أسرار معركة «البحر الأسود».. أردوغان يغازل «بايدن» بتصريحات «وحدة أوكرانيا».. و«بوتين» يحذر من خرق اتفاقية «مونترو»
«موسكو تهدد.. واشنطن تتحرك.. وأنقرة تصطاد في الماء العكر».. من هنا يمكن المض قدمًا للحديث عن الأزمة التي تشهدها الحدود الأوكرانية خلال الفترة الحالية.
فالرئاسة الروسية أعلنت أنها تحت بند «حماية المدنيين» من الممكن أن تخطو خطوات جديدة على أرض الأزمة، وذلك لمنع أوكرانيا من استخدام القوة في مجابهة الانفصاليين شرقا، وهي خطوة دفعت مسئولين عسكريين أوكرانيين لإعلان عدم نيتهم لخوض أية معارك أو حروب هجينة مع مواصلة الهجوم على روسيا لمساندتها للانفصاليين.
تحركات واشنطن
فى مقابل التحركات الروسية، لم تقف الولايات المتحدة الأمريكية موقف المتفرج مما يحدث على الحدود، حيث سارعت «واشنطن» لإرسال سفينتين حربيتين إلى البحر الأسود فى تحرك أزعج «موسكو»، وتزامن ذلك كله مع محاولات تركيا لاستغلال الأزمة فى تحقيق أكبر قدر من المكاسب لصالحها.
وفى هذا السياق يقول أشرف كمال، مدير المركز المصرى الروسى للدراسات: الأزمة الأوكرانية لا تختلف عن غيرها من الأزمات التى تشهدها الساحة الدولية، فالتقارير الرسمية وغير الرسمية، تشير إلى تدخلات أمريكية للتأثير على الوضع وخلق حالة من التوتر والفوضى والعداء لروسيا.
و«واشنطن» أعلنت الشهر الماضى تقديم حزمة مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، لتعلن بعدها تركيا عن عبور سفينتين حربيتين أمريكيتين إلى البحر الأسود، وأن السفن ستبقى فى البحر الأسود حتى 4 مايو المقبل، وجاء الإعلان التركى بالتزامن مع تصريحات رجب طيب أردوغان المضى قدما فى مشروع «قناة إسطنبول» الأمر الذى يهدر من قيمة معاهدة «مونترو» ويخل بموازين القوى فى البحر الأسود.
تحذيرات روسية
وأضاف: الكرملين تحدث عن إجراءات صارمة فى حال إرسال الغرب قوات عسكرية إلى أوكرانيا، وهو ما يجعل منطقة البحر الأسود أمام مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، وربما يؤدى إلى تحقق سيناريو «تقسيم أوكرانيا».
وأوضح «كمال» أن التساؤلات المطروحة حول العلاقات (الروسية - الأمريكية) لا تنتهى. من يقف خلف إفشال محاولات بناء الثقة والحوار بين أقوى قوتين نوويتين، ولماذا الإصرار على العودة من جديد إلى أجواء الحرب الباردة ودفع أوروبا والعالم من جديد إلى الاستقطاب والمواجهة، ولماذا التمسك بحلف شمال الأطلسى والسماح له بالتمدد شرقا، رغم تفكك وانهيار حلف وارسو، ولماذا يواصل صقور واشنطن التحليق فى فضاء الاتحاد السوفيتى السابق، وما السر وراء معاداة موسكو؟!
وتابع: أحد أبرز مهندسى الإستراتيجيات الأمريكية - مستشار الأمن القومى الراحل «زبيجنيو بريجنسكى» تحدث عن دوافع العداء ضد روسيا، وقال: «تمثل روسيا ثقلًا إستراتيجيًّا للعالم من خلال منطقة أوراسيا، وعلى الولايات المتحدة الحيلولة دون عودة روسيا إلى الساحة الدولية فى إطار فكرة توحيد منطقة أوراسيا. يجب تطويقها من خلال التحالف مع أوروبا والتعاون معهم كشركاء لا تابعين».
