يوليو الأسود.. 4 أسباب وراء استنزاف جيوب الغلابة.. وجودة عبد الخالق: ضعف آليات الرقابة سلاح التجار في رفع الأسعار
مع اقتراب شهر يوليو من كل عام، وبداية العام المالي الجديد.. يتحسس المصريون جيوبهم، ويضعون أيديهم على قلوبهم؛ خوفًا من حزمة قرارات طائشة تصنع موجة من الغلاء، تثقل كواهلهم، وتضاعِف أعباءهم.
قد تكون الحكومة أحسنت صُنعًا بإصدار بيان تطميني، نفت خلاله ارتفاع أسعار 90 سلعة خلال أيام، ولكن سوابق الحكومة أثبتت أنها لا تقول الصدق دائمًا، وأنها قد تلجأ للمناورات مع المواطنين، حتى تصعقهم، على حين غفلة، بموجة غلاء، تجعل الحكيم منهم حيران، وتفقد الرشيد عقله.
الأيام الماضية شهدت زحزحة في أسعار اللحوم والدواجن والبيض، بنسب غير محدودة، حتى كسرت كرتونة البيض حاجز الخمسين جنيهًا، وهو ما ضاعف هواجس المواطنين من قفزات أخرى تشمل خدمات وسلعًا أساسية، كما تتسبب تصريحات وزراء الحكومة الاقتصادية في إثارة مخاوف الرأي العام، لا سيما أن الحل الأسرع والأسهل دائمًا عند الحكومة يكون فرمانًا بزيادة الأسعار، كما إن جشع التجار، مع ضعف آليات الرقابة، يبقي سببًا رئيسًا في تفاقم الأزمة.
ومع الحديث عن ارتفاع سعر برميل البترول عالميًا واقترابه من الثمانين دولارًا خلال فترة قصيرة، فإن الخوف من موجة غلاء محتملة يبدو منطقيًا، لا سيما أن الطفرة في أسعار الوقود ترتد بعنف على جيوب الغلابة والفقراء والمعدومين ومحدودي الدخل، وهم يمثلون النسبة الأكبر في مجتمع يعاني ويلات الفقر والعوز، ولم تنجح برامج الحماية الاجتماعية، التي تنفذها الحكومة على كثرتها، في احتواء الفقر ونزع مخالبه.
وفي هذا الملف..تفتح "فيتو" حوارًا مجتمعيًا مع نخبة من الاقتصاديين والسياسيين حول هذه الإشكالية بتداعياتها وتأثيراتها الضارية، وسبل التعامل معها..
تحريك الأسعار
ويتوقع اقتصاديون تحريكًا للأسعار خلال نهاية الشهر الجاري، مع بداية عام مالي جديد، مؤكدين أن لجوء الحكومة لرفع الأسعار، بوتيرة متسارعة، ينهك المواطن، ويقل كاهله، ويدخله في دائرة مغلقة.
الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووزير التموين الأسبق يرى أن ارتفاع الأسعار المحتمل حدوثه فى يوليو المقبل، له 4 أسباب، هى: العجز المالى، ويمول عن طريق طبع البنكنوت وينتج عن ذلك وجود نقود كثيرة وسلع قليلة فترتفع الأسعار.
والسبب الثانى: ضعف آليات الرقابة على الأسواق من جانب جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، والسبب الثالث: توقعات الأفراد بزيادة الأسعار فيكون الإقبال على الشراء فترتفع الأسعار تلقائيًان والسبب الرابع: ارتفاع تكاليف الإنتاج.
العجز النقدي
عبد الخالق تحدث عن السبب الأول قائلاً: نحن لدينا عجز نقدى فى الموازنة العامة ٤٧٥مليار جنيه، والإيرادات 1.4 تريليون جنية والمصروفات 1.8 تريليون جنية والفارق هنا ٤٠٠ مليار جنيه وتسديد العجز النقدى يكون عن طريق إصدار أوراق مالية فى صورة سندات، فينتج عنها نقود كثيرة وسلع قليلة يترتب عليه ارتفاع الأسعار.
وأكد جودة أن آليات الرقابة من جانب قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رغم التعديلات التى أدخلت على القانون غائبة، أما ما يتعلق بتوقيت الأفراد زيادة الأسعار فإن التجار يرفعونها مع شهر يوليو شهر كل عام إضافة العلاوات وزيادة المرتبات وبالتالي يقومون برفع الأسعار.
أضف إلى ذلك تكاليف الإنتاج، فموضوع الموازنة العامة به إجراءات بزيادة الرسوم على السلع والخدمات مثل ضريبة القيمة المضافة 14% التي يتحملها المواطن وينتج عنها زيادة التضخم.
