لماذا لا تحتفي الأمة العربية بتراثها ولا تسعى لتسويقه لدى الشباب والنشء؟
قبل سنوات أقدمت بعض البلدان الأوروبية على تجميع الجذور الحضارية للهوية الغربية المدونة في الكثير من الكتب، ووضعت بها قائمة واحدة، تحت عنوان: أعظم كتب في العالم الغربي، وهدفت من خلالها إلى إبصار الشباب والنشء بالجذور الفكرية والحضارية لأوروبا.
تراث المفكرين
الكتب ضمت تراث المفكرين من هوميروس إلى فرويد، والآن تقتنيها معظم العائلات من أوروبا حتى أمريكا الشمالية، ولهذا يعتز كل فرد في أوروبا بتراثه الإنساني والحضاري.
لكن الأمر مختلف هنا في البلدان العربية، إذ تهمل الأمة الفكر وأهله، ولا ترى في الكتب وسيلة للنجاة، ولم تفكر إلا في محاولات على استحياء لتكرار التجربة الغربية على أرضيها.
التراث العربي
يقول حسين أمين الكاتب والباحث، إن الأمة العربية تملك مؤلفات عظيمة منذ امرئ القيس إلى الجبرتي، كما تملك أغاني أبي الفرج أو السلوك للمقريزي، ومقدمة ابن خلدون، وفصل المقال لابن رشد.
ورغم ذلك لم تقدم على تكرار نفس التجربة الغربية، لتجميع التراث العربي والإسلامي، في خمسين أو ستين مجلدًا أنيقًا بسعر في متناول الجميع، بما يخلق انتماء وحبا لهذه الهوية ومعرفة ودراية بها.
أوضح الباحث، أن واحدا من أهم الأهداف التي يجب أن تتوخاها أية محاولة لإصلاح نظم التربية والتعليم في العالم العربي هو أن يسترد شباب أمتنا احترامهم لتراثهم الفكري والرغبة في الاستزادة من الاطلاع عليه، والقدرة على النظر فيه، مردفا:
الأجدى أن نبدأ بالاعتراف بأن الحصيلة التي يخرج بها أبناؤنا من اللغة العربية بعد انقضاء سنوات دراستهم لا توفر القدرة على فهم ما كتبه القدماء.
أشار إلى ان النماذج التي تدرّس لهم في المدارس تقدم في كتب رديئة الورق، سيئة الطباعة وقبيحة الصور لا يمكن أن ينجم عنها احترام حقيقي لتراث العرب كما يحدث للطالب الغربي الذي يتعلم احترام تراثه من فخامة الورق وأناقة الطباعة الذي يقدم له عليها فصول من مسرحية لشكسبير، أو قصائد لمفكر كبير.
أوضح الباحث أن الأمة العربية تملك عشرات الآلاف من كتب التراث، ومع ذلك شبابنا يضل في متاهاتها، ومعظمهم عاجز عن اقتناء ولو اليسير منها، ويفتقر إلى من يهديه إلى القمم الشامخة فيها، ويثنيه عن النظر في تافه الشأن منها، مردفا:
مشروع الحكومات العربية
طالب الباحث الحكومات العربية بتبي مثل هذا المشروع وتشكيل لجنة من عشرة أو عشرين من العلماء المتبحرين في التراث العربي المدركين لطبيعة ذوق شباب أمتنا المعاصر، وانتقاء بعد النقاش والفرز وتمحيص الآراء المختلفة أعظم مائة كتاب، ونشرها في خمسين أو ستين مجلدًا أنيقًا بسعر في متناول الجميع بحيث يبقى تحت نظرهم كل يوم.
واختتم مؤكدا أن الأمة بهذه الطريقة ستقدم خدمة جليلة للنشء وستربطهم بالماضي والحاضر والمستقبل، على حد قوله.