رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ عبد الحليم محمود يشرح فلسفة الصيام

الشيخ عبد الحليم
الشيخ عبد الحليم محمود
يجيب الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق: في السنة الثانية للهجرة فرض الله تعالى على المسلمين صيام شهر رمضان، ومن هنا جعل الإسلام الصيام شهرا واحدا فى العام، فحينما كان يهل شهر رمضان المبارك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فى المسلمين خطبة يبين فيها فضل الشهر المبارك .


فعن سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان قال :"يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة ، وقيامه تطوعا ، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه .

غفران الذنوب 
وهو شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة ، وشهر المواساة ، وشهر يزاد فى رزق المؤمن فيه ، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير ان ينتقص من أجره شيئا "

أوله رحمة 
قالوا يارسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :يعطى الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة ،أو على شربة ماء أو مذقة لبن ، وهو شهر اوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وعتقه من النار ، فاستكثروا فيه أربع خصال ،، خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لاغناء بكم عنهما . فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا أله الا الله ، وتستغفرونه ..

وأما الخصلتان اللتان لاغناء بكم عنهما: فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار ، ومن سقا صائما سقاه الله من حوضى شربة لايظمأ حتى يدخل الجنة " .أى أن الله سبحانه وتعالى ييسر له دائما الرأى فى سهولة ،فلا يأتى عليه ظرف يكون فيه في أزمة لشدة الظمأ .

ايمانا واحتسابا 
وقد فرض الله الصيام ليحرر الانسان من العبودية للعادة وهو لا عدل له ولا مثيل له فى تهيئة النفوس للتقوى ، ومن انتهى الى هذا وصام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن هنا كان المعنى العميق للحديث ( كل عمل ابن آدم : الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف قال الله تعالى "الا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به " ) .

المعنى العميق للصيام 
قصد الله تعالى إلى جانب فرضية وشرعية الصوم ضمن الفروض الخمسة للاسلام ، ايضا هناك فلسفة صحية للصيام تقوم على اساس ان ارهاق المعدة بالطعام الزائد عن حاجتها يسيء إلى الجسم عامة ويجلب عليها الوانا من المرض. لذلك يقول تعالى في كتابه " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين " .

ولا ينتهي الصوم إلى ثمرته التي أرادها الله منه إلا إذا صدقت النية وقويت العزيمة وصام الإنسان ايمانا واحتسابا ـ أي صام على التصديق والرغبة طيبة بالصوم نفسه غير كاره ولا مستثقل لأيامه وصام طلبا لوجه الله تعالى وصدقت نيته فى النجاة واستشرقت نفسه لرضوان الله .
واذا لم يتوفر كل ذلك تحقق الثواب من الصيام أما بغير ذلك فليس للصوم من فائدة إلا الجوع والعطش ـ عافانا الله من ذلك ، 

ونعود إلى حكمة الصوم في آية الصيام إلى عبارة "لعلكم تتقون " فالتقوى تتألف من عنصرين عنصر ايجابي وهو القيام بما أمر الله به من فروض وواجبات فى القول كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما العنصر الثانى من عناصر التقوى فإنه الانتهاء عما نهى الله عنه في القول : كالنميمة التي يمثل الله فاعلها بمن يأكل لحم أخيه ميتا وكالكذب بجميع انواعه. 
الجريدة الرسمية