عاطف فاروق يكتب: حكاية رئيس هيئة اغتصب سلطة وزير وأهان هيبة الدولة
رصد حكم قضائي مهم وقائع فساد مالي وإداري داخل الهيئة العامة للثروة السمكية في المشروع القومي لتطوير ملاحة بور فؤاد، عوقب على إثرها رئيس الهيئة بعد ثبوت اغتصابه السلطة المقررة لمجلس الإدارة ووزير الزراعة الأمر
الذي ترتب عليه أضرار جسيمة وخسائر فادحة، والتأثير بالسلب على هيبة الدولة وفقًا لما جاء بأسباب الحكم وتقريري الرقابة الإدارية ووزارة المالية.
وقائع القضية رقم 75 لسنة 62 قضائية عليا بدأت ببلاغ الإدارة العامة للشئون القانونية بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بشأن التحقيقين الإداريين رقمي 290 و301 لسنة 2015 للتحقيق في مذكرتي محمود عبد الصمد، مدير الإدارة العامة للمعدات الثقيلة بالهيئة، والخاصة بنقل المعدات الثقيلة والعاملين بتلك الإدارة إلى مشروع شرق التفريعة، حيث تم نقل 28 معدة ثقيلة للعمل بذلك المشروع بناء على قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة للمشاركة في المشروع القومي لتطوير ملاحة بور فؤاد، إلا أنه لم يتم تشغيل هذه المعدات ولم يتم الاستفادة منها ومكثت بالموقع حوالي ستة أشهر دون عمل.
وقامت الهيئة باستئجار معدات أخرى للعمل بها بمواقع الهيئة عوضا عن تلك المعدات، فضلا عن نقل عدد من العاملين بالهيئة لذات الموقع وعدم صرف مستحقاتهم المالية من حوافز وبدل وجبة وبدل جذب مناطق نائية والواردة بقرار رئيس الهيئة سالف الذكر، وكذلك عدم سداد القيمة الإيجارية للاستراحات التي يقيم بها العمال مما أدى إلى طردهم منها، وتردي الحالة العامة للمعدات وللعاملين بالموقع بسبب عدم الصرف على صيانة المعدات وعدم صرف مستحقات العاملين وعدم توفير أماكن إقامة لهم.
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن المحال الأول خالد عبد العزيز أحمد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثروة السمكية وحاليًا مستشار (أ) وكيل أول وزارة الزراعة، قام بإصدار القرار رقم 1173 لسنة 2015 بنقل معدات ثقيلة من الهيئة وعدد من العاملين بها من مهندسين وفنيين وعمال وإداريين إلى منطقة شرق التفريعة، ولم يصدر هذا القرار عن مجلس الإدارة أو يعرض عليه ولم يعتمد من وزير الزراعة بموافقته الصريحة عليه أو ضمناً بمرور خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار.
ومن ثم يكون المحال الأول قد تجاوز حدود الاختصاصات المقررة لها قانوناً، واغتصب السلطة المقررة لمجلس إدارة الهيئة ولوزير الزراعة، ونتيجة لذلك فقد صدر القرار معيبا غير مستند إلى أي دراسة للتحقق من جدواه الاقتصادية ودون وجود اعتمادات مالية لتنفيذه، الأمر الذي ترتب عليه أضرار جسيمة وخسائر فادحة تمثلت في نفقات نقل هذه المعدات وعودتها وعدم الاستفادة منها طوال مدة بقائها في الموقع لمدة ستة أشهر واستئجار معدات ثقيلة عوضا عن هذه المعدات للعمل بها في بعض المواقع الأخرى.
وبذلك يكون المحال خالف أحكام القانون وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي، وارتكب بذلك ذنباً إدارياً جسيماً بالنظر إلى فداحة الأضرار والخسائر التي لحقت بالهيئة نتيجة لاتخاذه لهذا القرار، وفضلاً عن هذه المخالفة فإن المحال الأول لم ينكر في أقواله واقعة اتفاقه شفهيًا مع أحد شيوخ القبائل في سيناء لاستئجار عدد من الشاليهات لإقامة عمال الهيئة بها، وأنه نظرا لعدم دفع الإيجار فقد تم طرد العمال من هذه الشاليهات، وبذلك فإنه يكون قد ارتكب المخالفة الثانية المنسوبة إليه، فلم يوفر لعمال الهيئة السكن المناسب وسبل الراحة والطمأنينة على الرغم من وجودهم في إحدى المناطق النائية، ووضع هؤلاء العمال، وهم من الموظفين العموميين، في موقف مهين لا يتفق مع ما للدولة من هيبة واحترام، وارتكب بذلك ذنبًا إداريًا يتعين مجازاته عنه بعقوبة اللوم.
