رئيس التحرير
عصام كامل

الدهاشنة فى أرض الحرية


الحرية لا تُمنح بل تأتى عبر تطور الزمن وما أصعب أن يحكم حاكم شعب حر. ومن الجهل والغباء السياسى أن لا يعرف أو يتجاهل الحاكم طبيعة شعبه الذى يحكمه.


أرض الخوف هى التى صنعت الدكتاتور. كما غنت شادية أو فؤادة ياعينى ياعينى ياعينى على الولد الواد كان قلبه أبيض زى ولاد البلد ولكن عتريس أراد أن يفوز بكرسى السلطة وبقلب فؤادة. وبرغم حب فؤادة له إلا حبها لوطنها كان أعظم.

وبعد أن استشهد خالد سعيد وجيكا وكثير من شباب البلد الأطهار الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن ترتفع هامات الدهاشنة عالية فما عاد للخوف مكان فما شيء بعد الموت يُهاب.

خرجت الدهاشنة رافعين الشعل تنير الطريق رافعين شهداءهم على أعناقهم متجهين إلى عتريس وجماعته لحرقهم.

لم ير عتريس أن ناس الدهاشنة قد تحررت عقولهم والخوف ماعاد يعرف لقلوبهم طريقا وأن الخوف قد مات فى زمن أرض الخوف ولكنهم الآن يحيوا على أرض الحرية. إنه جيل جديد لا يرضى بالكرامة بديل جيل حر يتنفس الحرية منذ نعومة أظافره لا يعرف الذل ولا التفريط فى كرامته من أجل لقمة العيش.

لقد ختم الله على قلوب الطغاة وعقولهم فما عادوا يروا الناس على حقيقتهم يتعاملون معهم بحكم السادة والعبيد فتغشى أبصارهم فيقعون فى جحيم أعمالهم يحترقون وهذه نهايتهم التى كتبوها لأنفسهم.

عتريس فى أرض الحرية خدع الناس بخطبه المنبرية وكلام الدين فانخدع فيه من انخدع وولوه عليهم ولكنه ما إن استولى على كرسى الحكم سقط قناعه وظهر لذوى الأبصار جلياً واضحاً عارى تماماً على حقيقته المرة بسواد قلبه وفراغ عقله وقصر بصره وهكذا كتب عتريس بداية نهايته.

وبعد حرق عتريس وجماعته اجتمع سادة الدهاشنة وعقلائها ومثقفيها وفنانيها ومشايخها ورهبانها يرسمون من جديد خريطة قريتهم ودستورها وقانونها ومؤسساتها القوية وشكلها المتحضر الذى يجب أن تكون عليه وسط القرى الكبرى المتحضرة .

ورئيسها المنتخب الجديد سيكون هو الرئيس الموظف عندهم إذا أخطأ فلا يوجد ما يمنع أن يحاكم ويعاقب مثل أى فرد حتى لو تكرر هذا مائة مرة فى العام فسيأتى يوم يكون هناك رئيس يحترم الشعب وإرادته وقانونه ودستوره.

أرض الحرية هى أرض الإبداع التى تفرز المبدعين والعلماء فى كل مجال حتى تغيرت أرض الدهاشنة التى كانت فى يوم من الأيام أرض الخوف حتى أصبحت أرض الحرية والكرامة فلا يصح أن يتعامل حاكم اليوم بنفس أدوات حاكم الأمس فلكل يوم أدواته يا فخامة الرئيس الموظف.

ماعاد أهل القرية يلتفون حول المذياع ليستمعون إلى غناء أم كلثوم وينعسون بعد صلاة العشاء قد تغيرت المفاهيم والعقول وأصبحنا فى زمن السموات المفتوحة والعالم كله أصبح قرية صغيرة.

لا تسبعد أيها الرئيس إذا أردت أن تصبح ديكتاتورا يمكن أن يكون مصيرك ونهايتك مثل كل الدكتاتوريين فى العالم على يد شعوبهم فاحذر الشعب واحترم إرادته ولا تخونها ولا تزيفها وتعلم إن كنت لا تعرف أو تفهم أين موقعك الآن من الزمن؟ كيف تتعامل مع الشعوب المتحضرة التى أصبحنا منها بحكم تطور الزمن وإن كنا نحيا العشوائية بجميع أشكالها فأنتم لا غيركم سببها وستدفعون يوماً سبب مانحن نحياه الآن.

لا تعتمد يا عتريس على قلب فؤادة فهى من أبناء الدهاشنة وإن خدعتها بعض الوقت فلن تستطيع خداعها إلى الأبد ستراك هى أيضا عاريا على حقيقتك وعندما تنفض غبارك عن عينها ستحرقك بمشعلها وهى تدمع ندماً على تصديقك يوماً.

فالفرصة مازالت أمامك لترحل بسلام. ارحل يا عتريس أنت وجماعتك.
الجريدة الرسمية