واستطرد: «تعتبر منطقة أوراسيا -شرق آسيا إلى قلب أوروبا مرورا بآسيا الوسطى- موطنًا لمعظم دول العالم الأكثر تأثيرًا، 75% من سكان العالم، 60% من الناتج القومى، 75% من مصادر الطاقة».
وعلى الجانب الآخر، قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف خلال حوار صحفى في سبتمبر الماضى: «الغالبية العظمى من الدول التى تمثل أكثر من 80% من الشعوب حول العالم يقبلون الخطوات الروسية فى السياسية الدولية ويدعمون نهج روسيا تجاه المشكلات الرئيسية فى العالم».
المباديء الدولية
مدير المركز المصرى الروسى للدراسات، أشار إلى حديث وزير الخارجية الروسى عندما شدد على «الالتزام بالمبادئ القانونية الدولية المعترف بها دوليا أحد أعمدة السياسة الخارجية لروسيا.. ونحن هنا لسنا وحدنا.. غالبية مماثلة من الدول تلتزم بفلسفة مماثلة... محاولات إخضاع روسيا والتأثير على قراراتها لن تنجح».
وتابع «نتوقع من الزملاء الغربيين، وخاصة فى الولايات المتحدة، أن يدركوا ضرورة التخلى عن منطق المواجهة فى مرحلة ما.. هذا من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة فى مواجهة التحديات والتهديدات الحديثة، والتى تتطلب تضافر الجهود المشتركة لكافة الدول».
وأكد أن «استراتيجية الفوضى الخلاقة، لتغيير أنظمة الحكم فى مناطق محددة، اعتمدت على أدوات غير تقليدية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى.. وأن نقطة الانطلاق كانت فى فضاء الاتحاد السوفيتى عام 2003 من خلال الثورات الملونة فى جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان، ومن قبل دعم الجماعات الإرهابية وتغذية الفكر المتطرف فى شمال القوقاز الروسى، الشيشان، داغستان وأنجوشيا.
وتستخدم الإستراتيجيات الأمريكية كافة الآليات والوسائل الكفيلة بتحقيق السيطرة والهيمنة على العالم والحيلولة دون ظهور قوى أخرى منافسة إقليمية كانت أو دولية ».
الأزمة الأوكرانية
وأضاف: نزع فتيل الأزمة الأوكرانية يكون من خلال الالتزام ببنود اتفاق «مينسك» فى إطار رباعية النورماندى التى تضم ألمانيا، فرنسا، روسيا وأوكرانيا، بينما محاولات خلط الأوراق والتدخلات من جانب واشنطن سوف يفاقم الوضع ويجعل المنطقة تعيش على بركان من التوترات والأزمات.
من جهته.. قال محمد ربيع الديهى، الباحث فى العلاقات الدولية: الأزمة الأوكرانية ليست وليدة الساعة، لكنها تأتي فى إطار التنافس (الأمريكى - الروسي)، وفى ظل سعى واشنطن نحو السيطرة على المضايق والملاحة فى البحر الأسود لتضييق الخناق على موسكو، ومن هنا فالدور التركى فى الأزمة الأوكرانية يأتى كفاعل إقليمي وداعم لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية، فى هذه المنطقة.
فتصريحات «أردوغان» تؤكد حجم الدعم التركى للولايات المتحدة الأمريكية فى هذا الإقليم بهدف الضغط وتحجيم روسيا، فالرئيس التركى أكد على أن أنقرة تدعم وحدة الأراضى الأوكرانية، وأن بلاده لا تعترف بضم القرم.
الدور التركي
وأكمل: الإعلان التركى على لسان رئيس البرلمان التركى مصطفى شانتوب عن صلاحيات الرئيس أردوغان للانسحاب من اتفاقية «مونترو» هو بداية الدعم التركى لأوكرانيا والولايات المتحدة، برغم عدم وجود تصريحات من رأس السلطة بشأن الانسحاب من عدمه، إلا أن عملية الاعتقالات التى شملت 120 دبلوماسيا تركيًا متقاعدًا، وبعدهم 103 جنرالات متقاعدين لإدانتهم بيان رئيس المجلس، وتوجيه تهم محاولة الانقلاب على النظام فى تركيا أكبر دليل على نوايا أنقرة الخبيثة.
