سد النهضة يصل محطته الأخيرة.. القاهرة والخرطوم.. التعنت الإثيوبي.. وبيان الأمم المتحدة يدعم الموقف المصري
وصلت أزمة سد النهضة إلى المحطة الأخيرة التي لا يستطيع أحد التنبؤ بتفاصيلها وأسرارها حتى الآن، حيث تبقى السيناريوهات كلها مفتوحة ومحتملة.
التعنت الإثيوبي
الطرف الإثيوبي يتبنى خطابًا استفزازيًا مخالفًا للحد الأدنى من اللياقة والكياسة، والقاهرة لا تزال تتحرى المسارات الدبلوماسية بحثًا عن حقوقها المرعية بحكم المواثيق والاتفاقيات الدولية.
الأسبوع الماضي.. بالغت الحبشة في تعنتها عبر تصريحات وزيري الخارجية والري خلال المؤتمر الذي عُقد في أديس أبابا بمناسبة مرور ١٠ سنوات على تدشين السد، تشير إلى اعتزام إثيوبيا استكمال ملء سد النهضة، حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، ما كشف مجددًا عن رغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب بالشكل الذي لن يرضي قيادات وشعبي مصر والسودان.
موقف القاهرة
في المقابل.. انتقدت القاهرة، سواء عبر رئيس الحكومة أو وزارة الخارجية، استخدام المسؤولين الإثيوبيين لغة السيادة في تصريحاتهم عن استغلال موارد نهر عابر للحدود، لا سيما أن الأنهار الدولية تعتبر ملكية مشتركة للدول المُشاطئة لها ولا يجوز بسط السيادة عليها أو السعي لاحتكارها.
بل يتعين أن توظف هذه الموارد الطبيعية لخدمة شعوب الدول التي تتقاسمها على أساس قواعد القانون الدولي وأهمها مبادئ التعاون والإنصاف وعدم الإضرار.
وما يؤكد سوء النوايا والقفز على النتائج أن هذه التصريحات تزامنت مع المجهود المبذولة من جانب الكونغو الديمقراطية التي تقود الاتحاد الأفريقي، بهدف إعادة إطلاق مسار المفاوضات والتوصل لاتفاق قبل موسم الفيضان المقبل، وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي للتفاوض من أجل التوصل لتسوية لأزمة سد النهضة.
وتزامن ذلك أيضًا مع تحرك دبلوماسى مصري كبير داخل منظمة الأمم المتحدة، من خلال الحصول على توقيع أكثر من 150 دولة على بيان يؤكد على أن الأمن المائي قضية وجودية.. من أجل ذلك.. نطرح السؤال المهم: وماذا بعد، وما الذي تحمله لنا الأيام المقبلة، ومتى يتم إسدال الستار على هذه الأزمة، وما الطريقة المثلى التي سوف تضع بها أوزارها؟
المحطة الأخيرة
وصل ركب مفاوضات سد النهضة إلى الأمتار الأخيرة، بعد 10 سنوات من المراوغات الإثيوبية والارتباك السوداني وصبر ونفس طويل من جانب القيادة المصرية، فخلال 3 أشهر تتضح الرؤية بشكل أكبر حول المفاوضات ومستقبلها، الذي يقف على حافة النهاية، إذا ما استمر التعنت الإثيوبي وسط ضيق الحلول أمام مصر والسودان.
العودة للمفاوضات
الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة علق على مستقبل المفاوضات مقترحًا العمل على تغيير صيغة إشراك الرباعية الدولية المكونة من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة المقترحة من السودان وتلقى موافقة وقبولا مصريا، لتكون بصيغة مختلفة عن صفة ومهام "الوسيط".
وهي الصفة التي تزعج إثيوبيا نظرًا للدور الفاعل للوسطاء دبلوماسيًا في مسار المفاوضات، وأحقيتهم في التدخل لإبداء الرأي والتعليق على الأفكار والمقترحات المقدمة من الدول أطراف التفاوض، وهو ما لا تريده إثيوبيا وسبق وأن رفضت إشراك وسطاء في المفاوضات ، وقبلت فقط وجود الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي في صورة المراقب قبل أن تقبل تحت ضغط أمريكي الدخول في مفاوضات واشنطن في بداية 2019 لكن في ضوء رعاية أمريكية فقط وليس وساطة.
