رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين الفلول والمحظورة


يوم ٢٤ فبراير ٢٠٠٩ نُشر لي مقالٌ في جريدة الأحرار بعنوان »مصر بين الحزب الوطني والإخوان المسلمين« وكان حول الصراع بين الحزب والجماعة وكتبت أقول: إن مصر حُرمت من إصلاحات كثيرة بسبب هذا الصراع وأن الحزب كان يستخدم الجماعة لفرض استبداده وظلمه وقهره للبلاد والعباد وأشرت على سبيل المثال إلى تمديد العمل بقانون الطوارئ من أجل جماعة الإخوان المسلمين، وأن التعديلات الدستورية السيئة في عام ٢٠٠٧ والتي أضرت بالشعب كله فُرضت من أجل حرمان جماعة الإخوان من حقوقهم السياسية، خصوصا في إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، وأشرت أيضاً إلى أن فرض الحراسة على كثير من النقابات وتجميدها كان بسبب وجود الإخوان، وكذلك حرمان الطلاب من ممارسة السياسة داخل الجامعات كان خوفا من الإخوان، وأن تزوير الانتخابات على جميع المستويات كان الهدف منه إقصاء مرشحي الإخوان، وكان يتم استبعاد كثير من المتفوقين والموهوبين من التعيين في أجهزة الدولة المختلفة، بسبب علاقتهم بالإخوان

الخلاصة أن هناك إصلاحات كثيرة حُرمت منها مصر خوفا من أن تستفيد منها جماعة الإخوان المسلمين، وهناك قيود كثيرة فُرضت على الشعب المصري للتضييق على الإخوان وكان النظام الحاكم يستخدمهم كفزاعة لمزيد من الظلم والقهر والاستبداد وإطالة عمره في الحكم. ولكن بعد الثورة استبشرتُ خيرا بأن هذه السياسة سوف تذهب بلا رجعة وأننا سوف نتحرر من فزاعة وشماعة الإخوان المسلمين التي كان يستخدمها الحزب الوطني، ولكننا فوجئنا بعد توليهم مقاليد السلطة والحكم وتبديل المواقع وأصبح أعضاء الحزب الوطني فلولا تستخدمهم الجماعة الآن كفزاعة وشماعة لعدم المضي قدما في الإصلاحات، بل ولفرض مزيد من القيود مثل التفكير في إعادة قانون الطوارىء وإصدار الإعلان الدستوري الأخير، وكأن قدر هذا البلد وهذا الشعب أن يدفع ثمن الأطماع والصراع على السلطة بين الحزب الوطني "الفلول حاليا" والإخوان المسلمين "المحظورة سابقا"، وسوف يظل المواطن المصري المسكين الذي كان يعاني في العهد السابق، وسوف تستمر معاناته في الحاضر والمستقبل.

أختتم مقالي حول الاستفتاء على الدستور قائلا: إنه في كل دول العالم التي تؤسس لمرحلة جديدة من تاريخها بعد الثورات وتبدأ ذلك بإصدار دستور جديد، يكون يوم الاستفتاء على الدستور هو يوم عيد، يوم عُرس حقيقي، يوم سعيد في حياة هذه الدول وشعوبها، أما عندنا في مصر فالناس في رعب وخوف، ليس فقط من يوم الاستفتاء، ولكن مما هو قادم بعد يوم الاستفتاء، المفروض أن يكون الدستور هو المنقذ لمصر من أزماتها والعبور بها إلى بر الأمان، ولكن إذا تم تمرير الدستور بهذا الشكل فسوف يكون بداية لأزمة جديدة خاصة لو جاءت نسبة التصويت عليه ضعيفة أو قاطعة، الشعب سوف يزيد المجتمع تمزقا وانقساما والمجتمع المنقسم لن يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام. 

الجريدة الرسمية