية وثقافية لكل من سعى للتصحيح وقام هذا التشويه في أغلبه، على السماع والتلقين وتناقل التشويه دون تمحيص أو قراءة وبدا أن كل تلك المعارك هي إعادة إنتاج لمعارك قديمة في المحتوي وإن اختلفت الأدوات والأوزان النسبية للمتعاركين، ومن يقرأ بتؤدة وتمهل قاسم أمين وطه حسين، على سبيل المثال، غاية ما سيجده من ملاحظات، تقع في دائرة الاختلاف، لا دائرة الضلال والاتهام بالعلمنة والزندقة. كما كانوا يزعمون وغابت المناظرات الفكرية الرصينة مثل تلك التي جرت بين محمود شاكر وأستاذه في الجامعة طه حسين عندما واجه الأول الأخير وأثبت له أن كتابه "الشعر الجاهلي" كان عملية سطو من المستشرق الإنجليزي "مرجليوث".
وعندما وصلت المسألة للتحقيق أجرى التحقيق وكيل النيابة محمد بك نور.. وكان المحضر "تحفة أدبية جمالية" يفترض تدريسها لطلاب كليات الآداب.. واجه فيها وكيل النيابة طه حسين وأثبت له بالأدلة "تزويره" في النصوص التي استند إليها بما فيها المصادر الفرنسية. وأقر طه حسين بذلك.. ثم أمر محمد نور بصرفه من سرايا النيابة "انتصارا لحرية الرأي" كان هذا في الماضي..
خطاب ديني متنوع
وهناك تفسيرات متعددة تحاول أن تحدد سبب ظهور هؤلاء الدعاة ربما يكون أحدها أن النظام السياسي وقتها كان بحاجة لطرح نمط جديد من الدعاة الجماهيريين يسحبون البساط من تحت أقدام الجماعات الراديكالية العنيفة وهناك أيضًا التفسير الذي يقول إن الأثرياء الجدد كانوا بحاجة إلى رجل دين يحلل الثروة ويؤكد لهم أنهم يمكنهم أن ينالوا الدنيا والآخرة إذا اتبعوا خطوات معينة، بغض النظر عن طرق جمع ثروتهم.
وهناك من يرى إنه بعد كارثة ٦٧ وهزيمة المشروع الناصري باتت الطبقةً الوسطي بلا مشروع ثقافي أو سياسي وباتت في فراغ وحيرة، وكان البديل هو الخطاب الديني المتنوع من الشيخ كشك إلي ياسين رشدي وانتهاء بعمرو خالد، وكان معظم هؤلاء الدعاة قد تلقى التعليم الديني خارج المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر)، والاعتماد على التعليم المباشر والتثقيف الذاتي أو على تلقي العلم من أحد الشيوخ في حلقات العلم.
أكبر هؤلاء تأثيرا هو أبو إسحق الحويني وقد منحه المفتونون به لقب أعلم علماء الدنيا في الحديث ومحدث العصر والدنيا وقد تخرج من كلية الألسن بتفوق من قسم اللغة الإسبانية ولزم محمد ناصر الدين الألباني الساعاتي حيث كان يعمل بتصليح الساعات شهرا كما قال ومن بعدها أصبح متخصصا في علم الحديث، والرمز الثاني الذي شكل العقل السلفي الدعوى هو محمد حسان وهو خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة ولم يتلق هو الآخر تعليما نظاميا في أحد مدارس العلم الديني، والثالث هو مصطفى العدوى مهندس ميكانيكا تخرج عام ١٩٧٧ وتلقى تعليمه الديني على يد مقبل بن هادي الوادعي اليمني الذي انتسب لجماعة جهيمان إبان تلقيه العلم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وفجأة اجتمع كل هولاء بفضل الفضائيات وراحوا يقدمون سطحيات لا تبني عقائد أو مجتمعات، ولا تستمر زمنا.
وفي ظني أنهم في طريق الانقراض لأن ما يبقي في الأرض هو ما ينفع الناس فقط. وهي فرصة لمراجعة كل الخطاب المتطرف من كل القبائل الفكرية خاصة في المساجد والكنائس والإعلام والسوشيال ميديا بمعنى أن كل فرد حر فيما يعتنقً ولكنه ليس حرا في استخدام المنصات العامة ليهرف بما يخرف.
