السد الخفي بجوار سد النهضة وحل الأزمة
في هذا المقال سأسرد معلومات، وأقدم تحليلا
استرشاديا أظن أنه ما تطرق إليه سوى القليل جدا من المحللين والخبراء تخص سد النهضة
الإثيوبي، وأرجو أن يتحمل معي القارئ الكريم ما سأسرده حتى ينتهي المقال؛ لأن كل معلومة
ترتبط بالأخرى فلا جدوى من قراءة بعض المقال وترك الآخر، وأظن أن المقال سيحتوي على
معلومات جديدة على القارئ، وخطة استرشادية محتملة للخروج من مأزق سد النهضة في حالة
إن إثيوبيا استطاعت أن تحجز كمية ضخمة خلف السد..
فأي مساس بالسد ستغرق السودان، فما الحل العملي الذي نستطيع من خلاله إجبار إثيوبيا على عدم حجز كميات ضخمة من المياه، وفي نفس الوقت لا يتم هدم سد النهضة، وتغرق السودان، بداية أرجو من القارئ العزيز –حتى يتيقن بنفسه من المعلومات المقدمة – أن يفتح الانترنت على خرائط جوجل عبر الأقمار الصناعية، ويكتب في البحث "أثيوبيا سد النهضة"، سيرى بعينيه سد النهضة الإثيوبي الضخم، لكنه كذلك سيلاحظ على يمين ذلك السد وعلى بعد حوالي 6 كيلو مترات منه سدا آخر ضخم مقوس كأنه دودة ضخمة مقام بين جبلين لم يتطرق إليه الإعلام مع أنه مشيد مع سد النهضة!، وهو أطول من سد النهضة بنسبة كبيرة جدا.
فما هي قصة ذلك السد الغريب، دعنا نوضح حقيقة الأمر، بداية سد النهضة مقام على النيل الأزرق، ونحن نعلم أن طول النيل الأزرق 1550 كيلو مترا، ويمتد من إثيوبيا إلى السودان حيث يلتقي مع النيل الأبيض في شمال العاصمة الخرطوم ليصبحا نهرا واحدا هو نهر النيل الذي يمتد ليسير إلى مصر، ويشكل النيل الأزرق نسبة (80-85 %) من المياه المغذية لنهر النيل.
السد الخفي
وقد اتخذت إثيوبيا مكان سد النهضة ليكون مبتعدا عن السودان بحوالي 14 كيلو مترا وذلك لأسباب، منها أن هذه المنطقة يمر النيل الأزرق من خلالها من بين جبلين يسهل إقامة السد بينهما عليه، كما أن هذه المنطقة جبلية وبين الجبال توجد أرض منبسطة مما يسهل إقامة بحيرة على هذه الأرض لتخزين كمية ضخمة من المياه، وتكون الجبال جوانب هذه البحيرة، كما أن قرب هذه المنطقة من السودان يسهل عملية نقل الكهرباء للسودان وبيعها كما كان مأمولا قبل أن تستورد السودان الكهرباء من مصر .
المهم، بدأت إثيوبيا إنشاء السد بالفعل في هذه المنطقة على النيل الأزرق، فكان سد النهضة الأثيوبي سدا خرسانيا بعرض 1800 متر على النهر، وارتفاعه عن سطح قاع النهر الذي تود أن تصل إليه إثيوبيا هو 145 مترا، وهو السد الذي سيولد الكهرباء من خلال إنشاء التربينات وإقامة البوابات عليه، وتأمل إثيوبيا أن تخزن خلف هذا السد من خلال البحيرة التي تقام بين الجبال خلفه حوالي 70 مليار متر مكعب من المياه، لكن لو تم الاعتماد على هذا السد وحده فلن يستطيع تخزين خلفه سوى 25 مليار متر مكعب، وهذه الكمية من المياه تتحقق عندما يتم رفع السد الإثيوبي إلى ارتفاع 100 متر من القاع..
وهذه الكمية تؤثر تأثيرا جزئيا على مصر يمكن تجاوزه لكنها تأثر تأثيرا مدمرا على السودان؛ لأن هذه الكمية لو إنهار السد فجأة أو فتحت إثيوبيا جميع البوابات يمكن أن تغرق أجزاء كثيرة في السودان، كما أن تخزين هذه الكمية يعني عطش مناطق كثيرة في السودان وخروج بعض السدود السودانية من الخدمة وعدم زراعة آلاف الأفدنة، الأمر الذي يعني أن تكون السودان تحت رحمة إثيوبيا .
أرض سودانية
ولكن إثيوبيا لا تريد أن تكتفي بهذه الكمية من المياه، وتريد أن تخزن 70 مليار متر مكعب خلف هذا السد؛ لذلك تحتاج وقتها إلى تعلية سد النهضة أكثر من ارتفاع 100 متر ليكون مثلا ارتفاعه من قاع النهر حوالي 145 مترا، مما يجعل ذلك السد يحجز خلفه أكثر من 70 مليار متر مكعب، ووقتها سيكون ارتفاع منسوب المياه خلف السد وفي البحيرة التي تتكون خلف السد أعلى من 100 متر من القاع، وهنا ستأتي مشكلة كبيرة..
