رئيس التحرير
عصام كامل

شوقى غريب : ندمت على رفضي الانضمام للأهلي .. وجيلنا لم يصل كأس العالم لأنه «كان كله نجوم» .. وهذا المدرب أثر فى مشوارى التدريبى ( حوار )

الرئيس السيسي يكرم
الرئيس السيسي يكرم شوقي غريب بعد فوز المنتخب الأوليمبى بأمم
أنا «مربى أجيال».. وقيادتى المنتخب الأول لا تحتسب

«غزل المحلة» قلعة عريقة ستعود إلى أمجادها قريبًا..

فى عالم الاحتراف أنسى المسطرة والعقد الموحد والسقف.. والأفضل فى مسيرتى فريق «2001»

تعلمت خلال مسيرتى ألا أضع رقبتى تحت رحمة أي لاعب.. ولا يمكن تقييمى على 90 يومًا مع «الفراعنة»

صوم رمضان فرض وعمرى ما أجبرت لاعب على الإفطار

المعلم حسن شحاتة فى مرتبة الأب والأخ.. وتعلمت من «الشناوي» و«السياجي»

محمد حبيب نقل كرة القدم فى «المحلة» من مرحلة الهواية إلى الاحتراف
 
الكابتن شوقى غريب بيومى ، المولود بالمحلة فى 26 فبراير عام 1959، علامة بارزة من علامات الكرة المصرية ، ويجلس فى الصف الأول لرموز كرة القدم فى مصر ونجومها لأسباب عديدة وإنجازات متنوعة حققها على جميع الأصعدة ، بداية من الحياة الشخصية، ثم لاعبا ، ثم مدربا، ثم مديرا فنيا.

 «غريب» القادم من قلب الدلتا نجح فى أن يفرض نفسه بقوة على كل منتخبات مصر بداية من منتخب الشباب ثم المنتخب الأوليمبى فالمنتخب الأول، مختتمًا مسيرته بشارة قيادة المنتخب الوطنى، بعد أن حقق الفوز مع زملائه ببطولة الأمم الأفريقية عام 86.

وشارك مع المنتخب فى أولمبياد لوس أنجلوس، وفى وقته كان فريق «غزل المحلة» ينافس الأهلي والزمالك، ووصل عدة مرات لنهائى كأس مصر ولم يكن فريق «الفلاحين» يبتعد عن المربع الذهبى لبطولة الدورى الممتاز. 

«غريب» وسط انشغاله واحترافه كرة القدم لم ينس مستقبله التعليمى، وأصر على استكمال تعليمه ليصبح المهندس شوقى غريب عضوا فى نقابة المهندسين، مشواره التدريبى عنوان للمجد والانتصار، وعينه دائما على منصات التتويج، حيث بدأ مشواره من غزل المحلة مع الألمانى بيتر شتوب، ثم الذهاب لألمانيا للحصول على دورة ليبزج.

ثم العودة لبدء مشواره مدربا عاما مع الراحل الدكتور محمد علي فى منتخب الناشئين الذى فاز ببطولة الأمم الأفريقية فى بتسوانا عام 97، ثم الوصول بهذا الفريق إلى دور الـ8 فى المونديال الذى استضافته مصر، ثم يتولى قيادة منتخب الشباب ليحقق به ما يشبه الإعجاز عندما أحرز الميدالية البرونزية فى مونديال الأرجنتين 2001، ثم برونزية الفرانكفون فى كندا.

وتبقى المرحلة الأهم فى حياة «شوقي» عندما انضم مع المعلم حسن شحاتة فى المنتخب الأول، ليسطر تاريخًا جديدًا مع الكرة المصرية من أجل تحقيق إنجاز قاري لأول مرة بالفوز بثلاث بطولات أمم أفريقيا، ويصل «الفراعنة» للتصنيف التاسع فى «فيفا»، ثم بعدها يقود المنتخب الأول.

لكن جاءت النتائج عكس المتوقع، قبل أن يعود من جديد قائدا للمنتخب الأوليمبى محققا الفوز بالأمم الأفريقية والتأهل لأولمبياد طوكيو وحصد فريقه كل الألقاب والجوائز فى تلك البطولة.

وفى الحوار التالى يفتح الكابتن شوقى غريب قلبه لـ«فيتو» ويسرد قصته مع الساحرة المستديرة.
 
*ماذا عن بداياتك أيام «غزل المحلة» ؟
البداية كانت فى مسقط رأسى بالمحلة الكبرى، حيث كان فريق غزل المحلة أحد كبار كرة القدم المصرية وقلعة رياضية لا تقل عن الأهلي والزمالك، وذلك بفضل جهود المهندس محمد حبيب الذى نقل كرة القدم فى «المحلة» من مرحلة الهواية إلى الاحتراف، وكان الاعتماد أساسيا على أبناء المحلة ومنطقة الدلتا.

