المحليات الفاسدة تهدد عقارات العاصمة.. ورش الأحذية في باب الشعرية.. المخازن في المقطم.. وحملات التشميع كأن لم تكن
عاشت مصر خلال الأيام الماضية عدة أزمات ومأس مريرة تشير بوضوح إلى فساد وفوضى وارتباك في مفاصل عدد من الوزارات.. فقد فجعت مصر كلها في حادث قطاري سوهاج وما أسفر عنه من ضحايا ومصابين بالعشرات من أهلنا في الصعيد وذلك بالرغم من كل ما قيل عن تطوير السكك الحديدية في مصر وما أنفق عليها من مليارات.
ثم جاء انهيار عقار جسر السويس ليكشف من جديد عن ما آلت إليه أحوال الإدارة المحلية في بلادنا وأن الفساد الذي قيل في عهد سابق أنه "وصل للركب" لا يزال موجودا رغم جهود محاربته في عصر الرئيس السيسي.
وأخيرا جاءت مفاجأة وزارة التربية والتعليم بشأن عقد امتحانات ورقية لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي في الترم الثاني لتشير إلى أن نظام التابلت فشل.
فساد المحليات
«فتش عن المتهم الحقيقي».. عبارة يجب أن تضعها الجهات المسئولة عن التحقيق في الكوارث التي ضربت مصر خلال الأيام القليلة الماضية، فدائما تتوجه الأنظار إلى «قمة جبل الفساد»، في حين أن «ما خفي كان أفدح».
ومن ضمن «كوارث مارس» كانت كارثة انهيار عقار «جسر السويس» الذي أزاح الستار، ووجه أصابع الاتهام مجددًا إلى «المحليات» و«إدارة الأحياء» بسبب المخالفات التي غضت المحليات عنها الطرف، وكانت النتيجة كارثة.
عقار فيصل المحترق يبدو أنه لم يكن كافيا أن يكون عبرة للمسئولين بالأحياء، للتحرك بجدية ضد ظاهرة انتشار المخازن والمصانع والورش بالعقارات السكنية والتي تهدد سلامة وأمن القاطنين، فلم يمر أكثر من شهر ونصف الشهر، ليتكرر المشهد ذاته باختلافات طفيفة، في واقعة انهيار عقار شارع الثلاجة بجسر السويس.
حملات التشميع فشنك
فبعد حريق عقار فيصل، استغاث أهالي منطقة «أول جمال» ومنطقة المصانع بحى السلام أول، لغلق محال الأقمشة والمصانع خوفا من تكرار سيناريو «عقار فيصل»، ونجح الأهالي في توصيل استغاثاتهم للحكومة، حيث تابع اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية حملات غلق هذه المحال والمصانع.
وكالعادة لم تمر أيام قليلة على الحملة حتى عاد الوضع كما هو عليه، وكأن هذه الحملات تتحرك كى ترسل صورا للوزير لتثبت تفاعلها مع المشكلة، وتغفو عنها عقب ذلك، إما عمدا لوجود بعض الفاسدين، أو إهمالا، ولعل إهمال مسئولى المحليات في متابعة غلق المصانع هو السبب الرئيسى في انهيار عقار جسر السويس.
فالمصنع الذي تسبب في انهيارالعقار كان بالفعل تم تشميعه منذ ٣ أسابيع ولكن تم إعاده فتحه مرة أخرى. «فساد المحليات» تفوح رائحته في كل شارع، فالعقارات التي نطحت السحاب في شوارع ضيقة، والعقارات التي صدر لها قرارات إزالة وتم حبسها بالأدارج ولم تنفذ وأيضا التغافل عمدا عن الجراجات المحولة لمصانع ومخازن، دليلًا على وجود هناك من يسهل للمخالفين مهامهم داخل أروقة الحى.
والمصانع التي يعاد فتحها بعد تشميعها ليس دليلا سوى أن هناك من باع ضميره داخل الحى للتغافل عن فك الشمع وترك المصنع يعمل في سلام،لذلك فإن انهيار العقارات سيظل عرض مستمر.
عقارات القاهرة مهددة
وفي هذا السياق كشف مصدر داخل ديوان محافظة القاهرة، لـ«فيتو» أن القاهرة مليئة بالعقارات الآيلة للسقوط، خاصة في الأحياء الشعبية القديمة، فهناك مناطق تصل نسبة العقارات الآيلة للسقوط فيها إلى ٧٠٪، والمحافظة ليس لديها حصر دقيق بهذه البيوت وهناك الكثير من قرارات الإزالة لم تنفذ.