وأشار إلى أن الأزمة تكمن فى ٤٧٥ مليارا التي تمثل الفارق بين المصروفات والإيرادات، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات لتخفيض المصروفات وتحديد الأولويات، ولو بنسبة 10% بما يعادل 184مليار، وهو ما يعادل نصف الأجور وتعويض العاملين وأيضا يمكن فرض ضريبة على تعاملات البورصة.
وهذا معمول به فى كل الدول الإسلامية، وهناك إيرادات أخرى، يمكن تحصيلها من صناعة تجميع السيارات التى يحصل أصحابها على ضريبة مخفضة ويجنون أرباح طائلة.
موجة غلاء
من جانبه.. قال كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، إن حدوث موجة غلاء للأسعار مع بداية شهر يوليو المقبل أمر وارد بدرجة كبيرة مع إقرار الزيادات التى تحدث فى المرتبات، وهو الأمر الذى يجعل المواطن لا يشعر بأي زيادة فى دخله، بل على العكس يشعر بتقلص دخله.
وهنا لا بد أن تواكب الزيادة فى المرتبات الزيادة التى تحدث فى الأسعار، وعلى المجلس القومى للأجور "الحاضر الغائب"، أن يرعى تعديل الأجور وفقا لمعدلات التضخم التى يحددها البنك المركزي، ووضع قاعدة لزيادة الأجور طبقا لزيادة الأسعار.
أضاف أبو عيطة أن زيادة الأسعار فى هذا التوقيت من كل عام له تداعيات سلبية على الاستقرار المعيشى للمواطن؛ لأن الزيادة فى الأسعار لا تكون بنفس قيمة الزيادة فى الأجور خاصة فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية.
وبالتالى سيترتب عليها زيادة معدلات الفقر وتصحيح هذا الوضع لا يحتاج إلى تعديل تشريعى؛ لأن هذا الأمر موجود فى المجلس القومى للأجور، مؤكدًا أن هناك حلولاً يجب على الحكومة اتخاذها بعيدا عن جيوب المصريين، أهمها: تفعيل المواد المعدلة فى الدستور.
ومنها الضريبة التصاعدية؛ لأنه فى حال تفعيلها لن تمد اليد لجيوب الفقراء بدليل تزايد أعداد المتسولين، بالإضافة إلى ذلك فإن الدولة مطالبة بوضع خطط لتحقيق طفرة اقتصادية تنعكس آثارها على المواطن من خلال زيادة الإنتاج الزراعى وهى الفريضة الغائبة رغم أنها يمكن عن طريقها خفض الاستيراد وتوفير عملة صعبة إلى جانب التصدير وحصد عملات صعبة للبلد، خاصة أن أزمة كورونا تسببت فى جلوس العديد من العمالة البسيطة بمنازلهم.
وطالب بضرورة قيام الحكومة باستحداث مهن جديدة للحد من البطالة وزيادة دخل المواطن إلى جانب تشغيل المصانع لزيادة الإنتاج الصناعى، خاصة أن توقف حركة البناء الفترة الماضية أضرت بدخول العديد من أصحاب الحرف، أضف إلى ذلك زيادة الأسعار لن يتم وضع حد لها إلا من خلال تفعيل الدور الرقابى على الأسواق وجشع التجار لمنع استغلال المواطن.
جشع التجار
الدكتور أحمد سمير صالح، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب يرى أن وجود موجة غلاء محتملة فى يوليو القادم أمر وارد نتيجة جشع بعض التجار ومحاولة الاستيلاء على أي زيادة فى مرتبات المواطن مع السنه المالية الجديدة وهنا لا بد أن يعرف التجار أن زيادة الأسعار تخلق نوعا من التضخم غير الحقيقى، الأمر الذى يترتب عليه ظهور مؤشرات لدى البنك المركزى يكون تأثيرها سلبى على التاجر والمواطن معا.
وأضاف: هذا التلاعب فى الأسعار وزيادتها يؤثر بالسلب على المواطن، خاصة محدود الدخل، خاصة السلع الخدمية مثل الكهرباء والغاز والمياه والمواصلات.
وهذه كلها أشياء يستخدمها المواطن سواء ذات الدخول المرتفعة أو المنخفضة مما يؤثر على أصحاب الدخول المنخفضة بالسلب، وبالتالى يجب على الحكومة وضع برامج حمائية للبسطاء ومحدودى الدخل من خلال العمل على زيادة الإنتاج باعتباره الوسيلة الوحيدة التى ستؤدى إلى تحسين الدخول وعدم شعور المواطن بالتأثر في دخله، وإلى جانب زيادة الإنتاج لا بد من توفير الدولة منافذ لتسويقه.
