تأملات: يوم سيأتى وتنقلب الأدوار!
في العمر وقت تتصدر أفكارك فيه عبارة، عرفناها كلنا تقريبا تسمعها وتلح عليك: مش لاعب. قرار بالخروج من
الملعب رغم أنك لست لاعب كرة من أي نوع. لكنك اتخذت قرارا بالخروج من الملعب. من الحياة.
حين يقع لك ذلك في سن الأربعين وما حولها، فهى أزمة منتصف العمر. شخصيا مررت بها في
السابعة والثلاثين. استبدت بى رغبة عارمة في الانسحاب والانزواء. مع الزمن، تبين أن
النزوع الى الخروج من الملعب، بهدف التحرر من ضغوط البيت والعمل والنفس والشارع، يتجاوز سن منتصف العمر. من اليأس واللاجدوى ومن
انقلاب معايير التقدير. وموازين النجاح، تترسخ في النفس التواقة الى النور والعطاء
قناعة بأن أحدا لم يعد يرغب في بقائك حاضرا.
حين تبحث عن دواعى ومبررات وجودك في دفاتر إهتمام الآخرين، فأكرم لك ان تستجيب في الحال لداعي الانسحاب بكرامة. في أزمات نفسية كثيرة، نسمع أنفسنا نردد: لم يعد لى لزوم. لم يعد أحد بحاجة إلى. استغنوا عنى.
الحتمية التاريخية
عبارات داهمة كاشفة، يواجهها المرء بالتعمق في أسباب حصول هذا الاستغناء، فيجدد ذاته ويخلق دواعي إحتياج اليه، أو يتسامى فوق معايير تقدير الغير له، ويضع نفسه في مقام الرافض المتعالي.. ساخرا من حساباتهم النفعية الضيقة. حين تقرر مغادرة الحياة بأن تركن على جنب..
بأن تمارس وظيفة إطفاء أنوار البيت ليلا، غرفة بعد أخرى، بأن تصبح حاملا للقب الحاج محمد بركة العيلة. حين تصبح موضع ملاطفات ما قبل التوديع.. حين يتم التعامل معك بوصفك عملة قديمة غير قابلة للصرف. حين يعايرك من كان يبدع فى التزلف، بينا أنت كنت تبدع في العطاء، حين تشعر أنك زائدة زمنية. فمن الأجدر بك أن تطفئ وقدة الدموع في عينيك وأن تغلق جفنيك.. فلن يمسح دموعك أحد، لأن أحدا لا يراها. أو يراها ولا يكترث. لا تكابر ولا تعافر. الأصفار كبار والكبار أصفار. ما الجديد؟ ذلك هو تاريخ البشر، وأن تباينت أسماؤهم: محمد أو جون أو بيتر أو بطليموس حتى!
التاريخ صعود على حساب هبوط. دخول علي حساب خروج. بناء علي هدم يعقبه هدم يعلوه بناء. حركة إسمها الحتمية التاريخية. تعيشها الأمم والحضارات.. وبالتالي تنطبق على الأفراد داخل هذه الحركة الدائرية العنيفة.
وتنقلب الأدوار
لا اعتراض على حركة التاريخ وحتميته بالنسبة للأمم، خصوصا أنها حركة هدم وبناء، دخول وخروج، تمتد احداثها على قرون، لكن الإعتراض.. وما قيمة الإعتراض هنا أصلا سوى تسجيل الإختلاف.. أقول إن الفارق في إنقلاب الزمن على الفرد عن إنقلاب الزمن علي الدولة أو الأمة أو الحضارة، أن الفرد يخضع لعنف مباشر في زمن وجيز، هو بعض من عمره.
العنف ليس بالضرورة إيلاما بدنيا.. ممكن أن يكون الألم النفسي أعنف. الإهانة أعنف. الإذلال أعنف. الإقصاء أعنف. الإحتياج أعنف. الهجر أعنف. إغلاق الصندوق عليك داخل قبر أعنف. من يفعل بنا كل هذا العنف؟ بقياس الحضارات أو الأمم، فالفاعل معروف: حضارة تتقدم وتزيح أخرى إستسلمت لدواعي التحلل الداخلي والخارجي. بقياس الفرد، فمن الفاعل؟ الفاعل قوة مسيطرة بيدها أسباب المنح والمنع. قوة مال. قوة حقد. قوة أنانية. قوة استقطاب. قوة إحتكار. قوة غرور.
