رئيس التحرير
عصام كامل

الكنيسة و30 يونيو .. العبور إلى الوطن.. فشل الإخوان دفع الشباب للمشاركة في قضايا بلادهم.. والسيسي يرمم علاقة الكنيسة بالدولة

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو
عام تحت حكم الجماعة الإرهابية كان كفيلا أن يجعل الأقباط يتخذون خطوات لم يكونوا يفكرون فيها قبل ذلك أو تخطر على بالهم وصلت لحد الهجرة، وترك حياتهم وذكرياتهم معلقة على حوائط الوطن.


عانى الأقباط كثيرا من الطائفية التي وصلت لذروتها أيام حكم الجماعة التي صُنفت إرهابية فيما بعد، وصلت لحد الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية في العباسية لأول مرة في تاريخها منذ تأسيسها.

الأقباط فقدوا الأمل بعد أن كانوا استشعروا تغييرا قادما مع اندلاع ثورة 25 يناير، إلا أن الإحباط تمكن منهم بعد أن وصل مندوب الجماعة لسدة الحكم، وبدأ أنصاره وأعضاء جماعته في فرض سيطرتهم، ومحاولة إحكام قبضتهم على الكثير من المؤسسات في الدولة.

خريطة جديدة
جاءت 30 يونيو لترسم خريطة تعامل جديدة للأقباط مع قضايا الوطن، حيث أنهم اعتبروها معركة وجود، راهنوا خلالها على المؤسسة العسكرية التي كانت عند حسن الظن، وأكثر حرصا على عودة الوطن المخطوف.

قبل 30 يونيو التزمت القيادات الكنسية الحياد،فأعلن قداسة البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، إن الكنيسة لا تملك سلطة المنع أو الدفع" لا تمنع الشباب من أن يخرجوا ولا تدفع الشباب ليخرجوا وحتى إذا ما منعناهم وهذا من باب المستحيل فإن غيرتهم ووطنيتهم لن تمنعاهم من الخروج والمشاركة في ٣٠ يونيو".

وأوضح البابا تواضروس أن حالة الغليان التي شهدها الشارع المصري هي التي دفعت الناس للخروج في 30 يونيو، وكشف : "اجتمعت بنا قيادة الجيش وكانت معنا قيادات شبابية وشخصيات عامة، إضافة إلى شيخ الأزهر للتشاور حول ما يجب فعله، بعد أن ساء الأمر وزاد الغليان والاحتقان في ظل رفض نظام الرئيس المعزول محمد مرسي لأى استجابة".

وأضاف البابا: "جلسنا نتشاور قبل إذاعة البيان لمدة خمس ساعات كاملة، وكانت مناقشة ديمقراطية، واستمعنا لآراء بعضنا البعض، وبعد الاستقرار على ما سنفعله بدأنا في صياغة بيان، وتمت مراجعته عدة مرات للاستقرار على الصيغة النهائية، وبعد المراجعة قام فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بمراجعة البيان لغويا، واتفقنا على أن يلقى المشير السيسى البيان، وبعد ذلك طلب من كل منا أن يلقى كلمة".

البابا تواضروس أكد على أن مشاركة الكنيسة في ٣ يوليو كانت وطنية، وليست سياسية، لأنها كانت لصالح مصر، مؤكدا أن الأقباط شعروا ببعض الخوف في ظل وجود نظام الإخوان القائم وقتها.

من جانبه الدكتور القس أندرية زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية، ومدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، إن أقباط مصر شاركوا في ثورة ٣٠ يونيو بقوة، لأنهم شأن بقية المصريين شعروا بالتهميش والاستبعاد السياسي.

وأهم المتحولات أنه في وقت حرق الكنائس رفض الأقباط التدخل الخارجى في الوقت الذي طالب فيه قيادات الإخوان بالتدخل الخارجي، وهو الموقف التاريخى لقداسة البابا تواضروس "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن"، وجميع القيادات سواء إنجيلية أو كاثوليكية كان لها نفس الموقف، وهذا شعر به المواطن العادي.

وتابع: "القيادة السياسية لها موقف إيجابى لكن الأخطر هو المواطن العادى الذي شعر أن المصرى القبطى شريك له في هذا الوطن، هذا تغير عند العامة ولا يشترى بملايين الدنيا، ما حدث جعل المصريين يكتشفون بعضهم وحبهم لبلدهم وهذا خلق وعيا جديدا للعامة.

إذا فالأقباط خرجوا في ثورة 30 يونيو بقوة، بل وتصدروا المشهد، حتى أن البعض أعتبرها ثورة قبطية ضد حكم الإخوان، وكان من الصعب أن تفرض قيادة دينية مستخدمة سلطتها الدينية لتوجيه الأقباط سواء بالمشاركة أو لا، خاصة أن الأقباط فاض بهم الكيل، وزادت معاناتهم من التهميش والاستبعاد والاستهداف الطائفي.

الاستهداف الطائفي لم يتوقف منذ 30 يونيو، فحمل الإخوان الأقباط فاتورة الثورة، واستهدفوا كنائسهم ومؤسساتهم، التي عادت القوات المسلحة ورممت ما أفسدته الجماعة الإرهابية.

ترميم العلاقات الوطنية
الترميم لم يكن على مستوى المباني فقط، بل أعادت الدولة ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، تصحيح علاقة الكنيسة والدولة،  وبناء جسور الثقة التي خلخلها نظام مرسي سابقا.

وفي سبيل بناء الثقة أعادت الدولة النظر في قانون بناء الكنائس، وعملت جاهدة على تقنين أوضاع مئات الكنائس والمباني الكنسية، بل وصدر أول قانون لبناء الكنائس في مصر عام 2016، كما وجد الأقباط مكانا لهم في البرلمان بعيدا عن المحاصصة من خلال منافسة حرة منطلقه من أرضية وطنية خالصة.

 دولة 30 يونيو، ونظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، أعاد للأقباط الكثير من الحقوق المهدرة، كما أسس لدولة المواطنة بعد أن عانوا كثيرا من العزلة خلف أسوار الكنيسة.
الجريدة الرسمية