وأضاف: رغم أن كل حى لديه حصر ولكنه ليس دقيق وذلك لأن اللجان الهندسية التي تعاين العقارات تخرج نتيجة لشكاوى السكان، مقابل ذلك يرفض الكثير من قاطنى البيوت الآيلة للسقوط والقديمة والمتهالكة إخطار الحى خوفا من إخلائهم وعدم توفير البديل وفقا لاعتقادتهم، والمحافظة تخلي البيوت المهددة لسلامة قاطنيها ويتم قطع المرافق عنها وتوفير وحدات سكنية بمدينة بدر.
الأسباب
وأوضح المصدر أن أسباب انهيار العقارات كثيرة، أولها قدم العقار فعلى سبيل المثال في المناطق الغربية والجنوبية والشمالية خاصة في أحياء (وسط القاهرة، الأزبكية، مصر القديمة، شبرا، الساحل، السيدة زينب، وبولاق) حيث توجد بيوت قديمة عمرها أكثر من ١٠٠ عام.
كما أن معظمها حوائط حاملة بدون عواميد خرسانية، وهناك أسباب أخرى كتغيير مناسيب المياه أو ميل العقار، أو أعمال تخريبية يقوم بها المالك عمدا لهدم العقار وبناء غيره، أو تعلية أدوار غير مرخصة بالتواطأ مع بعض مهندسى الحى، أو حفر بأعماق بعيدة للتنقيب عن آثار، أو وجود مصانع أو ورش أومخازن غير مرخصة، وهى بمثابة قنبلة قد تتسبب في انهيار العقارلعدم توافر شروط السلامة والدفاع المدنى.
وأضاف: هناك أحياء تنفذ عمليات إخلاء بيوت «خطورة داهمة» بشكل مستمر كحى وسط القاهرة، حيث تكثر البيوت المهددة بالسقوط في الغورية وحوش عيسى وكفر النفادى، غير أنه هناك بعض الفاسدين في الإدارت الهندسية تسببوا في استفحال ظاهرة تحويل الجراجات إلى مخازن ومصانع.
وهناك أحياء بكاملها تعانى من هذه الظاهرة، كحى المقطم ومنطقة أول جمال بحى السلام، وحى باب الشعرية حيث تتنشر به ورش ومصانع الأحذية، كما أنه ليس هناك إرادة حقيقية من الأحياء لمواجهة هذه الظاهرة، فالمصنع الذي يتم غلقه يعاد فتحه مرة أخرى، وهناك حملة تم شنها منذ شهر بمنطقة أول جمال بحى السلام لغلق المصانع ومحال الأقمشة لكنها فتحت من جديد.
العناصر الفاسدة
وتابع: رغم حملات التطهير التي تقوم بها الرقابة الإدارية ومباحث المرافق للإدارات الهندسية، لا تزال بعض العناصر الفاسدة مستمرة في مناصبها، بل يتم الاكتفاء أحيانا بنقلهم من مكان إلى آخر، ولا بد من إعادة هيكلة هذه الإدارات وتنفيذ كافة قرارات الإزالة المتواجدة داخل الأدراج، وعمل مسح لكل بيت ومعرفة حالته الإنشائية وعدم الاعتماد على إخطار السكان للحى.
من جانبه.. أكد المهندس حسن الخيامى، خبير التنمية المحلية، أن «الفساد منتشر في كافة إدارات المحليات وإن كانت الإدارة الهندسية وإدارة الاشغالات الأكثر شهرة بالفساد لأنهم الأكبر نصيبا، لاحتكاكهم بشكل مباشر مع المواطن»، مشددًا على أن «الحل ليس في رفع مرتبات العاملين بهذه الإدارات لأن الرشاوى قد تصل إلى ملايين خاصة بالإدارة الهندسية، لذلك أي رفع للمرتب لإيقاف قطاار الفساد لن يحقق أية نتائج».
