«السيل الشمالى 2».. شوكة «بوتين» الأوروبية فى حلق «بايدن».. واشنطن تتراجع عن«العقوبات».. وأوروبا على موعد مع «السيطرة الروسية»
«شوكة فى حلق اقتصادها ومصالحها».. الوصف الأدق الذى منحته الإدارة الأمريكية لمشروع «السيل الشمالى 2» أو «نورد ستريم 2»، الذى يقضى بإنشاء خط أنبوبى لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر الأراضى الألمانية، وتسعى واشنطن جاهدة لمحاولة هدم استمرار ذلك المشروع من خلال فرض عقوبات ضد الشركات القائمة عليه من قبل الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.
شوكة بوتين
ويشمل المشروع الذى شارف على الانتهاء ومر عليه أكثر من رئيس أمريكى رافضًا له، بناء أنبوبين لنقل الغاز الطبيعى عبر مياه بحر البلطيق بسعة سنوية تصل إلى 55 مليار متر مكعب، ورغم أن المشروع الذى تتجاوز تكلفته حاجز الـ 11 مليار دولار، وتساهم فيه شركات عالمية فى مقدمتها "غاز بروم" وشركات أوروبية أخرى اكتمل بنائه بنسبة 90%، لكن لا يزال هناك نحو 120كيلو متر من الأنابيب يجب تشييدها فى المياه الدنماركية ونحو 30 كيلو متر فى المياه الألمانية.
لكنها متوقفة بسبب عدة عراقيل وضعتها الإدارة الأمريكية نظرًا لأنها ترى أن ذلك المشروع سيضر بإنتاجها من الغاز الطبيعى وسيضعف اقتصادها.
الموقف الألماني
مقابل النظرة الأمريكية الرافضة للمشروع، ترى ألمانيا أنه مصدر لطاقة نظيفة، هذا فضلا عن أنه سوف يمكنها التخلص من طاقة الفحم والطاقة النووية الخطيرة، إلى جانب أنه تكلفة نقله أسهل وأوفر عن استيراد الغاز من الولايات المتحدة الأمريكية، ليس ذلك فحسب، بل يمكنه مضاعفة الطاقة الاستيعابية لخط أنابيب حالى تحت البحر يتفادى أوكرانيا، ويحرم «كييف» من تحصيل رسوم العبور.
ومنذ حكم الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، والولايات المتحدة ترفض ذلك المشروع، زاعمة أن المشروع الذى من المفترض أن ينقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى من روسيا إلى ألمانيا كل عام، سيجعل أوروبا تعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية، ما يضعف عجلة اقتصادها.
عقوبات أمريكية
لذا هدد ترامب مرارًا وتكرارًا بفرض عقوبات على الشركة الروسية «كيه فى تي-روس»، التى تشغل سفينة مد الأنابيب فورتونا، إلى جانب الشركات الألمانية المشاركة فى المشروع، ومن ثم جاء الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن ليسير على خطى سلفه «ترامب» مهددًا بفرض عقوبات على الشركات المشاركة فى المشروع.
غير أنه سرعان ما تراجع عن حديث العقوبات لتقليل حدة الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا المشتعلة فى جميع الجهات سواء بشأن ليبيا أو أوكرانيا وغيرها الكثير، وتجنبًا لخسارة ألمانيا والاتحاد الأوروبى اللذين هددا بفرض عقوبات على أمريكا فى إطار «المعاملة بالمثل».
وفى هذا السياق، يرى الدكتور محمد فراج أبو النور، الكاتب والمحلل السياسى والخبير فى الشئون الأوروبية، أن «خط الشمال 2» الذى يربط بين روسيا وألمانيا لتزويد الأخيرة بكميات مضاعفة من الغاز الطبيعى الروسى، رغم أنه فى الطبيعى تزود روسيا ألمانيا بأكثر من ثلث احتياجاتها من الغاز، وهو ما يعد نسبة كبيرة بالنسبة لدول صناعية كبرى، إلا أنه يترتب عليه اعتماد اقتصادى وإستراتيجى أيضا متبادل ما بين الطرفين ودول غرب أوروبا.