وربما يكون اتصال «بوتين» بـ«أردوغان»، وتأكيد الأول على ضرورة التزام أنقرة باتفاقية «مونترو» فى حال شق قناة إسطنبول التى يرغب النظام التركى فى تنفيذها لتربط بين بحر مرمرة والبحر الأسود، وبشكل موازٍ لمضيق البوسفور، فى محاولة من أنقرة للالتفاف على اتفاقية «مونترو».
حتى يتسنى للسفن الحربية الأمريكية والأطلسية المرور فى هذه القناة بالكم والكيف اللذين تشاؤهما، بعيدًا من شروط اتفاقية «مونترو» التى اعترفت بملكية تركيا لمضيقى البوسفور والدردنيل، مع ضمان حرية الملاحة التجارية فيهما لجميع السفن، وحددت شروطًا صارمة على مرور السفن الحربية التى تملكها الدول غير المطلة على البحر الأسود من هذه المضايق.
اتفاقية
وأوضح «الديهي» أن «الاتفاقية تعد هى العقبة الأهم فى طريق تواجد تركيا، وكذلك قوات حلف الناتو فى البحر الأسود؛ إذ تخطط واشنطن منذ سقوط الاتحاد السوفياتى لإرسال أكبر عدد ممكن من سفنها الحربية إلى البحر الأسود، فضلا عن السعى الآن نحو إنشاء قواعد فى بلغاريا ورومانيا، إضافة إلى أوكرانيا وجورجيا، وبذلك ستجد السفن الحربية الروسية نفسها فى وضع صعب فى الطريق من البحر الأبيض المتوسط وإليه».
وتابع: سياسة أنقرة وإن ابتعدت كثيرا عن السياسية الأمريكية، إلا أن الرئيس التركى أردوغان بحاجة إلى الدعم الأوروبى والأمريكى للاستمرار فى الحكم، والبقاء فى السلطة إلى الأبد، من خلال الدعم الاقتصادى والمالى الأمريكى والأوروبى.
ومن دون ذلك، لا يمكنه أن يستمر فى السلطة، والنظام التركى سوف يفعل كل ما بوسعة بهدف مساعدة الولايات المتحدة الأمريكة فى أزمة أوكرانيا مقابل ضمان الدعم الأمريكى فى بعض الملفات الخارجية، وخاصة الملف السورى والأزمة فى أذربيجان، والتى يتشابك فيها مع السياسة الخارجية الروسية التى وضعت حدودًا للدور التركى.
فالدعم التركى للولايات المتحدة الأمريكية سوف يرتبط بصورة أو بأخرى بحجم المكاسب التى من الممكن أن يجنيها أردوغان من بايدن لضمان استمراره فى الحكم لما بعد 2023، فملفات السياسة الخارجية التى فشل فيها أردوغان ليست محل اهتمام خاص من الرئيس التركى فى الوقت الراهن، ولكن الاهتمام الأهم هو الأزمات الداخلية وضمان استمراره فى الحكم.
المرتزقة
«الديهي» أشار أيضا إلى أنه ليس من المستبعد أن يرسل النظام التركى جانبا من المرتزقة والإرهابيين الذين يمولهم بهدف إشعال الأزمة الأوكرانية من جديد ليحقق أكبر قدر من المكاسب من خلال التلاعب بأطراف الأزمة، لا سيما أنه يمكن أن يستغل تواجد هؤلاء الإرهابيين فى مساومة روسيا مستقبليا فى سوريا وأماكن التواجد الروسى فى سوريا، أو حتى يمكن استغلالهم فى الضغط على الاتحاد الأوروبى وأمريكا لغض الطرف عن أفعال النظام التركى فى ليبيا والمنطقة العربية بعض ضمان استمراره فى الحكم والقضاء على المعارضة التركية.
