حيثيات براءة الرئيس المالي والإداري وأخصائي المشروعات بـ"الاتصالات"
أصدرت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة في القضية رقم 65 لسنة 62 قضائية عليا ببراءة رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية وأخصائي شئون مشروعات بإدارة المشتريات بوزارة الإتصالات بعد ثبوت عدم إرتكابهما مخالفات مالية وإدارية جسيمة ترتب عليها الإضرار الجسيم بالمال العام، وعدم تقديم سلطة الاتهام لم تقدم الادلة الكافية لتكوين عقيدة المحكمة حول صحة أرتكاب المحالين المخالفات المنسوبة إليهما
صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم محمد داود فرج الله، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أدهم محمد لطفي عوض لطفي ومحمد أبو العيون جابر علي، نائبا رئيس مجلس الدولة وسكرتارية محمد حسن عبد المقصود
وقائع الدعوى الماثلة تتلخص فيما جاء بشكوي حسام مجدي محمد عز الدين الموظف بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بإدارة المخازن من تكليفه من قبل وكيل الوزارة للشئون المالية والتنمية الادارية والاحتياجات بإستلام شحنة عبارة عن أجهزة كمبيوتر أطفال مقدمة منحة مجانية من شركة IBM للوزارة وذلك في 5/1/2015 رغم عدم إختصاصه بإستلام وتخليص مثل هذه الشحنات وأنها المرة الاولي للشاكي للقيام بهذه الاعمال، الامر الذي حدا به الي الاستعلام من السيد إيهاب سليم عن تلك الاجراءات، وقام بتحرير تفويض لإحدي شركات التخليص الجمركي، وحال عرضه علي رئيس الامانة العامة بالوزارة عن طريق وكيل الوزارة للشئون المالية فور ورودها، وتم تفويض إحدي الشركات تدعي انكوترانس في 19/1/2015 ثم تعطلت الاجراءات مرة أخري لانهاء إجراءات الاعفاء المؤقت من الضريبة العامة علي المبيعات، وبعد أسبوع تقريباً تم الانتهاء من ذلك ففوجي بإخطاره بأنه يوجد غرامة تأخير وأرضية وحراسة واقعة علي الوزارة، وتم طلب إرسال شيك بمبلغ الغرامة للافراج عن الشحنة، وبالفعل تم السداد وتسليم الشحنة بمخازن الوزارة ، إلا أنه أخطر بإشعار بتحويله للتحقيق من قبل إدارة الشئون القانونية بالوزارة نتيجة لإتهامه رسمياً من قبل وكيل الوزارة رئيس قطاع الامانة العامة بشأن التحقيق مع المتسبب في توقيع الغرامة المذكورة علي الوزارة
وباشرت نيابة الجيزة "القسم الخامس" التحقيق مع المحالين حسام مجدي محمد، أخصائي شئون مشروعات بإدارة المشتريات بالإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بوزارة الإتصالات ومحمد أحمد عبد السلام، رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بالوزارة ومواجهتهما بما هو منسوب إليهما واستمعت لمن إرتات سماع اقوالهم من الشهود، وانتهت في ختام تحقيقاتها إلى قيد الواقعة مخالفة مالية وادارية في حقهما، وطالبت بمحاكمتهما تأديبياً
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها أنه بشأن المخالفات المنسوبة للمحالين والواردة بتقرير الاتهام فإن الثابت من التحقيقات، وأنه بسؤال المحال الاول حسام مجدي محمد وبمواجهته بما هو منسوب اليه دفع الاتهام عن نفسه بأنه غير مختص بذلك الامر لانه يعمل بحسابات المخازن والصادر والوارد بادارة المشتريات بالوزارة، وانه تم تكليفه بهذا العمل شفاهة من قبل وكيل الوزارة للشئون المالية والادارية، وبتاريخ 5/1/2015 تم إرسال تفويض من خلال وكيل الوزارة بشأن الشحنة ولكنه رفض التوقيع عليه وذلك لان الاخير طلب منه عروض أسعار لشركات التخليص الجمركي وقد إستغرق ذلك وقت طويل حتي قيام الشركة المفوضة بمطالبتهم بالغرامة الموقعة علي الشحنة. وإختتم المحال اقواله بأنه غير منوط به هذا العمل وليس علي دراية بالتعليمات المنظمة له كما أرجع التأخير في إنهاء إجراءات التخليص الجمركي للشحنة محل التحقيق منذ وصول أوراقها في 5/1/2015 وحتي إستخراج الشيك النهائي في 19/2/2015 الي طلب الامانة العامة عروض أسعار لشركات التخليص الجمركي وهو ما إستغرق خمسة عشر يوما حتي تم التعاقد مع شركة انكوترانس بالامر المباشر، ثم إستغرقت إجراءات الإعفاء من الجمارك والضرائب خمسة عشر يوما أخرى
