لماذا يتمسك نشطاء السلفيين بالتشدد والعنف مع الآخر؟ يخلطون بين الدين والجنسية والمواطنة.. يعجزون عن إيجاد رؤية إنسانية للعالم
رغم انحسار تأثيرهم خلال السنوات الماضية، إلا أن هناك بعض الناشطين المحسوبين على الفكر السلفي ــ بعضهم يتخفى في زي الأزهر مع أنه تبرأ منهم ـ يحاولون طوال الوقت فرض أنماط من التشدد والكراهية على المجتمع، مستغلين في ذلك حماسة الشباب صغير السن للتدين.
عداء مفتوح
يتخوف حقوقيون ومفكرون من نبرة العداء التي ينطق بها هؤلاء، في ظل إصرارهم على التصدي للإفتاء في قضايا خطيرة ربما تهدد السلام الاجتماعي في البلاد.
يخلط الفكر السلفي بين الدين والجنسية والمواطنة، ويصر على بث أفكار القرون الوسطى في التعامل مع قضايا اجتماعية جدلية، بالمخالفة حتى لآراء علماء الأزهر الذين يتعامل أغلبهم بحكمة شديدة ورؤية حداثية مع مثل هذه القضايا، في ضوء التحديات التي تعيشها مصر والبلدان العربية بشكل عام.
فتاوى عدائية
يقول بابكر فيصل، الكاتب والباحث إن الكثير من مشايخ السلفية تشكل فتاويهم إجراما في حق المجتمع، من تحريم تهنئة غير المسلمين بالأعياد، وغيرهم من الفتاوى التي تتنافى مع سماحة الدين الإسلامى.
لفت الباحث إلى أن أصحاب هذا الخطاب يعتقدون أن السلفية ترجمة حرفية للقرآن على أرض الواقع وما عندهم هي العلوم الشرعية الحقيقية، مردفا:
يرفضون أي تأويل آخر يحتمله النص، ويرون أنفسهم وحدهم جديرون بتقديم الفهم الصحيح للدين ولا يرون في الخطابات الأخرى سوى أنها مجرد تجديف وزندقة وهرطقة.
أضاف: الخطاب السلفي لا يأبه بالآخر غير المسلم، فهو يقسم العالم إلى فسطاطين المؤمنين والكفار ويضيف مفاهيم فرعية وثانوية إلى العقائد، ويجعلها من الثوابت التي لا بد من الأخذ بها، موضحا أن الخطاب السلفي عاجز بالضرورة عن إيجاد رؤية إنسانية للعالم.
كراهية الآخر
تابع: من القيم الخطيرة التي تترتب على هذه العقيدة ضرورة كراهية غير المسلمين حتى لو سافرنا وأقمنا ببلادهم، فأنواع السفر لبلاد الكفر –بحسب رؤية تلك الجماعات – هى السفر للدارسة أو التجارة أو العلاج أو الدعوة، موضحا أنهم يضعون شرطان للإقامة ببلاد الكفر أحدهما أن يكون المقيم مُضمراً لعداوة الكافرين وبغضهم.
أضاف: يهتمون بتكوين وتنشئة المسلم المتدين شكليا، ويحصرون الدين في الشعائر والمظاهر بدلا عن المسلم الذي يهتم بتجسيد جوهر الدين أي روحه وقيمه ومقاصده الكبرى، مردفا:
أوضح الباحث أن السلف يشدّ على أمور هامشية مثل إطلاق اللحية ولبس الحجاب والنقاب وعدم المصافحة عوضا عن السعي لتحقيق العدل وبسط الحرية والمناداة بالتسامح مع الآخر.
لكن النزعة الإنسانية ضعيفة عنده أو تكاد تكون منعدمة، فهو قد يُستفز ويُجن جنونه إذا رأى إمرأة كاشفة رأسها وقد يذرف الدمع وهو يستمع لخطبة يلقيها أحد شيوخ الفضائيات عن عذاب القبر، يقول الباحث ويكمل:
قد يهتف حتى يبح صوته في مسيرة لتأييد الحاكم المؤمن، ولكنه لا يُحرِّك ساكنا وهو يرى طفلا مشردا يبحث عن لقمة داخل صندوق القمامة.
أوضح فيصل إن الشرائع السماوية نزلت في الأصل لرعاية مصالح الانسان ولهدايته وتحقيق وحفظ مصالحه المعتبرة على هذه الأرض، لذلك حرص الخطاب القرآني على تكريم الإنسان بغض النظر عن دينه: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".
غياب البعد الإنساني
يرى الباحث أن غياب البعد الإنساني في الخطاب السلفي والتركيز على صناعة الشخص المتدين المالك للحقيقة المطلقة هو الذي يؤسس لتكوين نفسية المؤمن المحارب، الذي لا يتورع عن استخدام العنف والقتل والتفجير من أجل الحفاظ على دينه.