وانتصرت المقاومة.. وزير الدفاع الصهيوني السابق يكشف عن خوفه: "سيضربوننا قريبًا".. وتوقعات بتصفية القيادات الفلسطينية
مع الساعات الأولى من يوم الجمعة قبل الماضية، وضعت الحرب أوزارها، ودخل وقف إطلاق النار بين قوات الاحتلال وبين المقاومة الفلسطينية حيز التنفيذ بعد 11 يومًا من التصعيد المتبادل، الذي أظهر تطورًا في الآلة العسكرية الفلسطينية، في مقابل كسر أنف الكيان الصهيوني وإظهار عجزه وضعفه وقلة حيلته وهوانه على الفلسطينيين والاستسلام لوقف الحرب.
الدور المصري
الدور المصري كان حاضرًا وفاعلًا ومؤثرًا في الأحداث الأخيرة، وعكس تعاظم الدور الإقليمي للقاهرة، وأظهر استمرار الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين في ظل موجات التطبيع العربي المجاني مع الكيان الصهيوني.
هتاف المقدسيين باسم مصر ورفع الأعلام المصرية فور وقف إطلاق النار أظهرا مكانة مصر رئيسًا وشعبًا في نفوسهم واعترافًا ضمنيًا بدورها في التدخل المباشر ووقف إطلاق النار، تزامنًا مع الإعلان عن تقديم 500 مليون دولار دعمًا مباشرًا وغير مباشر، فضلًا عن معونات أخرى قدمتها جهات مصرية رسمية وغير رسمية.
"فيتو".. بدورها تطرح على هامش التطورات الأخيرة حزمة من التساؤلات المشروعة والمنطقية: ماذا بعد وقف إطلاق النار، وهل يستمر طويلا أو تعمد دولة الكيان خرقه مجددًا؟ متي تتوحد الفصائل الفلسطينية؟ هل عادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة بعد محاولات وأدها؟ هل تعتزم الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن التخلي عن الفلسطينيين؟وغيرها من التساؤلات التي تتطلب إجابة واضحة من المراقبين والمتابعين والدبلوماسيين والخبراء الإستراتيجيين.
انتصار المقاومة
يرى قطاع واسع فى إسرائيل أن اتفاق وقف إطلاق النار يعد «محرجا»، وإقرارا بقوة تأثير المقاومة الفلسطينية، وعبر عن ذلك وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق أفيجدور ليبرمان، الذى قال: «ستطلق حماس النار مرة أخرى فى سنوات قليلة، وسنجرى عملية جراحية.. وعندما نتحدث عن أمن إسرائيل من وجهة نظر أمنية، فإن هذه العملية برمتها غير ضرورية تماما.
وحماس هى من ستخرج منتصرة بعد نجاحها فى خلق جبهة داخلية لها داخل إسرائيل ونجحت بالسيطرة على الشارع الفلسطينى.. وأريد أن أسال كيف ستكون صورتنا أمام العالم العربى؟ جميعهم سيقولون إذا كان وضع إسرائيل هكذا أمام حماس فكيف سيكون وضعها أمام حزب الله وإيران؟».
استراتيجية المقاومة
الإستراتيجية التى اعتمدت عليها المقاومة كانت بلا شك عاملا رئيسيا فى تحقيق مكاسب ملموسة، وعلى رأسها استهداف البنية التحتية للطاقة فى دولة الاحتلال الإسرائيلى، مثل استهداف مشروع أنابيب خط «إيلات - عسقلان» الذى سقط عليه نحو عشرين صاروخا فلسطينيا، بالإضافة إلى استهداف منصات الغاز الطبيعى الإسرائيلية فى مياه شرق المتوسط، بما أثار حالة من الرعب لدى سلطات الاحتلال من قدرة المقاومة على الوصول إلى تلك الأهداف الإستراتيجية، التى ترتكز عليها خطط الاحتلال الإسرائيلى فى تطوير الاقتصاد وتوسيع مصادر دخله.