ومن حسن حظى أننى وجدت نفسى بين الكبار الذين حققوا بطولة الدورى، وكانت هناك قيم وتقاليد بمعنى أننا كنا لا ندخل غرفة الملابس قبل أن ينتهى الكبار من ارتداء ملابسهم.

*هل صحيح أنك رفضت عروضا للعب فى الأهلى والزمالك؟

وسط هذه الأجواء الرائعة لم أشعر بالفارق مع نجوم باقى الأندية، وعلى هذا الأساس رفضت الانتقال لأحد قطبى الكرة المصرية سواء الأهلي أو الزمالك رغم كثرة العروض بحكم تواجدى الدائم مع المنتخبات الوطنية، وكان عرض الأهلي الذى تكرر أكثر من مرة سواء من الكابتن صالح سليم، أو كمال حافظ، لكنى تمسكت باللعب فى غزل المحلة.

*هل ندمت على هذا القرار؟

فى فترة ما ندمت على هذا القرار ، خصوصا عندما جاء الكابتن الجوهرى لقيادة المنتخب الوطنى عام 1988، شعرت وقتها بأننى لو كنت ألعب مع الأهلي لجرى ضمى للمنتخب مثل زملائى مجدى عبد الغنى وجمال عبد الحميد وثابت البطل.

وكنت ذهبت معهم للمونديال، خاصة أن سنى كان فى هذا التوقيت 29 سنة، ولكنه قرر التجديد، ودفعت الفاتورة أنا وحمادة صدقى ومحمد عمر وغيرنا الكثير، وتواجدت فى جيل ذهبى ضم أبرز نجوم الكرة المصرية من نوعية الخطيب وفاروق جعفر وحسن شحاتة ومسعد نور وأسامة خليل وإكرامى وثابت البطل وماهر همام وأيمن يونس وفتحى مبروك.


*لماذا فشل هذا الجيل من النجوم فى الوصول للمونديال؟

رغم هذا الكم من النجوم لم نصل لكأس العالم لأسباب كثيرة، فى مقدمتها أن الفريق كله كان كباتن ونجومًا، ولم يتم المزج بينهم، فضلا عن عدم توافر الإعداد المناسب، حيث كانت مباريات الإعداد عبارة عن الأحمر مع الأخضر، ورغم ذلك كنا نصل للمباريات الفاصلة وتارة نخرج من تونس وأخرى من المغرب، حيث لم تكن المنتخبات الأفريقية قد بدأت صحوتها.

لكن «الراحل الكابتن عبده صالح الوحش كان نقطة فاصلة فى تاريخ الكرة المصرية عندما بدأ مرحلة التغيير وضخ دماء جديدة لكرة القدم المصرية أتت ثمارها بعد ذلك والفوز بالأمم الأفريقية عام 86».

*ما حكاية الوشاية بك فى منتخب «سميث»؟

«كنت خارج قائمة المنتخب الذى يدربه مايكل سميث بوشاية، ووسط أحزانى - والبطولة لم يعد يفصلنا عنها سوى 24 ساعة - أجد استدعاء رسميًّا لي بعد إصابة الراحل إبراهيم يوسف، وذهبت يوم المباراة الافتتاحية، وكانت الخسارة أمام السنغال بهدف نظيف، والدنيا اسودت، ويشاء الله أن أتدرب مرة واحدة وأدخل التشكيل الأساسى للقاء الثانى أمام كوت ديفوار.

وبدأت احتياطيا والأمور تتعقد بعد انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبى الذى لو انتهت به المباراة معناه خروج الفريق من البطولة التى تستضيفها مصر، ثم كان تغييرى فى الشوط الثانى وبعد دقائق معدودة وبعد هات وخد مع الخطيب أجد نفسى منفردا أنا وحارس كوت ديفوار.. ثوانٍ مرت وكأنها دهر، لم أدر إلا وأنا أقذف بالكرة وأراها أمامى فى الشباك، ليعلن إحراز الهدف الأول لمصر.

ولم أدر بنفسى وسط هدير 100 ألف مشجع يملئون جنبات إستاد القاهرة، ثم أحرز جمال عبد الحميد هدف التأكيد، ولعبت بعدها موزمبيق، غير أنه عادت الوشايات لأجلس من جديد على دكة البدلاء، لكن سميث تحدث معى، وقال لى إنه ظلمنى فى البطولة ولكن كنت سعيدا بأن هدفى غير مجرى البطولة 360 درجة لنفوز بها فى النهاية».

