رئيس التحرير
عصام كامل

على إيقاع رقصة الموت الأخيرة!


 عقب مظاهرات الإسلاميين بميدان النهضة أمام جامعة القاهرة قلت: لو طرحنا السؤال.. أهِىَ الحكمة أن يقرر الإسلاميون نقل مليونيتهم إلى مكان آخر غير ميدان التحرير؟ أم هو دليل خوف وضعف؟.. وكان الجواب الذى لم يختلف عليه اثنان إنها الحكمة بعينها، والسبب واضح فى غير حاجة إلى جهد كبير.

 
ذلك أن صدور الإعلان الدستورى للرئيس مرسى، تسبب فى حالة احتجاج وهياج غير مسبوقة بين القوى المدنية فى الطليعة، مضافاً إليها قوى المعارضة من يسار ويمين، وأنصار النظام السابق، إلى من يكره الرئيس والإخوان والإسلاميين لله فى لله، وقد ترجم الاحتجاج إلى حركة هادرة على الأرض، أعادت إلى الأذهان مليونية يوم الرحيل التى أعلن فيها عمر سليمان تخلى مبارك عن منصبه.. وبلغ الاحتقان بين المتظاهرين مبلغاً مخيفاً، إلى الدرجة التى أنبأت بصدام محتوم.   
وهنا خلصت إلى رفع القبعة لأصحاب صوت الحكمة لدرء فتنة يصعب تَصَوُّر كَمْ هى مرعبة نتائجها المحتومة.  وعقب احتشاد الإسلاميين أمام قصر الاتحادية قلت:  لو طرحت عليك السؤال أهى الحكمة أن يقرر الإخوان الاحتشاد عند أسوار قصر الاتحادية؟ أم هو قرار عنوانه التهور غير مأمون العواقب؟..
الجواب هنا أيضاً لا يختلف عليه اثنان، وحَسْبُنا أن نذكر سقوط ستة شهداء بخلاف مئات الجرحى، لنقول إنه التهور بعينه، والسبب أيضاً ليس بحاجة إلى جهد كبير لإدراكه، حتى لو كان الاحتشاد تحت مظلة "للرئيس أنصار يَحْموه".. ولو نظرنا إلى مقدمات المشهد لأدركنا نتيجة ما وصل إليه بكل بساطة، وذلك لأمرين رئيسيين:
الأمر الأول: أن مظاهرات معارضى الرئيس عند الاتحادية سبقت الاحتشاد بأربع وعشرين ساعة، وكان بمقدورها اقتحام القصر، ثم أعقبها اعتصام على مسافة قريبة من أسواره..
 الأمر الثانى: أن حرارة الشد والجذب والتراشق بالتصريحات النارية وتبادل الاتهامات بين المؤيدين والمعارضين وصلت إلى درجة الاشتعال، ومن هنا فإن أصغر الشرر كان كفيلاً بإضرام أعظم النيران.
 
وهنا أقول: لقد غابت الكياسة عن قرار الاحتشاد، حتى لو كان العنوان حماية الرئيس، لسبب بسيط وهو أن المؤسسة العسكرية لم تكن لتسمح بأى حال بتجاوز الخطوط الحمراء واقتحام مؤسسة الرئاسة بصرف النظرعن شخص ساكن القصر  وما بين الحكمة حيناً، وغيابها حيناً آخر، نحن ولا شك أمام تابلوه رقصة الموت الأخيرة.. موت الثورة!.                                           
الجريدة الرسمية