رئيس التحرير
عصام كامل

حامى حمى فلسطين.. العمدة: قدمنا عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين..الشهاوي: لا حل سوى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس

تعبيرية
تعبيرية
مع الساعات الأولى من يوم الجمعة قبل الماضية، وضعت الحرب أوزارها، ودخل وقف إطلاق النار بين قوات الاحتلال وبين المقاومة الفلسطينية حيز التنفيذ بعد 11 يومًا من التصعيد المتبادل، الذي أظهر تطورًا في الآلة العسكرية الفلسطينية، في مقابل كسر أنف الكيان الصهيوني وإظهار عجزه وضعفه وقلة حيلته وهوانه على الفلسطينيين والاستسلام لوقف الحرب.


الدور المصري

الدور المصري كان حاضرًا وفاعلًا ومؤثرًا في الأحداث الأخيرة، وعكس تعاظم الدور الإقليمي للقاهرة، وأظهر استمرار الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين في ظل موجات التطبيع العربي المجاني مع الكيان الصهيوني.

هتاف المقدسيين باسم مصر ورفع الأعلام المصرية فور وقف إطلاق النار أظهرا مكانة مصر رئيسًا وشعبًا في نفوسهم واعترافًا ضمنيًا بدورها في التدخل المباشر ووقف إطلاق النار، تزامنًا مع الإعلان عن تقديم 500 مليون دولار دعمًا مباشرًا وغير مباشر، فضلًا عن معونات أخرى قدمتها جهات مصرية رسمية وغير رسمية.

"فيتو".. بدورها تطرح على هامش التطورات الأخيرة حزمة من التساؤلات المشروعة والمنطقية: ماذا بعد وقف إطلاق النار، وهل يستمر طويلا أو تعمد دولة الكيان خرقه مجددًا؟



متي تتوحد الفصائل الفلسطينية؟ هل عادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة بعد محاولات وأدها؟ هل تعتزم الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن التخلي عن الفلسطينيين؟وغيرها من التساؤلات التي تتطلب إجابة واضحة من المراقبين والمتابعين والدبلوماسيين والخبراء الاستراتيجيين.

نظرا لدورها القوى وذكائها الدبلوماسى نجحت الدولة المصرية وإدارتها فى نصر غزة وشعبها والتوصل لاتفاق يمكنه وقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، وكذلك وقف إطلاق النار المتبادل بين الطرفين من خلال قيامها بعد وقت قصير من بدء التصعيد بالتواصل ما لا يقل عن 5 مرات مع الجانب الإسرائيلى من أجل إقناعه بوقف الغارات على غزة، ووضع حد للانتهاكات بحق الفلسطينيين فى الضفة والقدس.

المقاومة الفلسطينية

كما أنه من الجهة الأخرى تواصلت القاهرة على مدار أيام مع الفصائل الفلسطينية التى قررت الرد على استهداف إسرائيل هى الأخرى، بهدف التوصل إلى تهدئة يعقبها وقف لإطلاق النار، ثم وضع مسار لاستئناف المفاوضات المتوقفة بين إسرائيل والفلسطينيين، تسفر عن إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.

وحرصت مصر خلال محاولتها للتهدئة استنكار تلك الممارسات الإسرائيلية الغاشمة والتأكيد دومًا على أن فلسطين قضية العرب المركزية، وأن العرب أجمعين لن يتخلوا عنها، وأى انتهاك لسيادتها ما هو إلا انتهاك للقانون الدولى الذى لن تقف الدول العربية صامتة أمامه، فالدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة.

لكن ما قامت به الدولة المصرية خلال التصعيد الأخير ونجاحها فى وقف إطلاق النار والتهدئة بين الطرفين جعل العالم أجمع يتابع عن كثب ويبحث كيف كانت القاهرة دومًا بجانب القضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى اللحظة، ليس ذلك فحسب، بل باتوا يبحثون عن تاريخ الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية وأشهر المواقف التى قامت بها مصر تجاهها.

حماية فلسطين

اللواء أركان حرب عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، يرى من جانبه أن دور مصر تجاه القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة فمصر دائما تلعب دور الوسيط فى القضية الفلسطينية سواء بين فلسطين وإسرائيل أو بين الفصائل الفلسطينية وبعضها البعض.

فالدور المصرى لم يفاجئنا اليوم كونه مستمرًا منذ 1948، فالدلائل على ذلك كثيرة ومتعددة، فلا توجد دولة واحدة على وجه الأرض قدمت 100 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين من أجل القضية الفلسطينية سوى مصر التى فى وقت عز فيه الرجال قدمت بكامل إرادتها الغالى والنفيس دفاعًا عن القضية الفلسطينية.

حتى أنها لم تجد أغلى من أبنائها أبناء القوات المسلحة للدفاع عن الأراضى الفلسطينية ضد الاحتلال الغاشم الذى طالما طمع فى الاستيلاء عليها منذ وعد بلفور 1917، وحتى مع إبرام اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية كانت القضية الفلسطينية حاضرة على لسان الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى أكد على ضرورة أن يحل سلام عادل وشامل، وأن تعيد إسرائيل كافة الأراضى التى احتلتها 1967.

