رئيس التحرير
عصام كامل

محمود السعدني: عبد الرحمن الخميسي.. محارب بلا سلاح

محمود السعدنى وعبد
محمود السعدنى وعبد الرحمن الخميسى ومحمد عودة
في كتابه "مسافر على الرصيف" كتب الساخر محمود السعدني فضلا عن رفيقه الشاعر الكاتب عبد الرحمن الخميسي يحكي فيه ذكرياته معه، فقال: 

"أول مرة رأيت فيها عبد الرحمن الخميسي كانت أوائل الأربعينات، عندما حضر إلى قهوة عبد الله ذات مساء، وقضى السهرة في ركن الأديب أنور المعداوي، وأشاع جوا من البهجة والمرح.


عزم الخميسي الشلة كلها على العشاء، ودس في جيب الولد الذي مسح له حذاءه جنيها كاملا، كما أعطى لمجنون القهوة خمسة جنيهات، ثم غادر بعد منتصف الليل.

عرفت بعد ذلك من زكريا الحجاوي أن الخميسي عاد إلى عمله في إذاعة الشرق الأدنى بفلسطين مع سيد بدير وسامي داود وسليم اللوزي وعميد الإمام.

وأحببت الخميسي من أول لقاء، وكنت أقرأ كتاباته في جريدة "الكتلة" يكتب بأسلوب موسيقي، وكان نموذجا للفنان شديد الزهو، شديد البساطة، عظيم الكرم، دائم الفلس، يرتدى ملابس أنيقة غالية الثمن، يلازمه أكثر من شخص.



قابلته بعد ذلك في جريدة "المصري"، وكان معنا رفيقنا محمد عودة وناقشني في كتاباتي، وناقشته في كتاباته، وعرفت منه قصة حياته كاملة، فقد كانت نشأته الأولى شبيهة بنشأة العبد لله، حكى لي قصة ضياعه وتشرده في البلاد وهروبه من مدرسة المنصورة الثانوية ليبحث عن فنه وعن نفسه.

كان الخميسي من أشهر كتاب مصر، وكان ينشر قصصه في مجلة المصري ليرتفع توزيعها إلى 100 ألف نسخة، وكانت له معارك مع التابعي، وكان كثير التردد على الدكتور لويس عوض، وعلى رؤية الشجاعي وعبد الحليم نويرة وكذلك نبوية شخلع.

كان يتولى بنفسه تصحيح قصصه في المصري، وكان يقضي الساعات في استديوهات الإذاعة يعد برنامجه الأسبوعي بنفسه لعرض قصص مشاهير أعلام الموسيقى في التاريخ، وعندما قامت الثورة أيدها، واعتبر نفسه واحدا من رجالها، وإن اختلفت قصصه بعدها، واختلف هو أيضا فاختفى قصر السلطان، وحل محله الشارع والمقهى والدكان فانحاز إلى الضعفاء والمستضعفين.



تحول من كاتب تقليدي إلى مناضل، وانتهى به الحال لدخول السجن ثلاث سنوات، فأحدثت شرخا في نفسه، ثم عين بجريدة "الجمهورية"، ثم هجر الشعر والقصص، وألقى بنفسه في المسرح، فكتب "مهر العروسة"، ولاقت أوبريتاته نجاحا كبيرا، ثم قدم للإذاعة "حسن ونعيمة"، وكون فرقة مسرحية من عادل إمام وصلاح السعدني وحلمي هلالي وسعاد حسني، وشاركته كتابة مسرحية "عزبة بنايوتي" من تمثيل وإخراج الخميسي، ونجحت مسرحيا.. وطاف بها الخميسي مدن وقرى مصر.

اكتشف محرم فؤاد وسعاد حسني للسينما، وهدمت قهوة عبدالله وانفرط العقد كل في مجاله، وأحب فاتن الشوباشي لشوشته، وانصرف عن المسرح إلى دراسة الموسيقى، ليقدم بعدها إلى السينما أفلاما أشبه بأفلام حسن الإمام منها: "عائلات محترمة"، "زهرة البنفسج" بطولة عادل إمام وعرض ثلاثة أيام فقط، وغرق في الديون، وابتعد عنه الممثلون لأنه فنان وليس تاجرا. 



دخل السجن ثم فاجأته حادثة وفاة زوجته وحبه الكبير فاتن الشوباشي فانطوى على نفسه، وعاد إلى كتابة الشعر، وانحاز بشعره إلى العمل السياسي، ولم يعجب السلطة فطاردته ثم هرب إلى بيروت.

كتب الخميسي عشرات من الأغاني الشهيرة منها أغنية مها صبري "ماتذوقيني يا ماما"، واتجه إلى التمثيل فقدم دور "الشيخ يوسف" في فيلم "الأرض" مع يوسف شاهين.
الجريدة الرسمية