عبد الجليل يدعو لوضع استراتيجية عاجلة لرفع العائد من وحدة المياه في القطاع الزراعي
دعا الدكتور إسماعيل عبد الجليل الرئيس الأسبق لمركز بحوث الصحراء إلى وضع رؤية واستراتيجية وطنية جديدة للتعامل مع الثروة المائية في مصر، لرفع العائد الاقتصادي من وحدة المياه وزيادة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج القومي الإجمالي في ظل الزيادة السكانية المطردة والتبعات السلبية المتوقعة للمشروعات المائية في منابع النيل، مشيراً إلى
قطاع الزراعة فى مصر يستهلك 80 % من مواردنا المائية لاستيفاء احتياجاتنا الغذائية برغم أننا نستكملها باستيراد نصفها تقريبا بفاتورة باهظة.
ولفت عبد الجليل إلى أن الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي ومنظمة "فاو" تشير إلى أن نسبة مشاركة قطاع الزراعة فى الناتج المحلى الإجمالى في مصر 11% فقط و15% طبقا للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، ولكن بالرغم من التفاوت الضئيل بين الأرقام إلا أن مغزاها غير قابل للجدل وهو تواضع نسبة العائد الاقتصادى لوحدة المياه فى قطاع الزراعة بالمقارنة بقطاعى الصناعة والخدمات .
وتساءل مدير الأكاديمية العربية للمياه عن إمكانية خفض حصة الزراعة من المياه لصالح قطاعي الصناعة والخدمات الأكثر عائدا ومساهمة فى الناتج المحلى الإجمالى فى ظل تناقص مواردنا المائية تحت وطأة الزيادة السكانية المضطردة مضافا إليها التوابع السلبية المستقبلية لسد النهضة وغيره من مشروعات فى منابع النيل، حيث يجب أن نحول رؤيتنا الزراعية من الوفرة إلى الندرة ووضع رؤية استراتيجية اقتصادية واجتماعية جديدة تواكب سيناريوهات شح المياه والتغيرات المناخية والزيادة السكانية المصحوبة باستخدامات مياه الشرب والصرف الصحى.
وأكد عبد الجليل أن مصر بلد زراعي برصيد زمنى عمره 10 آلاف سنة حينما نشأت الحضارة على ضفاف النيل، ولا يمكن تغيير هوية مصر الزراعية لارتباطها بالجذور الثقافية والتركيبة السكانية وغيرها خاصة وأن حرفة الزراعة هى أم الحرف لتعدد وظائفها التى يشتق منها كل الأنشطة الاقتصادية الأخرى فى التجارة والصناعة وغيرها، وأضيف حديثا وظيفة أخرى للزراعة وهى دورها فى بقاء الحياة على كوكب الأرض بإنتاج الأكسجين واستنفاذ الكربون وغيره من غازات الاحتباس الحرارى المسببة للتغيرات المناخية وآثارها الكارثية وبها تغير مسمى الفلاح من "صانع الغذاء" إلى "مانح الحياة".
واقترح الرئيس الأسبق لمركز بحوث الصحراء ضرورة تكليف مركزي البحوث الزراعية والصحراء ببرنامج زمنى لرفع كفاءة العائد الاقتصادى لمتر المياه ومواجهة الجفاف، وفقا للتحديات والمستجدات الحالية والمستقبلية، وليس استراتيجيات ورقية، وأن تكون مقترنا بتمويل كاف لتنفيذه، ووضع برنامج زمنى لتدريب وتأهيل كوادر شباب الباحثين والزراعيين فى الخارج بما يتوافق مع تحدياتنا وتكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة.
وشدد على ضرورة استبدال السياسات الزراعية العقابية القائمة على الجباية بأخرى ذكية بالحوافز الجاذبة للقطاع الخاص والمزارعين وليست المنافسة لهما كما هو الحال حاليا .
وتوقع إسماعيل أنه في حالة استمرار الوضع الحالي لقطاع الزراعة وسياسات تهميشه وخفض مخصصاته فى البحوث والإرشاد - إجمالى الموازنة السنوية لـ 18 معهدا بحثيا للبحوث الزراعية هو 67 مليون جنيها فقط - فإن النتائج سوف تكون كارثية فى ظل تحديات مصر المائية الحالية والمستقبلية