رئيس التحرير
عصام كامل

ما يجمعه الرب تفرقه السياسة.. والد دومة: واثق من قدرة الرئيس على لم شمل المصريين.. ونجله يرد: مرسي رئيس هارب والشعب سيُسقِط الإخوان.. نورهان: نتفادي الحديث في السياسة عندما تجتمع الأسرة

أحمد دومة وزوجته
أحمد دومة وزوجته

مع موجة المصادمات التي تشهدها شوارع القاهرة بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي ومعارضيه، التقت "بي بي سي" عائلة مزقها الصراع السياسي؛ إنها عائلة الناشط السياسي أحمد دومة.


فسعد دومة، ذو الثمانية والخمسين عامًا، ظل عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين في مصر 35 عامًا، وهو مدير لإحدى المدارس ويبرز ولاءً ودعما شديدين للرئيس محمد مرسي.

ويقول دومة الأب: "سيتمكن الدكتور مرسي من خلال حكمته وهدوئه من أن يعبر بنا هذه الأزمة ويجمع الفرقاء السياسيين معا"، وذلك هو ما يشعر به دومة على الرغم مما حدث لابنه أحمد.

فأحمد، ذو الثلاثة والعشرين عامًا، يعد ناشطا سياسيا معارضا، قامت السلطات بمعاقبته بدعوى توجيهه الإهانة إلى الرئيس في أحد البرامج الحوارية التليفزيونية.

ففي إشارة منه إلى مقتل عدد من المحتجين في بعض المسيرات المناوئة للحكومة، وصف أحمد الرئيس مرسي بأنه "قاتل هارب من العدالة"، وكان ذلك كفيلا بالزج به في السجن.

أما سعد فلا يوجه اللوم إلى الرئيس على الإطلاق في استمرار حبس ابنه، بل إنه يرى أن أحمد قد تمادى كثيرًا في انتقاده للرئيس.

وقال سعد متحدثا عن ابنه أحمد: "جزئيًا، يتمثل الخلاف بيننا -إذا ما أخذنا بالاعتبار وجهات نظره الأيديولوجية- في صراحته الشديدة، فكلماته تتخطى حدود تقاليدنا وما هو مقبول لدينا".؛ إلا أنه أكد أن ابنه لا يغيب عن باله لحظة واحدة.

وقال: "عندما أذهب لزيارة أحمد في السجن، فإنني أكون مطمئنا عليه، إلا أنه يؤلمني أن أتركه وحيدا حبيسا خلف تلك القضبان عندما تنتهي الزيارة".

وفي منطقة ريفية كمحافظة البحيرة التي تقع في منطقة الدلتا وتنحدر منها عائلة دومة، يهتم الناس بالأعراف والتقاليد، كما أنهم يكونون أكثر تحفظا ودعما للرئيس محمد مرسي؛ ويعتبر ذلك أمرا طبيعيا بالنسبة للأجيال من كبار السن.

أما في القاهرة، فقد التقينا عضوا أصغر سنا من تلك العائلة، إنها نورهان، زوجة أحمد التي أخذت على عاتقها استكمال مسيرة زوجها المسجون في مناوئة جماعة الإخوان المسلمين وطريقة حكمها للبلاد؛ ووجدناها بين المتظاهرين الذين اجتمعوا في إحدى قاعات المؤتمرات، وهي تردد هتافات مناهضة للرئيس مرسي.

وقالت نورهان: "تحاول جماعة الإخوان استقطاب الناس، والمصريون يدركون ذلك تماما"؛ إلا أنها تعترف بأن السياسة نجحت بالفعل في تمزيق شمل عائلتها، مضيفة أنها قد تسببت في زيادة حجم المشكلات بين أحمد ووالديه.

وأضافت: "لا نزال نتقابل مع بعضنا البعض، كما أننا نرتب في بعض الأوقات لزيارة أحمد في السجن معا، إلا أننا نعمل على تفادي الحديث في الأمور السياسية أو مشاهدة الأخبار مع بعضنا البعض حتى لا ندخل في نقاشات جدلية".

وبالطبع، فإن الانقسامات التي تشهدها عائلة دومة تنعكس أيضا في المجتمع المصري.

ومع عودتنا مرة أخرى إلى أحد المفارق القروية المزدحمة في محافظة البحيرة، سألنا عددًا من المصريين هناك إذا كانوا يدعمون تلك الاحتجاجات الواسعة المعارضة للرئيس أم لا.

وأجاب إسلام شاهين، ذو التسعة والعشرين عاما: "إن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة تتمثل في النزول إلى الشارع، فنحن لم نر شيئا من الوعود التي قطعها الرئيس على نفسه.. لقد خدعنا، فهو لا يهتم إلا بنفسه وبجماعته".

أما عيد الشريف، وهو في الأربعين من عمره، فيرى أن المعارضة لا تعطي الرئيس الفرصة؛ وقال: "إن المعارضة تعمل على عرقلته، يجب على المصريين أن ينتظروا حتى تنتهي فترته الرئاسية بعد 4 سنوات، ثم يقوموا بالحكم عليه بعد ذلك".

بلقاء سعد دومة، والد أحمد، شعرت بإحساس لا يمكن إنكاره بأنه وعلى الرغم من الاختلاف في رأيه مع ابنه حول الرئيس، فإنه يشعر بقدر كبير من الافتخار به؛ فقد كان يتحدث بشغف عن طفولة ابنه وقدرته في ذلك الوقت على الدفاع عما يؤمن به.

كما لمست احترام زوجة أحمد الشديد لوالد زوجها، على الرغم مما تحمله من اختلاف مع جماعة الإخوان المسلمين.

وأخبرنا الاثنان أنهما يشعران بأن ذلك الانقسام في العائلة وفي مصر بشكل عام هو انقسام مؤقت، وأن روح الشعب المصري هي التي ستلم شمل بلادهم في النهاية.
الجريدة الرسمية