وأضافت المحكمة أن المخالفة المنسوبة للمحال الثاني هشام صلاح محمد، رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والتجارية والإدارية بالهيئة العامة للثروة السمكية والتي تتمثل في أنه: لم يؤد العمل المنوط به وذلك بأن تقاعس عن اتخاذ الإجراءات الواجبة حيال مستحقات العاملين بمشروع شرق التفريعة المنصوص عليها بقرار رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية رقم 1173 لسنة 2015، فقد نصت المادة الثالثة من هذا القرار على أن (يسري على جميع العاملين والمكلفين بالعمل بالمشروع ما يسري على العاملين بمحافظة شمال سيناء من الناحية المالية والإدارية بالإضافة إلى صرف مبلغ 30 جنيه بدل عن ساعات العمل الإضافية على أن لا تقل ساعات العمل اليومية عن 10 ساعات يومياً).
وفي ضوء ما أفاد به الشهود، ووفقاً للثابت من المستندات، فقد غدا من الثابت يقيناً للمحكمة أن المحال قد ارتكب المخالفة المنسوبة إليه بعدم اعتماد صرف مستحقات العاملين الذين ألحقوا بالعمل بمنطقة شرق التفريعة، وذلك بالمخالفة لقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 1173 لسنة 2015، ولا يغير من ذلك ما انتهت إليه المحكمة من عدم مشروعية هذا القرار وصدوره مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم، فهذا القرار يعتبر في حقيقة الأمر، أمراً صادراً له من رئيسه المباشر، ومن ثم فقد كان يتعين عليه الامتثال لهذا الأمر على الرغم مما أصابه من عوار، وكان عليه في مثل هذه الحالة أن يعترض كتابة على تنفيذ هذا القرار، فإذا أصر رئيس مجلس الإدارة على تنفيذه، فقد أصبح من الواجب عليه تنفيذ القرار لتقع المسئولية في هذه الحالة على عاتق رئيس مجلس الإدارة باعتباره مصدر القرار، أما أن يمتنع تماماً عن تنفيذ القرار فإنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة المنسوبة إليه، وأضحى من الواجب مجازاته عنها بعقوبة التنبيه.
وقائع القضية رقم 75 لسنة 62 قضائية عليا بدأت ببلاغ الإدارة العامة للشئون القانونية بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بشأن التحقيقين الإداريين رقمي 290 و301 لسنة 2015 للتحقيق في مذكرتي محمود عبد الصمد، مدير الإدارة العامة للمعدات الثقيلة بالهيئة، والخاصة بنقل المعدات الثقيلة والعاملين بتلك الإدارة إلى مشروع شرق التفريعة، حيث تم نقل 28 معدة ثقيلة للعمل بذلك المشروع بناء على قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة للمشاركة في المشروع القومي لتطوير ملاحة بور فؤاد، إلا أنه لم يتم تشغيل هذه المعدات ولم يتم الاستفادة منها ومكثت بالموقع حوالي ستة أشهر دون عمل.
وقامت الهيئة باستئجار معدات أخرى للعمل بها بمواقع الهيئة عوضا عن تلك المعدات، فضلا عن نقل عدد من العاملين بالهيئة لذات الموقع وعدم صرف مستحقاتهم المالية من حوافز وبدل وجبة وبدل جذب مناطق نائية والواردة بقرار رئيس الهيئة سالف الذكر، وكذلك عدم سداد القيمة الإيجارية للاستراحات التي يقيم بها العمال مما أدى إلى طردهم منها، وتردي الحالة العامة للمعدات وللعاملين بالموقع بسبب عدم الصرف على صيانة المعدات وعدم صرف مستحقات العاملين وعدم توفير أماكن إقامة لهم.
قالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن المحال الأول خالد عبد العزيز أحمد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثروة السمكية وحاليًا مستشار (أ) وكيل أول وزارة الزراعة، قام بإصدار القرار رقم 1173 لسنة 2015 بنقل معدات ثقيلة من الهيئة وعدد من العاملين بها من مهندسين وفنيين وعمال وإداريين إلى منطقة شرق التفريعة، ولم يصدر هذا القرار عن مجلس الإدارة أو يعرض عليه ولم يعتمد من وزير الزراعة بموافقته الصريحة عليه أو ضمناً بمرور خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار.
ومن ثم يكون المحال الأول قد تجاوز حدود الاختصاصات المقررة لها قانوناً، واغتصب السلطة المقررة لمجلس إدارة الهيئة ولوزير الزراعة، ونتيجة لذلك فقد صدر القرار معيبا غير مستند إلى أي دراسة للتحقق من جدواه الاقتصادية ودون وجود اعتمادات مالية لتنفيذه، الأمر الذي ترتب عليه أضرار جسيمة وخسائر فادحة تمثلت في نفقات نقل هذه المعدات وعودتها وعدم الاستفادة منها طوال مدة بقائها في الموقع لمدة ستة أشهر واستئجار معدات ثقيلة عوضا عن هذه المعدات للعمل بها في بعض المواقع الأخرى.
وبذلك يكون المحال خالف أحكام القانون وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي، وارتكب بذلك ذنباً إدارياً جسيماً بالنظر إلى فداحة الأضرار والخسائر التي لحقت بالهيئة نتيجة لاتخاذه لهذا القرار، وفضلاً عن هذه المخالفة فإن المحال الأول لم ينكر في أقواله واقعة اتفاقه شفهيًا مع أحد شيوخ القبائل في سيناء لاستئجار عدد من الشاليهات لإقامة عمال الهيئة بها، وأنه نظرا لعدم دفع الإيجار فقد تم طرد العمال من هذه الشاليهات، وبذلك فإنه يكون قد ارتكب المخالفة الثانية المنسوبة إليه، فلم يوفر لعمال الهيئة السكن المناسب وسبل الراحة والطمأنينة على الرغم من وجودهم في إحدى المناطق النائية، ووضع هؤلاء العمال، وهم من الموظفين العموميين، في موقف مهين لا يتفق مع ما للدولة من هيبة واحترام، وارتكب بذلك ذنبًا إداريًا يتعين مجازاته عنه بعقوبة اللوم.
وأضافت المحكمة أن المخالفة المنسوبة للمحال الثاني هشام صلاح محمد، رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والتجارية والإدارية بالهيئة العامة للثروة السمكية والتي تتمثل في أنه: لم يؤد العمل المنوط به وذلك بأن تقاعس عن اتخاذ الإجراءات الواجبة حيال مستحقات العاملين بمشروع شرق التفريعة المنصوص عليها بقرار رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية رقم 1173 لسنة 2015، فقد نصت المادة الثالثة من هذا القرار على أن (يسري على جميع العاملين والمكلفين بالعمل بالمشروع ما يسري على العاملين بمحافظة شمال سيناء من الناحية المالية والإدارية بالإضافة إلى صرف مبلغ 30 جنيه بدل عن ساعات العمل الإضافية على أن لا تقل ساعات العمل اليومية عن 10 ساعات يومياً).
وفي ضوء ما أفاد به الشهود، ووفقاً للثابت من المستندات، فقد غدا من الثابت يقيناً للمحكمة أن المحال قد ارتكب المخالفة المنسوبة إليه بعدم اعتماد صرف مستحقات العاملين الذين ألحقوا بالعمل بمنطقة شرق التفريعة، وذلك بالمخالفة لقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 1173 لسنة 2015، ولا يغير من ذلك ما انتهت إليه المحكمة من عدم مشروعية هذا القرار وصدوره مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم، فهذا القرار يعتبر في حقيقة الأمر، أمراً صادراً له من رئيسه المباشر، ومن ثم فقد كان يتعين عليه الامتثال لهذا الأمر على الرغم مما أصابه من عوار، وكان عليه في مثل هذه الحالة أن يعترض كتابة على تنفيذ هذا القرار، فإذا أصر رئيس مجلس الإدارة على تنفيذه، فقد أصبح من الواجب عليه تنفيذ القرار لتقع المسئولية في هذه الحالة على عاتق رئيس مجلس الإدارة باعتباره مصدر القرار، أما أن يمتنع تماماً عن تنفيذ القرار فإنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة المنسوبة إليه، وأضحى من الواجب مجازاته عنها بعقوبة التنبيه.