ويأتى كسر الحاجز النفسى الذى تراكم خلال سنوات بشأن القوة العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلى من أهم المكاسب التى تمكنت المقاومة من تحقيقها، وخلق حالة غير مسبوقة من التوحد خلف الهدف الرئيسى، وهو كسر غرور الاحتلال، وعدم إتمام العملية البرية التى لوحت بها قوات الاحتلال على مدار أيام التصعيد، ناهيك عن حالة الاصطفاف العربية وراء العمليات التى شنتها المقاومة ضد الكيان الصهيونى، وبث الرعب فى نفوس قادة قوات الاحتلال وهروب مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الأنفاق والملاجئ فى موقف سيبقى محفورا لمدة طويلة فى أذهان سلطة الاحتلال.
الوحدة الفلسطينية
من جانبه، قال الدكتور عبد المهدى مطاوع، مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والأمن القومى والمحلل السياسى الفلسطينى، إن الوحدة الميدانية للمقاومة الفلسطينية كان لها أثر كبير فى كسر الصورة النمطية للجيش الإسرائيلى والتأثير على صورة إسرائيل التى كانت تحاول تسويقها فى الإقليم على أنها القادرة على مواجهة إيران.
مضيفا خلال حديثه لـ«فيتو»: المكسب الرئيسى لفلسطين بعد الدور الذى لعبته المقاومة هو إعادة كشف الصورة الحقيقية للاحتلال، وهذا ما كنا شهدناه فى حالة التضامن العالمي، ولا سيما فى الولايات المتحدة وبريطانيا، وكذلك فى أوروبا، بالإضافة إلى إعادة اكتشاف القدرة الجمعية الشعب الفلسطينى ومناصريهم والذى أدى إلى نجاح حملات السوشيال ميديا وكذلك تراجع فيس بوك عن إجراءاته المنحازة.
وفى نفس السياق، قال الدكتور حسام الدجنى، أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسى المختص بالشأن الفلسطينى، إن المقاومة لعبت دورًا كبيرًا ضد الاحتلال الإسرائيلى فى التصعيد الأخير، وهذا الدور له مناحٍ عدة؛ الأول يتعلق بوحدة كل جبهات الداخل الفلسطينى المحتل (الضفة والقدس وغزة)، والثانى أداء المقاومة الناجح على مختلف المستويات عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وكذلك شكلت نجاحا كبيرا فى الحرب النفسية، لا سيما رفع حظر التجول عن تل أبيب والمطارات وغير ذلك.
وأضاف المحلل السياسى المختص بالشأن الفلسطينى، خلال حديثه لـ«فيتو»، أن المقاومة عملت معادلة «كى وعي» للمجتمع الإسرائيلى بأن يفقد المجتمع الإسرائيلية الثقة فى جيش الاحتلال، وبالتالى على المستوى الإستراتيجى يضعف ذلك من المناعة الداخلية للمجتمع الإسرائيلى ويزيد من معدلات الهجرة العكسية إستراتيجيا، مشيرا إلى أن المقاومة بعثت برسالة للمجتمع العربى بأن الاحتلال ليس قويا كما يدعى، بل يمكن هزيمته فى أي لحظة، لا سيما أنه أساس البلاء فى المنطقة ويؤجج عمليات الصراع المذهبى والطائفى ويضرب العمق الاقتصادى للمجتمعات العربية وإضعافها.
جرائم إسرائيل
وأشار إلى أن حجم جرائم الإبادة والتطهير العرقى التى نفذتها إسرائيل ستنقلب عليها من خلال الصور والفيديوهات، وعندما ترى المجتمعات الغربية تلك المشاهد لن تعود إسرائيل المنطقة الديمقراطية الحصرية فى الشرق الأوسط.
