رئيس التحرير
عصام كامل

من هو الجار وما حقوقه في الشريعة الإسلامية؟

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق
هناك آداب عامة في الإسلام يجب أن تربط بين الناس، وأول هذه الآداب هو حق الجار، فمن هو الجار الذى يجب مراعة الحقوق معه ومن هو الجار ذو القربى والجار الجنب؟


يجيب فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق فيقول:
يقرر الامام الغزالى ان حق الجار فى الجملة بان يبدأ الانسان جاره بالسلام ، ويعوده فى المرض ويعزيه فى المصيبة ويقوم معه فى الضراء ويهنئه فى الفرح ويشترك معه فى السرور به ، ويصفح عن زلاته ولا يتطلع الى عوراته، ولا يضيق طريقه الى الدار ، ويستر ما ينكشف من أخطائه، ويرشده الى ما يجهله فى أمر دينه ودنياه.


الجار ذو القربى 


وهذه الاداب نتجت عن الوصايا الواسعة التى ذكرها القران الكريم ورصدها الرسول صلى الله عليه وسلم لرعاية الجار فقال تعالى فى سورة النساء ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وبالوالدين احسانا ، وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ).


الجار الجنب 


والمقصود بالجار ذى القربى هو الجار من الاسرة ، أما الجار الجنب فهو الذى يجاور فى منزل او زراعة دون رحم يربط بينه وبين جاره الا رحم الجوار ، والصاحب بالجنب هو الرفيق فى طريق او المجاور فى جلسة.


وقال صلى الله عليه وسلم (ما آمن بى رجل بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم ) رواه الطبرانى ، وقال ( مازال جبريل يوصينى بالجا حتى ظننت انه سيورثه ) رواه البخاري .


القدوة الحسنة 


قيل للرسول يوما (ان فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتكثر الصدقة ولكنها تؤذى جيرانها ، فقال : هى فى النار )رواه احمد والبزار 
ويروى ان رجلا جاء الى ابن مسعود فقال : إن لى جارا يؤذينى ويشتمنى ويضيق على ، قال اذهب فإنه عصى الله فيك فاطع الله فيه.


ويروى انه كان لأبى حنيفة جار بالكوفة يغنى ويطيل الغناء بالليل ، وربما ضجر ابو حنيفة من غنائه وهو يشرح لتلاميذه ، أو يملى عليهم ، وفى احدى الليالى قبض العسس "الشرطى" على هذا الرجل لإقلاقه الناس وقادوه إلى السجن. 


ولم يسمع أبو حنيفة صوته فى الليلة التالية فسأل عنه فأخبر خبره ، وسرعان ما ارتدى ملابسه وذهب الى عيسى ابن موسى امير الكوفة وقال له : ان لى جارا اخذه عسسك البارحة وحبسوه وما علمت عنه الا خيرا .


فقال عيسى :سلموا الى ابى حنيفة كل ما أخذه العسس البارحة  ، فأطلقوهم جميعا من أجله ، فقال الرجل لأبى حنيفة :جهدت لإنقاذى وطالما أزعجتك بغنائى ، قال ابو حنيفة :أرجو أن أكون بذلك أديت معك حق الجار.


شرور المدنية


والقرى مازالت تحافظ على حق الجار أو بعض هذا الحق ، ولكن المدن او المدنية اغفلت هذا الحق تماما ، حتى اصبح الانسان يعيش فى المدينة ولا يعرف اسم جاره ، ولا يؤدى له حقه.. وتلك واحدة من الشرور التى طغت على الناس باسم المدنية والحضارة.
الجريدة الرسمية