حلف الناتو
وتابع: هذا الوضع يعد مشكلة كبرى بالنسبة لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، نظرًا لأنه يعمل على تزويد روسيا بمبالغ كبرى من السيولة النقدية وزيادة أهميتها، وعلى النقيض يحرم أمريكا من التصرف فى الغاز الفائض لديها، خاصة بعد ظهور البترول والغاز الصخرى (مناطق غنية بالغاز والنفط الموجود فى الصخور استخراجه ذو تكلفة عالية لكنه متاح بشكل كبير) كما أنها ترغب فى تطوير اقتصادها عن طريق بيع ذلك الغاز، ولكى يصل الغاز الأمريكى إلى أوروبا، فهو بحاجة إلى خطوط أنابيب لنقل الغاز، وذلك أمر يكاد يكون مستحيلًا من الناحية العملية، لأن نقله عبر المحيط الأطلنطى سيحتاج لتطوير مساحة كبيرة جدا ومكلفة.
وتابع «أبو النور»: أما الأمر الآخر المتمثل فى تسييل الغاز وتعبئته فى ناقلات وإرساله للوجهة المقصودة وإعادته إلى الصورة الغازية، ومن ثم إدخاله فى خطوط الأنابيب من جديد واستخدامه خطوة غير مقبولة، نظرًا لتكلفته العالية، والتى تفوق الغاز الذى يتم نقله فى صورته الطبيعية عبر الأنابيب، وستجعل تكلفة الغاز الأمريكى أكثر من الغاز الروسى بنسبة تصل لثلث تكلفة الإنتاج، ولا يوجد هناك ما يدعو الألمان وغيرهم لطلب الغاز الأمريكى باهظ الثمن، لذا هذا الأمر أخذ شكل حاد جدا فى فترة حكم ترامب التى تميزت بالعقوبات المنفلتة.
ترامب
وأضاف: ترامب عارض بناء المشروع من خلال فرض عقوبات على الشركات الداخلة فى بناء خط الغاز والمتمثلة فى شركات روسية وألمانية، وهو الأمر الذى دفع ألمانيا الدولة الأوروبية الكبرى التى تعد ثالث قوى إنتاجية فى العالم للوقوف بوجه عقوبات ترامب والتهديد فرض عقوبات على الولايات المتحدة من قبل الاتحاد الأوروبى.
بايدن
وبعد رحيل ترامب حاول بايدن السير على تلك النهج لكن إدارته تراجعت فى اللحظات الأخيرة وقررت عمليا التخلى عن فرض عقوبات على شركة «Nord Stream 2 AG» التى تشغل مشروع خط أنابيب الغاز «السيل الشمالى 2»، معلنة أنها ستفرض عقوبات على الشركة لكنها سترفعها فورا ضمن إجراء روتينى، ما يعنى عمليا التخلى عن هذه الخطوة.
وذلك قبل يومين من إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات على عدد من الشركات والسفن الروسية المشاركة فى بناء خط أنابيب الغاز لضخ الغاز الروسى إلى ألمانيا والتى طالت 3 شركات و13 سفينة تشارك فى تنفيذ المشروع، مؤكدة أن العقوبات لن تشمل أنشطتها غير المرتبطة بمشروعى «السيل الشمالي-2» و«السيل التركي» للغاز.
تنازلات أمريكية
وأوضح «فراج» أن تنازلات بايدن تأتي نظرا لرغبته فى إجراء مصالحة بين جانبى الأطلسى بسبب الحرب التجارية التى صدرها «ترامب» خلال فترة حكمة مع غالبية الدول فى عدد من الملفات وعرضت واشنطن لأضرار كبرى، وذلك عن طريق تهدئة الأوضاع ورفع العقوبات تجنبًا لمواجهة إجراءات أوروبية مضادة وعدم مواجهة ألمانيا القوى العظمى وكذلك تجنب زيادة ملفات الصراع مع روسيا.
من جانبه أكد الدكتور بهاء محمود، الخبير فى الشئون الأوروبية، أن خط الغاز الشمالى 2 يمكن روسيا من زيادة مساحة نفوذ غازها فى الاتحاد الأوروبى لأنها تعد رقم (1) فى تصدير الغاز بنسبة 46%، بينما أمريكا لا تتخطى نسبتها 12%.
وبالتالى عند الانتهاء من إنشاء الخط سيعمل ذلك على زيادة اعتماد الاتحاد الأوروبى على روسيا وتقليل فرص منافسة أمريكا فى السوق الأوروبى، كما أنه بمثابة مصدر دائم وثابت لدول الاتحاد الأوروبى، فمثلا فرنسا تعتمد على الغاز الليبى الذى يواجه فى بعض الأحيان أزمات ووقف أعمال النفط، لذا فمن الأفضل كدولة ضمن الاتحاد الأوروبى إنشاء الخط الغازى والاعتماد عليه، إلى جانب قرب المساحة وقلة التكلفة كونها وسيلة مستدامة.
نقلًا عن العدد الورقي...،
شوكة بوتين
ويشمل المشروع الذى شارف على الانتهاء ومر عليه أكثر من رئيس أمريكى رافضًا له، بناء أنبوبين لنقل الغاز الطبيعى عبر مياه بحر البلطيق بسعة سنوية تصل إلى 55 مليار متر مكعب، ورغم أن المشروع الذى تتجاوز تكلفته حاجز الـ 11 مليار دولار، وتساهم فيه شركات عالمية فى مقدمتها "غاز بروم" وشركات أوروبية أخرى اكتمل بنائه بنسبة 90%، لكن لا يزال هناك نحو 120كيلو متر من الأنابيب يجب تشييدها فى المياه الدنماركية ونحو 30 كيلو متر فى المياه الألمانية.
لكنها متوقفة بسبب عدة عراقيل وضعتها الإدارة الأمريكية نظرًا لأنها ترى أن ذلك المشروع سيضر بإنتاجها من الغاز الطبيعى وسيضعف اقتصادها.
الموقف الألماني
مقابل النظرة الأمريكية الرافضة للمشروع، ترى ألمانيا أنه مصدر لطاقة نظيفة، هذا فضلا عن أنه سوف يمكنها التخلص من طاقة الفحم والطاقة النووية الخطيرة، إلى جانب أنه تكلفة نقله أسهل وأوفر عن استيراد الغاز من الولايات المتحدة الأمريكية، ليس ذلك فحسب، بل يمكنه مضاعفة الطاقة الاستيعابية لخط أنابيب حالى تحت البحر يتفادى أوكرانيا، ويحرم «كييف» من تحصيل رسوم العبور.
ومنذ حكم الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، والولايات المتحدة ترفض ذلك المشروع، زاعمة أن المشروع الذى من المفترض أن ينقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى من روسيا إلى ألمانيا كل عام، سيجعل أوروبا تعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية، ما يضعف عجلة اقتصادها.
عقوبات أمريكية
لذا هدد ترامب مرارًا وتكرارًا بفرض عقوبات على الشركة الروسية «كيه فى تي-روس»، التى تشغل سفينة مد الأنابيب فورتونا، إلى جانب الشركات الألمانية المشاركة فى المشروع، ومن ثم جاء الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن ليسير على خطى سلفه «ترامب» مهددًا بفرض عقوبات على الشركات المشاركة فى المشروع.
غير أنه سرعان ما تراجع عن حديث العقوبات لتقليل حدة الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا المشتعلة فى جميع الجهات سواء بشأن ليبيا أو أوكرانيا وغيرها الكثير، وتجنبًا لخسارة ألمانيا والاتحاد الأوروبى اللذين هددا بفرض عقوبات على أمريكا فى إطار «المعاملة بالمثل».
وفى هذا السياق، يرى الدكتور محمد فراج أبو النور، الكاتب والمحلل السياسى والخبير فى الشئون الأوروبية، أن «خط الشمال 2» الذى يربط بين روسيا وألمانيا لتزويد الأخيرة بكميات مضاعفة من الغاز الطبيعى الروسى، رغم أنه فى الطبيعى تزود روسيا ألمانيا بأكثر من ثلث احتياجاتها من الغاز، وهو ما يعد نسبة كبيرة بالنسبة لدول صناعية كبرى، إلا أنه يترتب عليه اعتماد اقتصادى وإستراتيجى أيضا متبادل ما بين الطرفين ودول غرب أوروبا.
حلف الناتو
وتابع: هذا الوضع يعد مشكلة كبرى بالنسبة لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، نظرًا لأنه يعمل على تزويد روسيا بمبالغ كبرى من السيولة النقدية وزيادة أهميتها، وعلى النقيض يحرم أمريكا من التصرف فى الغاز الفائض لديها، خاصة بعد ظهور البترول والغاز الصخرى (مناطق غنية بالغاز والنفط الموجود فى الصخور استخراجه ذو تكلفة عالية لكنه متاح بشكل كبير) كما أنها ترغب فى تطوير اقتصادها عن طريق بيع ذلك الغاز، ولكى يصل الغاز الأمريكى إلى أوروبا، فهو بحاجة إلى خطوط أنابيب لنقل الغاز، وذلك أمر يكاد يكون مستحيلًا من الناحية العملية، لأن نقله عبر المحيط الأطلنطى سيحتاج لتطوير مساحة كبيرة جدا ومكلفة.
وتابع «أبو النور»: أما الأمر الآخر المتمثل فى تسييل الغاز وتعبئته فى ناقلات وإرساله للوجهة المقصودة وإعادته إلى الصورة الغازية، ومن ثم إدخاله فى خطوط الأنابيب من جديد واستخدامه خطوة غير مقبولة، نظرًا لتكلفته العالية، والتى تفوق الغاز الذى يتم نقله فى صورته الطبيعية عبر الأنابيب، وستجعل تكلفة الغاز الأمريكى أكثر من الغاز الروسى بنسبة تصل لثلث تكلفة الإنتاج، ولا يوجد هناك ما يدعو الألمان وغيرهم لطلب الغاز الأمريكى باهظ الثمن، لذا هذا الأمر أخذ شكل حاد جدا فى فترة حكم ترامب التى تميزت بالعقوبات المنفلتة.
ترامب
وأضاف: ترامب عارض بناء المشروع من خلال فرض عقوبات على الشركات الداخلة فى بناء خط الغاز والمتمثلة فى شركات روسية وألمانية، وهو الأمر الذى دفع ألمانيا الدولة الأوروبية الكبرى التى تعد ثالث قوى إنتاجية فى العالم للوقوف بوجه عقوبات ترامب والتهديد فرض عقوبات على الولايات المتحدة من قبل الاتحاد الأوروبى.
بايدن
وبعد رحيل ترامب حاول بايدن السير على تلك النهج لكن إدارته تراجعت فى اللحظات الأخيرة وقررت عمليا التخلى عن فرض عقوبات على شركة «Nord Stream 2 AG» التى تشغل مشروع خط أنابيب الغاز «السيل الشمالى 2»، معلنة أنها ستفرض عقوبات على الشركة لكنها سترفعها فورا ضمن إجراء روتينى، ما يعنى عمليا التخلى عن هذه الخطوة.
وذلك قبل يومين من إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عن فرض عقوبات على عدد من الشركات والسفن الروسية المشاركة فى بناء خط أنابيب الغاز لضخ الغاز الروسى إلى ألمانيا والتى طالت 3 شركات و13 سفينة تشارك فى تنفيذ المشروع، مؤكدة أن العقوبات لن تشمل أنشطتها غير المرتبطة بمشروعى «السيل الشمالي-2» و«السيل التركي» للغاز.
تنازلات أمريكية
وأوضح «فراج» أن تنازلات بايدن تأتي نظرا لرغبته فى إجراء مصالحة بين جانبى الأطلسى بسبب الحرب التجارية التى صدرها «ترامب» خلال فترة حكمة مع غالبية الدول فى عدد من الملفات وعرضت واشنطن لأضرار كبرى، وذلك عن طريق تهدئة الأوضاع ورفع العقوبات تجنبًا لمواجهة إجراءات أوروبية مضادة وعدم مواجهة ألمانيا القوى العظمى وكذلك تجنب زيادة ملفات الصراع مع روسيا.
من جانبه أكد الدكتور بهاء محمود، الخبير فى الشئون الأوروبية، أن خط الغاز الشمالى 2 يمكن روسيا من زيادة مساحة نفوذ غازها فى الاتحاد الأوروبى لأنها تعد رقم (1) فى تصدير الغاز بنسبة 46%، بينما أمريكا لا تتخطى نسبتها 12%.
وبالتالى عند الانتهاء من إنشاء الخط سيعمل ذلك على زيادة اعتماد الاتحاد الأوروبى على روسيا وتقليل فرص منافسة أمريكا فى السوق الأوروبى، كما أنه بمثابة مصدر دائم وثابت لدول الاتحاد الأوروبى، فمثلا فرنسا تعتمد على الغاز الليبى الذى يواجه فى بعض الأحيان أزمات ووقف أعمال النفط، لذا فمن الأفضل كدولة ضمن الاتحاد الأوروبى إنشاء الخط الغازى والاعتماد عليه، إلى جانب قرب المساحة وقلة التكلفة كونها وسيلة مستدامة.
نقلًا عن العدد الورقي...،