نقلًا عن العدد الورقي...،
قد تكون الحكومة أحسنت صُنعًا بإصدار بيان تطميني، نفت خلاله ارتفاع أسعار 90 سلعة خلال أيام، ولكن سوابق الحكومة أثبتت أنها لا تقول الصدق دائمًا، وأنها قد تلجأ للمناورات مع المواطنين، حتى تصعقهم، على حين غفلة، بموجة غلاء، تجعل الحكيم منهم حيران، وتفقد الرشيد عقله.
الأيام الماضية شهدت زحزحة في أسعار اللحوم والدواجن والبيض، بنسب غير محدودة، حتى كسرت كرتونة البيض حاجز الخمسين جنيهًا، وهو ما ضاعف هواجس المواطنين من قفزات أخرى تشمل خدمات وسلعًا أساسية، كما تتسبب تصريحات وزراء الحكومة الاقتصادية في إثارة مخاوف الرأي العام، لا سيما أن الحل الأسرع والأسهل دائمًا عند الحكومة يكون فرمانًا بزيادة الأسعار، كما إن جشع التجار، مع ضعف آليات الرقابة، يبقي سببًا رئيسًا في تفاقم الأزمة.
ومع الحديث عن ارتفاع سعر برميل البترول عالميًا واقترابه من الثمانين دولارًا خلال فترة قصيرة، فإن الخوف من موجة غلاء محتملة يبدو منطقيًا، لا سيما أن الطفرة في أسعار الوقود ترتد بعنف على جيوب الغلابة والفقراء والمعدومين ومحدودي الدخل، وهم يمثلون النسبة الأكبر في مجتمع يعاني ويلات الفقر والعوز، ولم تنجح برامج الحماية الاجتماعية، التي تنفذها الحكومة على كثرتها، في احتواء الفقر ونزع مخالبه.
وفي هذا الملف..تفتح "فيتو" حوارًا مجتمعيًا مع نخبة من الاقتصاديين والسياسيين حول هذه الإشكالية بتداعياتها وتأثيراتها الضارية، وسبل التعامل معها..
تحريك الأسعار
ويتوقع اقتصاديون تحريكًا للأسعار خلال نهاية الشهر الجاري، مع بداية عام مالي جديد، مؤكدين أن لجوء الحكومة لرفع الأسعار، بوتيرة متسارعة، ينهك المواطن، ويقل كاهله، ويدخله في دائرة مغلقة.
الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووزير التموين الأسبق يرى أن ارتفاع الأسعار المحتمل حدوثه فى يوليو المقبل، له 4 أسباب، هى: العجز المالى، ويمول عن طريق طبع البنكنوت وينتج عن ذلك وجود نقود كثيرة وسلع قليلة فترتفع الأسعار.
والسبب الثانى: ضعف آليات الرقابة على الأسواق من جانب جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، والسبب الثالث: توقعات الأفراد بزيادة الأسعار فيكون الإقبال على الشراء فترتفع الأسعار تلقائيًان والسبب الرابع: ارتفاع تكاليف الإنتاج.
العجز النقدي
عبد الخالق تحدث عن السبب الأول قائلاً: نحن لدينا عجز نقدى فى الموازنة العامة ٤٧٥مليار جنيه، والإيرادات 1.4 تريليون جنية والمصروفات 1.8 تريليون جنية والفارق هنا ٤٠٠ مليار جنيه وتسديد العجز النقدى يكون عن طريق إصدار أوراق مالية فى صورة سندات، فينتج عنها نقود كثيرة وسلع قليلة يترتب عليه ارتفاع الأسعار.
وأكد جودة أن آليات الرقابة من جانب قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رغم التعديلات التى أدخلت على القانون غائبة، أما ما يتعلق بتوقيت الأفراد زيادة الأسعار فإن التجار يرفعونها مع شهر يوليو شهر كل عام إضافة العلاوات وزيادة المرتبات وبالتالي يقومون برفع الأسعار.
أضف إلى ذلك تكاليف الإنتاج، فموضوع الموازنة العامة به إجراءات بزيادة الرسوم على السلع والخدمات مثل ضريبة القيمة المضافة 14% التي يتحملها المواطن وينتج عنها زيادة التضخم.
