د. محمد عفيفى بعد تتويجه بـ«التقديرية»: جوائز الدولة لا تخلو من المجاملات.. وتجربة مسلسل «أحمس» مؤسفة للغاية
الدكتور والمؤرخ محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث، الذى حصد جائزة الدولة التقديرية فى فرع العلوم الاجتماعية هذا العام، بعد أن حصل على التشجيعية عام 2004 والتفوق عام 2009، لا يزال يسعى جاهدا لتقديم المزيد من المؤلفات المتنوعة والمهمة فى عالم التاريخ..
فيتو حاورت الدكتور محمد عفيفي، حيث تطرق الحوار للعديد من الملفات والقضايا على الساحة الثقافية والفكرية، وإلى نص الحوار:
هل لمست خلال مسيرتك مجاملات فى ترشيح بعض الجهات لجوائز التفوق والتقديرية و«النيل»؟
فى رأيى أن الجهات التى تتولى الترشيح يجب عليها اختيار أفضل الأعمال لديها، فعلى سبيل المثال، الجامعات يجب أن تنتقى أفضل ما عندها، وحدث معى أنه لم يتم ترشيحى من جامعة القاهرة، وحصدت جائزة التفوق والتقديرية بناء على ترشيح جهات أخرى.
للأسف بعض الجهات لا تختار أفضل عناصرها، ولكن يكون هناك شبهة مجاملة، ولذلك أطالب جهات الترشيح بانتقاء أفضل عناصرها؛ لأن ذلك بالأساس يكون لصالح الجهة وتصنيفها على المستوى المحلى والدولى، وأعتقد أن ذلك ليس مسئولية المجلس الأعلى للثقافة ولا وزارة الثقافة، لكنه دور ومسئولية جهات الترشيح ذاتها.
كيف ترى ظاهرة حجب فروع فى جوائز الدولة التشجيعية بسبب تقدم أعمال دون المستوى، وهل هناك حل لتلك الأزمة؟
لا أخفى عليك، عندما كنت أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة كنت لا أرحب بفكرة حجب الجوائز التشجيعية خاصة لكونها تمنح لمن هم دون الأربعين، وبمثابة دافع لشباب المواهب للاستمرار والنجاح وتقديم الأفضل دائما.
وبالفعل فى إحدى الدورات وأنا أمين للمجلس، لاحظت أن بعض اللجان حجبت عددا من الجوائز، وقالوا لى إن الأعمال المتقدمة لا ترقى للمستوى المطلوب، فتناقشت معهم وأخبرتهم أنه ليس تدخلا إطلاقا فى عملهم، لكن هناك إمكانية فى القانون بأن لرؤساء اللجان إذا رأوا الأعمال المقدمة لا ترقى، من حق أعضاء اللجنة أنه يختاروا عملا يرون أنه يستحق حتى لو لم يتقدم صاحبة للجائزة، خاصة أن البعض يكون محرجا من التقديم أو «يستعفف» عن ذلك.
وحدث أيضا أنه تم منحى الجائزة التشجيعية ولم أكن متقدما لها، لكن رئيس اللجنة حين ذلك الراحل عبد العظيم رمضان، ويونان لبيب رزق رفضوا الأعمال التى قدمت، وقالوا إن من حق اللجنة أن تختار عملا لم يتقدم، وبالفعل اختاروا كتابا لى، وتم منحى الجائزة.
تنتظر طرح أولى رواياتك التاريخية «يعقوب» خلال الأيام المقبلة، برأيك ما سبب انتشار الأسلوب الروائى مؤخرا فى تناول وعرض المادة التاريخية؟
فى الحقيقة، إن الشكل الروائى للمادة التاريخية أصبح منتشرا فى جميع دول العالم وليس العالم العربى فقط، وأصبحت الرواية جزءا مهما للغاية فى المكتبة التاريخية، وذلك يعود لعدة أسباب فى وجهة نظرى، أولها وأهمها بالتأكيد أن المؤرخين أنفسهم اكتشفوا أن جمهور الكتاب التاريخى الأكاديمى، والذى يأخذ المنهج البحثى الصرف فى تقديم المعلومات أصبح محدودا، وأن تقديم المعلومة التاريخية لا يقتصر على الكتاب.
هناك أزمة حقيقة فى حركة النقد العربى.. هل تتفق مع ذلك؟
للأسف ذلك واقع نعانى منه كثيرا، بالفعل حركة النقد سواء فى المجالات الأدبية أو علم التاريخ لم تعد موجودة كما كان فى السابق، وهذه هى الأزمة الحقيقة التى يعانى منها الأدب فى الوقت الحالى، سواء قمت بتأليف كتاب فى التاريخ أو تدوين رواية أو قصة قصيرة لا تجد أى نقد أو تفاعل أكاديمى وأدبى تجاهها، كيف سيعرف الجمهور والمجتمع بالأعمال الجديدة إذا لم تكن هناك حركة نقدية وتسليط ضوء حقيقى عليها؟!