نقلًا عن العدد الورقي...،
فالرئاسة الروسية أعلنت أنها تحت بند «حماية المدنيين» من الممكن أن تخطو خطوات جديدة على أرض الأزمة، وذلك لمنع أوكرانيا من استخدام القوة في مجابهة الانفصاليين شرقا، وهي خطوة دفعت مسئولين عسكريين أوكرانيين لإعلان عدم نيتهم لخوض أية معارك أو حروب هجينة مع مواصلة الهجوم على روسيا لمساندتها للانفصاليين.
تحركات واشنطن
فى مقابل التحركات الروسية، لم تقف الولايات المتحدة الأمريكية موقف المتفرج مما يحدث على الحدود، حيث سارعت «واشنطن» لإرسال سفينتين حربيتين إلى البحر الأسود فى تحرك أزعج «موسكو»، وتزامن ذلك كله مع محاولات تركيا لاستغلال الأزمة فى تحقيق أكبر قدر من المكاسب لصالحها.
وفى هذا السياق يقول أشرف كمال، مدير المركز المصرى الروسى للدراسات: الأزمة الأوكرانية لا تختلف عن غيرها من الأزمات التى تشهدها الساحة الدولية، فالتقارير الرسمية وغير الرسمية، تشير إلى تدخلات أمريكية للتأثير على الوضع وخلق حالة من التوتر والفوضى والعداء لروسيا.
و«واشنطن» أعلنت الشهر الماضى تقديم حزمة مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، لتعلن بعدها تركيا عن عبور سفينتين حربيتين أمريكيتين إلى البحر الأسود، وأن السفن ستبقى فى البحر الأسود حتى 4 مايو المقبل، وجاء الإعلان التركى بالتزامن مع تصريحات رجب طيب أردوغان المضى قدما فى مشروع «قناة إسطنبول» الأمر الذى يهدر من قيمة معاهدة «مونترو» ويخل بموازين القوى فى البحر الأسود.
تحذيرات روسية
وأضاف: الكرملين تحدث عن إجراءات صارمة فى حال إرسال الغرب قوات عسكرية إلى أوكرانيا، وهو ما يجعل منطقة البحر الأسود أمام مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، وربما يؤدى إلى تحقق سيناريو «تقسيم أوكرانيا».
وأوضح «كمال» أن التساؤلات المطروحة حول العلاقات (الروسية - الأمريكية) لا تنتهى. من يقف خلف إفشال محاولات بناء الثقة والحوار بين أقوى قوتين نوويتين، ولماذا الإصرار على العودة من جديد إلى أجواء الحرب الباردة ودفع أوروبا والعالم من جديد إلى الاستقطاب والمواجهة، ولماذا التمسك بحلف شمال الأطلسى والسماح له بالتمدد شرقا، رغم تفكك وانهيار حلف وارسو، ولماذا يواصل صقور واشنطن التحليق فى فضاء الاتحاد السوفيتى السابق، وما السر وراء معاداة موسكو؟!
وتابع: أحد أبرز مهندسى الإستراتيجيات الأمريكية - مستشار الأمن القومى الراحل «زبيجنيو بريجنسكى» تحدث عن دوافع العداء ضد روسيا، وقال: «تمثل روسيا ثقلًا إستراتيجيًّا للعالم من خلال منطقة أوراسيا، وعلى الولايات المتحدة الحيلولة دون عودة روسيا إلى الساحة الدولية فى إطار فكرة توحيد منطقة أوراسيا. يجب تطويقها من خلال التحالف مع أوروبا والتعاون معهم كشركاء لا تابعين».
واستطرد: «تعتبر منطقة أوراسيا -شرق آسيا إلى قلب أوروبا مرورا بآسيا الوسطى- موطنًا لمعظم دول العالم الأكثر تأثيرًا، 75% من سكان العالم، 60% من الناتج القومى، 75% من مصادر الطاقة».
