في انتظار البيان القادم
حوادث القطارات
في مصر متكررة حتى تكاد تمل من كثرة الحديث عنها.. كوارث تشبه عربات القطر.. متصلة
ببعضها البعض.. مأساة تجر مأساة لا يفصلهما سوى هدنة زمنية تطول أو تقصر قبل أن
يأتينا الحادث الجديد مصحوبًا بالبيانات الرسمية، وأرقام تعويضات الضحايا
والمصابين، والتعازي وشريط الحداد!
لم يكد يمر أسبوع على حادث القطارات في طهطا بسوهاج، والذي راح ضحيته العشرات، حتى فوجئنا بأن مأساة جديدة كادت أن تضاف إلى السجل الحافل بعد انفصال 6 عربات من قطار بأسيوط وتوقفها على شريط السكة الحديد حاملة معها الركاب بينما أكمل القطار إلى وجهته دون الانتباه لكونه قد ترك 6 عربات كاملة خلفه.. فلا تعلم أهذه "مأساة" أم "ملهاة"؟ هل نبكي على حالنا أم نضحك من الكوميديا السوداء؟
أراد لنا المولى، عز وجل، الستر هذه المرة وألا يصطدم قطار قادم من الخلف بالعربات المتوقفة بعد أن انتبه البعض لتوقف العربات وأبلغوا الأجهزة الأمنية التي نسقت مع هيئة السكة الحديد لتضبط الأخيرة حركة قطارات خط الصعيد لمنع الحادث..
تطوير السكة الحديد
وإنني أناشدكم ألا نقرأ بيانات النعي قريبًا، أو نشاهد في وقت قريب عربات الإسعاف وقد اصطفت على جوانب السكك الحديدية.. يكفينا ما نحن فيه من حزن من الحادث الأخير لذلك أتمنى أن يجيب علينا وزير النقل ويخبرنا متى ينتهي تطوير السكة الحديد؟ ومتى تتوقف الحوادث الشبيهة؟ ومتى نشعر بالأمان عند ركوب القطار الذي أصبح واجبًا على وزارة النقل أن توزع على المواطنين استمارات لكتابة وصيتهم قبل حصولهم على تذاكر القطار؟ ومتى نشعر بأننا لسنا في انتظار قراءة بيان النعي القادم؟
ولأن الحاضر يستدعي أحيانًا أحداثًا من الماضي، فإنني أتذكر القرن التاسع عشر حينما كانت السكة الحديدية في مصر في بداية عهدها وكان وقتها رئيسها مستر جرين، شقيق القنصل الإنجليزي، وحينما قرر أن يستقيل أسند الوالي رئاستها إلى نوبار بك الذي جاءه في أول أيام عمله خبر تصادم لقطارين!
طريقة نوبار بك
كان هذا الحادث كاف للغاية لكي يفهم "نوبار بك" الرسالة بوضوح وهي أن نجاحه في إدارة السكك الحديد مرتبطًا بوضع نظام صارم للعمل يقضي على الفوضى لذا عندما هدد السائقين الأجانب بالإضراب عن العمل، أقالهم وسمح للمصريين للمرة الأولى بقيادة القطارات وهو الأمر الذي اضطربت أوروبا بسببه فاحتج رسميًا قنصلا إنجلترا وفرنسا بجانب وزير النقل والمواصلات الإنجليزي وأجمعوا على رفضهم لقيادة المصريين للقطارات باعتباره خطرًا على كل ما يسير على السكك الحديد!
ومع تمسك نوبار بك بقيادة المصريين للقطارات بعد أن حصلوا على التدريبات اللازمة وأثبتوا كفاءتهم وفق منظومة عمل ناجحة، ونتيجة لرفضه التراجع والاعتذار عن قراره فقد صمت الجميع بينما ختم القنصل البريطاني حديثه قائلًا: "طالما أنت على رأس الإدارة سأكون مطمئنًا بأنه لن يحدث أي إهمال، لكن من يعرف كيف سيكون خليفتكم؟!".
