رئيس التحرير
عصام كامل

تلاعبت بهم الأمواج وكانوا في عداد الموتى.. شاب ساعد في إنقاذ العائلة الغارقة في قناة السويس يروي ثلاثة مشاهد أليمة

فيتو
"الرجولة مواقف".. هذا ما أثبته الشاب العشريني محمود أحمد السيد، بفعله البطولي، والذي يؤكد أن معدن المصري عامة والبورسعيدي خاصة، يظهر بقوة في الأزمات، عندما لم يتردد في إلقاء بنفسه في مياه المجرى الملاحي لقناة السويس، لإنقاذ العائلة التي غرقت نتيجة سقوط سيارتها في المياه، مشاركا في إنقاذ أحد أفراد العائلة، وبالخصوص الطفلة البالغة من العمر 12 عاما.



البداية، كانت بورسعيد قد عاشت، أمس، ليلة حزينة جراء سقوط سيارة ملاكي بشكل خاطئ في مياه المجرى الملاحي لقناة السويس، أثناء عبورها بين بورسعيد وبورفؤاد فوق إحدى معديات قناة السويس ، وكان بداخلها عائلة مكونة من أربعة أفراد الأب" مصطفى شكري الزامك 40 سنة"، الأم  "ولاء أمين محمد 39 سنة"، الابنة "ملك مصطفى شكري 12 سنة"، الابن " مازن مصطفى شكري  10 سنين"، وبالفعل تم إنقاذ الوالدين والطفلة ، ولكن القدر شاء أن يلفظ الطفل أنفاسه الأخيرة أثناء إنعاشه في مستشفي السلام ببورسعيد.




جانب مضيء

وبالرغم من الحادث الأليم المأساوي، إلا أن الجميع أشاد ببسالة وقوة الشباب الذين شاءت الظروف أن يكونوا متواجدين أثناء الحادث، حيث قفز بعضهم دون تفكير لإنقاذ العائلة ، وكان من بينهم الشاب "محمود السيد"، الذي نجح في إنقاذ الطفلة ملك ذات الـ 12 عاما.


انتقلت عدسة  "فيتو" إلى منزل محمود، بمساكن الجوهرة ببورسعيد لنتعرف منه عن الواقعة عن قرب كونه شاهدا عليها، بجانب أنه أنقذ الطفلة في المقام الأول.




يقول محمود، أنا أبلغ من العمر 22 عاما، وأنا طالب بكلية التجارة جامعة بورسعيد، وأعمل فني دش، وتصادف ركوبي في سيارة كانت أمام سيارة العائلة التي تعرضت للحادث في المعدية التي تعبر بين بورسعيد وبورفؤاد.



صوت ضخم


واستكمل وهو يستعيد المشهد في مخيلته بصوت يمتلئ بالحزن: قبل وقوف المعدية سمعت صوت دوي ضخم، وفي لمح البصر وجدت سيارة تعود للخلف وتفتح باب المعدية المغلق وتسقط في مياه المجرى الملاحي لقناة السويس في أقل من 10 ثواني، حيث إن سائق السيارة بدلا من أن يضغط على البنزين للتقدم للأمام ضغط "مارشدير" وعاد للخلف بقوة.

خروج الأب

واستكمل الشاب الشهم: على الفور خرجت من السيارة أنا وبعض الركاب ونظرنا إلي مياه القناة ، لنجد الأب قد نجح في القفز من السيارة إلى المياه لأن الشباك المجاور له كان مفتوحا، ولكنه يسارع الأمواج، وعلى الجانب الآخر ابنته أيضا تبعد عنه مسافة معينة، ونجحت أيضا أن تقفز من شباكها المفتوح وتسارع أيضا الأمواج العالية جدا.







بسالة الشاب

وأردف: على الفور لم أفكر للحظة، وقفزت في مياه الممر الملاحي لقناة السويس تجاه الطفلة، وكان هناك شاب آخر قفز معي تجاه الأب، وتوجهت إلى الطفلة والتي كادت أن تغرق تماما لأنها صغيرة والأمواج كانت عالية جدا.

وتابع الشاب البورسعيدي: الحمد لله وصلت للطفلة قبل أن تنزل تماما في المياه، وأمسكت بها جيدا ورفعتها بعيدا عن الأمواج، حتى قاموا بإلقاء طوق نجاة لنا وقاموا بسحبنا للأعلى.




القدر لم يمهل الطفل

وبدموع تمتلئ بالحزن قال الشاب: اكتملت فرحتنا بشكل مؤقت عندما علمنا بأن هناك لانش أهالي أنقذ الأم وخرجت من مياه البحر، ولكن للأسف لم نستطع أن ننزل سريعا وننقذ الطفل، لأن شباك السيارة المجاور له كان مغلق وكانت السيارة قد هبطت على ارتفاع أكثر من 15 مترا بجانب أن الأمواج كانت عالية جدا.

واستكمل: حاولنا أن ننزل مجددا لإنقاذ الطفل ولكننا لم نستطع، مما جعل الطفل يظل فترة أطول أسفل المياه، وكانت حالته سيئة عندما تم نقله للمستشفى ولفظ أنفاسه الأخيرة أثناء إنعاشه.

الأب ينهار

وعن وضع الأب بعد وفاة نجله، قال الشاب شاهد العيان: الأب في حالة انهيار تام، وكان في شبه حالة صرع وصريخ متواصل، وكل ما يردده "أنا اللي قتلت ابني...يا حضرة الضابط أقبض عليا أنا قتلت مازن".


ودعا الشاب محمود أحمد السيد للأب المكلوم أن يربط الله على قلبه ويرزقه الصبر والسلوان، وأن يلهم كل عائلته الثبات بعد التجربة القاسية التي مروا بها.

فخر وبطولة

وعن شعور البطل محمود أحمد بعد مشاركته في إنقاذ العائلة، قال: أي شخص مكاني كان هيعمل كده، أنا أو غيري ممكن نكون بكرة مكان والد العائلة المنكوبة.

واستكمل: أنا أردت أن أقوم بعمل خير فقط، فلقد قمت بواجبي فقط ليس إلا، ولا أريد أي شيء آخر، وأتمنى الله أن يحمينا ويحمي عائلتنا وأهلنا من أي شر "لأن ساعة القدر يعمى البصر".




مطالبات بالتكريم

وعلى جانب آخر طالب كل أهالي بورسعيد على صفحات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك "  من اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد بتكريم الشباب الذين لم يفكروا في حياتهم، وقفزوا في مياه المجرى الملاحي لقناة السويس لإنقاذ العائلة المنكوبة. 

وانتشرت المنشورات التي تطالب المحافظ بذلك، مؤكدين بأن شباب بورسعيد يضرب المثال في الشهامة والقوة دائما في أصعب المواقف، ويثبتون للجميع المعدن الأصيل للمواطن المصري.
الجريدة الرسمية