رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم الجامعي الخاص ومبدأ تكافؤ الفرص

في أكثر من حوار مع مهتمين بشأن التعليم تطرق الحوار إلي تقييم تجربة الجامعات والمعاهد الخاصة بعد مرور أكثر من ربع قرن على إنشاء بعضها، ما بين مؤيد ومعارض مقارنة بالمنتج التعليمي الحكومي.


أفرد في هذه السطور وجهة نظري من منطلق ليبرالي يؤمن بالحرية في الاختيار ويهتم باحتياجات ومتطلبات سوق العمل كمحرك أساسي لجودة المنتج التعليمي مع مراعاة تكافؤ الفرص التعليمية.


تكمن الحرية في عرض البدائل التعليمية حكومية كانت، أو خاصة، يختار الطالب المناسب له والمتوافق مع قناعاته دون أي إجبار، ومنحه الفرصة التعليمية طبقا لما لديه من ذكاء وقدرات بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية المنتمي لها. قد يختار طالب وولي أمره تعليما دينيا، لقناعاته وميوله، متوافقة مع نشأته أو تعليم خاص مبني على أطروحات علمانية أو رأسمالية، والفيصل هنا هو حرية الاختيار واحتياجات سوق العمل ومعاييره.


التنسيق 
بالتأكيد هناك نظام استحقاق ومقاييس لمدى أهلية الطالب للتخرج. تكمن المعضلة ووجه اعتراض البعض على أهلية الطالب للالتحاق بالجامعة والمنتج المعرفي لخريج الجامعات والمعاهد الخاصة والتي تتساوى شهادة إجازتها مع شهادات الجامعات الحكومية. أهلية الطالب للدراسة الجامعية والتي تعتمد علي القدرة الاستيعابية للجامعات والتوزيع الجغرافي طبقا لنظام التنسيق من منطلق أنه نظام عادل اجتماعيا يتفادي الفساد بغض النظر عن الميول والقدرات والسمات الشخصية للطلاب.

قد يتسع الفارق إلي أكثر من 10% في درجات القبول بين الكليات الحكومية والخاصة لدراسة تخصص بعينه. والمنتج المعرفي أيضا يتفاوت في وجود 27 جامعة حكومية و26 جامعة خاصة، و45 معهدا فنيا متوسطا حكوميا و170 معهدا خاصا.

التفاوت في أهلية الطلاب للالتحاق بالجامعات والمنتج المعرفي للخريج يعتبره البعض عصفا بمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية ومجانية التعليم. بمعنى آخر، إتاحة الفرص التعليمية لمن يستطيع دفع التكلفة المادية على حساب من لا يستطيع يعتبره البعض أحد مظاهر التمييز واللامساواة في الواقع التعليمي المصري.

سوق العمل
من منطلق ليبرالي، توفير فرص تعليمية متكافئة لتنمية قدرات واستعدادات ومواهب كل طالب بغض النظر عن المقدرة المادية أو المستوي الاجتماعي والاقتصادي لا يعني بالضرورة أن يكون التعليم متساوي أو متماثل للجميع. بل يعني أن يكون التعليم في جميع مستوياته متاح بالتساوي لكل المؤهلين الذين لديهم القدرة علي التحصيل والاستمرارية في التعليم.

سوق العمل ومتطلباته هو المحرك للمهارات والمعارف المكتسبة من التعليم الجامعي، سواء كان حكوميا أو خاصا. وقد لا أكون من داعمي مجانية التعليم الجامعي، ولكن بكل تأكيد مع الحق في المساواة في الالتحاق بالتعليم والنتائج التعليمية عبر توفير الدعم المادي الحكومي للمؤهلين وعبر الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وأصحاب المصلحة.

وختاما، بعد أكثر من 69 عاما علي تدشين مكتب تنسيق القبول في الجامعات والتغيير الملحوظ في الجغرافيا الاجتماعية وأساليب التعليم والتقييم واحتياجات سوق العمل، بات من غير المعقول أن يظل مستقبل الطلاب رهنا لما يقره مكتب التنسيق الذي يعتمد علي بيانات وأرقام جامدة تحدد القدرة الاستيعابية للجامعات بغض النظر عن قدرات ومواهب الطلاب وأحلامهم في دراسة علوم ومجالات وتخصصات بعينها.
الجريدة الرسمية