لذلك على المستوى التراكمى أدى ذلك إلى نتائج إيجابية فى زيادة الدعم للقضايا الفلسطينية وللقانون الدولى الذى يعبر عنه موقف المقاومة من خلال طرح قضية القدس، وعلى الصعيد الآخر إلحاق الأذى والخسائر البشرية والمادية فى الاقتصاد الإسرائيلى الذى يعتمد على الرفاهية، وارتفاع الروح المعنوية ورفع السقف السياسى للشعب الفلسطينى الذى أصبح يتحدث عن خيار التحرير، وأصبح حل الدولتين قابلًا للتحقق دون تبادل أراض.
وأوضح أن إسرائيل الآن دخلت فى معركة مع أضعف حلقة فى قطاع غزة، فكيف لو دخلت مع إيران أو سوريا، فهذا بالتأكيد سيضعف فرص أي عمل للعدوان الإسرائيلى، وسيكون تفكيرها مختلفا قبل الإقبال على أية عمليات عدائية، لاسيما لو استمر الحراك العربى فى دعم صمود الشعب الفلسطينى فى كل المجالات، واستمرار تقديم الدعم السياسى والإعلامي والإغاثى وترسيخ القانون الدولى بتثبيت حق الدولتين دون مراوغات.
تعدد النضال
من ناحيته، قال أشرف عكة المحلل السياسى المختص فى الشأن الفلسطينى، إن توحد فعل المقاومة وتعدد أشكال النضال الوطنى على كامل أرض فلسطين التاريخية وتكامل عناصر الفعل الوطنى فى تجمعات الشعب الفلسطينى كافة (الضفة وغزة والشتات والقدس) مثلت عنوان لبدء مرحلة جديدة فى النضال الوطنى الفلسطينى نحو التحرر والخلاص من الاحتلال.
وعمل على إيقاظ الوعى الوطنى الجمعى للشعب الفلسطينى بضرورة استرداد أرض فلسطين وتحقيق حلم الشعب الفلسطينى بالعودة والدولة وتقرير المصير والاقتراب أكثر من تحقق أهداف المشروع الوطنى بالفعل الكفاحى والنضالى، وليس عبر مسار السلام والمفاوضات التى خدع العالم فيها الشعب الفلسطينى منذ أكثر من 70 عاما.
وأضاف المحلل السياسى المختص فى الشأن الفلسطينى، خلال حديثه لـ«فيتو»، أن ما جسدته المقاومة المسلحة فى غزة من فعل عسكرى وإعلامي ميدانى واستخباراتى تكتيكى وإستراتيجى سيكون بالضرورة مقدمة مهمة لتبدل المعادلات السياسية والعسكرية القائمة منذ ثلاثة عقود، وكان تكامل أداء المقاومة الميدانى والإعلامي ووعى الجماهير حاضنة المقاومة حتما له اثرة المباشر على فكرة وجود الكيان الإسرائيلى.
وأوضح أن ما فعلته المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة فى معركة سيف القدس إنجاز إستراتيجى وطنى بكل معانيه ودلالاته وبينت قدرة المقاومة المحاصرة فى ردع الاحتلال وخلق قوة صلبة فى كبح جماح العدوان الإسرائيلى، أن فعل المقاومة عظيم بالأداء والوحدة والروح الوطنية التى عكست نفسها فى أرض المعركة منذ بدء العدوان.
وحتى اللحظة الأخيرة لإعلان وقف إطلاق النار الذى ما كان ليحصل لولا بسالة وصمود المقاومة الفلسطينية التى عزلت وفضحت دولة الاحتلال أمام الرأى العام الدولى، وكما انتصرت المقاومة فى ميدان القتال وتوجيه الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة وصواريخ الكورنيت الموجهة.
والتى طالت المدن والتجمعات العسكرية والمطارات الإسرائيلية وجعلت أكثر من 5 ملايين إسرائيلى فى الملاجئ، بل إعلان حظر التجوال عن مدينة تل أبيب، انتصرت فى معركة الإعلام العالمى، وهذا دليل على وحدة وتكامل أداء المقاومة الذى توج بنصر يفخر به الشعب الفلسطينى والأمة العربية والإسلامية، ويعيد الأمل والثقة بالأمة، وإمكاناتها لما أنجزته هذه المقاومة المحاصرة بإمكاناتها العسكرية المتواضعة بالمعنى الإستراتيجى بميزان القوة.