الدراما التاريخية المصرية هل انتهى عصرها، وما سبب تراجعها؟
فى الحقيقة الدراما التاريخية بشكل عام من أصعب أنواع الدراما، سواء فى مرحلة الكتابة أو الإخراج، فعلى مستوى الكتابة تحتاج إلى كاتب وسيناريست لديه وعى كامل ودراية حقيقة بمراحل التاريخ وسماتها.
لذلك نجد أن كاتبا مثل محفوظ عبد الرحمن أحد أشهر كتاب الأعمال التاريخية، والذى قدم فيلم «ناصر 56» و«بوابة الحلوانى» وغيرها، وفى الأساس هو خريج قسم التاريخ، وقام بدراسته جيدا، لذلك قدم أعمالا حقيقية ورائعة وخالدة بالفعل فى ذاكرة ووجدان الأمة، كذلك أيضا الأديب والكاتب عبد الرحمن الشرقاوى كان من المهتمين بعلم التاريخ، وقدم الكثير له، ويسرى الجندى فى العقدين الأخيرين أيضا، جميعهم يملكون حسا ودراية تاريخية حقيقية.
أما إخراج الأفلام والدراما التاريخية فيتطلب مخرجا مميزا لديه قدرات عالية، وشخصا قويا يستطيع السيطرة على جميع عناصر العمل، ومدعوما بإمكانات مادية هائلة، بالإضافة إلى أن الأعمال التاريخية أيضا تحتاج إلى ورشة عمل متكاملة يدور خلالها العديد من النقاشات، ويتم طرح الأفكار المختلفة.
ويشارك فيها أيضا مستشار تاريخى وآخر من الآثار، ولا أخفى عليك صناعة الدراما التاريخية بـ«عافية شوية» نحن ننتج 45 مسلسلا تقريبا كل عام، ولا نستطيع تقديم عمل درامى تاريخى واحد.
العديد من الانتقادات نالها مسلسل «الملك» الذى يجسد حياة «أحمس»، كيف ترى التجربة؟
تجربة مسلسل «أحمس» كانت مؤسفة للغاية، وتضمن العمل الكثير من الأخطاء منها ما هو بسيط للغاية وآخر فى أساسيات العصر المصرى القديم وسماته بالأساس، كان من الممكن الاستعانة بمؤرخين وباحثين أثريين حتى يظهر العمل بالشكل اللائق والمرجو منه، لكن للأسف كل ذلك لم يحدث ليتضرر بعد ذلك العمل وفريقه، وكان فى الإمكان أفضل مما كان.
الحوار منقول بتصرف عن العدد الورقي...
فيتو حاورت الدكتور محمد عفيفي، حيث تطرق الحوار للعديد من الملفات والقضايا على الساحة الثقافية والفكرية، وإلى نص الحوار:
هل لمست خلال مسيرتك مجاملات فى ترشيح بعض الجهات لجوائز التفوق والتقديرية و«النيل»؟
فى رأيى أن الجهات التى تتولى الترشيح يجب عليها اختيار أفضل الأعمال لديها، فعلى سبيل المثال، الجامعات يجب أن تنتقى أفضل ما عندها، وحدث معى أنه لم يتم ترشيحى من جامعة القاهرة، وحصدت جائزة التفوق والتقديرية بناء على ترشيح جهات أخرى.
للأسف بعض الجهات لا تختار أفضل عناصرها، ولكن يكون هناك شبهة مجاملة، ولذلك أطالب جهات الترشيح بانتقاء أفضل عناصرها؛ لأن ذلك بالأساس يكون لصالح الجهة وتصنيفها على المستوى المحلى والدولى، وأعتقد أن ذلك ليس مسئولية المجلس الأعلى للثقافة ولا وزارة الثقافة، لكنه دور ومسئولية جهات الترشيح ذاتها.
كيف ترى ظاهرة حجب فروع فى جوائز الدولة التشجيعية بسبب تقدم أعمال دون المستوى، وهل هناك حل لتلك الأزمة؟
لا أخفى عليك، عندما كنت أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة كنت لا أرحب بفكرة حجب الجوائز التشجيعية خاصة لكونها تمنح لمن هم دون الأربعين، وبمثابة دافع لشباب المواهب للاستمرار والنجاح وتقديم الأفضل دائما.
وبالفعل فى إحدى الدورات وأنا أمين للمجلس، لاحظت أن بعض اللجان حجبت عددا من الجوائز، وقالوا لى إن الأعمال المتقدمة لا ترقى للمستوى المطلوب، فتناقشت معهم وأخبرتهم أنه ليس تدخلا إطلاقا فى عملهم، لكن هناك إمكانية فى القانون بأن لرؤساء اللجان إذا رأوا الأعمال المقدمة لا ترقى، من حق أعضاء اللجنة أنه يختاروا عملا يرون أنه يستحق حتى لو لم يتقدم صاحبة للجائزة، خاصة أن البعض يكون محرجا من التقديم أو «يستعفف» عن ذلك.