وتابع: الحل هو تركيب كاميرات داخل الأحياء وميكنة الخدمات ومنع التعامل بين الموظف والمواطن، لذلك فإن رقمنة المحليات أمرا هاما، ويجب فتح قنوات للمواطنين للإبلاغ عن أي فساد والتعامل مع شكواهم بجدية وليس مثلما يحدث خروج حملات صورية لـ«الشو الإعلامي» فقط وتعود المخالفات كما كانت بعد انتهاء الحملة بساعات.
نقلًا عن العدد الورقي...،
ثم جاء انهيار عقار جسر السويس ليكشف من جديد عن ما آلت إليه أحوال الإدارة المحلية في بلادنا وأن الفساد الذي قيل في عهد سابق أنه "وصل للركب" لا يزال موجودا رغم جهود محاربته في عصر الرئيس السيسي.
وأخيرا جاءت مفاجأة وزارة التربية والتعليم بشأن عقد امتحانات ورقية لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي في الترم الثاني لتشير إلى أن نظام التابلت فشل.
فساد المحليات
«فتش عن المتهم الحقيقي».. عبارة يجب أن تضعها الجهات المسئولة عن التحقيق في الكوارث التي ضربت مصر خلال الأيام القليلة الماضية، فدائما تتوجه الأنظار إلى «قمة جبل الفساد»، في حين أن «ما خفي كان أفدح».
ومن ضمن «كوارث مارس» كانت كارثة انهيار عقار «جسر السويس» الذي أزاح الستار، ووجه أصابع الاتهام مجددًا إلى «المحليات» و«إدارة الأحياء» بسبب المخالفات التي غضت المحليات عنها الطرف، وكانت النتيجة كارثة.
عقار فيصل المحترق يبدو أنه لم يكن كافيا أن يكون عبرة للمسئولين بالأحياء، للتحرك بجدية ضد ظاهرة انتشار المخازن والمصانع والورش بالعقارات السكنية والتي تهدد سلامة وأمن القاطنين، فلم يمر أكثر من شهر ونصف الشهر، ليتكرر المشهد ذاته باختلافات طفيفة، في واقعة انهيار عقار شارع الثلاجة بجسر السويس.
حملات التشميع فشنك
فبعد حريق عقار فيصل، استغاث أهالي منطقة «أول جمال» ومنطقة المصانع بحى السلام أول، لغلق محال الأقمشة والمصانع خوفا من تكرار سيناريو «عقار فيصل»، ونجح الأهالي في توصيل استغاثاتهم للحكومة، حيث تابع اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية حملات غلق هذه المحال والمصانع.
وكالعادة لم تمر أيام قليلة على الحملة حتى عاد الوضع كما هو عليه، وكأن هذه الحملات تتحرك كى ترسل صورا للوزير لتثبت تفاعلها مع المشكلة، وتغفو عنها عقب ذلك، إما عمدا لوجود بعض الفاسدين، أو إهمالا، ولعل إهمال مسئولى المحليات في متابعة غلق المصانع هو السبب الرئيسى في انهيار عقار جسر السويس.
فالمصنع الذي تسبب في انهيارالعقار كان بالفعل تم تشميعه منذ ٣ أسابيع ولكن تم إعاده فتحه مرة أخرى. «فساد المحليات» تفوح رائحته في كل شارع، فالعقارات التي نطحت السحاب في شوارع ضيقة، والعقارات التي صدر لها قرارات إزالة وتم حبسها بالأدارج ولم تنفذ وأيضا التغافل عمدا عن الجراجات المحولة لمصانع ومخازن، دليلًا على وجود هناك من يسهل للمخالفين مهامهم داخل أروقة الحى.
والمصانع التي يعاد فتحها بعد تشميعها ليس دليلا سوى أن هناك من باع ضميره داخل الحى للتغافل عن فك الشمع وترك المصنع يعمل في سلام،لذلك فإن انهيار العقارات سيظل عرض مستمر.
عقارات القاهرة مهددة
وفي هذا السياق كشف مصدر داخل ديوان محافظة القاهرة، لـ«فيتو» أن القاهرة مليئة بالعقارات الآيلة للسقوط، خاصة في الأحياء الشعبية القديمة، فهناك مناطق تصل نسبة العقارات الآيلة للسقوط فيها إلى ٧٠٪، والمحافظة ليس لديها حصر دقيق بهذه البيوت وهناك الكثير من قرارات الإزالة لم تنفذ.