وأشار إلى أن المقاومة حققت الإنجازات التالية: أولا: وحدت الشعب الفلسطينى خلف المقاومة والنضال والكفاح المسلح كأرقى أشكال النضال الواجبة وعملت على استيقاظ الوعى الوطنى وأربكت حسابات الاحتلال فى التفرد بالقدس وبالمسجد الأقصى وحى الشيخ جراح وغيره من مخططات تهويدية واستيطانية وإحلالية فى كافة الأرض الفلسطينية.
ثانيا: تكامل عناصر الفعل الوطنى فى مختلفة تجمعات الشعب الفلسطينى،
ورسخت فكرة توحد الجبهات يكشف هشاشة دولة الكيان وضعفها. ثالثا: إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية كأحد عناصر وعوامل النصر على هذا المحتل، وأن رفع الحصار عن غزة وحرية الصيد والحركة وفتح المعابر وكل القضايا الإنسانية ليس على حساب سلاح المقاومة وكرامة الشعب الفلسطينى.
والاحتلال والعالم أجمع مجبور حسب القانون الدولى على معالجة كل تلك القضايا، وأن الحصار الإسرائيلى جريمة حرب على العالم أن يحمل إسرائيل المسئولية الدولية فى هذا.
رابعا: رسخت المقاومة فكرة قدرتها على تحقيق نصر إستراتيجى على الاحتلال، وأن هذه الجولة ستكون بداية نهاية الاحتلال، وأن الانتصار يأتى بشكل تراكمى وعبر تعزيز عناصر القوة والمنعة الوطنية. خامسا: كشفت المقاومة ضعف جيش الاحتلال وتلاشى قوة الردع وفشلة الذريع فى تحقيق أي إنجاز يتفاخر به أمام الجمهور الإسرائيلى، بل بينت مدى تفكك وانهيار المجتمع الإسرائيلى وضعف جبهته الداخلية.
سادسا: فرضت المقاومة معادلة ردع إستراتيجى ليس فى نطاق القطاع، بل تأثر رد فعل المقاومة بأى عدوان على القدس والمقدسيين والمقدسات، بل أهلنا فى الضفة ومناطق فلسطين المحتلة عام 1948. وسابعا: تأكد دور محور المقاومة كلاعب إقليمى مهم فى صد المؤامرات والمشاريع الهادفة لضرب وحدة الأمة وأمنها القومى، خاصة الدور الأمريكى الإسرائيلى فى القرن الأفريقى وسوريا والعراق واليمن وليبيا.
وثامنا: فرضت المقاومة خطابها الأخلاقى والإعلامي على العالم وظهر حجم الدعم والتايد للشعب الفلسطينى ولقضيته العادلة فى دول العالم أجمع، ورأينا كيف تفاعلت قطاعات واسعة فى المعمورة مع مشاهد الدم وقتل الأطفال وهدم الأبراج وكثافة القصف على المدنيين الأمنين فى بيوتهم.
وأشار إلى أن الاحتلال سيعيد الكرة، وستكون هناك محاولة قريبة، وستبقى سياسة الاغتيالات للقادة السياسيون ولقادة المقاومة قائمة فى كل لحظة والعدوان الإسرائيلى لم ينته، بل بدأ من الآن، إسرائيل انكشفت أمام فعل الشعب الفلسطينى وبينت مكامن ضعفها الإستراتيجى الوجودى، ووجدت إسرائيل نفسها أمام الحقائق التالية: القدس لن تكون عاصمة موحدة لهم، وأن وعد ترامب لن يتحقق.