وأشار إلى أن الأزمة تكمن فى ٤٧٥ مليارا التي تمثل الفارق بين المصروفات والإيرادات، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات لتخفيض المصروفات وتحديد الأولويات، ولو بنسبة 10% بما يعادل 184مليار، وهو ما يعادل نصف الأجور وتعويض العاملين وأيضا يمكن فرض ضريبة على تعاملات البورصة.
وهذا معمول به فى كل الدول الإسلامية، وهناك إيرادات أخرى، يمكن تحصيلها من صناعة تجميع السيارات التى يحصل أصحابها على ضريبة مخفضة ويجنون أرباح طائلة.
موجة غلاء
من جانبه.. قال كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، إن حدوث موجة غلاء للأسعار مع بداية شهر يوليو المقبل أمر وارد بدرجة كبيرة مع إقرار الزيادات التى تحدث فى المرتبات، وهو الأمر الذى يجعل المواطن لا يشعر بأي زيادة فى دخله، بل على العكس يشعر بتقلص دخله.
وهنا لا بد أن تواكب الزيادة فى المرتبات الزيادة التى تحدث فى الأسعار، وعلى المجلس القومى للأجور "الحاضر الغائب"، أن يرعى تعديل الأجور وفقا لمعدلات التضخم التى يحددها البنك المركزي، ووضع قاعدة لزيادة الأجور طبقا لزيادة الأسعار.
أضاف أبو عيطة أن زيادة الأسعار فى هذا التوقيت من كل عام له تداعيات سلبية على الاستقرار المعيشى للمواطن؛ لأن الزيادة فى الأسعار لا تكون بنفس قيمة الزيادة فى الأجور خاصة فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية.
وبالتالى سيترتب عليها زيادة معدلات الفقر وتصحيح هذا الوضع لا يحتاج إلى تعديل تشريعى؛ لأن هذا الأمر موجود فى المجلس القومى للأجور، مؤكدًا أن هناك حلولاً يجب على الحكومة اتخاذها بعيدا عن جيوب المصريين، أهمها: تفعيل المواد المعدلة فى الدستور.
ومنها الضريبة التصاعدية؛ لأنه فى حال تفعيلها لن تمد اليد لجيوب الفقراء بدليل تزايد أعداد المتسولين، بالإضافة إلى ذلك فإن الدولة مطالبة بوضع خطط لتحقيق طفرة اقتصادية تنعكس آثارها على المواطن من خلال زيادة الإنتاج الزراعى وهى الفريضة الغائبة رغم أنها يمكن عن طريقها خفض الاستيراد وتوفير عملة صعبة إلى جانب التصدير وحصد عملات صعبة للبلد، خاصة أن أزمة كورونا تسببت فى جلوس العديد من العمالة البسيطة بمنازلهم.
وطالب بضرورة قيام الحكومة باستحداث مهن جديدة للحد من البطالة وزيادة دخل المواطن إلى جانب تشغيل المصانع لزيادة الإنتاج الصناعى، خاصة أن توقف حركة البناء الفترة الماضية أضرت بدخول العديد من أصحاب الحرف، أضف إلى ذلك زيادة الأسعار لن يتم وضع حد لها إلا من خلال تفعيل الدور الرقابى على الأسواق وجشع التجار لمنع استغلال المواطن.
جشع التجار
الدكتور أحمد سمير صالح، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب يرى أن وجود موجة غلاء محتملة فى يوليو القادم أمر وارد نتيجة جشع بعض التجار ومحاولة الاستيلاء على أي زيادة فى مرتبات المواطن مع السنه المالية الجديدة وهنا لا بد أن يعرف التجار أن زيادة الأسعار تخلق نوعا من التضخم غير الحقيقى، الأمر الذى يترتب عليه ظهور مؤشرات لدى البنك المركزى يكون تأثيرها سلبى على التاجر والمواطن معا.
وأضاف: هذا التلاعب فى الأسعار وزيادتها يؤثر بالسلب على المواطن، خاصة محدود الدخل، خاصة السلع الخدمية مثل الكهرباء والغاز والمياه والمواصلات.
وهذه كلها أشياء يستخدمها المواطن سواء ذات الدخول المرتفعة أو المنخفضة مما يؤثر على أصحاب الدخول المنخفضة بالسلب، وبالتالى يجب على الحكومة وضع برامج حمائية للبسطاء ومحدودى الدخل من خلال العمل على زيادة الإنتاج باعتباره الوسيلة الوحيدة التى ستؤدى إلى تحسين الدخول وعدم شعور المواطن بالتأثر في دخله، وإلى جانب زيادة الإنتاج لا بد من توفير الدولة منافذ لتسويقه.
نقلًا عن العدد الورقي...،