*المستقبل كان واحدا من الأمور التى كانت تشغلك بالطبع ، ماذا عن تحركاتك لـ«تأمينه»؟

كان لا بد من تأمين مستقبلى ، خاصة أن فلوس الكرة لم تكن تؤمن المستقبل وقتها، ورغم ذلك احترفت فى سلطنة عمان لمدة موسمين، وكان «غزل المحلة» قد كافأنى على مشوارى بالسماح برحيلى بدون أي مقابل على وعد بالعودة.

وفى سلطنة عمان تركت بصمة جيدة عن اللاعب المصرى، وعدت بعدها إلى مصر لمساعدة بلدية المحلة للصعود من خلال المشاركة معه فى دورة التأهل للمتاز لأول مرة فى تاريخه لأعود إلى المحلة وأعتزل كرة القدم.

وهناك موقف لا أنساه تعرضت إليه عندما كنت فى عمان، حيث جاءنى خبر مرض والدى، وكان لا بد من العودة، وظن البعض أنها محاولة للهروب والعودة إلى مصر، وبالفعل عدت إلى مصر ولم تمض أيام حتى توفى والدى، وفوجئت بوفد رفيع من إدارة النادى يحضر إلى المحلة لتقديم واجب العزاء وصرف قيمة عقدى كاملا حتى نهاية الموسم، بعدما تأكدوا أننى كنت صادقا معهم.

*مرحلة التعاون مع «شحاتة» كانت من أهم محطات حياتك .. أحكى لنا عنها؟

كنت قد بدأت مسيرتى فى غزل المحلة مع الألمانى بيتر شتوب، الذى شجعنى وساعدنى على الحصول على دورة «لايبزج»، والتى استفدت منها كثيرا، ثم مع الدكتور محمد علي، ثم مديرا فنيا، ثم جاءت لحظة التعاون مع المعلم حسن شحاتة، والتى تعد من أبرز المحطات فى مشوارى.

وكان شرطى أن يكون جهازى كاملا فى منتخب الشباب معاونا للمعلم حسن شحاتة، وطوال 7 سنوات كاملة لم يحدث خلاف بيننا، لأننى من البداية اعتبرته بمثابة الأب والأخ الأكبر واتفقنا على ميثاق شرف للتعامل كان نتيجته وصول الكرة المصرية إلى العالمية، وفزنا بثلاث بطولات أمم أفريقية، وشاركنا فى كأس القارات، وفزنا على إيطاليا بطل العالم، وخسرنا من البرازيل فى الدقيقة الأخيرة من المباراة.

ووصل تصنيفنا العالمى للمستوى التاسع عالميا، وحققنا هذا الإنجاز لأننا اتفقنا على أن الفريق هو النجم الأول وليس فريق النجوم، وأن المنتخب لا يتوقف على لاعب مهما كان شأنه وهى قاعدة مهمة، وبدأنا فى بطولة 2006 فزنا بها، لكن الأداء لم يكن مقنعًا، ثم كانت قمة النضج الكروى فى بطولة 2008 ثم التجديد فى الدماء والفوز ببطولة 2010، والحق أن الجهاز الفنى كان محظوظًا بهذا الجيل المحترم من اللاعبين.

«الصدمة واستيعاب الدرس»

توليت قيادة المنتخب الوطنى الأول بعد هذه المسيرة لكنك تلقيت «صدمة قاسية» .. ماذا عن تفاصيلها؟

توليت قيادة المنتخب الوطنى الأول ، لكن كان فى الوقت الخطأ حيث كان الدورى متوقفا، وهناك جيل كامل اعتزل بكاملة: أبو تريكة، ووائل جمعة، وبركات، وزيدان، وكل النجوم، ورغم ذلك وقعنا فى مجموعة اثنين منهم صعدا للمونديال وقتها، وبالتالى لا أحتسبها تجربة بالنسبة لى.

ويمكن القول إننى تعلمت فى مشوارى التدريبى، ألا أضع رقبتى تحت رحمة لاعب، وأن الفريق لا بد أن يكون هو النجم، وأن الفريق لا يتأثر بغياب لاعب، وقد تيقنت من ذلك إبان قيادتى لمنتخب الشباب فى دورة الألعاب الأفريقية بنيجيريا عندما سافرت وتركت اللاعبين مع أنديتهم فى البطولات العربية والأفريقية، على أن يلحقوا بى هناك لدرجة أننى كنت ألعب المباراة بـ11 لاعبًا فقط بدون احتياطى.

وأذكر أن هناك لاعبين وصلوا فى المباراة الثانية خلال الشوط الثانى، ورفض الحكم استبدالهم رغم قيدهم فى القائمة، وقال إنه لم يطلع على جوازات سفرهم.