وترجع قدرة الردع الإسرائيلية وأقول هيبة الجيش تراجعت أمام المجتمع الإسرائيلى وقدرة على حسم المعارك وتحقيق انتصارات تراجعت منذ عام 2000 وانسحابه من جنوب لبنان وحرب يوليو 2006 وجولات الحروب المتعددة مع المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة 2012، 2014 آخرها معركة سيف القدس مايو 2021.
نقلًا عن العدد الورقي...
الدور المصري
الدور المصري كان حاضرًا وفاعلًا ومؤثرًا في الأحداث الأخيرة، وعكس تعاظم الدور الإقليمي للقاهرة، وأظهر استمرار الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين في ظل موجات التطبيع العربي المجاني مع الكيان الصهيوني.
هتاف المقدسيين باسم مصر ورفع الأعلام المصرية فور وقف إطلاق النار أظهرا مكانة مصر رئيسًا وشعبًا في نفوسهم واعترافًا ضمنيًا بدورها في التدخل المباشر ووقف إطلاق النار، تزامنًا مع الإعلان عن تقديم 500 مليون دولار دعمًا مباشرًا وغير مباشر، فضلًا عن معونات أخرى قدمتها جهات مصرية رسمية وغير رسمية.
"فيتو".. بدورها تطرح على هامش التطورات الأخيرة حزمة من التساؤلات المشروعة والمنطقية: ماذا بعد وقف إطلاق النار، وهل يستمر طويلا أو تعمد دولة الكيان خرقه مجددًا؟ متي تتوحد الفصائل الفلسطينية؟ هل عادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة بعد محاولات وأدها؟ هل تعتزم الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن التخلي عن الفلسطينيين؟وغيرها من التساؤلات التي تتطلب إجابة واضحة من المراقبين والمتابعين والدبلوماسيين والخبراء الإستراتيجيين.
انتصار المقاومة
يرى قطاع واسع فى إسرائيل أن اتفاق وقف إطلاق النار يعد «محرجا»، وإقرارا بقوة تأثير المقاومة الفلسطينية، وعبر عن ذلك وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق أفيجدور ليبرمان، الذى قال: «ستطلق حماس النار مرة أخرى فى سنوات قليلة، وسنجرى عملية جراحية.. وعندما نتحدث عن أمن إسرائيل من وجهة نظر أمنية، فإن هذه العملية برمتها غير ضرورية تماما.
وحماس هى من ستخرج منتصرة بعد نجاحها فى خلق جبهة داخلية لها داخل إسرائيل ونجحت بالسيطرة على الشارع الفلسطينى.. وأريد أن أسال كيف ستكون صورتنا أمام العالم العربى؟ جميعهم سيقولون إذا كان وضع إسرائيل هكذا أمام حماس فكيف سيكون وضعها أمام حزب الله وإيران؟».
استراتيجية المقاومة
الإستراتيجية التى اعتمدت عليها المقاومة كانت بلا شك عاملا رئيسيا فى تحقيق مكاسب ملموسة، وعلى رأسها استهداف البنية التحتية للطاقة فى دولة الاحتلال الإسرائيلى، مثل استهداف مشروع أنابيب خط «إيلات - عسقلان» الذى سقط عليه نحو عشرين صاروخا فلسطينيا، بالإضافة إلى استهداف منصات الغاز الطبيعى الإسرائيلية فى مياه شرق المتوسط، بما أثار حالة من الرعب لدى سلطات الاحتلال من قدرة المقاومة على الوصول إلى تلك الأهداف الإستراتيجية، التى ترتكز عليها خطط الاحتلال الإسرائيلى فى تطوير الاقتصاد وتوسيع مصادر دخله.
