في شهر النصر.. فك شفرات عقل الزعيم.. المخابرات الأمريكية تصف السادات بالرجل القوي.. يفهم الحدث دون تفاصيل.. ويتسم بالجرأة والشجاعة
لقد جرى العُرف على أن التاريخ يكتبه المنتصرون، وأن الشعوب تمجد قادتها المنتصرين، غير أن هذه النظرية تبدو مهتزة مرتبكة أمام الرئيس الراحل أنور السادات، بطل الحرب والسلام، الذي قاد جيش مصر العظيم لتحقيق انتصارات السادس من أكتوبر/ العاشر من رمضان، وأعاد كامل التراب المصري الذي دنسه المحتل الإسرائيلي بعد حرب النكسة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، مرت ذكرى نصر العاشر من رمضان، ثم أعقبتها ذكرى تحرير سيناء، دون احتفاء بهذا القائد الاستثنائي الذي صاغ تاريخًا استثنائيًا للعسكرية المصرية والأمة العربية، سواء على الصعيد الرسمي أو الصعيد الشعبي، وهو أمر مثير للجدل والحيرة، لا سيما عندما يذهب الاحتفاء إلى مَن لم يحقق نصرًا عسكريًا وحيدًا في حياته، أو عندما يعمد بعض الصغار إلى تشويه سيرة الرجل وصورته، حسدًا من عند أنفسهم الأمَّارة بالسوء.
في السطور التالية..نرصد شخصية السادات في عيون العالم، ونبحر في عقله، ونعرف كيف كان يفكر ويقرر، وكيف استطاع أن يكسر أنف المحتل الصهيوني، ويسترد الأرض والكرامة والاعتبار..
هذه الشخصية الأسطورية التي أجمع عليها رؤساء العالم وخبراء العسكرية ولا تتكرر كثيرًا، كان لا بد من عرضها على علماء الطب النفسي وخبراء السيكولوجية والأكاديميين، للوصول إلى تحليل دقيق وقريب لعقل السادات الذي أربك العالم بدهائه وذكائه ومكره.
أستاذ الطب النفسي وعلم النفس السياسي والشئون الدولية ومدير برنامج علم النفس السياسي في جامعة جورج واشنطن، ومؤسس مركز تحليل الشخصية والسلوك السياسي (CAPB) في وكالة المخابرات المركزية الدكتور "جيرولد بوست" أعدَّ تقريرين منفصلين عن السادات في العام 1978.
الأول له وحده، والثاني تحليلا يقارن فيه بين شخصيته وشخصية مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل آنذاك.
شفرات عقل الزعيم
كان تحليل عقل السادات من وجهة نظر الـ"سي آي أيه" والرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، أمرًا ضروريًا قبل إتمام مفاوضات كامب ديفيد واتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، الجميع كان يريد فك شفرات عقل الرجل؛ للوصول إلى أفضل الطرق في التعامل مع الزعيم الذي تميز بذكاء ودهاء كبيرين.
بدأ "جيرولد" فحصه لعقل السادات وسلوكه السياسي في عام 1977 وفقًا لما كتبه في وثائق المخابرات الأمريكية، كاشفًا أنه قرأ كل شيء عن السادات وجمع التحليلات وطالع كل اللقاءات والمقابلات معه وكل محادثاته خاصة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "هنري كسنجر"، ولهذا كانت هناك مواد خاصة بالسادات في يده قبل أن يقوم هو بتحليله الشخصي.
وأعاد "جيرولد" مقابلة كل شخص كان له اتصال مباشر وذو معنى مع السادات، ومن خلال انطباعاتهم وجد أن السادات يؤرقه ماذا سيكتب عنه التاريخ وكيف ستخلد ذكراه فهو يرغب في أن يبقى ذلك القائد العظيم حتى بعد وفاته.
فهم الحدث دون تفاصيل
"جيرولد" أثار أحد أهم محاور سلوك السادات السياسي والذي تحرك عقله وهو فهمه للصورة الكبيرة، فهو قادرٌ على فهم الحدث دون الدخول في التفاصيل، ومن هنا وصفه جيرولد بأنه "رجل الصورة الكبيرة"، ما جعله قادرًا على تجاوز التفاصيل في مقابل الوصول لأهدافه الشاملة وتحقيقها.