وعلى الجانب الآخر، قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف خلال حوار صحفى في سبتمبر الماضى: «الغالبية العظمى من الدول التى تمثل أكثر من 80% من الشعوب حول العالم يقبلون الخطوات الروسية فى السياسية الدولية ويدعمون نهج روسيا تجاه المشكلات الرئيسية فى العالم».
المباديء الدولية
مدير المركز المصرى الروسى للدراسات، أشار إلى حديث وزير الخارجية الروسى عندما شدد على «الالتزام بالمبادئ القانونية الدولية المعترف بها دوليا أحد أعمدة السياسة الخارجية لروسيا.. ونحن هنا لسنا وحدنا.. غالبية مماثلة من الدول تلتزم بفلسفة مماثلة... محاولات إخضاع روسيا والتأثير على قراراتها لن تنجح».
وتابع «نتوقع من الزملاء الغربيين، وخاصة فى الولايات المتحدة، أن يدركوا ضرورة التخلى عن منطق المواجهة فى مرحلة ما.. هذا من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة فى مواجهة التحديات والتهديدات الحديثة، والتى تتطلب تضافر الجهود المشتركة لكافة الدول».
وأكد أن «استراتيجية الفوضى الخلاقة، لتغيير أنظمة الحكم فى مناطق محددة، اعتمدت على أدوات غير تقليدية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى.. وأن نقطة الانطلاق كانت فى فضاء الاتحاد السوفيتى عام 2003 من خلال الثورات الملونة فى جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان، ومن قبل دعم الجماعات الإرهابية وتغذية الفكر المتطرف فى شمال القوقاز الروسى، الشيشان، داغستان وأنجوشيا.
وتستخدم الإستراتيجيات الأمريكية كافة الآليات والوسائل الكفيلة بتحقيق السيطرة والهيمنة على العالم والحيلولة دون ظهور قوى أخرى منافسة إقليمية كانت أو دولية ».
الأزمة الأوكرانية
وأضاف: نزع فتيل الأزمة الأوكرانية يكون من خلال الالتزام ببنود اتفاق «مينسك» فى إطار رباعية النورماندى التى تضم ألمانيا، فرنسا، روسيا وأوكرانيا، بينما محاولات خلط الأوراق والتدخلات من جانب واشنطن سوف يفاقم الوضع ويجعل المنطقة تعيش على بركان من التوترات والأزمات.
من جهته.. قال محمد ربيع الديهى، الباحث فى العلاقات الدولية: الأزمة الأوكرانية ليست وليدة الساعة، لكنها تأتي فى إطار التنافس (الأمريكى - الروسي)، وفى ظل سعى واشنطن نحو السيطرة على المضايق والملاحة فى البحر الأسود لتضييق الخناق على موسكو، ومن هنا فالدور التركى فى الأزمة الأوكرانية يأتى كفاعل إقليمي وداعم لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية، فى هذه المنطقة.
فتصريحات «أردوغان» تؤكد حجم الدعم التركى للولايات المتحدة الأمريكية فى هذا الإقليم بهدف الضغط وتحجيم روسيا، فالرئيس التركى أكد على أن أنقرة تدعم وحدة الأراضى الأوكرانية، وأن بلاده لا تعترف بضم القرم.
الدور التركي
وأكمل: الإعلان التركى على لسان رئيس البرلمان التركى مصطفى شانتوب عن صلاحيات الرئيس أردوغان للانسحاب من اتفاقية «مونترو» هو بداية الدعم التركى لأوكرانيا والولايات المتحدة، برغم عدم وجود تصريحات من رأس السلطة بشأن الانسحاب من عدمه، إلا أن عملية الاعتقالات التى شملت 120 دبلوماسيا تركيًا متقاعدًا، وبعدهم 103 جنرالات متقاعدين لإدانتهم بيان رئيس المجلس، وتوجيه تهم محاولة الانقلاب على النظام فى تركيا أكبر دليل على نوايا أنقرة الخبيثة.