ويأتى كسر الحاجز النفسى الذى تراكم خلال سنوات بشأن القوة العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلى من أهم المكاسب التى تمكنت المقاومة من تحقيقها، وخلق حالة غير مسبوقة من التوحد خلف الهدف الرئيسى، وهو كسر غرور الاحتلال، وعدم إتمام العملية البرية التى لوحت بها قوات الاحتلال على مدار أيام التصعيد، ناهيك عن حالة الاصطفاف العربية وراء العمليات التى شنتها المقاومة ضد الكيان الصهيونى، وبث الرعب فى نفوس قادة قوات الاحتلال وهروب مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الأنفاق والملاجئ فى موقف سيبقى محفورا لمدة طويلة فى أذهان سلطة الاحتلال.
الوحدة الفلسطينية
من جانبه، قال الدكتور عبد المهدى مطاوع، مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والأمن القومى والمحلل السياسى الفلسطينى، إن الوحدة الميدانية للمقاومة الفلسطينية كان لها أثر كبير فى كسر الصورة النمطية للجيش الإسرائيلى والتأثير على صورة إسرائيل التى كانت تحاول تسويقها فى الإقليم على أنها القادرة على مواجهة إيران.
مضيفا خلال حديثه لـ«فيتو»: المكسب الرئيسى لفلسطين بعد الدور الذى لعبته المقاومة هو إعادة كشف الصورة الحقيقية للاحتلال، وهذا ما كنا شهدناه فى حالة التضامن العالمي، ولا سيما فى الولايات المتحدة وبريطانيا، وكذلك فى أوروبا، بالإضافة إلى إعادة اكتشاف القدرة الجمعية الشعب الفلسطينى ومناصريهم والذى أدى إلى نجاح حملات السوشيال ميديا وكذلك تراجع فيس بوك عن إجراءاته المنحازة.
وفى نفس السياق، قال الدكتور حسام الدجنى، أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسى المختص بالشأن الفلسطينى، إن المقاومة لعبت دورًا كبيرًا ضد الاحتلال الإسرائيلى فى التصعيد الأخير، وهذا الدور له مناحٍ عدة؛ الأول يتعلق بوحدة كل جبهات الداخل الفلسطينى المحتل (الضفة والقدس وغزة)، والثانى أداء المقاومة الناجح على مختلف المستويات عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وكذلك شكلت نجاحا كبيرا فى الحرب النفسية، لا سيما رفع حظر التجول عن تل أبيب والمطارات وغير ذلك.
وأضاف المحلل السياسى المختص بالشأن الفلسطينى، خلال حديثه لـ«فيتو»، أن المقاومة عملت معادلة «كى وعي» للمجتمع الإسرائيلى بأن يفقد المجتمع الإسرائيلية الثقة فى جيش الاحتلال، وبالتالى على المستوى الإستراتيجى يضعف ذلك من المناعة الداخلية للمجتمع الإسرائيلى ويزيد من معدلات الهجرة العكسية إستراتيجيا، مشيرا إلى أن المقاومة بعثت برسالة للمجتمع العربى بأن الاحتلال ليس قويا كما يدعى، بل يمكن هزيمته فى أي لحظة، لا سيما أنه أساس البلاء فى المنطقة ويؤجج عمليات الصراع المذهبى والطائفى ويضرب العمق الاقتصادى للمجتمعات العربية وإضعافها.
جرائم إسرائيل
وأشار إلى أن حجم جرائم الإبادة والتطهير العرقى التى نفذتها إسرائيل ستنقلب عليها من خلال الصور والفيديوهات، وعندما ترى المجتمعات الغربية تلك المشاهد لن تعود إسرائيل المنطقة الديمقراطية الحصرية فى الشرق الأوسط.
لذلك على المستوى التراكمى أدى ذلك إلى نتائج إيجابية فى زيادة الدعم للقضايا الفلسطينية وللقانون الدولى الذى يعبر عنه موقف المقاومة من خلال طرح قضية القدس، وعلى الصعيد الآخر إلحاق الأذى والخسائر البشرية والمادية فى الاقتصاد الإسرائيلى الذى يعتمد على الرفاهية، وارتفاع الروح المعنوية ورفع السقف السياسى للشعب الفلسطينى الذى أصبح يتحدث عن خيار التحرير، وأصبح حل الدولتين قابلًا للتحقق دون تبادل أراض.