وأضاف: رغم أن كل حى لديه حصر ولكنه ليس دقيق وذلك لأن اللجان الهندسية التي تعاين العقارات تخرج نتيجة لشكاوى السكان، مقابل ذلك يرفض الكثير من قاطنى البيوت الآيلة للسقوط والقديمة والمتهالكة إخطار الحى خوفا من إخلائهم وعدم توفير البديل وفقا لاعتقادتهم، والمحافظة تخلي البيوت المهددة لسلامة قاطنيها ويتم قطع المرافق عنها وتوفير وحدات سكنية بمدينة بدر.
الأسباب
وأوضح المصدر أن أسباب انهيار العقارات كثيرة، أولها قدم العقار فعلى سبيل المثال في المناطق الغربية والجنوبية والشمالية خاصة في أحياء (وسط القاهرة، الأزبكية، مصر القديمة، شبرا، الساحل، السيدة زينب، وبولاق) حيث توجد بيوت قديمة عمرها أكثر من ١٠٠ عام.
كما أن معظمها حوائط حاملة بدون عواميد خرسانية، وهناك أسباب أخرى كتغيير مناسيب المياه أو ميل العقار، أو أعمال تخريبية يقوم بها المالك عمدا لهدم العقار وبناء غيره، أو تعلية أدوار غير مرخصة بالتواطأ مع بعض مهندسى الحى، أو حفر بأعماق بعيدة للتنقيب عن آثار، أو وجود مصانع أو ورش أومخازن غير مرخصة، وهى بمثابة قنبلة قد تتسبب في انهيار العقارلعدم توافر شروط السلامة والدفاع المدنى.
وأضاف: هناك أحياء تنفذ عمليات إخلاء بيوت «خطورة داهمة» بشكل مستمر كحى وسط القاهرة، حيث تكثر البيوت المهددة بالسقوط في الغورية وحوش عيسى وكفر النفادى، غير أنه هناك بعض الفاسدين في الإدارت الهندسية تسببوا في استفحال ظاهرة تحويل الجراجات إلى مخازن ومصانع.
وهناك أحياء بكاملها تعانى من هذه الظاهرة، كحى المقطم ومنطقة أول جمال بحى السلام، وحى باب الشعرية حيث تتنشر به ورش ومصانع الأحذية، كما أنه ليس هناك إرادة حقيقية من الأحياء لمواجهة هذه الظاهرة، فالمصنع الذي يتم غلقه يعاد فتحه مرة أخرى، وهناك حملة تم شنها منذ شهر بمنطقة أول جمال بحى السلام لغلق المصانع ومحال الأقمشة لكنها فتحت من جديد.
العناصر الفاسدة
وتابع: رغم حملات التطهير التي تقوم بها الرقابة الإدارية ومباحث المرافق للإدارات الهندسية، لا تزال بعض العناصر الفاسدة مستمرة في مناصبها، بل يتم الاكتفاء أحيانا بنقلهم من مكان إلى آخر، ولا بد من إعادة هيكلة هذه الإدارات وتنفيذ كافة قرارات الإزالة المتواجدة داخل الأدراج، وعمل مسح لكل بيت ومعرفة حالته الإنشائية وعدم الاعتماد على إخطار السكان للحى.
من جانبه.. أكد المهندس حسن الخيامى، خبير التنمية المحلية، أن «الفساد منتشر في كافة إدارات المحليات وإن كانت الإدارة الهندسية وإدارة الاشغالات الأكثر شهرة بالفساد لأنهم الأكبر نصيبا، لاحتكاكهم بشكل مباشر مع المواطن»، مشددًا على أن «الحل ليس في رفع مرتبات العاملين بهذه الإدارات لأن الرشاوى قد تصل إلى ملايين خاصة بالإدارة الهندسية، لذلك أي رفع للمرتب لإيقاف قطاار الفساد لن يحقق أية نتائج».
وتابع: الحل هو تركيب كاميرات داخل الأحياء وميكنة الخدمات ومنع التعامل بين الموظف والمواطن، لذلك فإن رقمنة المحليات أمرا هاما، ويجب فتح قنوات للمواطنين للإبلاغ عن أي فساد والتعامل مع شكواهم بجدية وليس مثلما يحدث خروج حملات صورية لـ«الشو الإعلامي» فقط وتعود المخالفات كما كانت بعد انتهاء الحملة بساعات.
نقلًا عن العدد الورقي...،