وهي أن هذه البحيرة الضخمة يساعد في وجودها إحاطتها بالجبال الشاهقة، لكن توجد نقطة منخفضة تجاه الشمال وبين جبلين، وعندما يرتفع منسوب المياه في هذه البحيرة ستتجه المياه مباشرة إلى النقطة المنخفضة، وهذه النقطة تبعد عن السودان بحوالي 6 كيلو متر، ووقتها ستتجه هذه المياه إلى السودان لتصب في نهر فرعي يتجه مباشرة للنيل؛ مما يجعل المياه ترجع للنيل مرة أخرى عن طريق السودان لتأتي لمصر؛ لذلك قررت إثيوبيا بناء سد آخر ليحجز هذه المياه أو جدار مصمت من الصخور بين الجبلين في المنطقة المنخفضة؛ ليمنع تدفق المياه للسودان عندما يرتفع منسوب البحيرة خلف سد النهضة، وبالفعل أنشأت إثيوبيا ذلك السد مع سد النهضة وفي التوقيت ذاته، حيث يبلغ طوله 5 كيلو متر وارتفاعه 50 مترا، وهو مع سد النهضة يمكن إثيوبيا من حجز مياه تبلغ 70 مليار متر مكعب، ولولا وجوده لما استطاعت إثيوبيا أن تحجز سوى كمية 25 مليار متر مكعب .
وهذا السد الذي لا يلتفت إليه الإعلام، ولا نرى له ذكر في المفاوضات هو ما يمكن استغلاله في حل المشكلة، حيث يستطيع السودان استعادة هذا الجزء المبني عليه الجدار لأنه في الحقيقة أرض سودانية في بني شنقول بموجب اتفاقية 1902 بين السودان وإثيوبيا، ولا يبعد عن السودان سوى 6 كيلو متر، وبذلك لن تتمكن إثيوبيا من تخزين أكثر من 25 مليار خلف سد النهضة، كما تستطيع السودان سحب معظم المياه الفائضة إلى أراضيها لو عمقت ترعة في هذا المنطقة، وبالتالي لن يكون هناك خطر على السودان من المياه المخزنة خلف سد النهضة، ولن تتمكن إثيوبيا من وقف ذلك السحب لأنها لن تستطيع أن تبني جدارا آخر في المنطقة لوعورة الأرض في غير منطقة الجدار، وبذلك تتفادى مصر والسودان آثار سد النهضة، وفي الوقت ذاته تفرغ السد من مضمونه مع السيطرة التامة على المياه خلف سد النهضة .
فأي مساس بالسد ستغرق السودان، فما الحل العملي الذي نستطيع من خلاله إجبار إثيوبيا على عدم حجز كميات ضخمة من المياه، وفي نفس الوقت لا يتم هدم سد النهضة، وتغرق السودان، بداية أرجو من القارئ العزيز –حتى يتيقن بنفسه من المعلومات المقدمة – أن يفتح الانترنت على خرائط جوجل عبر الأقمار الصناعية، ويكتب في البحث "أثيوبيا سد النهضة"، سيرى بعينيه سد النهضة الإثيوبي الضخم، لكنه كذلك سيلاحظ على يمين ذلك السد وعلى بعد حوالي 6 كيلو مترات منه سدا آخر ضخم مقوس كأنه دودة ضخمة مقام بين جبلين لم يتطرق إليه الإعلام مع أنه مشيد مع سد النهضة!، وهو أطول من سد النهضة بنسبة كبيرة جدا.
فما هي قصة ذلك السد الغريب، دعنا نوضح حقيقة الأمر، بداية سد النهضة مقام على النيل الأزرق، ونحن نعلم أن طول النيل الأزرق 1550 كيلو مترا، ويمتد من إثيوبيا إلى السودان حيث يلتقي مع النيل الأبيض في شمال العاصمة الخرطوم ليصبحا نهرا واحدا هو نهر النيل الذي يمتد ليسير إلى مصر، ويشكل النيل الأزرق نسبة (80-85 %) من المياه المغذية لنهر النيل.
السد الخفي
وقد اتخذت إثيوبيا مكان سد النهضة ليكون مبتعدا عن السودان بحوالي 14 كيلو مترا وذلك لأسباب، منها أن هذه المنطقة يمر النيل الأزرق من خلالها من بين جبلين يسهل إقامة السد بينهما عليه، كما أن هذه المنطقة جبلية وبين الجبال توجد أرض منبسطة مما يسهل إقامة بحيرة على هذه الأرض لتخزين كمية ضخمة من المياه، وتكون الجبال جوانب هذه البحيرة، كما أن قرب هذه المنطقة من السودان يسهل عملية نقل الكهرباء للسودان وبيعها كما كان مأمولا قبل أن تستورد السودان الكهرباء من مصر .