وأوضح أن إسرائيل الآن دخلت فى معركة مع أضعف حلقة فى قطاع غزة، فكيف لو دخلت مع إيران أو سوريا، فهذا بالتأكيد سيضعف فرص أي عمل للعدوان الإسرائيلى، وسيكون تفكيرها مختلفا قبل الإقبال على أية عمليات عدائية، لاسيما لو استمر الحراك العربى فى دعم صمود الشعب الفلسطينى فى كل المجالات، واستمرار تقديم الدعم السياسى والإعلامي والإغاثى وترسيخ القانون الدولى بتثبيت حق الدولتين دون مراوغات.
تعدد النضال
من ناحيته، قال أشرف عكة المحلل السياسى المختص فى الشأن الفلسطينى، إن توحد فعل المقاومة وتعدد أشكال النضال الوطنى على كامل أرض فلسطين التاريخية وتكامل عناصر الفعل الوطنى فى تجمعات الشعب الفلسطينى كافة (الضفة وغزة والشتات والقدس) مثلت عنوان لبدء مرحلة جديدة فى النضال الوطنى الفلسطينى نحو التحرر والخلاص من الاحتلال.
وعمل على إيقاظ الوعى الوطنى الجمعى للشعب الفلسطينى بضرورة استرداد أرض فلسطين وتحقيق حلم الشعب الفلسطينى بالعودة والدولة وتقرير المصير والاقتراب أكثر من تحقق أهداف المشروع الوطنى بالفعل الكفاحى والنضالى، وليس عبر مسار السلام والمفاوضات التى خدع العالم فيها الشعب الفلسطينى منذ أكثر من 70 عاما.
وأضاف المحلل السياسى المختص فى الشأن الفلسطينى، خلال حديثه لـ«فيتو»، أن ما جسدته المقاومة المسلحة فى غزة من فعل عسكرى وإعلامي ميدانى واستخباراتى تكتيكى وإستراتيجى سيكون بالضرورة مقدمة مهمة لتبدل المعادلات السياسية والعسكرية القائمة منذ ثلاثة عقود، وكان تكامل أداء المقاومة الميدانى والإعلامي ووعى الجماهير حاضنة المقاومة حتما له اثرة المباشر على فكرة وجود الكيان الإسرائيلى.
وأوضح أن ما فعلته المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة فى معركة سيف القدس إنجاز إستراتيجى وطنى بكل معانيه ودلالاته وبينت قدرة المقاومة المحاصرة فى ردع الاحتلال وخلق قوة صلبة فى كبح جماح العدوان الإسرائيلى، أن فعل المقاومة عظيم بالأداء والوحدة والروح الوطنية التى عكست نفسها فى أرض المعركة منذ بدء العدوان.
وحتى اللحظة الأخيرة لإعلان وقف إطلاق النار الذى ما كان ليحصل لولا بسالة وصمود المقاومة الفلسطينية التى عزلت وفضحت دولة الاحتلال أمام الرأى العام الدولى، وكما انتصرت المقاومة فى ميدان القتال وتوجيه الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة وصواريخ الكورنيت الموجهة.
والتى طالت المدن والتجمعات العسكرية والمطارات الإسرائيلية وجعلت أكثر من 5 ملايين إسرائيلى فى الملاجئ، بل إعلان حظر التجوال عن مدينة تل أبيب، انتصرت فى معركة الإعلام العالمى، وهذا دليل على وحدة وتكامل أداء المقاومة الذى توج بنصر يفخر به الشعب الفلسطينى والأمة العربية والإسلامية، ويعيد الأمل والثقة بالأمة، وإمكاناتها لما أنجزته هذه المقاومة المحاصرة بإمكاناتها العسكرية المتواضعة بالمعنى الإستراتيجى بميزان القوة.
