القتيل الأمريكي في مصر.. يهودي لم تلده إسرائيل
بينما ينشغل المصريون بالاحتشاد في الميادين في محافظات مصر معارضةً للرئيس محمد مرسي.. يمر خبر مقتل أمريكي في الإسكندرية طعناً بالسكين مرور الكرام.. الخبر الذي نشرته السي إن إن العربية وكذلك موقع رويترز لم يذكر أن الأمريكي الذي قٌتل طعناً بالسكين يوم الجمعة الماضي أثناء استخدام تليفونه لتصوير للمصادمات بين الموالين والمعارضين للرئيس محمد مرسي كان يهودياً.. تواجد القتيل الأمريكي أندرو بوشتر (21) عاماً في أماكن تصادمات عادةً ما يتجنبها غير المصريين يثير الشكوك ولا سيما وأن السفارة الأمريكية تنصح رعاياها بتجنب الاقتراب من أماكن المصادمات.. كان موقع "صدى البلد" هو الموقع الوحيد الذي أشار إلى ديانة القتيل نقلاً عن صحيفة إسرائيلية ولكنه لم يشر إلى أسباب مقتله.
القتيل – وفقاً لموقع "جويش نيوز وان" (Jewish News One) - كان يعمل في المركز الثقافي الأمريكي ويقوم بتعليم اللغة الإنجليزية لأطفال أعمارهم 8 سنوات.. وحتى كتابة هذه السطور لا يعرف المصريون السبب وراء مقتل الأمريكي اليهودي.. ولعله من المهم الإشارة هنا إلى أن المصريين لم يكن يعرفون أن من يعلم أبناءهم يهودياً.
تصريح أسرة أندرو بوشتر يضع مزيداً من علامات الاستفهام حول مقتله.. حيث قال مصدر من الأسرة: "حسب ما فهمنا أنه كان يشهد مظاهرة عندما قام متظاهر بطعنه".. لكن يظل السؤال هنا.. لماذا يطعن متظاهر القتيل دون أي أسباب؟
مقتل الشاب الأمريكي دفعني للبحث عن أي معلومات حول عمله السابق.. حيث أكد موقع "ذي إينكويستر "The Inquisiter" أن الأمريكي الشاب عمل كقائد في مدرسة للمنظمة اليهودية "هيلال".. وأن القتيل كان محبا لتعدد الثقافات وكان يظن أنه لا يمكن أن تحقق سلاما حقيقياً إلا عندما تفهم الآخر فهما جيداً.. عند قراءة هذه السطور قد تظن – كما ظننت - أن الشاب كان جاسوساً.
فالشكوك التي تحيط بمقتل الأمريكي اليهودي أندرو بوشتر تٌعيد للأذهان خبر القبض على ضابط المخابرات الإسرائيلية "إيفرلان غرين" في يونيو 2011.. حيث أثبتت التحريات أن الجاسوس كان يعمل في ميدان التحرير بوسط القاهرة بشكل يومي لتحريض الشباب على الصراع الطائفي وعلى الاشتباك مع قوات الجيش.. وذلك وفقاً لما نشره موقع قناة الجزيرة آنذاك.
لكن السؤال الفارق لحسم تلك الشكوك هو لماذا تكشف قناة "جويش نيوز وان" وكثير من المواقع الصحفية الإسرائيلية عن الديانة اليهودية للشاب الأمريكي إذا كان في مهمة استخباراتية؟ فالموساد لن تشكف عن عميل لها.. كما أن مواقع إسرائيلية متعددة نشرت خبر مقتله وأكدت على مدى التزامه بتعاليم الديانة اليهودية وعن رسالة التسامح التي كان يحملها في مقابل المصير الذي وجده في النهاية في مصر.
استلزم الأمر مزيداً من البحث والتنقيب.. والإجابة جاءت من أحد أصدقاء بوشتر الذي نشر تعقيباً على مقال ينشر الكراهية ضد العرب والمصريين بسبب مقتل بوشتر.. المقال الذي كتبته "باتيا مداد" بعنوان لماذا كان أندرو بوشتر في مصر وليس في إسرائيل؟ تسأل هل كان بوشتر ليموت لو كان في إسرائيل؟ لام المقال أسرة بوشتر لأنها لم تحذره من المصير الذي قد ينتظره في مصر.. وتساءلت كاتبة المقال عما إذا كانت رسالة السلام الذي كان يحملها في مصر كالسراب الذي ليس له وجود.
لوكاس باستروفيلد، صديق بوشتر قال في تعقيبه على المقال إن بوشتر كان من أقرب أصدقائه.. وأنه بالرغم من أن والديه كانا يدينان باليهودية.. فإن أندرو بوشتر نشأ كمسيحي.. وأنه لم يصنف نفسه يوما على أنه يهودي أمريكي وأجهض لوكاس باستروفيلد مباشرة هدف المواقع الإسرائيلية التي تتاجر بيهودية الأمريكي القتيل.. فقال إن أندرو بوشتر لم يمت من أجل القيم اليهودية.. ولكنه كان يعمل في مصر من أجل رسالة أسمى وهو التفاعل مع الآخرين وإقامة حوار مثمر معهم.. وقال لوكاس إنه وأصدقاء بوشتر شجعوه للسفر لمصر في محاولة لتحقيق وفهم السلام.. وصفع صديق بوشتر كاتبة المقال الإسرائيلية قائلا إنه إذا كنت تقولين إن رسالته نحو السلام لم تكن إلا سراباً.. فإن الحقيقة هي أن الكتابة عن أندرو بوشتر ليس من شأنك.
وتوالت التعقيبات على هذا المقال من أصدقاء القتيل يوبخون كاتبة المقال على عنصريتها وكراهيتها.. ورغم محاولة المواقع الإسرائيلية التأكيد على التزام القتيل – أندرو بوشتر – بتعاليم الديانة اليهودية بدليل عمله في منظمة "هيلال" اليهودية.. فإن الحقيقة التي لم تستطع المواقع الإسرائيلية أن تغيرها هي أن أندرو بوشتر يهوديا لم تلده إسرائيل.. هل كان يعرف نفسه على أنه يهودي أم لا.. هذا في علم الغيب.. الحقيقة التي ظهرت وكأنها تؤلم إسرائيل هي أنه لم يكن إسرائيلياً ولا عنصرياً صهيونياً لأنه كان يحب المصريين.