وحدث أيضا أنه تم منحى الجائزة التشجيعية ولم أكن متقدما لها، لكن رئيس اللجنة حين ذلك الراحل عبد العظيم رمضان، ويونان لبيب رزق رفضوا الأعمال التى قدمت، وقالوا إن من حق اللجنة أن تختار عملا لم يتقدم، وبالفعل اختاروا كتابا لى، وتم منحى الجائزة.
تنتظر طرح أولى رواياتك التاريخية «يعقوب» خلال الأيام المقبلة، برأيك ما سبب انتشار الأسلوب الروائى مؤخرا فى تناول وعرض المادة التاريخية؟
فى الحقيقة، إن الشكل الروائى للمادة التاريخية أصبح منتشرا فى جميع دول العالم وليس العالم العربى فقط، وأصبحت الرواية جزءا مهما للغاية فى المكتبة التاريخية، وذلك يعود لعدة أسباب فى وجهة نظرى، أولها وأهمها بالتأكيد أن المؤرخين أنفسهم اكتشفوا أن جمهور الكتاب التاريخى الأكاديمى، والذى يأخذ المنهج البحثى الصرف فى تقديم المعلومات أصبح محدودا، وأن تقديم المعلومة التاريخية لا يقتصر على الكتاب.
هناك أزمة حقيقة فى حركة النقد العربى.. هل تتفق مع ذلك؟
للأسف ذلك واقع نعانى منه كثيرا، بالفعل حركة النقد سواء فى المجالات الأدبية أو علم التاريخ لم تعد موجودة كما كان فى السابق، وهذه هى الأزمة الحقيقة التى يعانى منها الأدب فى الوقت الحالى، سواء قمت بتأليف كتاب فى التاريخ أو تدوين رواية أو قصة قصيرة لا تجد أى نقد أو تفاعل أكاديمى وأدبى تجاهها، كيف سيعرف الجمهور والمجتمع بالأعمال الجديدة إذا لم تكن هناك حركة نقدية وتسليط ضوء حقيقى عليها؟!
الدراما التاريخية المصرية هل انتهى عصرها، وما سبب تراجعها؟
فى الحقيقة الدراما التاريخية بشكل عام من أصعب أنواع الدراما، سواء فى مرحلة الكتابة أو الإخراج، فعلى مستوى الكتابة تحتاج إلى كاتب وسيناريست لديه وعى كامل ودراية حقيقة بمراحل التاريخ وسماتها.
لذلك نجد أن كاتبا مثل محفوظ عبد الرحمن أحد أشهر كتاب الأعمال التاريخية، والذى قدم فيلم «ناصر 56» و«بوابة الحلوانى» وغيرها، وفى الأساس هو خريج قسم التاريخ، وقام بدراسته جيدا، لذلك قدم أعمالا حقيقية ورائعة وخالدة بالفعل فى ذاكرة ووجدان الأمة، كذلك أيضا الأديب والكاتب عبد الرحمن الشرقاوى كان من المهتمين بعلم التاريخ، وقدم الكثير له، ويسرى الجندى فى العقدين الأخيرين أيضا، جميعهم يملكون حسا ودراية تاريخية حقيقية.
أما إخراج الأفلام والدراما التاريخية فيتطلب مخرجا مميزا لديه قدرات عالية، وشخصا قويا يستطيع السيطرة على جميع عناصر العمل، ومدعوما بإمكانات مادية هائلة، بالإضافة إلى أن الأعمال التاريخية أيضا تحتاج إلى ورشة عمل متكاملة يدور خلالها العديد من النقاشات، ويتم طرح الأفكار المختلفة.
ويشارك فيها أيضا مستشار تاريخى وآخر من الآثار، ولا أخفى عليك صناعة الدراما التاريخية بـ«عافية شوية» نحن ننتج 45 مسلسلا تقريبا كل عام، ولا نستطيع تقديم عمل درامى تاريخى واحد.
العديد من الانتقادات نالها مسلسل «الملك» الذى يجسد حياة «أحمس»، كيف ترى التجربة؟
تجربة مسلسل «أحمس» كانت مؤسفة للغاية، وتضمن العمل الكثير من الأخطاء منها ما هو بسيط للغاية وآخر فى أساسيات العصر المصرى القديم وسماته بالأساس، كان من الممكن الاستعانة بمؤرخين وباحثين أثريين حتى يظهر العمل بالشكل اللائق والمرجو منه، لكن للأسف كل ذلك لم يحدث ليتضرر بعد ذلك العمل وفريقه، وكان فى الإمكان أفضل مما كان.
الحوار منقول بتصرف عن العدد الورقي...