كانت حادث سوهاج مفزعة أكثر من تخوفات القناصل الأجانب مجتمعين لكننا مازلنا نتمسك بالأمل في ضرورة اعتبار تطوير السكك الحديد هدفًا قوميًا يلزمه توفير التمويل اللازم لخطط التطوير ووضع جدول زمني واضح للانتهاء من التطوير وإلا أرسلوا الاعتذار إلى القناصل الأجانب واكتفوا بنشر بيانات النعي.
لم يكد يمر أسبوع على حادث القطارات في طهطا بسوهاج، والذي راح ضحيته العشرات، حتى فوجئنا بأن مأساة جديدة كادت أن تضاف إلى السجل الحافل بعد انفصال 6 عربات من قطار بأسيوط وتوقفها على شريط السكة الحديد حاملة معها الركاب بينما أكمل القطار إلى وجهته دون الانتباه لكونه قد ترك 6 عربات كاملة خلفه.. فلا تعلم أهذه "مأساة" أم "ملهاة"؟ هل نبكي على حالنا أم نضحك من الكوميديا السوداء؟
أراد لنا المولى، عز وجل، الستر هذه المرة وألا يصطدم قطار قادم من الخلف بالعربات المتوقفة بعد أن انتبه البعض لتوقف العربات وأبلغوا الأجهزة الأمنية التي نسقت مع هيئة السكة الحديد لتضبط الأخيرة حركة قطارات خط الصعيد لمنع الحادث..
تطوير السكة الحديد
وإنني أناشدكم ألا نقرأ بيانات النعي قريبًا، أو نشاهد في وقت قريب عربات الإسعاف وقد اصطفت على جوانب السكك الحديدية.. يكفينا ما نحن فيه من حزن من الحادث الأخير لذلك أتمنى أن يجيب علينا وزير النقل ويخبرنا متى ينتهي تطوير السكة الحديد؟ ومتى تتوقف الحوادث الشبيهة؟ ومتى نشعر بالأمان عند ركوب القطار الذي أصبح واجبًا على وزارة النقل أن توزع على المواطنين استمارات لكتابة وصيتهم قبل حصولهم على تذاكر القطار؟ ومتى نشعر بأننا لسنا في انتظار قراءة بيان النعي القادم؟
ولأن الحاضر يستدعي أحيانًا أحداثًا من الماضي، فإنني أتذكر القرن التاسع عشر حينما كانت السكة الحديدية في مصر في بداية عهدها وكان وقتها رئيسها مستر جرين، شقيق القنصل الإنجليزي، وحينما قرر أن يستقيل أسند الوالي رئاستها إلى نوبار بك الذي جاءه في أول أيام عمله خبر تصادم لقطارين!
طريقة نوبار بك
كان هذا الحادث كاف للغاية لكي يفهم "نوبار بك" الرسالة بوضوح وهي أن نجاحه في إدارة السكك الحديد مرتبطًا بوضع نظام صارم للعمل يقضي على الفوضى لذا عندما هدد السائقين الأجانب بالإضراب عن العمل، أقالهم وسمح للمصريين للمرة الأولى بقيادة القطارات وهو الأمر الذي اضطربت أوروبا بسببه فاحتج رسميًا قنصلا إنجلترا وفرنسا بجانب وزير النقل والمواصلات الإنجليزي وأجمعوا على رفضهم لقيادة المصريين للقطارات باعتباره خطرًا على كل ما يسير على السكك الحديد!
ومع تمسك نوبار بك بقيادة المصريين للقطارات بعد أن حصلوا على التدريبات اللازمة وأثبتوا كفاءتهم وفق منظومة عمل ناجحة، ونتيجة لرفضه التراجع والاعتذار عن قراره فقد صمت الجميع بينما ختم القنصل البريطاني حديثه قائلًا: "طالما أنت على رأس الإدارة سأكون مطمئنًا بأنه لن يحدث أي إهمال، لكن من يعرف كيف سيكون خليفتكم؟!".
كانت حادث سوهاج مفزعة أكثر من تخوفات القناصل الأجانب مجتمعين لكننا مازلنا نتمسك بالأمل في ضرورة اعتبار تطوير السكك الحديد هدفًا قوميًا يلزمه توفير التمويل اللازم لخطط التطوير ووضع جدول زمني واضح للانتهاء من التطوير وإلا أرسلوا الاعتذار إلى القناصل الأجانب واكتفوا بنشر بيانات النعي.