الإخوان.. الجماعة الطيبة!
ضاقت الأرض بأهالي
القرية الصغيرة بالفيوم، وبدا أن العيش فيها أصعب من الرحيل إلى العاصمة الأقرب إليها..
سافر من سافر، وهاجر من هاجر، وظل التزايد السكانى غولًا ينهش فى لحم الأرض. كان نصيب الفرد من الأرض الزراعية غير وفير، وأصبح
نادرًا للغاية، والناس تتزايد.. ربما اتجه الأهالي إلى التنافس على التعليم كطريق وحيد
للهرب من منطقة العوز إلى مساحة أكثر أمانًا.
لم يكن حال هذه القرية أسوأ من القرى الأخرى، فالفيوم واحة تحاصرها الصحراء من كل صوب.. تهاجمها عوامل التصحر، ولا جديد لدى الناس، ولا أمل غير الزراعة. زاد الطين بلة أن الناس ابتنت بيوتها على ما تبقى من الأرض الزراعية، وهكذا أطل الفقر الشديد برأسه، ثم سكن الديار وأصبح وحشا كاسرا يهدد الجميع.
سيطرة إخوانية
فى تلك القرى يظهر شباب كالورد.. يساعدون الناس فى غيبة الحكومة.. يساهمون فى التدريس وتحفيظ القرآن الكريم.. ويبنون منشآت اجتماعية تخدم الفقراء.. يعالجون المرضى.. ويصبون كل اهتمامهم بالأطفال.. نعم بالأطفال! يجد الطفل نفسه محاصرا بالطيبين.. دروس مجانية، وكتب ببلاش، ورعاية له، وملابس فى العيد، وحقائب للمدارس، وكراسات، وكتب، ودفع مصروفات الدراسة.
شيئا فشيئا يصبح هؤلاء الطيبون أهم إطلالة فى الكون لهؤلاء الفقراء.. بعدها يصبح مسجد القرية وكُتَّاب القرية ومركز الشباب بالقرية مناطق آمنة للتلاقى وإقامة المسابقات وتوزيع الجوائز. عندما يصبح الطفل شابا، يجد أوتوبيسًا مكيفًا ومجهزًا لنقله للامتحان فى الثانوية العامة، وبصحبتهم مدرسون يراجعون للشباب داخل الأوتوبيس.. ينتظرون أمام لجان الامتحان بساندوتشات ومياه وبعض الحلوى.
رعاية كاملة، وسيطرة أكبر من أن يتصورها عقل بشرى.. يصبح هؤلاء الطيبون أهم عوامل الاستقرار والسعادة والاهتمام، ويصبح الواحد منهم أهم من الأب فى البيت.
ويمضى الوقت سريعا، ليصبح من تلقوا الرعاية شبابا طيبين يرعون غيرهم، وتتسع دائرة السيطرة الإخوانية، وتصبح كما لو كانت مخالب من الحنان والاهتمام والرعاية وسط عالم من الفقر. يستسلم الشباب للفكرة، ولِمَ لا وأصحاب الفكرة هم من وفروا الدعم، كل الدعم، لهم ليصبحوا أكثر آدمية وقدرة على التعاطى مع مشكلات حياتية خانقة لولا هؤلاء الطيبون!
خطر الجماعة الإرهابية
فجأة، وبعد سنوات من الغياب، يستيقظ هؤلاء الطيبون على صفارات إنذار.. الصحافة تتحدث عن خطر جماعة الإخوان على الوطن، ويطل علينا المتحذلقون لينذروا هؤلاء الشباب! وينطلق البوليس وكل قدرات الدولة لحمايتها من خطر الجماعة الإرهابية التى تخطط بليل ضد مصلحة الوطن.. المعلومات غزيرة ووفيرة، والدلائل قاطعة، غير أن هذا كله لا يصل إلى من كانوا معدمين، فكانت الجماعة الإرهابية عونًا لهم على مصائب الحياة!
مطلوب من هؤلاء الشباب أن ينسلخوا ويتوبوا ويخلعوا رداء جماعة الإخوان من على كواهلهم، ولا يزال الفقر يحاصر بعضهم إن خرجوا من هذا المجتمع المثالى حسب تجربتهم!
الدولة لا بد أن تحمى نفسها من خطر داهم، والشباب فريسة التناقض بين الحاجة والانسلاخ من جماعة وفرت لهم العون حتى لو كان الثمن هو السيطرة. تبدو الحياة صعبة للغاية أمام هذا المنحدر الخطر.. تناقض داخلى يسكن النفوس.. معلومات الدولة موثقة، وتجربة هؤلاء الشباب أكثر التصاقًا يمجتمع منعزل طبع لهم كل الصور الذهنية فى الحياة.
هنا يحدث التشابك بالقبض والمحاكمة، وأحيانا القتال، وتبقى جماعة الإخوان كما هى تمتلك كل أدوات السيطرة فى مجتمعات فقيرة تحتاج إلى من يرعاها.. لا يزال المدرس يباشر رعايته للطلاب والتلاميذ الفقراء، ولا يزال الرجل الطيب يوفر لهم الباص والساندوتشات والمياه والحلوى، ويراجع معهم دورس الامتحان ويساعدهم.. نعم لا تزال كل قواعد اللعبة تحت سيطرة الجماعة الإرهابية!
