كيف ساهم مكرم محمد أحمد في إنجاح مراجعات العنف للجماعة الإسلامية؟
توفى الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام السابق، ونقيب الصحفيين الأسبق، بعد صراع قصير مع المرض، عن عمر يناهز 85 عامًا.
رحل ولكنه ترك مسيرة حافلة، ستبقى دائما محل دراسة، ولاسيما موقفه من الجماعات الإسلامية، ومساهمته بشكل شخصي في مبادرة وقف العنف التي تبنتها الجماعة الإسلامية، بعد سنوات من حمل السلاح ضد الدولة ومؤسساتها.
دور مكرم
أجرى مكرم محمد أحمد، رئيس تحرير مجلة المصور في تسعينيات القرن الماضي، حوارات موسعة مع قائد تنظيم الجهاد عبود الزمر الذي كان بقضي عقوبة السجن المؤبد لاغتياله الرئيس الراحل أنور السادات، كما أجرى حوارات مع القيادات الآخرى داخل وخارج السجون المصرية.
ساهم مكرم بمجهود كبير إعلاميا وسياسيا لإخراج المراجعات الفكرية التي دشنتها الجماعة الإسلامية بصورة تليق بالدولة المصرية، لدرجة أن أسامة رشدي أحد قياداتها ـ هارب خارج البلاد ـ أكد أن مكرم تغلب على ثعالب الجماعة، وخرج منتصرًا عليهم، ما وضع شرعيتهم في القيادة على المحك.
مسئولية الجماعة
قيادات الجماعة بحسب نص المراجعات، أقرت بمسئوليتها وحدها عن المواجهات التي جرت مع الدولة المصرية طوال عقد التسعينيات، وأقرت أنها لم تتعرض للملاحقة والتعذيب والقتل مثلما كانت تروج السرديات الإسلامية عن المظلومية التي عاشوا فيها بكل أطيافهم طوال عهدي ناصر والسادات ومبارك.
اعتراف بالفضل
حصلت مجهودات مكرم أيضا على إشادة غير مقصودة من عبد الآخر حماد، الرجل الثاني في الجماعة الإسلامية على المستوى الشرعي والفقهي بعد عمر عبد الرحمن الأب الروحي للجماعة.
أصدر حماد بياناً ناريًا تحفظ فيه على المواقف الفقهية التي أعلنها القادة التاريخيون للجماعة، منها قضية الحكم بما أنزل الله، ورد الفتاوي الشرعية القديمة لابن تيمية على وجه الخصوص بدعوي أنها حدثت في زمان غير زماننا.
كانت حوارات قادة الجماعة مع مكرم محمد أحمد، تؤكد قدرة الراحل الكبير على التفاوض، لدرجة أنه أقنع قلعة الأصولية في المنطقة بتقديم المصلحة على النص، ما يخالف إجماع الأصوليين من أهل السنة والجماعة الذين يجعلون النص مقدما على المصلحة ولايتراجعون مطلقا في ذلك مهما كانت الضغوط أو المغريات.
تتويب جماعي
ما قاله حماد، قاله بطريقة آخرى في حق مكرم محمد أحمد، محمد شوقي الإسلامبولي، شقيق خالد الإسلامبولي أحد قتلة الرئيس الراحل انور السادات، الذي أصدر بياناً قال فيه إن القيادات التاريخية للجماعة جزء من القيادات وليست كلها.
اتهم الإسلامبولي مكرم بتدبير ما أسماه عملية التتويب الجماعية التي أجراها لهم عن قتل السادات ما ألصق بالجماعة كل الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن، وهي شهادة خالصة للدور المحوري الذي لعبه مكرم في ترجيح كفة الدولة وتأمينها ضد أخطر صراع عاشته مع كتل ظلامية طوال عقد التسعينات وما بعده.