جيفري فيلتمان.. رجل أمريكا لنزع فتيل حرب سد النهضة

قررت إدارة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، التدخل فى النزاعات الأفريقية بكامل ثقلها الدبلوماسي، بعدما همش الرئيس السابق دور الولايات المتحدة فى القارة السمراء.

وأعلنت واشنطن، مساء الجمعة،  تعيين الدبلوماسي الأمريكى المخضرم جيفري فيلتمان، مبعوثاً خاصاً لمنطقة القرن الإفريقى الحبلى بالنزاعات الداخلية والخارجية، في وقت يتجه فيه البيت الأبيض لتكثيف جهوده الدبلوماسية في المنطقة، التي اندلع فيها صراع إقليم تيجراي في إثيوبيا وأزمات أخرى تشمل سد النهضة والتوتر الحدودي بين السودان وإثيوبيا.

جيفري فلتمان فى القرن الأفريقي 

والقرن الأفريقي  Horn of Africa، هي المنطقة الواقعة على رأس مضيق باب المندب من الساحل الأفريقي، وهي التي يحدها المحيط الهندي جنوبا، والبحر الأحمر شمالا، وتقوم عليه حاليا: أرتيريا، جيبوتي، الصومال، أثيوبيا، ويدخل فيها بعض الجغرافيين السودان وكينيا.

والقرن الأفريقي منطقة استراتيجية بالنسبة لآسيا وأفريقيا، فهو يحد باب المندب، المضيق المخرج من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي.

وتشترك دول القرن الأفريقي في العديد مِن المنظمات، هي جامعة الدول العربية، تجمع دول الساحل والصحراء، السوق المُشترك لشرق وجنوب أفريقيا والهيئة الحكومية للتنمية.

تصريحات أنتوني بلينكن

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في بيان مقتضب، أن  فيلتمان سيقود أيضاً الجهود الدولية لإنهاء التوتر بين إثيوبيا والسودان، والتوتر الناتج عن إقامة سد النهضة فى إثيوبيا.

وكان من المتوقع أن تستعين إدارة الرئيس الأمريكي بعد صمت عن الأحداث الملتهبة فى تلك البقعة من العالم، بمسؤول كبير سابق بالأمم المتحدة أو دبلوماسي أمريكي محنك ليكون مبعوثًا خاصًا للقرن الأفريقي؛ وهو منصب جديد يهدف إلى معالجة الأزمة المتفاقمة في إثيوبيا خصوصا بعد زيادة منسوب خلافاتها الإقليمية وتسببها وعدم الاستقرار في المنطقة المهمة استراتيجيا.

إبادة اليتجراي 

وقبل إعلان القرار، كان قد أصدر مجلس الأمن الدولى قرارا يدين المجازر التى ترتكبها القوات الإثيوبية بمعاونة مسلحين من إرتيريا فى حق التيجراي، وأودى القتال في إقليم تيجراي، بين متمردين والقوات الحكومية من كل من إثيوبيا وإريتريا، بحياة الآلاف كما أجبر مئات الآلاف الآخرين على النزوح عن ديارهم في المنطقة التي يسكنها خمسة ملايين نسمة.

مسيرة الدبلوماسي الأمريكى 

ووفقا لمعهد بروكينجز البحثي الأمريكي، فإن مسيرة فيلتمان التي امتدت لأكثر من ربع قرن، تركزت بشكل كبير على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في الفترة من عام 2009 حتى تقاعده من الوزارة بدرجة وزير محترف في مايو 2012.

وفي يوليو 2012، تولى الدبلوماسي المحنك منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية.

ميلاد وتعليم فيلتمان 

وولد فيلتمان في ولاية انديانا الأمريكية، وحصل على الماجستير في القانون والدبلوماسية من كلية فلتشر للقانون والدبلوماسية جامعة تفتس عام 1983.

ودرس فلتمان العربية في جامعة الأردن في عمان في الفترة بين 1994-1995، ويتحدث الفرنسية والعربية والمجرية.

وعمل جيفري فلتمان الدبلوماسي الأمريكى المحنك، في الفترة ببين 2004 و2008، سفيرا لبلاده في لبنان، وخدم أيضًا في أربيل بغداد والقدس وتل أبيب وتونس وعمان وبودابست، وساهم في تنمية الاستراتيجية الدولية الأمريكية في فترة ما بعد الحرب الباردة، ومفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

الشرق الأوسط واللغة العربية 

كما عمل الدبلوماسي الكبير في الفترة من 1998 إلى 2000، رئيسا للقسم الاقتصادي والسياسي في السفارة الأمريكية بتونس، بعد تغطية القضايا الاقتصادية في قطاع غزة في السفارة الأمريكية بتل أبيب من 1995 إلى 1998.

في يوليو 2012 شغل فيلتمان منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، وكجزء من مسؤولياته في الأمم المتحدة، كان جيفري فيلتمان رئيسًا لفريق العمل المعني بمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من يوليو 2012 حتى يوليو 2016، وأشرف على جهود الأمم المتحدة في منع نشوب النزاعات.

خلال فترة عمله بالأمم المتحدة، وتحديدا عام 2013 زار فلتمان مصر فى خضم الأزمة السياسية مع جماعة الإخوان الإرهابية، واعلنت حينها الأمم المتحدة أن مساعد الامين العام للمنظمة الدولية للشؤون السياسية وصل الى القاهرة لاجراء محادثات مع السلطات المصرية ومع قيادات من جماعة الاخوان عقب ثورة يونيو التى أنتهت بعزل الرئيس محمد مرسي.

كما زار جيفري فيلتمان كوريا الشمالية عام 2017، وكان أعلى مسؤول في الأمم المتحدة يزور العاصمة "بيونج يانج" منذ عام 2011، واصفًا رحلته التي استغرقت أربعة أيام بأنها "أهم مهمة قام بها على الإطلاق فى حياته العملية".

وحظت برقيات فيلتمان الدبلوماسية المطولة خلال فترة عمله بقبول واسع النطاق في واشنطن، وحظى بقبول واسع من مسؤولي السياسة والمحللين في واشنطن لما تتميز به من إلمام بالقضايا ورؤية ثاقبة، وفق معهد بروكينجز.

محلل سياسي 

وبتعيين فيلتمان أصبح بات أكبر  محلل دبلوماسي للرئيس الأمريكي في منطقة مزقتها الصراع والعنف، وتعلق عليه واشنطن أمالا كبيرة في بناء جسور جديدة مع القارة الأفريقية، ونزع فتيل الحروب القائمة والمتوقعة، وبدا أن إدراة بايدن استشعرت الخطر المرتقب فى ظل التصعيد حول أزمة سد النهضة، وواضح ذلك جليا اليوم بالتزامن مع تعيين فيلتمان، بصدور بيان عن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، بعدما حث فيه مصر والسودان وإثيوبيا، على التعاون لحل نزاعاتهم حول سد النهضة، ومواردها المائية المشتركة.