والآن، من يقنع فقيرا معدما أن يترك طوق النجاة ويصدق الحكومة في أن هذا الطوق طوق نار ودمار وخراب؟!
لم يكن حال هذه القرية أسوأ من القرى الأخرى، فالفيوم واحة تحاصرها الصحراء من كل صوب.. تهاجمها عوامل التصحر، ولا جديد لدى الناس، ولا أمل غير الزراعة. زاد الطين بلة أن الناس ابتنت بيوتها على ما تبقى من الأرض الزراعية، وهكذا أطل الفقر الشديد برأسه، ثم سكن الديار وأصبح وحشا كاسرا يهدد الجميع.
سيطرة إخوانية
فى تلك القرى يظهر شباب كالورد.. يساعدون الناس فى غيبة الحكومة.. يساهمون فى التدريس وتحفيظ القرآن الكريم.. ويبنون منشآت اجتماعية تخدم الفقراء.. يعالجون المرضى.. ويصبون كل اهتمامهم بالأطفال.. نعم بالأطفال! يجد الطفل نفسه محاصرا بالطيبين.. دروس مجانية، وكتب ببلاش، ورعاية له، وملابس فى العيد، وحقائب للمدارس، وكراسات، وكتب، ودفع مصروفات الدراسة.
شيئا فشيئا يصبح هؤلاء الطيبون أهم إطلالة فى الكون لهؤلاء الفقراء.. بعدها يصبح مسجد القرية وكُتَّاب القرية ومركز الشباب بالقرية مناطق آمنة للتلاقى وإقامة المسابقات وتوزيع الجوائز. عندما يصبح الطفل شابا، يجد أوتوبيسًا مكيفًا ومجهزًا لنقله للامتحان فى الثانوية العامة، وبصحبتهم مدرسون يراجعون للشباب داخل الأوتوبيس.. ينتظرون أمام لجان الامتحان بساندوتشات ومياه وبعض الحلوى.
رعاية كاملة، وسيطرة أكبر من أن يتصورها عقل بشرى.. يصبح هؤلاء الطيبون أهم عوامل الاستقرار والسعادة والاهتمام، ويصبح الواحد منهم أهم من الأب فى البيت.
ويمضى الوقت سريعا، ليصبح من تلقوا الرعاية شبابا طيبين يرعون غيرهم، وتتسع دائرة السيطرة الإخوانية، وتصبح كما لو كانت مخالب من الحنان والاهتمام والرعاية وسط عالم من الفقر. يستسلم الشباب للفكرة، ولِمَ لا وأصحاب الفكرة هم من وفروا الدعم، كل الدعم، لهم ليصبحوا أكثر آدمية وقدرة على التعاطى مع مشكلات حياتية خانقة لولا هؤلاء الطيبون!
خطر الجماعة الإرهابية
فجأة، وبعد سنوات من الغياب، يستيقظ هؤلاء الطيبون على صفارات إنذار.. الصحافة تتحدث عن خطر جماعة الإخوان على الوطن، ويطل علينا المتحذلقون لينذروا هؤلاء الشباب! وينطلق البوليس وكل قدرات الدولة لحمايتها من خطر الجماعة الإرهابية التى تخطط بليل ضد مصلحة الوطن.. المعلومات غزيرة ووفيرة، والدلائل قاطعة، غير أن هذا كله لا يصل إلى من كانوا معدمين، فكانت الجماعة الإرهابية عونًا لهم على مصائب الحياة!
مطلوب من هؤلاء الشباب أن ينسلخوا ويتوبوا ويخلعوا رداء جماعة الإخوان من على كواهلهم، ولا يزال الفقر يحاصر بعضهم إن خرجوا من هذا المجتمع المثالى حسب تجربتهم!
الدولة لا بد أن تحمى نفسها من خطر داهم، والشباب فريسة التناقض بين الحاجة والانسلاخ من جماعة وفرت لهم العون حتى لو كان الثمن هو السيطرة. تبدو الحياة صعبة للغاية أمام هذا المنحدر الخطر.. تناقض داخلى يسكن النفوس.. معلومات الدولة موثقة، وتجربة هؤلاء الشباب أكثر التصاقًا يمجتمع منعزل طبع لهم كل الصور الذهنية فى الحياة.
هنا يحدث التشابك بالقبض والمحاكمة، وأحيانا القتال، وتبقى جماعة الإخوان كما هى تمتلك كل أدوات السيطرة فى مجتمعات فقيرة تحتاج إلى من يرعاها.. لا يزال المدرس يباشر رعايته للطلاب والتلاميذ الفقراء، ولا يزال الرجل الطيب يوفر لهم الباص والساندوتشات والمياه والحلوى، ويراجع معهم دورس الامتحان ويساعدهم.. نعم لا تزال كل قواعد اللعبة تحت سيطرة الجماعة الإرهابية!
والآن، من يقنع فقيرا معدما أن يترك طوق النجاة ويصدق الحكومة في أن هذا الطوق طوق نار ودمار وخراب؟!