رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية البابا تواضروس الثاني مع «جيل z».. تحركات مكثفة فى الكنيسة لاحتواء أبناء المهاجرين وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن «الأرثوذوكسية»

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
منذ اعتلائه الكرسى البابوى يولى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أهمية خاصة للأجيال الجديدة من شباب الأقباط، وتحديدا الجيل الثالث المسمى بجيل z مواليد أواخر الألفية الماضية، والذين ولدوا وعاشوا خارج مصر مع آبائهم المهاجرين، فى محاولة للتصدى للتحديات التى أفرزتها الهجرة، وتراجع الإحساس بالانتماء، والهوية الأصلية.


ترسيخ الهوية
ويؤمن البابا بأن الشباب يحتاج إلى تنشئته على جميع المستويات ويحتاج إلى التعليم التكوينى وليس التلقيني، وترسيخ الهوية، ويؤكد دوما أن الشباب يحتاج إلى قادة شباب لهم مواصفات خاصة، ويتمتعون بفن الحوار، بجانب اكتشاف النماذج الشبابية الجيدة والمبدعة، فى كل المجالات العلمية والمهنية والثقافية والفنية.

البابا تواضروس يدرك أن الشباب هم مستقبل الكنيسة، لذا يسعى لربط أبناء الكنيسة فى المهجر بالكنيسة الأم، وتصحيح المعتقدات الخاطئة التى وصلت إليهم عن الأرثوذكسية، أو من أولئك الذين يهاجمون البطريرك فى كل القرارات الكنسية.

رسائل مترجمة
ولمزيد من التواصل مع شباب المهجر، أطلقت البطريركية مؤخرا النسخة الإنجليزية من الموقع الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية على الإنترنت، تزامنا مع احتفالات دخول المسيح أرض مصر.

وأعلن قداسة البابا تواضروس الثاني، فى رسالة مصورة باللغة الإنجليزية، أن نسخة الموقع المترجمة، موجهة للأجيال الجديدة وشباب الأقباط فى البلاد الناطقة باللغة الإنجليزية.




ويشمل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الرسمى على عدة أقسام، منها التاريخى والتوثيقى والمعلوماتي، ويحتوى على مواد متنوعة بين المكتوب والمرئى والمسموع، وتوفر الأقسام على اختلافها معلومات ومواد عن أعضاء المجمع المقدس، وبطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منذ القديس مرقس الرسول حتى البابا تواضروس، ولجان المجمع المقدس، والأديرة والهيئات القبطية، وغيرها.

طلبات اللقاء
موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يشمل أيضا على خدمات «طلب لقاء مع البابا، وأسال البابا، واقتراحات للموقع»، وفى باب سؤال وجواب، رد البابا تواضروس الثاني، على سؤال حول أحلامه لموقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث أجاب قائلا: «موقع نشيط يمثل مصدر معرفة.. متكامل عن كنيستنا، وله دور كرازى أمام العالم كله.

ويكون مصدر الثقة الكامل عن الكنيسة ونشاطها وخدمتها ودورها فى بناء السلام والمحبة فى ارجاء المجتمع.. ومن أحلامى أن يكون سهل فى التواصل معه من أى مكان وباى وسيلة ثم مع توفر اللغات يصلح لكل أحد».

المتابع لتحركات البابا تواضروس يدرك أنه يسعى بشتى الطرق للتواصل مع شباب المهجر، خاصة الأجيال الجديدة منهم، لربطهم بالكنيسة الأم، وتعريفهم بتعاليم الأرثوذكسية، وهو ما يعكس اهتمام البطريرك الـ118 باستقبال رحلات الكنائس القادمة من المهجر، خاصة لدير الأنبا بيشوي، والتقاط الصور التذكارية معهم، كما يحرص على التواصل معهم فيما يخص الخدمة الكنسية وعلاقتهم بالوطن الأم.

الطيور المهاجرة
شغف «الطيور المهاجرة»، التى استشعره البابا تواضروس من كل سؤال تلقاه من أبناء الكنيسة فى المهجر، دفعه للتفكير فى عقد ملتقى عالمى لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويفسر البابا تفضيل «ملتقى» على «مؤتمر»، قائلا : «لأن اللقاء يهدف بالأساس إلى جمع شباب من خمس قارات هى أمريكا وكندا واستراليا وأفريقيا وآسيا، وبات من الضرورى التواصل ولقاء شباب الكنيسة فى المهجر».