وكانت النتيجة هروب إثيوبيا من الجلسة الأخيرة للتوقيع على اتفاق واشنطن الذي تم صياغته برعاية أمريكية وهو ما وضعها تحت وصف "شبه وسيط"، وأكد شراقي أن السودان أيضا ترفض التفاوض بالشكل الحالي في ظل رعاية من الاتحاد الأفريقي.
بعد أن أثبت الاتحاد ضعفه كمنظمة دولية وعدم امتلاكه الآليات اللازمة للتأثير على المفاوضات والوصول بها إلى توافق تسعى إليه مصر منذ بداية المفاوضات قبل عشر سنوات.
رعاية الاتحاد الأفريقي
وشدد شراقي على ضرورة السير في السيناريو الثاني وهو رفض الانخراط في مفاوضات جديدة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والعمل على اللجوء إلى مجلس الأمن بتنسيق مصري سوداني، حيث يمتلك مجلس الأمن السلطات اللازمة للتأثير على المفاوضات وحسمها بنتائج مقبولة لكافة الأطراف.
وتمتلك توصيات مجلس الأمن قوة القرارات، ولفت إلى أنها لم تبدأ العمل على تعلية الممر الأوسط للسد حتى الآن، وفي حالة رغبتها في الملء الثاني فمن المتوقع أن تبدأ خلال الأيام المقبلة، وفي حالة بدأ عمليات تجفيف الممر الأوسط وبدأ عمليات التعلية فهذا يعني أن الخيارات أصبحت محدودة لتأكد الرغب الإثيوبية في الملء الثاني دون اتفاق وهو ما يخالف حتى إعلان مبادئ سد النهضة ألذي يؤكد في بنوده ضرورة التوافق والتعاون في الملء الأول للسد وهو ما لم يحدث.
هذا إلى جانب مخالفة إثيوبيا لكل المعاهدات الإقليمية والدولية المتعلقة بنهر النيل والمياه منذ بدئها في تشييد السد قبل 10 سنوات.
الموقف القانوني
من جانبه شدد الدكتور مساعد عبد العاطي أستاذ القانون الدولي العام على أن وحدة مصر والسودان فرض عين عليهما، وتقوم على سند قانوني ملزم لهما وهو أحكام اتفاقية ١٩٥٩ بينهما، لذلك فمن المهم تبني مصر والسودان خطابًا قانونيًا وسياسيًا وفنيًا موحدًا في كافة المحافل الدولية والإقليمية، وتفعيل الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل بين البلدين.
كما أضاف ضرورة مخاطبة المجتمع الأفريقي للتصدي للدعاية الإثيوبية المغرضة والمغلوطة من بناء السد من تعسف ورفض مصر لخططها التنموية وأهمية اضطلاع الدول الأفريقية بحقيقة النزاع.
الأمم المتحدة
وكشف "عبد العاطي" أن البيان الموقع من 155 دولة في الأمم المتحدة في الاجتماع الدوري للأمم المتحدة حول قضايا المياه يدعم بشكل مباشر الموقف القانوني المصري في قضية سد النهضة في مواجهة التعنت الإثيوبي، نظرًا لأن هذا البيان يدعم الأعراف الدولية التي أقرتها أتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 حول استخدام الانهار الدولية في غير الأغراض الملاحية والتي دخلت حيز النفاذ عام 2014.
وأشار إلى أنه رغم عدم توقيع مصر وإثيوبيا على اتفاقية الأمم المتحدة حول استخدام الأنهار الدولية في غير الأغراض الملاحية إلان أن هذه الاتفاقية أقرت أعراف دولية ثابتة تنسحب آثارها على مفاوضات سد النهضة وتضمنها البيان الأخير من الأمم المتحدة وأهمها إقرار مبدأ الاستخدام المنصف والعادل للمياه في الأنهار الدولية.
وأن الدول ملزمة بالتعاون فيما بينها فيما يخص الأنهار الدولية والمشتركة وأنه لا يجوز للدول أن تتزرع بمبدأ السيادة على النهر الدولى كما تفعل إثيوبيا.
وتابع: القانون الدولي للأنهار الدولية يدعم ويحمي حقوق مصر والسودان المكتسبة في مياه النيل، معاهدة ١٩٠٢ حجة قانونية دامغة على انتهاك إثيوبيا لمبادئ القانون الدولي للأنهار الدولية.
نقلًا عن العدد الورقي...
التعنت الإثيوبي
الطرف الإثيوبي يتبنى خطابًا استفزازيًا مخالفًا للحد الأدنى من اللياقة والكياسة، والقاهرة لا تزال تتحرى المسارات الدبلوماسية بحثًا عن حقوقها المرعية بحكم المواثيق والاتفاقيات الدولية.
الأسبوع الماضي.. بالغت الحبشة في تعنتها عبر تصريحات وزيري الخارجية والري خلال المؤتمر الذي عُقد في أديس أبابا بمناسبة مرور ١٠ سنوات على تدشين السد، تشير إلى اعتزام إثيوبيا استكمال ملء سد النهضة، حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، ما كشف مجددًا عن رغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب بالشكل الذي لن يرضي قيادات وشعبي مصر والسودان.
موقف القاهرة
في المقابل.. انتقدت القاهرة، سواء عبر رئيس الحكومة أو وزارة الخارجية، استخدام المسؤولين الإثيوبيين لغة السيادة في تصريحاتهم عن استغلال موارد نهر عابر للحدود، لا سيما أن الأنهار الدولية تعتبر ملكية مشتركة للدول المُشاطئة لها ولا يجوز بسط السيادة عليها أو السعي لاحتكارها.
بل يتعين أن توظف هذه الموارد الطبيعية لخدمة شعوب الدول التي تتقاسمها على أساس قواعد القانون الدولي وأهمها مبادئ التعاون والإنصاف وعدم الإضرار.
وما يؤكد سوء النوايا والقفز على النتائج أن هذه التصريحات تزامنت مع المجهود المبذولة من جانب الكونغو الديمقراطية التي تقود الاتحاد الأفريقي، بهدف إعادة إطلاق مسار المفاوضات والتوصل لاتفاق قبل موسم الفيضان المقبل، وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي للتفاوض من أجل التوصل لتسوية لأزمة سد النهضة.
وتزامن ذلك أيضًا مع تحرك دبلوماسى مصري كبير داخل منظمة الأمم المتحدة، من خلال الحصول على توقيع أكثر من 150 دولة على بيان يؤكد على أن الأمن المائي قضية وجودية.. من أجل ذلك.. نطرح السؤال المهم: وماذا بعد، وما الذي تحمله لنا الأيام المقبلة، ومتى يتم إسدال الستار على هذه الأزمة، وما الطريقة المثلى التي سوف تضع بها أوزارها؟
المحطة الأخيرة
وصل ركب مفاوضات سد النهضة إلى الأمتار الأخيرة، بعد 10 سنوات من المراوغات الإثيوبية والارتباك السوداني وصبر ونفس طويل من جانب القيادة المصرية، فخلال 3 أشهر تتضح الرؤية بشكل أكبر حول المفاوضات ومستقبلها، الذي يقف على حافة النهاية، إذا ما استمر التعنت الإثيوبي وسط ضيق الحلول أمام مصر والسودان.
العودة للمفاوضات
الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة علق على مستقبل المفاوضات مقترحًا العمل على تغيير صيغة إشراك الرباعية الدولية المكونة من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة المقترحة من السودان وتلقى موافقة وقبولا مصريا، لتكون بصيغة مختلفة عن صفة ومهام "الوسيط".
وهي الصفة التي تزعج إثيوبيا نظرًا للدور الفاعل للوسطاء دبلوماسيًا في مسار المفاوضات، وأحقيتهم في التدخل لإبداء الرأي والتعليق على الأفكار والمقترحات المقدمة من الدول أطراف التفاوض، وهو ما لا تريده إثيوبيا وسبق وأن رفضت إشراك وسطاء في المفاوضات ، وقبلت فقط وجود الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي في صورة المراقب قبل أن تقبل تحت ضغط أمريكي الدخول في مفاوضات واشنطن في بداية 2019 لكن في ضوء رعاية أمريكية فقط وليس وساطة.
وكانت النتيجة هروب إثيوبيا من الجلسة الأخيرة للتوقيع على اتفاق واشنطن الذي تم صياغته برعاية أمريكية وهو ما وضعها تحت وصف "شبه وسيط"، وأكد شراقي أن السودان أيضا ترفض التفاوض بالشكل الحالي في ظل رعاية من الاتحاد الأفريقي.
بعد أن أثبت الاتحاد ضعفه كمنظمة دولية وعدم امتلاكه الآليات اللازمة للتأثير على المفاوضات والوصول بها إلى توافق تسعى إليه مصر منذ بداية المفاوضات قبل عشر سنوات.
رعاية الاتحاد الأفريقي
وشدد شراقي على ضرورة السير في السيناريو الثاني وهو رفض الانخراط في مفاوضات جديدة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والعمل على اللجوء إلى مجلس الأمن بتنسيق مصري سوداني، حيث يمتلك مجلس الأمن السلطات اللازمة للتأثير على المفاوضات وحسمها بنتائج مقبولة لكافة الأطراف.
وتمتلك توصيات مجلس الأمن قوة القرارات، ولفت إلى أنها لم تبدأ العمل على تعلية الممر الأوسط للسد حتى الآن، وفي حالة رغبتها في الملء الثاني فمن المتوقع أن تبدأ خلال الأيام المقبلة، وفي حالة بدأ عمليات تجفيف الممر الأوسط وبدأ عمليات التعلية فهذا يعني أن الخيارات أصبحت محدودة لتأكد الرغب الإثيوبية في الملء الثاني دون اتفاق وهو ما يخالف حتى إعلان مبادئ سد النهضة ألذي يؤكد في بنوده ضرورة التوافق والتعاون في الملء الأول للسد وهو ما لم يحدث.
هذا إلى جانب مخالفة إثيوبيا لكل المعاهدات الإقليمية والدولية المتعلقة بنهر النيل والمياه منذ بدئها في تشييد السد قبل 10 سنوات.
الموقف القانوني
من جانبه شدد الدكتور مساعد عبد العاطي أستاذ القانون الدولي العام على أن وحدة مصر والسودان فرض عين عليهما، وتقوم على سند قانوني ملزم لهما وهو أحكام اتفاقية ١٩٥٩ بينهما، لذلك فمن المهم تبني مصر والسودان خطابًا قانونيًا وسياسيًا وفنيًا موحدًا في كافة المحافل الدولية والإقليمية، وتفعيل الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل بين البلدين.
كما أضاف ضرورة مخاطبة المجتمع الأفريقي للتصدي للدعاية الإثيوبية المغرضة والمغلوطة من بناء السد من تعسف ورفض مصر لخططها التنموية وأهمية اضطلاع الدول الأفريقية بحقيقة النزاع.
الأمم المتحدة
وكشف "عبد العاطي" أن البيان الموقع من 155 دولة في الأمم المتحدة في الاجتماع الدوري للأمم المتحدة حول قضايا المياه يدعم بشكل مباشر الموقف القانوني المصري في قضية سد النهضة في مواجهة التعنت الإثيوبي، نظرًا لأن هذا البيان يدعم الأعراف الدولية التي أقرتها أتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 حول استخدام الانهار الدولية في غير الأغراض الملاحية والتي دخلت حيز النفاذ عام 2014.
وأشار إلى أنه رغم عدم توقيع مصر وإثيوبيا على اتفاقية الأمم المتحدة حول استخدام الأنهار الدولية في غير الأغراض الملاحية إلان أن هذه الاتفاقية أقرت أعراف دولية ثابتة تنسحب آثارها على مفاوضات سد النهضة وتضمنها البيان الأخير من الأمم المتحدة وأهمها إقرار مبدأ الاستخدام المنصف والعادل للمياه في الأنهار الدولية.
وأن الدول ملزمة بالتعاون فيما بينها فيما يخص الأنهار الدولية والمشتركة وأنه لا يجوز للدول أن تتزرع بمبدأ السيادة على النهر الدولى كما تفعل إثيوبيا.
وتابع: القانون الدولي للأنهار الدولية يدعم ويحمي حقوق مصر والسودان المكتسبة في مياه النيل، معاهدة ١٩٠٢ حجة قانونية دامغة على انتهاك إثيوبيا لمبادئ القانون الدولي للأنهار الدولية.
نقلًا عن العدد الورقي...