كما رأى "جيرولد" أن ثقة السادات بنفسه ونظرته الخاصة لنفسه كان لهما دور فعال في تطوير سياسته الخارجية المبتكرة، وكانت السبب الرئيسي لمرونته وقدرته على التحرك خارج العزلة الثقافية للعالم العربي.
الثقة بالنفس
كان السادات -من وجهة نظر الطب النفسي الاستخباراتي- رجلًا واثقًا تحركه ثقته تلك وتدفعه لاتخاذ مبادرات جريئة وشجاعة، فضلًا عن أن الرجل كان يرى نفسه إستراتيجيًا عظيمًا يعرف كيف ومتى يقدم تنازلات تكتيكية على أرض الواقع يتبعها بعد ذلك تحقيق للأهداف التي يريدها، وهو الأمر الذي جعله يتجاوز اعتراضات حتى أقرب مستشاريه.
الصحفي والكاتب الأمريكي "لورانس رايت" أصدر في العام 2014 كتابه البارز: "13 يوما من سبتمبر"، الذي اختير كأفضل كتاب من بين أفضل عشرة كتب لعام 2014، والذي حولها إلى مسرحية تحمل اسم "كامب ديفيد"، والذي كتبها رايت بناء على طلب جيرلد رافشون مستشار وسائل الإعلام السابق للرئيس كارتر، وجسد فيها النجم خالد النبوي دور السادات.
وفي تحليله للسادات، قال "رايت": "كنت هناك عندما أصبح السادات رئيسًا، كان الجميع يظنه رجلا ضعيفًا ولن يستمر طويلا. سيبقى لوقت قصير حتى يأتي رئيس آخر قوي مكانه. ولكن السادات قلب الموازين.
الرئيس القوي
أثبت أنه الرئيس القوى بل وأقوى من كل سابقيه". حلل الكاتب الأمريكي عقل "السادات" قائلا: "كان صاحب رؤية، جريئًا ومتهورًا ومستعدًا للتحلي بالمرونة طالما كان يعتقد أن أهدافه العامة تتحقق، لقد رأى نفسه مفكرًا إستراتيجيًا كبيرًا يتألق مثل مُذنب عبر سماء التاريخ..كان شخصًا استثنائيًا في كل شيء".
وخلال الأيام القليلة الماضية، مرت ذكرى نصر العاشر من رمضان، ثم أعقبتها ذكرى تحرير سيناء، دون احتفاء بهذا القائد الاستثنائي الذي صاغ تاريخًا استثنائيًا للعسكرية المصرية والأمة العربية، سواء على الصعيد الرسمي أو الصعيد الشعبي، وهو أمر مثير للجدل والحيرة، لا سيما عندما يذهب الاحتفاء إلى مَن لم يحقق نصرًا عسكريًا وحيدًا في حياته، أو عندما يعمد بعض الصغار إلى تشويه سيرة الرجل وصورته، حسدًا من عند أنفسهم الأمَّارة بالسوء.
في السطور التالية..نرصد شخصية السادات في عيون العالم، ونبحر في عقله، ونعرف كيف كان يفكر ويقرر، وكيف استطاع أن يكسر أنف المحتل الصهيوني، ويسترد الأرض والكرامة والاعتبار..
هذه الشخصية الأسطورية التي أجمع عليها رؤساء العالم وخبراء العسكرية ولا تتكرر كثيرًا، كان لا بد من عرضها على علماء الطب النفسي وخبراء السيكولوجية والأكاديميين، للوصول إلى تحليل دقيق وقريب لعقل السادات الذي أربك العالم بدهائه وذكائه ومكره.
أستاذ الطب النفسي وعلم النفس السياسي والشئون الدولية ومدير برنامج علم النفس السياسي في جامعة جورج واشنطن، ومؤسس مركز تحليل الشخصية والسلوك السياسي (CAPB) في وكالة المخابرات المركزية الدكتور "جيرولد بوست" أعدَّ تقريرين منفصلين عن السادات في العام 1978.
