رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المؤامرة الصهيونية فى سد النهضة

بعيدا عن المجازر غير الإنسانية التى تدور فى فلسطين المحتلة، والتى أدار لها المجتمع الدولى الظالم ظهره، فما من كارثة تقع فى منطقة الشرق الأوسط إلا وكان وراؤها "أمريكا وإسرائيل" حتى وإن بدو بعيدا، أو لاعلاقة لهم بالأمر.. وتلك للأسف خلاصة مشكلة "سد النهضة" الذى أصبح لا يفصلنا عن مصيبة ملئه الثانى سوى أيام٠


فعلى الرغم من الوضع المتأزم الذى وصل إليه ملف سد النهضة بالنسبة لـ "مصر والسودان" فى ظل الإصرار الإثيوبي على عدم التوقيع على اتفاق ملزم يضمن عدم الإضرار بالدولتين، إلا أن الجميع مازالوا يتلاشون مجرد الإشارة ولو من بعيد، لحقيقة الدور "الأمريكى - الاسرائيلى" فى تلك القضية، فى الوقت الذى ظلت فيه القوى التى تحمى "إثيوبيا" بمثابة لغز، لم يجرؤ أحد على الكشف عنه.

موقف إثيوبي متعنت

ولعل أغرب ما فى ذلك الصمت الرسمى، أنه يأتى وسط تداول البعض لسيناريو كارثى -يحتاج إلى تأكيد- يتحدث عن مؤامرة كارثية أحاكتها كل من "أمريكا وإسرائيل" بالاتفاق مع "إثيوبيا" لوضع مصر أمام خيارين لا ثالث لهم، إما الموافقة على وصول مياه النيل إلى الدولة الصهيونية، أو الخضوع لسيطرة اثيوبيا إلى الأبد، وبناء سد تلو الآخر، إلى أن يصبح النيل بالنسبة للمصريين من ذكريات الماضى.

ورغم وجود كثير من علامات الاستفهام حول الموقف الإثيوبى المتغطرس بشكل يثير الشك، إلا أننى كنت ممن يستبعدون وجود المؤامرة "الأمريكية - الإسرائيلية - الإثيوبية" ضد الدولة المصرية، إلى أن مررت "أمريكا" الانسحاب الإثيوبى من التوقيع على الاتفاق النهائي لمفاوضات "واشنطن" دون موقف حازم، ثم بدت ملامح التحركات المريبة لدول بعينها فى هذا الملف خلال الأسابيع القلية الماضية.

ولا عجب أن تأتى زيارة المبعوث الأمريكى لمنطقة القرن الإفريقي "جيفرى فيلتمان" فى مقدمة تلك التحركات، فى محاولة لإضاعة مزيد من الوقت لصالح "أديس أبابا" أو إقناع "القاهرة" بالقبول بسياسة الأمر الواقع، وتمرير عملية الملء الثانى للسد.

فى الوقت الذى دخلت فيه دول عربية "صديقة" دون مبرر، للضغط علي السودان للتنصل من الموقف المصرى، والقبول بحل توافقى مع اثيوبيا يقضى بالموافقة على عملية الملء الثانى، فى مقابل تعهد إثيوبى بتقديم بيانات عن خطط ملء وتشغيل السد، وإقامة منطقة استثمارية تحوى استثمارات بمليارات الدولارات فى المنطقة الحدودية المتنازع عليها بين الدولتين، دون إلزام إثيوبيا بالتوقيع على"إتفاق ملزم" وهو ما رفضه الوطنيون من رموز الحكم فى السودان بشكل قاطع.

المصارحة المطلوبة
للأسف أن المؤامرة "الأمريكية -الإسرائيلية -الإثيوبية" التى يتم طرحها دون تعليق من مسئول رسمى واحد لا تبتعد كثيرا عن المحتوى الكارثى ل"صفقة القرن" التى طرحتها إدارة الرئيس الامريكى السابق "ترامب" حيث ترمى إلى الوصول ب "مصر والسودان" إلى التوقيع على اتفاق يقضي بمد إسرائيل ب 7.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنوياً عبر سحارات سرابيوم، فى مقابل 10 سنتات تحصل عليها مصر عن كل متر مكعب من المياه، مع إحداث نهضة زراعية وتنموية ضخمة فى "سيناء" تنتهى بإقامة منطقة حرة على الحدود المصرية الفلسطينية.

ولعل ما يدعو لتعزيز وجود تلك المؤامرة بالفعل، أنها تنتهى إلى تحقيق  الحلم "العقائدى" الذى يداعب عقول الصهاينة منذ سنوات، والذى يتحدث عن نبؤة السيطرة الإسرائيلية على الأرض "من النيل إلى الفرات" وهو ما تحققه المؤامرة بالفعل دون أن يكلف الدولة الصهيونية الدخول فى حروب أو احتلال دول.

أؤكد أن ثقة المصريين فى وطنية النظام الحاكم فى مصر" تمحنهم قناعة فى استحالة تنفيذ تلك المؤامرة -إن وجدت- وإنهاء كارثة سد النهضة، ووقف سياسة "لى الزراع" التى تمارسها اثيوبيا مهما كانت النتائج.

غير أن خطورة الأزمة التى وصل إليها الملف، تستدعى مصارحة المصريين بحقيقة ما يتردد عن المؤامرة "الأمريكية - الإسرائيلية - الإثيوبية" وحقيقة مواقف بعض الدول العربية التى قامت بتمول سد النهضة، وتلك التى دخلت على خط الأزمة في غير صالح مصر، وتلك التى وقعت مع "أديس أبابا" اتفاقية تعاون فى مجال الموارد المائية دون وجود أنهار أو حدود مشتركة تربط بينها.. وكفى.
Advertisements
الجريدة الرسمية