وبسؤال المحال الثاني محمد أحمد عبد السلام شاهين رئيس الادارة المركزية للشئون المالية بوزارة الاتصالات وبمواجهته بما هو منسوب اليه دفع الاتهام عن نفسه بأنه غير منوط به القيام بالاجراءات ولكن عليه التوجيه فقط من خلال التعليمات الصادرة من وكيل أول الوزارة، وان الغرامة التي وقعت علي الوزارة جاءت نتيجة القوة القاهرة لان الادارة المركزية للشئون الادارية أول مرة تكلف بمثل هذا الاجراء وقد تم تكليف الموظف حسام مجدي شفاهة
وبسؤال فريدة شوقي ذكي، مدير عام التفتيش المالي والاداري بوزارة الاتصالات، قررت بأن التأخير في إنهاء إجراءات التخليص الجمركي يرجع الي أن الموظف الذي تم تكليفه بإنهاء إجراءات الشحنة كانت المرة الاولي التي يتولي فيها هذه الاجراءات إذ أن أخر منحة خارجية وردت الوزراة كانت منذ عشر سنوات، وكان هناك العديد من الاجراءات الواجب إنهائها بوزارة المالية إستغرقت إحدي عشر يوما، بالاضافة الي أن تلك الفترة تخللتها عشرة أيام عطلات رسمية، وانه لا يوجد تعليمات مكتوبة توضح المدة التي يتعين إنهاء إجراءات التخليص الجمركي خلالها، إلا انه يجب الانتهاء منها بعد وصول الشحنة بأسبوع تقريباً حتي لا يتم فرض مبالغ كغرامات وأرضيات
وأكدت المحكمة أنه بالبناء علي ما تقدم ولما كانت سلطة الاتهام لم تقدم الادلة الكافية لتكوين عقيدة المحكمة حول صحة أرتكاب المحالين المخالفات المنسوبة إليهما في ضوء ما أبداه المحالين الأول والثانى من دفوع لها وجاهتها سيما فيما يتعلق بعدم إختصاص المحال الاول بإنهاء الاجراءات الخاصة بالتخليص الجمركي لشحنة أجهزة الكمبيوتر الواردة محل التحقيق وكذا ما يتعلق بإنهاء الامور الخاصة بالضرائب وغيرها، لتعارض تلك الاختصاصات بالكلية مع طبيعة عمل المحال الثابتة في إدارة المخازن واختصاصه بالصادر والوارد بها، بالاضافة الي ما أبداه المحال الثاني من أن تكليف الإدارة رئاسته بإنهاء تلك الاجراءات تم لأول مرة وهو الامر الذي ترتب عليه التأخير في انهاء الاجراءات اللازمة وتوقيع غرامة مالية علي الوزراة نتيجة التأخر في تسلم الشحنة من الجمارك، وجاءت هذه الدفوع دون أن تجحدها جهة الإتهام أو ترد عليه أو تقدم دليلاً علي عدم صحتها
وأنتهت إلى أن المرء لا يجازي إلا علي قدر سعيه وألا يكون للانسان الا ما سعي، فقد أضحي يقيناً لهذه المحكمة التي يلج المواطنين ساحاتها ويجوبون أروقتها بحثاً عن العدالة التي لا تجد المحكمة لغيرها سبيلاً أن ما قام به المحال الاول من إجراءات حتي وإن شابها التأخير في بعض الاحيان نظراً لعدم درايته وإلمامه الكافي بتلك الاجراءات ومواقيتها الزمنية يعد من قبيل الاجتهاد الذي لا يمكن ان يجازى عليه حتي وإن جانبه الصواب، ومن ثم لا يلام علي رئيسه التردي في الاشراف عليه، وتلقي بتبعات المسئولية عن الاضرار المادية التي لحقت بالوزارة والمتمثلة في المبالغ المالية التي تم دفعها لقاء التأخير في تسلم الشحنة علي من قام بتكليف المحال الاول بهذا العمل في ضوء عدم إختصاصه به ودرايته الكافية بمتطلبات هذا العمل، الامر الذي لا يسع معه المحكمة والحال كذلك إلا القضاء ببراءة المحالين من ارتكاب تلك المخالفات، فأصدرت المحكمة حكمها المتقدم ببراءة المحالين من الاتهامات المسندة إليهما