جاهين يحكى حكاية السلطان الغشيم الذى منع شم النسيم
هو فصل يحلو فيه الجو، فهو لا بالبارد جدا ولا بالحار جدا، بل هو شيء بين هذا وذاك، إلا أنه يقال -والله أعلم- إن فى هذا الفصل يصفو النسيم فيصبح أرق وأنقى من قلب الطفل، وفيه يشعر البنى آدمين باشتعال العواطف كما وصف شاعرنا صلاح جاهين فى مجلة صباح الخير 1967، فقال:
يا ملونين البيض فى شم النسيم.. لون الحنين والبين وخمر النديم
ما تعرفوش سايق عليكو النبى.. تلونوا الأيام بلون النعيم
يا نايمة يا خم النوم.. ما تقومى تفرحى بشبابك اليوم
شم النسيم فرش الكليم للمعازيم.. بفسيخ قديم وبصل على ثوم
قومى يا وردة يا نعسانة.. ليه كمشانة وأنت كنت عطشانة
النيل أهوه عوم.. قومى وطيرى يا عصفورة حطى بحوره
إن كنت بايتة مقهورة.. ده كوم وده كوم
وأضاف شاعرنا يقول: من قبل شم النسيم بأيام وأخوكم العبد لله كاتب هذه السطور فى جو شم النسيم اللى كان فى بلادنا واعتدنا عليه من سنين وبالتحديد فى عصر السلطان برقوق. والحكاية فى السلطان المذكور طلع فى مخه أن يمنع أهل مصر من إحياء عيد شم النسيم.. العيد القديم الذى يشترك فيه الجميع من كل الأديان والملل، وبالفعل قرر عقوبة رادعة على كل من يضبط متلبسا بشم النسيم، ساعد هذا القرار العبيط على زيادة السخط بين طوائف الشعب والعامة خاصة فى القاهرة، مما أدى إلى سهولة عملية إسقاط برقوق عن العرش بواسطة أمير مملوكى آخر اسمه يلبغا.. الذى دخل البلاد واستولى على العرش ثلاث سنوات كاملة مارس فيها مظالمه المتعددة.. إلى أن قويت شوكة السلطان برقوق مرة أخرى فعاد مرة على إلى محاربة يلبغا وانتصر عليه واسترد منه كرسى السلطنة، وكان أول شيء فعله هو إلغاء فرمان منع شم النسيم والرجوع عن عدد آخر من المظالم التى أدت إلى حرمانه من الشعبية، وبالتالى إلى سهولة خلعه واغتصاب كرسيه. وأضاف جاهين عن الربيع فقال:
نسمة ربيع لكن بتكوى الوشوش... طيور جميلة بس من غير عشوش
قلوب بتخفق إنما وحدها... هى الحياة كده.. كلها فى الفاشوش
يا ملونين البيض فى شم النسيم... لون الحنين والشوق وخمر النديم
ما تعرفوش سايق عليكو النبى... تلونوا الأيام بلون النعيم
الدنيا من غير الربيع ميتة... ورقة شجر ضعفانة ومفتفتة