حين تختار واحدة من هذه القوى أن تدفنك حيا.. فسوف تدفنك. بأن تدفعك إلى كفن منسوج من هذه المشاعر الحقيقية.. بينا أنت تراها معاول هدم في الضمير.. خير لك من هذا كله: اشبعوا بها.. يوم سيأتى وتنقلب الأدوار. ارقد بجوارى..
حين تبحث عن دواعى ومبررات وجودك في دفاتر إهتمام الآخرين، فأكرم لك ان تستجيب في الحال لداعي الانسحاب بكرامة. في أزمات نفسية كثيرة، نسمع أنفسنا نردد: لم يعد لى لزوم. لم يعد أحد بحاجة إلى. استغنوا عنى.
الحتمية التاريخية
عبارات داهمة كاشفة، يواجهها المرء بالتعمق في أسباب حصول هذا الاستغناء، فيجدد ذاته ويخلق دواعي إحتياج اليه، أو يتسامى فوق معايير تقدير الغير له، ويضع نفسه في مقام الرافض المتعالي.. ساخرا من حساباتهم النفعية الضيقة. حين تقرر مغادرة الحياة بأن تركن على جنب..
بأن تمارس وظيفة إطفاء أنوار البيت ليلا، غرفة بعد أخرى، بأن تصبح حاملا للقب الحاج محمد بركة العيلة. حين تصبح موضع ملاطفات ما قبل التوديع.. حين يتم التعامل معك بوصفك عملة قديمة غير قابلة للصرف. حين يعايرك من كان يبدع فى التزلف، بينا أنت كنت تبدع في العطاء، حين تشعر أنك زائدة زمنية. فمن الأجدر بك أن تطفئ وقدة الدموع في عينيك وأن تغلق جفنيك.. فلن يمسح دموعك أحد، لأن أحدا لا يراها. أو يراها ولا يكترث. لا تكابر ولا تعافر. الأصفار كبار والكبار أصفار. ما الجديد؟ ذلك هو تاريخ البشر، وأن تباينت أسماؤهم: محمد أو جون أو بيتر أو بطليموس حتى!
التاريخ صعود على حساب هبوط. دخول علي حساب خروج. بناء علي هدم يعقبه هدم يعلوه بناء. حركة إسمها الحتمية التاريخية. تعيشها الأمم والحضارات.. وبالتالي تنطبق على الأفراد داخل هذه الحركة الدائرية العنيفة.
وتنقلب الأدوار
لا اعتراض على حركة التاريخ وحتميته بالنسبة للأمم، خصوصا أنها حركة هدم وبناء، دخول وخروج، تمتد احداثها على قرون، لكن الإعتراض.. وما قيمة الإعتراض هنا أصلا سوى تسجيل الإختلاف.. أقول إن الفارق في إنقلاب الزمن على الفرد عن إنقلاب الزمن علي الدولة أو الأمة أو الحضارة، أن الفرد يخضع لعنف مباشر في زمن وجيز، هو بعض من عمره.
العنف ليس بالضرورة إيلاما بدنيا.. ممكن أن يكون الألم النفسي أعنف. الإهانة أعنف. الإذلال أعنف. الإقصاء أعنف. الإحتياج أعنف. الهجر أعنف. إغلاق الصندوق عليك داخل قبر أعنف. من يفعل بنا كل هذا العنف؟ بقياس الحضارات أو الأمم، فالفاعل معروف: حضارة تتقدم وتزيح أخرى إستسلمت لدواعي التحلل الداخلي والخارجي. بقياس الفرد، فمن الفاعل؟ الفاعل قوة مسيطرة بيدها أسباب المنح والمنع. قوة مال. قوة حقد. قوة أنانية. قوة استقطاب. قوة إحتكار. قوة غرور.
حين تختار واحدة من هذه القوى أن تدفنك حيا.. فسوف تدفنك. بأن تدفعك إلى كفن منسوج من هذه المشاعر الحقيقية.. بينا أنت تراها معاول هدم في الضمير.. خير لك من هذا كله: اشبعوا بها.. يوم سيأتى وتنقلب الأدوار. ارقد بجوارى..