الأول له وحده، والثاني تحليلا يقارن فيه بين شخصيته وشخصية مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل آنذاك.
شفرات عقل الزعيم
كان تحليل عقل السادات من وجهة نظر الـ"سي آي أيه" والرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، أمرًا ضروريًا قبل إتمام مفاوضات كامب ديفيد واتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، الجميع كان يريد فك شفرات عقل الرجل؛ للوصول إلى أفضل الطرق في التعامل مع الزعيم الذي تميز بذكاء ودهاء كبيرين.
بدأ "جيرولد" فحصه لعقل السادات وسلوكه السياسي في عام 1977 وفقًا لما كتبه في وثائق المخابرات الأمريكية، كاشفًا أنه قرأ كل شيء عن السادات وجمع التحليلات وطالع كل اللقاءات والمقابلات معه وكل محادثاته خاصة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "هنري كسنجر"، ولهذا كانت هناك مواد خاصة بالسادات في يده قبل أن يقوم هو بتحليله الشخصي.
وأعاد "جيرولد" مقابلة كل شخص كان له اتصال مباشر وذو معنى مع السادات، ومن خلال انطباعاتهم وجد أن السادات يؤرقه ماذا سيكتب عنه التاريخ وكيف ستخلد ذكراه فهو يرغب في أن يبقى ذلك القائد العظيم حتى بعد وفاته.
فهم الحدث دون تفاصيل
"جيرولد" أثار أحد أهم محاور سلوك السادات السياسي والذي تحرك عقله وهو فهمه للصورة الكبيرة، فهو قادرٌ على فهم الحدث دون الدخول في التفاصيل، ومن هنا وصفه جيرولد بأنه "رجل الصورة الكبيرة"، ما جعله قادرًا على تجاوز التفاصيل في مقابل الوصول لأهدافه الشاملة وتحقيقها.
كما رأى "جيرولد" أن ثقة السادات بنفسه ونظرته الخاصة لنفسه كان لهما دور فعال في تطوير سياسته الخارجية المبتكرة، وكانت السبب الرئيسي لمرونته وقدرته على التحرك خارج العزلة الثقافية للعالم العربي.
الثقة بالنفس
كان السادات -من وجهة نظر الطب النفسي الاستخباراتي- رجلًا واثقًا تحركه ثقته تلك وتدفعه لاتخاذ مبادرات جريئة وشجاعة، فضلًا عن أن الرجل كان يرى نفسه إستراتيجيًا عظيمًا يعرف كيف ومتى يقدم تنازلات تكتيكية على أرض الواقع يتبعها بعد ذلك تحقيق للأهداف التي يريدها، وهو الأمر الذي جعله يتجاوز اعتراضات حتى أقرب مستشاريه.
الصحفي والكاتب الأمريكي "لورانس رايت" أصدر في العام 2014 كتابه البارز: "13 يوما من سبتمبر"، الذي اختير كأفضل كتاب من بين أفضل عشرة كتب لعام 2014، والذي حولها إلى مسرحية تحمل اسم "كامب ديفيد"، والذي كتبها رايت بناء على طلب جيرلد رافشون مستشار وسائل الإعلام السابق للرئيس كارتر، وجسد فيها النجم خالد النبوي دور السادات.
وفي تحليله للسادات، قال "رايت": "كنت هناك عندما أصبح السادات رئيسًا، كان الجميع يظنه رجلا ضعيفًا ولن يستمر طويلا. سيبقى لوقت قصير حتى يأتي رئيس آخر قوي مكانه. ولكن السادات قلب الموازين.
الرئيس القوي
أثبت أنه الرئيس القوى بل وأقوى من كل سابقيه". حلل الكاتب الأمريكي عقل "السادات" قائلا: "كان صاحب رؤية، جريئًا ومتهورًا ومستعدًا للتحلي بالمرونة طالما كان يعتقد أن أهدافه العامة تتحقق، لقد رأى نفسه مفكرًا إستراتيجيًا كبيرًا يتألق مثل مُذنب عبر سماء التاريخ..كان شخصًا استثنائيًا في كل شيء".