دعم متواصل

مضيفا أن هذا الدعم المصرى لم يتوقف عند حد أو مستوى معين، حيث ساهمت مصر فى وقف إطلاق النار بعد العدوان الإسرائيلى على غزة عام 2008، وكذلك العدوان الغاشم عام 2014، وتمكنت مصر من إجبار إسرائيل عبر قنواتها الدبلوماسية على وقف إطلاق النار.

وأشار لواء أركان حرب عادل العمدة، إلى أن التحركات الدبلوماسية المصرية تجاه القضية الفلسطينية هى الشغل الشاغل للدولة الفلسطينية على مدار تاريخها منذ أن بدأ النزاع العربى الإسرائيلى 1984، كما أنها أحد أهم الملفات التى تطرح دومًا فى كل المؤتمرات.

كما أن الرئيس السيسي لم يشارك فى أي مؤتمر للأمم المتحدة إلا وكانت القضية الفلسطينية على طاولة الملفات التى يتم تداولها فى الاجتماعات، متابعًا: "مصر دائما ما تتبنى إعادة إعمار غزة، لكن ما برز خلال التصعيد الأخير وإعلان الرئيس السيسى خلال زياته للعاصمة الفرنسية باريس عن خطوة استباقية لإعادة إعمار غزة بـ 500 مليون دولار كان نقطة الانطلاق، والدليل القاطع للتأكيد على أن مصر ستنجح فى التهدئة ووقف إطلاق النار بين الطرفين وإنهاء النزاع الدامى.

لأنه من المستحيل إعادة إعمار منطقة يسيطر عليها النزاع المسلح، فضلًا عن فتح معبر رفح أمام المصابين الفلسطينيين، واستقبالهم بالمستشفيات المصرية.

القاهرة درع الأمان

ومن جانبه قال اللواء أركان حرب الدكتور محمد الشهاوى مستشار كلية القادة والأركان وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن القاهرة هى درع الأمان لدول المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية، وأنه لا حل سوى إقامة دولة فلسطينية يتمتع داخلها الفلسطينيون بكامل حقوقهم وعلى حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى أن مصر استطاعت أن توقف التصعيد العسكرى الإسرائيلى ضد قطاع غزة وضد الفلسطينيين، وتبلور ذلك من خلال وقف إطلاق النار.

واستطرد اللواء محمد الشهاوى: مصر هى السند والحصن الداعم لكل قضايا العرب، انتصرت لفلسطين واحتضنت الفصائل الفلسطينية، رعت اتفاقات المصالحة فى سوريا، وأكدت على الحل السلمى، إعلان القاهرة فى 6 يونيو2020 أوقف نزيف الحرب فى ليبيا ودعت لتنحية خلافات الفرقاء فى ليبيا وحشد الدعم الدولى.

وبالتالى نجد أن القاهرة هى من تقوم ببذل الجهود بالأفعال وليس بالأقوال لصالح القضية الفلسطينية، وأن إسرائيل عندما قامت بتلك الحرب على الفلسطينيين ركزت لتحقيق أهداف هذه الأهداف تمثلت فى استهداف قيادات المقاومة خاصة المسئولة عن منظومة الصواريخ.

ثانيًا التعرف على القدرات الصاروخية الجديدة لعناصر المقاومة بهدف تطوير نظام القبة الحديدية، مشيرا إلى ما رأيناه من صواريخ تم إطلاقها على إسرائيل صواريخ بدر ذات المدى 45 كيلو مترًا، وقذفت بعدد من المدن الإسرائيلية مثل عسقلان، وأيضا صاروخ العياش ومداه 217 كيلو متر، والذى قصفت به تل أبيب.

الموقف الأمريكي

وتابع: نجد أن طرح الكونجرس الأمريكى اختلف، وأصبح هناك حديث بين الحزب الديمقراطى عن الاحتلال الإسرائيلى والتمييز العنصرى فى إسرائيل وحقوق الإنسان الفلسطينى والعنف المفرط والإبادة الجماعية داخل قطاع غزة، مشيرا إلى أن هناك حقائق أفرزتها تلك الحرب، وهى أن المقاومة هى الطريق لاستعادة حقوق الشعب الفلسطينى.

وأن هناك جيلًا جديدًا من شباب فلسطين وصل إلى مستوى متقدم من العلم والمعرفة، وحصل على درجات علمية، هم الذين صنعوا الصواريخ بدقة وأطلقوها على تل أبيب وعسقلان والليد ومطار بن جوريون، وأن الفكر الصهيونى القائم على التوسع لن يفيد؛ لأن الفلسطينيين لن يفرطوا فى أرضهم، وبالتالى نجد أن مصر قامت بدور كبير فى تحقيق وقف إطلاق النار بين الطرفين.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية