رئيس التحرير
عصام كامل

ساعات من العذاب.. أقارب ضحايا عقار جسر السويس المنكوب في انتظار "رحمة السماء"

عقار جسر السويس
عقار جسر السويس
الموت لا يخطئ طريقه أبدا، يتأنى ويتهادى في خطواته، ويختار ضحيته التالية في سكون أو وسط ضجيج عارم.

في المساء، ارتكن سكان العقار المنكوب إلى منازلهم يتلمسون دفء الشتاء في ضم أحبائهم إلى صدورهم، ألقوا بأجسادهم على أسرتهم وتركوا متاع الحياة الدنيا خلفهم، تاركين أحبة يقتلهم الشوق للقاء يعيد البسمة إلى وجوههم.


تلقت غرفة العمليات المركزية بمحافظة القاهرة، أمس في تمام الساعة 3 فجر اليوم بلاغا بانهيار عقار مكون من بدروم وأرضي و9 طوابق متكررة بشارع الثلاجة في منطقة جسر السويس شرقي القاهرة في مصر.



مع شروق شمس يوم جديد، استيقظ أقارب وأهالي سكان العمارة المنكوبة على فاجعة تكاد تخلع القلوب من أضلعهم، من كانوا يحملون لهم ذكريات وأحلام وآمال في غد أجمل باتوا تحت ركام الحطام يتألمون وينتظرون أن تنتشلهم الجرارات لتوديعهم إلى مثواهم الأخير.

يقول حسين أحد أقارب عائلة فقدت تحت ركام العمارة المنكوبة: "استيقظنا صباحا على أخبار انهيار العقار، لم نعرف في البدء أي عقار فالأحداث متسارعة خلال الفترة الماضية، كنا نظن أننا بعيدين عن تلك الأحداث، لا نستقل القطارات ولا نمر من قناة السويس، لكن بدا أن الموت فضل أن يختطف أحبائنا من على أسرتهم".

"حسين" لديه عائلة كاملة لم يعرف مصيرها حتى الآن، يكذب ما تراه عينيه، يحاول أن يتشبث بأخير خيط رفيع من الأمل: "ما زال لدي أمل في أنه يمكن إنقاذهما، شاهدت عدد من ساكني العمارة يخرجون أحياء، من الممكن أن نجلي عمي وزوجته ونجلته أن يخرجوا أحياء.. لا شيء بعيدا عن إرادة الله".



"حسين" ليس الوحيد من يتشبث بالأمل، فهناك، في مقابل العقار المنكوب جلس العشرات من أقارب ومعارف قاطني العمارة ينتظران ما تفرج عنه الكتل الإسمنتية، يقول جورج – نجله من سكان العمارة: "ما زال لدي أمل، نجلي يسكن في الطابق الخامس، قضى معنا ليلة الخميس ومن ثم انصرف، اعتدنا على زياراته الأسبوعية، يقضي معنا سهرة ويعود أدراجه إلى منزله من جديد، سمعنا عن الخبر من شبكات التواصل الاجتماعي، حاولنا أن نتواصل معه هاتفيا لكن هاتفه مغلق، حاولت طمأنة والدته لكن كيف لي أن أطمئنها وأن الخوف يتملكني".

بجوار "جورج" يقف الحاج محمد، ابن عمته من سكان العمارة، لم يختلف معه الأمر كثيرا، في الصباح استيقظ على هاتف من أقاربه في الصعيد يحدثونه عن انهيار عقار في الحي الذي يسكنه نجل عمته، على الفور أمسك هاتفه وحاول الاتصال به دون جدوى.



ارتدى الحاج محمد جلبابه وهرول إلى مقر إقامة قريبة ليجد حطام العمارة ملقى على جانبي الطريق وقوات الأمن تغلق الطريق أمام المارة، فألقى بجسده على الحائط في انتظار ما تسفر عنه.

أما محمد فهو شاب في السابعة عشر من عمره، شاء القدر ألا يتواجد في العقار المنكوب برفقة والديه، لقضاء سهرة مع أصدقائه، يقول محمد: "لم أتواجد في المنزل كنت أقضي اليوم مع أصدقائي، وكانت من ضمن الخطط أن أبيت لدى أحدهم في الصباح استيقظت على هاتف يخبرني أن العقار انهار، المفاجئة لم تمنحني فرصة لأفهم ما حدث، سارعت بالذهاب إلى العمارة لأجدها ركام وأخبرني الضابط بالانتظار لحين استخراج الجثث".  
الجريدة الرسمية