وأشار إلى أن المقاومة حققت الإنجازات التالية: أولا: وحدت الشعب الفلسطينى خلف المقاومة والنضال والكفاح المسلح كأرقى أشكال النضال الواجبة وعملت على استيقاظ الوعى الوطنى وأربكت حسابات الاحتلال فى التفرد بالقدس وبالمسجد الأقصى وحى الشيخ جراح وغيره من مخططات تهويدية واستيطانية وإحلالية فى كافة الأرض الفلسطينية.
ثانيا: تكامل عناصر الفعل الوطنى فى مختلفة تجمعات الشعب الفلسطينى،
ورسخت فكرة توحد الجبهات يكشف هشاشة دولة الكيان وضعفها. ثالثا: إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية كأحد عناصر وعوامل النصر على هذا المحتل، وأن رفع الحصار عن غزة وحرية الصيد والحركة وفتح المعابر وكل القضايا الإنسانية ليس على حساب سلاح المقاومة وكرامة الشعب الفلسطينى.
والاحتلال والعالم أجمع مجبور حسب القانون الدولى على معالجة كل تلك القضايا، وأن الحصار الإسرائيلى جريمة حرب على العالم أن يحمل إسرائيل المسئولية الدولية فى هذا.
رابعا: رسخت المقاومة فكرة قدرتها على تحقيق نصر إستراتيجى على الاحتلال، وأن هذه الجولة ستكون بداية نهاية الاحتلال، وأن الانتصار يأتى بشكل تراكمى وعبر تعزيز عناصر القوة والمنعة الوطنية. خامسا: كشفت المقاومة ضعف جيش الاحتلال وتلاشى قوة الردع وفشلة الذريع فى تحقيق أي إنجاز يتفاخر به أمام الجمهور الإسرائيلى، بل بينت مدى تفكك وانهيار المجتمع الإسرائيلى وضعف جبهته الداخلية.
سادسا: فرضت المقاومة معادلة ردع إستراتيجى ليس فى نطاق القطاع، بل تأثر رد فعل المقاومة بأى عدوان على القدس والمقدسيين والمقدسات، بل أهلنا فى الضفة ومناطق فلسطين المحتلة عام 1948. وسابعا: تأكد دور محور المقاومة كلاعب إقليمى مهم فى صد المؤامرات والمشاريع الهادفة لضرب وحدة الأمة وأمنها القومى، خاصة الدور الأمريكى الإسرائيلى فى القرن الأفريقى وسوريا والعراق واليمن وليبيا.
وثامنا: فرضت المقاومة خطابها الأخلاقى والإعلامي على العالم وظهر حجم الدعم والتايد للشعب الفلسطينى ولقضيته العادلة فى دول العالم أجمع، ورأينا كيف تفاعلت قطاعات واسعة فى المعمورة مع مشاهد الدم وقتل الأطفال وهدم الأبراج وكثافة القصف على المدنيين الأمنين فى بيوتهم.
وأشار إلى أن الاحتلال سيعيد الكرة، وستكون هناك محاولة قريبة، وستبقى سياسة الاغتيالات للقادة السياسيون ولقادة المقاومة قائمة فى كل لحظة والعدوان الإسرائيلى لم ينته، بل بدأ من الآن، إسرائيل انكشفت أمام فعل الشعب الفلسطينى وبينت مكامن ضعفها الإستراتيجى الوجودى، ووجدت إسرائيل نفسها أمام الحقائق التالية: القدس لن تكون عاصمة موحدة لهم، وأن وعد ترامب لن يتحقق.
وترجع قدرة الردع الإسرائيلية وأقول هيبة الجيش تراجعت أمام المجتمع الإسرائيلى وقدرة على حسم المعارك وتحقيق انتصارات تراجعت منذ عام 2000 وانسحابه من جنوب لبنان وحرب يوليو 2006 وجولات الحروب المتعددة مع المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة 2012، 2014 آخرها معركة سيف القدس مايو 2021.
نقلًا عن العدد الورقي...