في ذكرى ميلاد هدى شعراوي.. رائدة الحركة النسائية.. ولدت في عائلة أرستقراطية ودافعت عن حقوق النساء الأشراف.. ورفضت زواج ابنها من مطربة
هدى شعراوي "هانم بنت باشا"، ابنة عائلة أرستقراطية وإقطاعية ووالدها "محمد سلطان باشا" وزوجها على شعراوى باشا، الذى لعب دورا فى ثورة 1919 مع الزعيم سعد زغلول، استطاعت أن تسطر تاريخها بحروف من نور بالدفاع عن المرأة وحقوقها، تحل اليوم ذكرى ميلادها.
شاركت هدى شعراوي في الكثير من المظاهرات النسائية، ونادت بتحرير المرأة، وأنشأت الاتحاد النسائي المصري، كما أسست جمعية لرعاية الأطفال، وعقدت منتديات وكتبت مقالات تدعو إلى قيام المرأة بأدوار تتجاوز نطاق الأسرة؛ تدافع عن حقها في التعليم والعمل.
كثرت البحوث والمقالات التي تناولت حياة هدى شعراوي، ورغم ذلك لا تزال الوثائق الخاصة تخبئ جوانب مهمة من شخصيتها، وأهمها على الإطلاق وثائق أوقافها الأهلية والخيرية التي ترجع بدايات ظهورها إلى سنة 1351هـ -1932م، وتستمر في الظهور إلى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، ولا تزال آثارها باقية إلى اليوم.
هذه الوثائق تكشف عن أن «هدى شعراوي» كانت «قدوة حسنة في العمل الخيري الوقفي»، وكانت أيضاً من طبقة كبار الملاك، أو من «كبار الإقطاعيين»، بحسب الوصف السياسي الذي ساد بعد ثورة يوليو 1952م، كما تكشف عن أن سلوكها الاجتماعي والاقتصادي كان محافظاً وملتزماً شأنها شأن أغلب كبار الملاك أو الإقطاعيين، في حين أن سلوكها السياسي كان ثورياً كما هو معلوم من مشاركتها الفاعلة إبان الثورة المصرية سنة 1919م وقيادتها الحركة النسائية المصرية والعربية.
هذه الازدواجية هي من المسائل التي لا تزال تثير الفضول البحثي، ولا تزال تدعو إلى الاجتهاد في تفسيرها، وفي معرفة آثارها على المجال العام وقضاياه التي أسهم هؤلاء -من الرجال والنساء- في صناعته خلال ذلك العهد، وترك بصمات لا تزال قائمة إلى اليوم في الشخصية المصرية.
خلع النقاب
هدى شعراوي أول من خلعت النقاب وكشفت عن وجهها في سنة 1921 أثناء استقبال المصريين الحاشد لسعد زغلول بعد عودته من المنفى.
تقول في مذكراتها: “رفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي سيزا نبراوي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه.. تلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافر لأول مرة بين الجموع، فلم نجد له تأثيرا أبدا، لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته”.
تقول في مذكراتها: “رفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي سيزا نبراوي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه.. تلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافر لأول مرة بين الجموع، فلم نجد له تأثيرا أبدا، لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته”.
رفض زوجة الابن
الراحلة رفضت زواج ابنها من المطربة فاطمة سرى، واعتبرته إهانة لها ولعائلتها الأرستقراطية، وأنكرت حفيدها منها، حيث تحكى د. آمال السبكى أستاذ التاريخ المعاصر ووكيل كلية الآداب بجامعة بنها ومؤلفة كتاب "الحركة النسائية فى مصر بين الثورتين"، القصة قائلة: إن هدى شعراوى كانت قد أقامت حفلاً كبيراً، وفى الحفل شاهد ابنها محمد شعراوى المطربة "فاطمة سرى"، التى أحيت الحفل، فأعجب بها ووقع فى حبها ثم تزوجها عرفيا وبعد ذلك أنجبت منه طفلة، إلا أن هدى شعراوى رفضت هذا الأمر، وأنكرت نسب الحفيدة وضغطت عليها بأنها ستلفق لها ملفا سريا فى شرطة الآداب يتهمها بالدعارة، لكن فاطمة سرى وقفت بقوة ودافعت عن ابنتها حتى صدر حكم قضائى بثبوت نسب الطفلة لعائلة هدى شعراوى.
اعتبرت شعراوى أن زواج ابنها الباشا من فنانة أو "آلاتية" أمر يسىء لها ولعائلتها، لأن الفنانات حينها كان ينظر إليهن المجتمع نظرة دونية، ومعظمهن لا يعرفن "فك الخط".
النساء الأشراف
هدى شعراوى طبقية وأرستقراطية حتى فى دفاعها عن حقوق المرأة، بحسب ما أكدت د. آمال السبكى، فكانت تطالب دائماً بحقوق نساء الأشراف أولاً أو نساء الطبقة العليا، وهذه الحقوق تتمثل فى تعليم الفتيات الأشراف وتعيينهن فى وظائف عليا بالدولة، ثم بعد ذلك تعليم الفتيات من الطبقة الفقيرة وتعيينهن فى مهن مثل: خادمات وعاملات وغيرها.
كما يرى البعض أن هناك مبالغة في تقدير الدور الذي لعبته هدى شعراوي في مسار تحرير المرأة المصرية، يقول هؤلاء: إن أصحاب الثروات آنذاك أرادوا امتلاك الريادة في كل المجالات، وكذلك حدث مع هدى، بتنصيبها رائدة للحركة النسوية في مصر.
ويرون أن كل ما قامت به هذه المرأة، بحسبهم، لم يكن سوى لتنظيف صفحة الإقطاع، ذلك أنها “امتلكت 120 ألف فدان وعدة مصانع”.