الجامعة العربية تنتفض للقدس.. أبو الغيط: الإدانة لا تكفي.. الفلسطينيون لم يبدأوا بالعنف.. وممارسات إسرائيل تهدد السلم الدولي
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط إن اجتماع مجلس الجامعة العربية اليوم ليس فقط لكي ندين ما يجري في القدس المحتلة، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة بوجه عام، ولكن لنبعث برسالة واضحة للعالم بأن الوضع في فلسطين غير قابل للاستمرار على هذا النحو.
وأضاف أن الهدوء، الذي طالما ادعى الاحتلال وجوده ليس إلا هدوًء على السطح، يخفي تحته عناصر لانفجار وتصعيد لن تقف آثاره عند حدود المنطقة، وتابع: رأينا بالأمس فقط كيف يمكن أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي إلى هجمات عشوائية منفلتة لا تعكس سوى الرغبة في استعراض القوة وتسجيل النقاط السياسية في الداخل على حساب دماء الأطفال في غزة.
عنف واعتداءات
وأكد خلال كلمته في اجتماع مجلس الجامعة في دورة غير عادية على المستوى الوزاري بشأن أحداث القدس، أنه جرى ما جرى من عنف واعتداءات وانتهاكات واسعة عبر الأسابيع الماضية تحت بصر العالم أجمع، وعلى كافة أصحاب الضمائر الحرة، ممن يتابعون وقائع هذه الجرائم متكاملة الأركان، أن يقفوا أيضاً على السياق الذي تجري فيه هذه الجرائم، وقال: ما شهدناه هو -بكل وضوح وراحة - استفزازات مفتعلة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلى طالت أقدس المقدسات الإسلامية وفي أقدس الشهور لدى المسلمين.
وأوضح أنه خلال الأسابيع الماضية، لم تكن هناك واقعٌة واحدة بدأ فيه العنف من الجانب الفلسطيني، لم تكن هناك حادثة واحدة بادر فيها الفلسطينيون إلى الاستفزاز أو التصعيد، إلا إذا اعتبرنا أن تنظيم إفطار جماعي للتضامن مع من يهددون بالطرد والتشريد ونزع الملكية هو إجراء عنيف، أو إذا اعتبرنا سعي المصلين للدخول للمسجد الأقصى لأداء شعائرهم، ثم التجمع في باحاته وحول مداخل البلدة القديمة جريمة نكراء تستوجب العقوبة.
وقال: نتساءل: ما الذي يدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى هذه الاستفزازات المفتعلة؟ هل يتصور الاحتلال مثلاً أن بإمكانه الفصل بين المقدسيين ومقدساتهم؟ هل يتصور أنه يستطيع أن يعزل الأقصى من سياقه الإسلامي، الذي تتطلع إليه أفئدة المسلمين في كافة أرجاء الدنيا؟ هل يعتقد هذا الاحتلال الغاشم أن الاستفزازات ستمر من دون حتى صرخة ألم، أو صيحة اعتراض؟
إستفزازات
وأضاف: الحقيقة أن هذه الانتهاكات والاستفزازات كلها لا تجري من فراغ. نحن أمام حكومة صارت خاضعة بالكامل لأجندة ُعتاة المستوطنين، وُغلاة المتطرفين من الأحزاب الدينية في إسرائيل كما أننا نرى، وللأسف الشديد، مزايدات مشئومة بين اليمين واليمين المتطرف، وسباق على إظهار القدرة على القمع وممارسة العنف وارتكاب الانتهاكات في حق الفلسطينيين وتقليص وجودهم في المدينة.
السياسات المتهورة
وتابع : إن هذه السياسات المتهورة، والإجراءات المخالفة بالكلية للقانون الدولي الإنساني الذي كفلت نصوصه حرية إقامة الشعائر الدينية والوصول إلى الأماكن المقدسة، أقول إن هذه السياسات تأتي في سيا ق لا ُتخطئه عين يستهدف الاستئثار بالقدس، والتحكم في دخول الفلسطينيين في الأقصى، فيما، على الجانب الآخر، تمنح الجماعات اليهودية المتطرفة حق الدخول إلى باحات الأقصى في زيارات استفزازية واستعراضية .
وقال: إن هذه السياسات تخلق وضعاً قابلاً للانفجار.. ويتعين أن يخرج المجتمع الدولي من دائرة الإدانة أو تحميل المسئولية للطرفين، إننا أمام تسلسل واضح للأحداث يضع المسئولية على طرف بعينه، هو الطرف المحتل، الذي يملك القوة العسكرية والسيطرة بحكم الأمر الواقع.. وهو الطرف ذاته الذي يبادر إلى العنف والإستفزاز.
تهويد القدس
وركز على أن إسرائيل تسعى لإقناع العالم بأن ما يجري في الشيخ جراح هو نزاع عقاري على عدة منازل، وكأننا بلا ذاكرة، أو قدرة على ربط الأحداث، وقال: إن ما يجري في الشيخ جراح ، كما نعلم ويعلم الجميع، هو جزء من خطٍة متكاملة لتهويد مدينة القدس، وحصار الوجود الفلسطيني فيها توطئة لتحويلها إلى مدينة يهودية خالصة.. هذه الخطة تتواصل وتتصاعد منذ عقود.. بأدوات مختلفة.. وعلى مستويات متعددة.. وهي خطة ترعاها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.. ولكنها شهدت طفرة غير مسبوقة في زمن حكومات اليمين خلال العقد المنصرم.. حيث تضاعف الوجود الاستيطاني الذي يحاصر المدينة.. وتكثفت سياسات نزع الملكية وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين ونزع هوياتهم. إننا ندين كافة هذه الإجراءات التي تتخفى وراء منظومة قضائية منحازة بالكامل.
مجلس الأمن
ودعا مجلس الأمن -الذي سبق وأصدر القرار 2334 (لعام 2016)- بتحمل مسئولياته حيال هذا الانتهاك الصارخ للقرار ولغيره من القرارات الدولية، وقال: يتعين على كافة القوى المؤمنة بالتسوية السلمية العمل على وقف هذه الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تهدد بتفجير الوضع في القدس، وفي الأراضي المحتلة بوجه عام، وقال: إن ما يجري هو جرس إنذار يتوجب التنبه لدلالاته.
واضاف : لم يعد بالإمكان الاطمئنان لإستمرار الوضع القائم أو استدامة الاحتلال ومظاهره المشينة.. ويتعين على الرباعية الدولية أن تتحمل مسئولياتها.. فمن دون أفق للتسوية السياسية أو تحرك جاد نحو انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.. ستظل هذه القضية رهينة لأجندة اليمين الإسرائيلي.. وسيسيطر المتطرفون والمستوطنون على المشهد ويحددون الاتجاه.. بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر ولا أبالغ إن قلت إنها تهدد السلم الدولي.