نيابة النقض: الجنايات أخطات في تطبيق الرأفة للمتهمين.. التفاصيل الكاملة لقضية فض اعتصام رابعة العدوية
أيدت محكمة النقض، منذ قليل، برئاسة المستشار عمر شوضة، الإعدام لـ 12 متهما وتخفيف العقوبة لـ ٣١ من الإعدام إلى مؤبد وانقضاء الدعوى لمتهم للوفاة وتأييد باقي الأحكام على الأحكام الصادرة ضدهم في قضية فض رابعة.
نيابة النقض
وأوصت نيابة النقض بتأييد حكم الجنايات الصادر بمعاقبة 320 متهما من قيادات وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية وآخرين بأحكام تراوحت ما بين الإعدام والسجن المؤبد حتى المشدد 5 سنوات، لإدانتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«فض اعتصام رابعة العدوية» التي تعود وقائعها لعام 2013.
وقالت النيابة فى رأيها الاستشاري غير الملزم لهيئة المحكمة: إن حكم الجنايات بيَن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المتهمين بها، وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، موضحة أن استعراض المحكمة لأدلة الدعوى جاء على نحو يدل على أنها محصتها التحميص الكافي، وألمت به إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
وأضافت النيابة أن حكم الجنايات بيَن ودلل بوضوح على توافر نية جرائم منع وتعطيل المتهمين تنفيذ القانون واستعمال القوة والتهديد، وتضامنهم جميعًا فى المسئولية تنفيذا لتلك الأغراض مع ثبوت علمهم بها، قائلة: إن الحكم ينبئ بجلاء عن ثبوت الجرائم المسندة في حق المتهمين على خلاف ما يزعمونه بأسباب الطعن على الحكم.
وتابعت النيابة أن حكم الجنايات بيَن أركان الجريمة بشكل كافٍ على ما هو معرف به فى القانون، حيث كانت جرائم استعراض القوة المقترنة والمرتبطة بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فيه والتعدي على القائمين على تنفيذ أحكامه المنصوص عليها فى قانون العقوبات، والتعطيل العمدي لسير وسائل النقل البرية، والاحتلال بالقوة لمباني ومرافق عامة مخصصة للنفع العام وتخريبها عمدا، وإحراز وحيازة أسلحة نارية وذخائر وأسلحة بيضاء، والسرقة بالإكراه والضرب البسيط، قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة حال التجمهر، ولم يستقل بها أحد المتجمهرين، وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذا لقصد سواه ولم يكن الالتجاء بعيدا عن المألوف.
وأشارت النيابة إلى أنه لا تثريب على حكم الجنايات إن ربط الجرائم سالفة الذكر بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقضتاه، موضحة أن الحكم أصاب صحيح القانون، ولا يجوز مصادرة المحكمة فى عقيدتها وتقديرها للأدلة التي أوردتها وفى مبلغ ما اطمأنت إليه، ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض.
وردا على دفع المتهمين من أن حكم الجنايات لم يدلل بالأسباب السائغة التي أوردها على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجرائم التي أدينوا بها، قالت النيابة: إن حكم الجنايات قد دلل بالأسباب السائغة التي أوردها على هذا الاتفاق، لافتة إلى أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاتفاق بأدلة محسوسة بل يكفيها من الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره.
واستطردت نيابة النقض بأنه لا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين، ذلك أن التجمع وإن كان بريئا فى بدء تكوينه إلا أنه قد يطرأ عليه ما يجعله معاقبا عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك، مشددة على أنه لا يعيب الحكم عدم بيان دور كل متهم فى ارتكاب الجرائم التي أدين بها المتهمين ما دام قد أثبت الحكم أنهم قد اشتركوا وساهموا فى ارتكابها، وقد ارتكبت جميعًا بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر، وما دام قد أثبت الحكم علمهم بهذا الغرض -وهو الحال فى الدعوى المطروحة-.