المهم، بدأت إثيوبيا إنشاء السد بالفعل في هذه المنطقة على النيل الأزرق، فكان سد النهضة الأثيوبي سدا خرسانيا بعرض 1800 متر على النهر، وارتفاعه عن سطح قاع النهر الذي تود أن تصل إليه إثيوبيا هو 145 مترا، وهو السد الذي سيولد الكهرباء من خلال إنشاء التربينات وإقامة البوابات عليه، وتأمل إثيوبيا أن تخزن خلف هذا السد من خلال البحيرة التي تقام بين الجبال خلفه حوالي 70 مليار متر مكعب من المياه، لكن لو تم الاعتماد على هذا السد وحده فلن يستطيع تخزين خلفه سوى 25 مليار متر مكعب، وهذه الكمية من المياه تتحقق عندما يتم رفع السد الإثيوبي إلى ارتفاع 100 متر من القاع..
وهذه الكمية تؤثر تأثيرا جزئيا على مصر يمكن تجاوزه لكنها تأثر تأثيرا مدمرا على السودان؛ لأن هذه الكمية لو إنهار السد فجأة أو فتحت إثيوبيا جميع البوابات يمكن أن تغرق أجزاء كثيرة في السودان، كما أن تخزين هذه الكمية يعني عطش مناطق كثيرة في السودان وخروج بعض السدود السودانية من الخدمة وعدم زراعة آلاف الأفدنة، الأمر الذي يعني أن تكون السودان تحت رحمة إثيوبيا .
أرض سودانية
ولكن إثيوبيا لا تريد أن تكتفي بهذه الكمية من المياه، وتريد أن تخزن 70 مليار متر مكعب خلف هذا السد؛ لذلك تحتاج وقتها إلى تعلية سد النهضة أكثر من ارتفاع 100 متر ليكون مثلا ارتفاعه من قاع النهر حوالي 145 مترا، مما يجعل ذلك السد يحجز خلفه أكثر من 70 مليار متر مكعب، ووقتها سيكون ارتفاع منسوب المياه خلف السد وفي البحيرة التي تتكون خلف السد أعلى من 100 متر من القاع، وهنا ستأتي مشكلة كبيرة..
وهي أن هذه البحيرة الضخمة يساعد في وجودها إحاطتها بالجبال الشاهقة، لكن توجد نقطة منخفضة تجاه الشمال وبين جبلين، وعندما يرتفع منسوب المياه في هذه البحيرة ستتجه المياه مباشرة إلى النقطة المنخفضة، وهذه النقطة تبعد عن السودان بحوالي 6 كيلو متر، ووقتها ستتجه هذه المياه إلى السودان لتصب في نهر فرعي يتجه مباشرة للنيل؛ مما يجعل المياه ترجع للنيل مرة أخرى عن طريق السودان لتأتي لمصر؛ لذلك قررت إثيوبيا بناء سد آخر ليحجز هذه المياه أو جدار مصمت من الصخور بين الجبلين في المنطقة المنخفضة؛ ليمنع تدفق المياه للسودان عندما يرتفع منسوب البحيرة خلف سد النهضة، وبالفعل أنشأت إثيوبيا ذلك السد مع سد النهضة وفي التوقيت ذاته، حيث يبلغ طوله 5 كيلو متر وارتفاعه 50 مترا، وهو مع سد النهضة يمكن إثيوبيا من حجز مياه تبلغ 70 مليار متر مكعب، ولولا وجوده لما استطاعت إثيوبيا أن تحجز سوى كمية 25 مليار متر مكعب .
وهذا السد الذي لا يلتفت إليه الإعلام، ولا نرى له ذكر في المفاوضات هو ما يمكن استغلاله في حل المشكلة، حيث يستطيع السودان استعادة هذا الجزء المبني عليه الجدار لأنه في الحقيقة أرض سودانية في بني شنقول بموجب اتفاقية 1902 بين السودان وإثيوبيا، ولا يبعد عن السودان سوى 6 كيلو متر، وبذلك لن تتمكن إثيوبيا من تخزين أكثر من 25 مليار خلف سد النهضة، كما تستطيع السودان سحب معظم المياه الفائضة إلى أراضيها لو عمقت ترعة في هذا المنطقة، وبالتالي لن يكون هناك خطر على السودان من المياه المخزنة خلف سد النهضة، ولن تتمكن إثيوبيا من وقف ذلك السحب لأنها لن تستطيع أن تبني جدارا آخر في المنطقة لوعورة الأرض في غير منطقة الجدار، وبذلك تتفادى مصر والسودان آثار سد النهضة، وفي الوقت ذاته تفرغ السد من مضمونه مع السيطرة التامة على المياه خلف سد النهضة .