وربما يكون اتصال «بوتين» بـ«أردوغان»، وتأكيد الأول على ضرورة التزام أنقرة باتفاقية «مونترو» فى حال شق قناة إسطنبول التى يرغب النظام التركى فى تنفيذها لتربط بين بحر مرمرة والبحر الأسود، وبشكل موازٍ لمضيق البوسفور، فى محاولة من أنقرة للالتفاف على اتفاقية «مونترو».
حتى يتسنى للسفن الحربية الأمريكية والأطلسية المرور فى هذه القناة بالكم والكيف اللذين تشاؤهما، بعيدًا من شروط اتفاقية «مونترو» التى اعترفت بملكية تركيا لمضيقى البوسفور والدردنيل، مع ضمان حرية الملاحة التجارية فيهما لجميع السفن، وحددت شروطًا صارمة على مرور السفن الحربية التى تملكها الدول غير المطلة على البحر الأسود من هذه المضايق.
اتفاقية
وأوضح «الديهي» أن «الاتفاقية تعد هى العقبة الأهم فى طريق تواجد تركيا، وكذلك قوات حلف الناتو فى البحر الأسود؛ إذ تخطط واشنطن منذ سقوط الاتحاد السوفياتى لإرسال أكبر عدد ممكن من سفنها الحربية إلى البحر الأسود، فضلا عن السعى الآن نحو إنشاء قواعد فى بلغاريا ورومانيا، إضافة إلى أوكرانيا وجورجيا، وبذلك ستجد السفن الحربية الروسية نفسها فى وضع صعب فى الطريق من البحر الأبيض المتوسط وإليه».
وتابع: سياسة أنقرة وإن ابتعدت كثيرا عن السياسية الأمريكية، إلا أن الرئيس التركى أردوغان بحاجة إلى الدعم الأوروبى والأمريكى للاستمرار فى الحكم، والبقاء فى السلطة إلى الأبد، من خلال الدعم الاقتصادى والمالى الأمريكى والأوروبى.
ومن دون ذلك، لا يمكنه أن يستمر فى السلطة، والنظام التركى سوف يفعل كل ما بوسعة بهدف مساعدة الولايات المتحدة الأمريكة فى أزمة أوكرانيا مقابل ضمان الدعم الأمريكى فى بعض الملفات الخارجية، وخاصة الملف السورى والأزمة فى أذربيجان، والتى يتشابك فيها مع السياسة الخارجية الروسية التى وضعت حدودًا للدور التركى.
فالدعم التركى للولايات المتحدة الأمريكية سوف يرتبط بصورة أو بأخرى بحجم المكاسب التى من الممكن أن يجنيها أردوغان من بايدن لضمان استمراره فى الحكم لما بعد 2023، فملفات السياسة الخارجية التى فشل فيها أردوغان ليست محل اهتمام خاص من الرئيس التركى فى الوقت الراهن، ولكن الاهتمام الأهم هو الأزمات الداخلية وضمان استمراره فى الحكم.
المرتزقة
«الديهي» أشار أيضا إلى أنه ليس من المستبعد أن يرسل النظام التركى جانبا من المرتزقة والإرهابيين الذين يمولهم بهدف إشعال الأزمة الأوكرانية من جديد ليحقق أكبر قدر من المكاسب من خلال التلاعب بأطراف الأزمة، لا سيما أنه يمكن أن يستغل تواجد هؤلاء الإرهابيين فى مساومة روسيا مستقبليا فى سوريا وأماكن التواجد الروسى فى سوريا، أو حتى يمكن استغلالهم فى الضغط على الاتحاد الأوروبى وأمريكا لغض الطرف عن أفعال النظام التركى فى ليبيا والمنطقة العربية بعض ضمان استمراره فى الحكم والقضاء على المعارضة التركية.
نقلًا عن العدد الورقي...،