ونوهت النيابة فى رأيها إلى أنه على الرغم من أن حكم الجنايات انتهى، بحق، إلى قيام الارتباط بين الجرائم المسندة إلى المتهمين، وكانت عقوبة الجريمة الأشد طبقا لنص المادة «88 مكرر أ» من قانون العقوبات «هي الإعدام إذا نجم عن التعدي أو المقاومة موت المجني عليه»، إلا أن الحكم أعمل المادة 17 من القانون ذاته باستخدام الرأفة مع عدد من المتهمين وعاقب بعضهم بالسجن المؤبد والمشدد 15 سنة، و10 سنوات، و5 سنوات لآخرين.
وتابعت النيابة في هذا الصدد، أن المحكمة طبقت القانون تطبيقًا صحيحًا على بعض المتهمين، وأخطأت في تطبيقه على البعض الآخر، إذ فاتها القيد الوارد بالمادة «88 مكرر ج» من قانون العقوبات، بعدم جواز تطبيق أحكام الرأفة الواردة بالمادة 17 من قانون العقوبات على الجرائم محل القضية، ويكون النزول بالعقوبة مقتصرًا فقط على النزول بالإعدام إلى السجن المؤبد، والنزول بالسجن المؤبد إلى السجن المشدد الذي لا يقل عن 10 سنوات.
وأشارت النيابة إلى أنه كان لزاما على محكمة النقض تصحيح خطأ الجنايات، إلا أن النيابة العامة لم تطعن على الحكم، وطعن المتهمين وحدهم؛ فلا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ «حتى لا يضار الطاعنون بطعنهم».
ونوهت النيابة أيضًا إلى أنه قد ترى محكمة النقض معاملة المتهمين الطاعنين المحكوم عليهم بالإعدام، بالرأفة والنزول بالعقوبة إسوة بباقي الطاعنين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، نظرا لاعتبارات العدالة ولذات الظروف التي رأتها محكمة الموضوع مبررة لاستعمال الرأفة القانونية. واختتمت النيابة رأيها الاستشاري بتوصية المحكمة برفض طعون المتهمين وتأييد أحكام الإعدام والسجن.
حكم سابق
وقضت محكمة جنايات القاهرة، في وقتٍ سابق، بإعدام 75 متهمًا من بينهم صفوت حجازي، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان، وعبدالرحمن البر، وطارق الزمر، وعاصم عبدالماجد، وعمر زكي، وأسامة ياسين، ووجدي غنيم، وجميعهم من قيادات جماعة الإخوان وحلفائها.
كما قضت بالسجن المؤبد لمرشد الجماعة محمد بديع، وباسم عودة، وزير التموين إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، كما عاقبت 374 متهمًا آخر بالسجن 15 سنة، وأيضًا بالسجن 10 سنوات لـ23 متهمًا بينهم أسامة محمد مرسي، ابن الرئيس المعزول، و22 آخرين «أحدث».
النيابة العامة
وكانت النيابة العامة أحالت المتهمين «الجنايات» لأنهم في غضون الفترة من 21 يونيو 2013 حتى 14 أغسطس 2013 بدائرة قسم شرطة أول مدينة نصر بمحافظة القاهرة دبروا تجمهرا مؤلفا من أكثر من 5 أشخاص بمحيط ميدان رابعة العدوية شأنه أن يجعل السلم والأمن العام في خطر، وكان الغرض منه الترويع والتخويف وإلقاء الرعب بين الناس وتعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر، وارتكاب جرائم الاعتداء على أشخاص وأموال من يرتاد محيط تجمهرهم أو يخترقه من المعارضين لانتمائهم السياسي وأفكارهم ومعتقداتهم، ومقاومة رجال الشرطة المكلفين بفض تجمهرهم والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والتخريب والإتلاف العمدي للمباني والأملاك العامة واحتلالها بالقوة ،وقطع الطرق وتعمد تعطيل سير وسائل النقل البرية، وتعريض سلامتها للخطر وتقييد حركة المواطنين وحرمانهم من حرية العيش.