*ما أسرار الهزيمة القاسية «7-1» من الأرجنتين فى افتتاح مونديال الشباب 2001 ؟

هذه الهزيمة نقطة فاصلة فى مشوارى؛ لأنها هزيمة ثقيلة جدا، وأذكر أن الإعلام ثار جدًا وقتها، واتفق الجميع على ضرورة إجراء تغييرات فى تشكيلة الفريق، وقتها اقترح اللواء حرب الدهشورى تشكيلًا، والكابتن شوبير رئيس بعثة المنتخب والمشرف على الفريق اقترح تشكيلًا.

وسمعت من الناس كلها وطمأنت الجميع بأنى سأعمل بنصائحهم، حتى فوجئ الجميع بتشكيل الفريق الذى خسر المباراة الافتتاحية لم يتغير فيه لاعب واحد فقط، وذهل الجميع أننى صممت على نفس التشكيل، وكان ما كان، وحققنا أفضل إنجازات الكرة المصرية بالفوز بالميدالية البرونزية.

وأذكر أننى رفضت إحداث تغيير فى التشكيل لأننى كنت على ثقة كبيرة فى أداء اللاعبين، وكنت أحاول أن أؤكد لهم أنهم لم يخطئوا، وأن ما حدث خطأ الجهاز، وبالفعل نجحت فى ذلك، واستفدت جدا فى ضرورة أن يكون الفريق هو النجم.

والملاحظ أن الجيل الذى فاز ببرونزية المونديال فى الأرجنتين عمل فى التدريب منهم محمد شوقى ووائل رياض ورضا شحاتة ومحسن أبو جريشة ومحمد عبد الواحد وأبو المجد مصطفى وأحمد أبو مسلم، وهذا أمر جيد، أما جيل 2006 و2008 و2010 فاتجه إلى التحليل، مثل أبو تريكة ووائل جمعة وزيدان وعبد الظاهر السقا وعماد متعب.

*كيف ترى تحديد سقف لأسعار لاعبى كرة القدم؟

الحديث عن سقف لعقود اللاعبين ومسطرة لتحديد أسعار اللاعبين غير موجود فى عالم الاحتراف؛ لأن اللاعب مثل أي سلعة تخضع للعرض والطلب، خاصة أن عمر اللاعب محدود فى الملاعب، ويبحث عن تأمين مستقبله، وسأضرب مثالا بالسيارة، فهناك واحدة سعرها 100 ألف جنيه وسيارة ثانية يصل سعرها إلى مليون جنيه، وكل واحدة منهما لها إمكانات محددة ومعروفة وبناء عليه يجرى تحديد سعرها، وبالتالى الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت».

*هل نحن قادرون على تحقيق ميدالية فى أولمبياد طوكيو؟

«الحلم بتحقيق ميدالية فى أولمبياد طوكيو، حلم مشروع لهذا الجيل من اللاعبين الذين حققوا أفضل الإنجازات مؤخرا، وبإذن الله قادرون على تحقيق الحلم بعد تكريم الرئيس والدولة لهذا الفريق».

*ماذا عن طقوسك خلال الشهر الكريم؟

كنت حريصًا على الصوم خلال مسيرتى، خاصة أن رمضان كان يتزامن مع فصل الربيع، ولم تكن لنا مشكلة فى الصيام رغم أن كل المباريات تقام عصرا، وأنا من نوعية المدربين الذين لا أجبر لاعبًا على الإفطار وأترك القرار للاعب، وأتذكر أننا فى لقاء الكاميرون عام 2005 تزامن مع نهار رمضان.

وعدد كبير من اللاعبين فضل الصيام، ولعبنا المباراة وانتهت بالتعادل 1-1، وأقصينا الكاميرون من مونديال 2006.

*من هو أكثر مدرب استفدت منه؟

استفدت من جميع الأسماء التى عملت معها أو لعبت تحت قيادتها، واستفادتى الأكبر كانت من الراحلين محمد السياجى والشناوى فى المحلة وعبده صالح الوحش فى منتخب مصر.

*كلمة أخيرة لغزل المحلة؟

غزل المحلة فريق كبير ويملك جمهورًا عظيمًا لا يقل عن أي جمهور سواء الأهلي والزمالك، وسعيد بأداء الفريق فى الدورى، وجمعنى لقاء بالمهندس هشام توفيق وزير قطاع الأعمال، وطالبت بدعم الفريق وجهازه المتميز بقيادة خالد عيد من أجل الاستمرار فى الدورى الممتاز، وبالفعل وعدنى بذلك وأراه يتحقق، وبإذن الله تعود أمجاد قلعة الفلاحين.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"


















الجريدة الرسمية