الملتقى
ويرى البابا تواضروس أن الكنيسة اتسعت بشكل غير مسبوق، وصار لديها ما يقرب من 30 إيبارشية خارج مصر، وهو ما دفعه للتفكير فى الملتقى الذى استمر لثمانية أيام.

ولم يكن اختيار المشاركين عشوائيا، بل حددت الكنيسة، أن يكون عمر المشارك ما بين الـ 22 وحتى 28 عاما، وأن يجيد العربية أو يحسن التواصل بها على الأقل، أو اللغة الإنجليزية كحل بديل، كما أطلقت الكاتدرائية تطبيق إلكترونى «إبلكيشن» للمشاركين، لكى تسهل التواصل معهم فيما يخص الملتقى وبرنامجه.

وكان من أهم أهداف الملتقى كما أعلن البابا تواضروس، هو زيارة الكنيسة الأم والارتباط بها، وتبادل الخبرات والتعارف والمشاركة فى حل المشكلات والتواصل، وأشار البابا إلى أن الكنيسة تفكر فى استضافة الملتقى كل عامين، وذلك بعد تقييمه.

الملتقى لم يكن البوابة الوحيدة لاستعادة أبناء الكنيسة فى الخارج، بل نظمت كنائس الإسكندرية أيضا، مؤتمر يحمل اسم «العودة للجذور»، بالتعاون مع وزارة الهجرة والمصريين فى الخارج، استعاد فيه اليونانيون والقبارصة ذكرياتهم مع عروس البحر المتوسط.

وزيرة الهجرة رأت فى المبادرة فرصة لاستعادة الطيور المهاجرة، فكررت التجربة، مع الكنيسة القبطية ونسقت معها، لاستعادة الأجيال الثانية والثالثة من المهاجرين الأقباط المصريين إلى جذورهم، وزيارة موطن الأجداد.

العودة إلى الجذور
لم تكن المبادرة الوحيدة لوزارة الهجرة، حيث أطلقت مؤخرا السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، مبادرة «اتكلم عربي»، إيمانا بأهمية ربط المصريين بالخارج بوطنهم الأم، وترسيخ الهوية المصرية فى نفوس أبناء مصر بالخارج.

وأكدت «مكرم» على أن مصر تواجه الكثير من الحروب والتحديات، مثل حرب طمس الهوية، أى يتم تفريغ الأجيال من الهوية الوطنية واللغة العربية، مشيرة إلى أن الشباب فى الخارج يريد من يتحدث إليه لكى ينمى لديهم القيم والعادات والتقاليد والانتماء إلى الوطن.

الكنيسة لا تكتفى فقط بالتواصل مع شباب المهجر، بل تسعى لربطهم بالوطن، والخوض فى مشكلاتهم، وهو ما يعكس إطلاق فعاليات أسبوع الخدمة الذى حمل شعار «اخدم وافرح» للشباب القبطى من كنائس مصر فى دول المهجر الذى أقيم للمرة الأولى فى حضن الوطن، حيث خدموا على مدى سبعة أيام عددا من القرى وبيوت المسنين والأيتام.

وكذلك خدمة أطفال الشوارع واللاجئين السودانيين، وأقاموا كرنفالات وأياما روحية للأطفال واشتركوا فى اجتماع قداسة البابا الأسبوعى الذى يعقد كل أربعاء..حفل هذا الأسبوع بمحاضرات روحية ألقاها قداسة البابا والأنبا يوليوس الأسقف العام لكنائس مصر القديمة وأسقفية الخدمات، والأنبا بافلى الأسقف العام لكنائس قطاع المنتزه، والقس ميخائيل سمير والقس مرقس فوزي.

ولم تكن المؤتمرات أو الملتقيات وحدها سبيل البابا تواضروس للتواصل مع شباب المهجر، بل أعلن إنشاء أسقفية جديدة لرعاية شباب الكنيسة فى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وقال البابا تواضروس الثاني، إن فكرة تأسيس أسقفية شباب لأمريكا وكندا مستوحاة من أسقفية الشباب التى أسسها المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث منذ نحو 40 سنة.

وهى فكرة فعالة ومؤثرة فى خدمة الشباب وامتدت من مصر إلى كنائس المهجر، مشيرا إلى رحلات السفر العديدة التى قام بها نيافة الأنبا موسى فى هذا الإطار.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية