كذبهم موجود وباقٍ ما بقوا
أشرت أمس إلى استطلاعات الرأى العام فى إسرائيل وأرقام المقاعد التى يُرجح أن يفوز كل حزب بها، ولاحظت على مدى الأيام الماضية أن الأرقام تختلف قليلاً من يوم إلى يوم، فبعد أن سجلت آخر ما قرأت أمس وجدت اليوم (أكتب الجمعة) أن الليكود أوقف التراجع فى عدد مؤيديه، وقد يفوز تكتله مع إسرائيل بيتنا بـ 35 أو 36 مقعداً. والتكتل يقول للمستوطنين: أيدونا أو تدفعون الثمن، وهو ضمِن تأييد مجلس المستوطنين ورئيسه دانى دايان ما يجعلهم جميعاً مجرمى حرب.
أهم ما فى الاستطلاعات أنها تظهر أن أحزاب اليمين قد تحصل على 66 مقعداً مقابل 54 مقعداً للوسط واليسار، وثمة أسباب كثيرة لتحول المجتمع الإسرائيلى إلى اليمين المتطرف، إلا أن بين أهمها انقسام الوسط واليسار فاجتماع بين شيلى ياشيموفيتش زعيمة العمل، ويائير لابيد زعيم ييش آتيد (هناك مستقبل)، وتسيبى ليفنى زعيمة الحزب الجديد هاتنوا (الحركة)، انتهى بخلاف انتقل إلى العلن مع تبادل تهم وتكذيب متبادل، ثم عادت ليفنى لتقول إن اقتراحها ائتلاف الوسط واليسار لايزال قائماً، وقد يفوز إذا كان الإقبال على التصويت كثيفاً.
القارئ العربى يعرف بالإضافة إلى ما سبق أحزاب ليكود اليمينى، وشاس الدينى، وإسرائيل بيتنا أى حزب المهاجرين الروس وغيرهم. كما لا بد أنه سمع بأحزاب اليسار هاداش (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) وميريتز وهو حزب الصهيونية الديمقراطية الاجتماعية. أما حزب بلد فاسمه العربى الرسمى التجمع الوطنى الديمقراطى. وهناك آم شاليم وعمره سنة واحدة وقد أسسه عضو الكنيست حاييم أمسالم بعد طرده من شاس.
هناك حزب يستحق شرحاً أوفى هو بيت يهودى، فهو حزب يمينى متطرف، الاستطلاعات تعطيه 13 إلى 15 مقعداً، ما يجعله منافساً قوياً لأحزاب اليمين الأخرى. وزعيمه ابن مهاجرين من أمريكا اسمه نفتالى بنيت يوصف أحياناً بأنه نجم صاعد فى صفوف اليمين ومنافس قوى على الزعامة لبنيامين نتانياهو، بعد أن عمل مديراً لمكتبه بين 2006 و2008، وأصبح الآن يقول علناً: «أعارض قيام دولة فلسطينية فى بلادنا.» أقول إنها ليست بلاده أبداً ففلسطين لأهلها الفلسطينيين، وهو مهاجر من أمريكا، أو لاجئ، والأرجح أن أصله أوربى مزوّر، ولا حقَّ له بالوجود فى فلسطين.
أقول إن لا سلام ممكناً مع الحكومة الإسرائيلية التى ستؤلف بعد انتخابات 22 من هذا الشهر، وبما أن رأيى هذا يقوم على معلومات أكيدة فإننى أتمنى أن يعود بنيامين نتانياهو رئيساً للوزراء، لأن الرئيس باراك أوباما لن ينسى خصومتهما، وتدخل نتنياهو فى الانتخابات لمصلحة المرشح الجمهورى ميت رومني، ثم إن اليمين الإسرائيلى مكشوف وتكرهه الغالبية من شعوب العالم ودولها بعكس اليسار الإسرائيلى الذى قامت إسرائيل على أكتافه، فالسياسة واحدة إلا أن اليسار مغلَّف بالسكر ويخدع كثيرين فى الخارج.
وقرأت نقلاً عن مسئولين أمريكيين أنهم يخشون تدخل نتنياهو مع الكونجرس لمنع تثبيت تشك هاغل وزيراً للدفاع كما يريد أوباما. وأرجو أن يحاول نتنياهو لأنه إذا فعل سيزيد عداء أوباما له، وثمة إسرائيليون كثيرون يعتقدون أن اختيار هاغل، الذى اشتهر بمعارضته نفوذ لوبى إسرائيل، هو أول خطوة من خطوات للإدارة الأمريكية ضد رئيس وزراء إسرائيل وحلفائه الأمريكيين.
المخاوف الأمريكية ليست من دون مبرر، وهناك لجنة الطوارئ من أجل إسرائيل التى تضم رموز المحافظين الجدد وليكود أمريكا، فقد أعلنت أنها ضد ترشيح هاغل، وتأمل أن تنجح فى إيذاء أوباما عن طريقه.
العاصفة الآتية من الشمال ضربت إسرائيل أيضاً برياحها وثلوجها، فكان ما تلقيت من أخبار صحفهم وإذاعاتهم محدوداً الخميس والجمعة، والسبت يوم إجازتهم الأسبوعية، فأزعم أننى ارتحت من قراءة كذبهم على الله وعباده، وتطرفهم وإرهابهم، إلا أننى لا أحتاج أن أقرأ لأعرف أن كذبهم موجود وباقٍ ما بقوا.
نقلاً عن الحياة اللندنية